خِتَامُ رَمَضَانَ وَبَيْعَةِ وَلِي العَهْدِ 28 رَمَضَانَ 1438هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1438/09/26 - 2017/06/21 16:52PM
خِتَامُ رَمَضَانَ وَبَيْعَةِ وَلِي العَهْدِ 28 رَمَضَانَ 1438هـ
الْحَمْدُ لله مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنّهارُ، وَتَكَرَّرَتِ الْمَوَاسِمُ، أَحَمْدَهُ سُبْحَانَه وَأَشْكُرُهُ شُكْرَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَأَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ نَبِيَّنَا محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، حَمِيدُ الشِّيَمِ وَعَظِيمُ الْمَكَارِمِ, صَلَّى اللَّهُ وَسَلْمَ وِبَارَكَ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَأَصحابِهِ الذِينَ كَانُوا عَلَى نَهْجِ الْهُدى مَعَالِمَ, وَالتَّابِعَيْنِ وَمِنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ : فَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ كَمَا أَمَرَكُمْ رَبَّكُمْ فَقَالَ :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(
أَخِي الْمُسْلِمُ : رَمَضَانُ سَوْفَ يَرْحَلُ بِمَا أَوْدَعْتَهُ مِنْ عَمَلٍ ! سَوْفَ يَرْحَلُ وَيَنْتَهِي إِمَّا شَاهِدٌ لَكَ أَوْ شَاهِدٌ عَلَيْكَ ، وَسَوْفَ تَجِدُ أَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهِ وَمَا عَمِلْتَ بِهَا مِنْ أَعْمَالٍ ، مَحْفُوظَةً فِي كِتَابٍ (لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ) .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: اعْلَمُوا أَنَّهُ يُشْرَعُ لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ : هِيَ (زَكَاةُ الْفِطْرِ, وَالتَّكْبِيرُ, وَصَلَاةُ الْعِيدِ)
فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ : فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ, صَغِيرَاً كَانَ أَمْ كَبِيرَاً, ذَكَرَاً كَانَ أَمْ أُنْثَى, عَبْدَاً كَانَ أَمْ حُرَّاً. فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ, صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى, وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ, فَيُشْرَعُ إِخْرَاجُهَا حِينَئِذٍ, وَالأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعِيدِ , وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. وَلا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ ذَلِكَ, وَلا تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ.
وَأَمَّا الْحِكْمَةُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ : فَهِيَ التَّعَبُّدُ للهِ, وَالاتِّبَاعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَطُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَدٌّ لِجَوْعَتِهِمْ, فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا مِقْدَارُهَا! وَمِنْ أَيِّ الأَشْيَاءِ تُخْرَجْ ؟ فَيُبَيِّنُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, حَيْثُ قَالَ : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَعَلَى هَذَا فَتُخْرَجُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ الذِي يَأْكُلُونَهُ عَادَةً, وَالْغَالِبُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّاسَ يَأْكُلُونَ الأُرُزَّ أَوِ الْبُرَّ. فَيُخْرَجُ صَاعٌ مِنَ الأُرُزِّ أَوِ الْبُرِّ عَنْ كُلِّ شَخْصٍ. وَمِقْدَارُهُ بِالْوَزْنِ مِنَ الْبُرِّ الْجَيِّدِ : كِيلُوَّانِ وَأَرْبَعُونَ غرَامَاً , وَأَمَّا الأُرُزُّ فَهُوَ كِيلُوَّانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبَاً.
وَلا يُجْزِئُ إِخْراجُهَا فُلُوسَاً وَلا ثِيَابَاً وَلا سِوىَ ذَلِكَ , لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا السَّابِق , (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ , صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) وَالفُلُوسُ لَا تَكُونُ صَاعاً وَلَا طَعَاماً, لَكِنْ لَوْ أَنَّكَ وَكَّلْتَ غَيْرَكَ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَأَعْطَيْتَهُ الفُلُوسَ فَهَذَا جَائْزٌ وَللهِ الحَمْد.
ثُمَّ الأَصْلُ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِي الْبَلَدِ الذِي أَدْرَكَهُ الْعِيدُ فِيهِ, سَوَاءً أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الأَصْلِيِّيْنَ أَوْ مِنَ الْمُقِيمِينَ, لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَهَا فِي بَلَدِهِ الأَصْلِيِّ جَازَ , لَكِنْ هَذَا خَلافُ الأَفْضَلِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : ثَانِيَاً : مِمَّا يُشْرَعَ لَنَا فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ : التَّكْبِيرُ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّكْبِيرِ : التَّعْظِيمُ للهِ وَالتَّمْجِيدُ لَهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ وَيَسَّرَ مِنْ إِكْمَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ. وَهَذَا التَّكْبِيرُ مُطْلَقٌ وَلَيْسَ مُقَيَّدَاً بِالصَّلَوَاتِ ! فَـأَظْهِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ الْعَظِيمَةَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَالأَسْوَاقِ. وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ قَائِلِينَ : اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, اللهُ أَكْبَرُ, وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
وُيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ حَتَّى لِلنِّسَاءِ, وَيَمْتَدُّ وَقْتُهُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ, وَلا يُشْرَعُ بَعْدَهَا !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا ثَالِثُ مَا يُشْرَعُ لَنَا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ : صَلاةُ العِيدِ ! وَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ , يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ, مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينَ تَعَبُّدَاً للهِ وَاتِّبَاعَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَحُكْمُ صَلاةِ الْعِيدِ : وَاجِبَةٌ وُجُوبَاً عَيْنِيَّاً عَلَى الرِّجَالِ , وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ , فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ, وَالْحُيِّضَ فِي الْعِيدَيْنِ, يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ, وَيَعْتَزِلُ الْحُيِّضُ اَلْمُصَلَّى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ: أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ تَمْرَاتٍ وَلْيَكُنَّ أَفْرَاداً, بِمَعْنَى : يَأْكُلُ ثَلاثَاً أَوْ خَمْسَاً أَوْ سَبْعَاً, عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ : وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا.
وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ : أَنْ يَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابَهُ وَأَنْ يَتَنَظَّفَ وَيَتَطَيَّبَ, وَأَنْ يُخَالِفَ الطَّرِيقَ : فَيَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ آخَرَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ : الاغْتِسَالُ, لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلَ إِذَا خَرَجَ لِلْعِيد .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
أَمَّا بَعْدُ : فَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ كَمَا أَمَرَكُمْ رَبَّكُمْ فَقَالَ :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(
أَخِي الْمُسْلِمُ : رَمَضَانُ سَوْفَ يَرْحَلُ بِمَا أَوْدَعْتَهُ مِنْ عَمَلٍ ! سَوْفَ يَرْحَلُ وَيَنْتَهِي إِمَّا شَاهِدٌ لَكَ أَوْ شَاهِدٌ عَلَيْكَ ، وَسَوْفَ تَجِدُ أَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهِ وَمَا عَمِلْتَ بِهَا مِنْ أَعْمَالٍ ، مَحْفُوظَةً فِي كِتَابٍ (لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ) .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: اعْلَمُوا أَنَّهُ يُشْرَعُ لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ : هِيَ (زَكَاةُ الْفِطْرِ, وَالتَّكْبِيرُ, وَصَلَاةُ الْعِيدِ)
فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ : فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ, صَغِيرَاً كَانَ أَمْ كَبِيرَاً, ذَكَرَاً كَانَ أَمْ أُنْثَى, عَبْدَاً كَانَ أَمْ حُرَّاً. فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ, صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى, وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ, فَيُشْرَعُ إِخْرَاجُهَا حِينَئِذٍ, وَالأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعِيدِ , وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. وَلا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ ذَلِكَ, وَلا تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ.
وَأَمَّا الْحِكْمَةُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ : فَهِيَ التَّعَبُّدُ للهِ, وَالاتِّبَاعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَطُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَدٌّ لِجَوْعَتِهِمْ, فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا مِقْدَارُهَا! وَمِنْ أَيِّ الأَشْيَاءِ تُخْرَجْ ؟ فَيُبَيِّنُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, حَيْثُ قَالَ : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَعَلَى هَذَا فَتُخْرَجُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ الذِي يَأْكُلُونَهُ عَادَةً, وَالْغَالِبُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّاسَ يَأْكُلُونَ الأُرُزَّ أَوِ الْبُرَّ. فَيُخْرَجُ صَاعٌ مِنَ الأُرُزِّ أَوِ الْبُرِّ عَنْ كُلِّ شَخْصٍ. وَمِقْدَارُهُ بِالْوَزْنِ مِنَ الْبُرِّ الْجَيِّدِ : كِيلُوَّانِ وَأَرْبَعُونَ غرَامَاً , وَأَمَّا الأُرُزُّ فَهُوَ كِيلُوَّانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبَاً.
وَلا يُجْزِئُ إِخْراجُهَا فُلُوسَاً وَلا ثِيَابَاً وَلا سِوىَ ذَلِكَ , لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا السَّابِق , (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ , صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) وَالفُلُوسُ لَا تَكُونُ صَاعاً وَلَا طَعَاماً, لَكِنْ لَوْ أَنَّكَ وَكَّلْتَ غَيْرَكَ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَأَعْطَيْتَهُ الفُلُوسَ فَهَذَا جَائْزٌ وَللهِ الحَمْد.
ثُمَّ الأَصْلُ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِي الْبَلَدِ الذِي أَدْرَكَهُ الْعِيدُ فِيهِ, سَوَاءً أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الأَصْلِيِّيْنَ أَوْ مِنَ الْمُقِيمِينَ, لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَهَا فِي بَلَدِهِ الأَصْلِيِّ جَازَ , لَكِنْ هَذَا خَلافُ الأَفْضَلِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : ثَانِيَاً : مِمَّا يُشْرَعَ لَنَا فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ : التَّكْبِيرُ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّكْبِيرِ : التَّعْظِيمُ للهِ وَالتَّمْجِيدُ لَهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ وَيَسَّرَ مِنْ إِكْمَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ. وَهَذَا التَّكْبِيرُ مُطْلَقٌ وَلَيْسَ مُقَيَّدَاً بِالصَّلَوَاتِ ! فَـأَظْهِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ الْعَظِيمَةَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَالأَسْوَاقِ. وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ قَائِلِينَ : اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, اللهُ أَكْبَرُ, وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
وُيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ حَتَّى لِلنِّسَاءِ, وَيَمْتَدُّ وَقْتُهُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ, وَلا يُشْرَعُ بَعْدَهَا !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا ثَالِثُ مَا يُشْرَعُ لَنَا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ : صَلاةُ العِيدِ ! وَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ , يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ, مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينَ تَعَبُّدَاً للهِ وَاتِّبَاعَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَحُكْمُ صَلاةِ الْعِيدِ : وَاجِبَةٌ وُجُوبَاً عَيْنِيَّاً عَلَى الرِّجَالِ , وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ , فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ, وَالْحُيِّضَ فِي الْعِيدَيْنِ, يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ, وَيَعْتَزِلُ الْحُيِّضُ اَلْمُصَلَّى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ: أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ تَمْرَاتٍ وَلْيَكُنَّ أَفْرَاداً, بِمَعْنَى : يَأْكُلُ ثَلاثَاً أَوْ خَمْسَاً أَوْ سَبْعَاً, عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ : وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا.
وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ : أَنْ يَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابَهُ وَأَنْ يَتَنَظَّفَ وَيَتَطَيَّبَ, وَأَنْ يُخَالِفَ الطَّرِيقَ : فَيَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ آخَرَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ : الاغْتِسَالُ, لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلَ إِذَا خَرَجَ لِلْعِيد .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّنَا : نَخْتِمُ خُطْبَتَنَا بِالتَّنْصِيصِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍ , وَهُوَ مَا حَصَلَ قَبْلَ يَوْمَيْنِ دَعْوَةُ الْمَلِكِ سَلْمَاَنَ حَفِظَهُ اللهُ لِبَيْعِةِ الْأَمِيرِ مُحَمَّدِ بِنْ سَلْمَانَ وَلِيَّاً لِلْعَهْدِ.
فَنَقُولُ : إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعَاً أَنْ نُبَايِعَ, لِأِنَّ هَذِهِ بَيْعَةُ شَرْعِيَةٌ يُوجِبُهَا عَلَيْنَا دِينُنَا , ثُمَّ مَنْ دُعِيَ بِعَيْنِهِ فَيِجُبُ أَنْ يَذْهَبَ لِيُبَايِعَ فِي الْمَكَانِ الذِي دُعِيَ فِيهِ لِلْبَيْعَةِ, وَمَنْ لَمْ يُدْعَ بِعَيْنِهِ فَيَجِبُ أَنْ نَعْتَقِدَ بِيْعَتَنَا لِوَلِيِّ الْعَهْدِ بِذَلِكَ, وَلا يَحِلُ أَنْ نُخَالِفَ ذَلِكَ, قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْذَرَ مِنْ تَشْوِيشِ الْأَعْدَاءِ وَمُحَاوَلَتِهِمُ الاصْطِيَادَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَجْوَاءِ وَزَرْعِ الْفُرْقَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ أَوْ تَشْكِيكِهِمْ فِي وُلاةِ الْأَمْرِ.
ثُمَّ نَقُولُ : إِنْ تَنْحِيَةَ شَخْصٍ وَإِحْلَالَ شَخْصٍ مَكَانَهُ هُوَ أَمْرٍ طَبِيعِيٍّ وَقَدْ حَدَثَ هَذَا مِرَارَاً فِي الشُّهُورِ الْمَاضِيَةِ مِنْ تَنْحِيَةِ بَعْضِ الْوُزَرَاءِ وَاسْتِبْدَالِهِمْ بِغَيْرِهِمْ, وَهَكَذَا وِلايَةُ الْعَهْدِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَسْبَ رُؤْيَةِ وَلَيِّ الْأَمْرِ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا الْحِرْصَ أَشَدَّ الْحِرْصِ عَلَى تَمَاسُكِ دَوْلَتَنَا وَتَلاحَمِ مُجْتَمَعِنَا, لِأَنَّنَا بِذَلِكَ نَحْفَظُ دِينَنَا وَأَمْنَنَا.
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفَظَ وُلاةَ أَمْرِنَا وَأَنْ يُسَدِّدَ خُطَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ, كَمَا نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْزِيَ الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ بْنَ نَايِفَ خَيْرَاً عَلَى مَا قَدَّمَ , وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ بْنَ سَلْمَانَ خَيْرَ خَلَفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ . اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خَيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارَهُمْ , اللَّهُمَّ أَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ عَدُوٍّ للدِّينِ . اللَّهُمَّ اخْذُلْ الْيَهُودَ والنَّصَارَى وَالرَّافِضَةَ الصَّفَوِيِينَ وَأَعْوَانَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ ، اللَّهُمَّ أَنْزِلِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ ، وَاجْعَلْ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ , إِنَّكَ أَنْتَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ , اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ اللَّهُمَّ أَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً لَهُ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيز , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأَنَ إِخْوَانَنَا فِي كُلِّ بِلَادِ المسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ وَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورِيَا وَفِي غَزَّةَ وَالعِرَاقِ , اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاحْفَظْ أَعْرَاضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ , اللَّهُمَّ انْصُرْ الْمُجَاهِدِينَ فِي جَنُوبِ الْمْمَلَكَةِ وَاليَمَنِ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهْمْ يَا قَهَّارُ يَا جَبَّارُ , اللَّهُمَّ عَجِّلْ نُصْرَةَ إِخْوَانِنَا وَأَوْرِثْهُمُ الدِّيَارَ وَالأَمْوَالَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ! اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا وَدُعَاءَنَا , وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ , )رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّنَا : نَخْتِمُ خُطْبَتَنَا بِالتَّنْصِيصِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍ , وَهُوَ مَا حَصَلَ قَبْلَ يَوْمَيْنِ دَعْوَةُ الْمَلِكِ سَلْمَاَنَ حَفِظَهُ اللهُ لِبَيْعِةِ الْأَمِيرِ مُحَمَّدِ بِنْ سَلْمَانَ وَلِيَّاً لِلْعَهْدِ.
فَنَقُولُ : إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعَاً أَنْ نُبَايِعَ, لِأِنَّ هَذِهِ بَيْعَةُ شَرْعِيَةٌ يُوجِبُهَا عَلَيْنَا دِينُنَا , ثُمَّ مَنْ دُعِيَ بِعَيْنِهِ فَيِجُبُ أَنْ يَذْهَبَ لِيُبَايِعَ فِي الْمَكَانِ الذِي دُعِيَ فِيهِ لِلْبَيْعَةِ, وَمَنْ لَمْ يُدْعَ بِعَيْنِهِ فَيَجِبُ أَنْ نَعْتَقِدَ بِيْعَتَنَا لِوَلِيِّ الْعَهْدِ بِذَلِكَ, وَلا يَحِلُ أَنْ نُخَالِفَ ذَلِكَ, قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْذَرَ مِنْ تَشْوِيشِ الْأَعْدَاءِ وَمُحَاوَلَتِهِمُ الاصْطِيَادَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَجْوَاءِ وَزَرْعِ الْفُرْقَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ أَوْ تَشْكِيكِهِمْ فِي وُلاةِ الْأَمْرِ.
ثُمَّ نَقُولُ : إِنْ تَنْحِيَةَ شَخْصٍ وَإِحْلَالَ شَخْصٍ مَكَانَهُ هُوَ أَمْرٍ طَبِيعِيٍّ وَقَدْ حَدَثَ هَذَا مِرَارَاً فِي الشُّهُورِ الْمَاضِيَةِ مِنْ تَنْحِيَةِ بَعْضِ الْوُزَرَاءِ وَاسْتِبْدَالِهِمْ بِغَيْرِهِمْ, وَهَكَذَا وِلايَةُ الْعَهْدِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَسْبَ رُؤْيَةِ وَلَيِّ الْأَمْرِ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا الْحِرْصَ أَشَدَّ الْحِرْصِ عَلَى تَمَاسُكِ دَوْلَتَنَا وَتَلاحَمِ مُجْتَمَعِنَا, لِأَنَّنَا بِذَلِكَ نَحْفَظُ دِينَنَا وَأَمْنَنَا.
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفَظَ وُلاةَ أَمْرِنَا وَأَنْ يُسَدِّدَ خُطَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ, كَمَا نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْزِيَ الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ بْنَ نَايِفَ خَيْرَاً عَلَى مَا قَدَّمَ , وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ بْنَ سَلْمَانَ خَيْرَ خَلَفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ . اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خَيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارَهُمْ , اللَّهُمَّ أَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ عَدُوٍّ للدِّينِ . اللَّهُمَّ اخْذُلْ الْيَهُودَ والنَّصَارَى وَالرَّافِضَةَ الصَّفَوِيِينَ وَأَعْوَانَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ ، اللَّهُمَّ أَنْزِلِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ ، وَاجْعَلْ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ , إِنَّكَ أَنْتَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ , اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ اللَّهُمَّ أَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً لَهُ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيز , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأَنَ إِخْوَانَنَا فِي كُلِّ بِلَادِ المسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ وَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورِيَا وَفِي غَزَّةَ وَالعِرَاقِ , اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاحْفَظْ أَعْرَاضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ , اللَّهُمَّ انْصُرْ الْمُجَاهِدِينَ فِي جَنُوبِ الْمْمَلَكَةِ وَاليَمَنِ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهْمْ يَا قَهَّارُ يَا جَبَّارُ , اللَّهُمَّ عَجِّلْ نُصْرَةَ إِخْوَانِنَا وَأَوْرِثْهُمُ الدِّيَارَ وَالأَمْوَالَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ! اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا وَدُعَاءَنَا , وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ , )رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
المرفقات
خِتَامُ رَمَضَانَ وَبَيْعَةِ وَلِي العَهْدِ 1438هـ.doc
خِتَامُ رَمَضَانَ وَبَيْعَةِ وَلِي العَهْدِ 1438هـ.doc
المشاهدات 2085 | التعليقات 6
جزاك الله خيرا الجزاء ونفع بعلمك
ياشيخنا دائما وابدا مبدع بخطبك
وفقكم الله
بورك فيك ياشيخ ونفع الله بخطبك وجعلها شاهدة لك لاعليك وجميع المسلمين
لافض فوك
لافض فوك
كتب الله لك الاجر
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق