ختام رمضان, والاعتبار في سرعة انقضائه, وصلاة العيد وزكاة الفطر 27-9- 1435
أحمد بن ناصر الطيار
1435/09/26 - 2014/07/23 13:48PM
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم مالك يوم الدين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول، وفتح به أعينا عميا, وآذانا صما, وقلوبا غلفا, صلى الله عليه, وعلى آله وأصحابه, والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد...
فاتقوا الله عباد الهه، وتدبروا كتابَه، وتفكروا في مخلوقاتِه.
بالأمس القريب كُنَّا نستقبل شهر رمضان، وها هو قد أزف رحيله، وحان وداعه, فماذا أودعناه من العمل؟ فهنيئاً لمن كان من المقبولين فغُفر له، وويل لمن كان من المفرطين المسيئين.
صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر يوماً فقال: «آمين» ثم قال: «أتاني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين، فقلت: آمين».
فيا من فرَّطتَ في هذا الشهر العظيم المبارك, وتكاسلت عن القيام وقراءة القرآن, أحسن فيما بقي من الشهر, فالعبرة بكمال النهايات, لا بنقص البدايات, فاجتهد فيما بقي من رمضان, فلا تدري متى تُدْرِكُكَ رحمةُ الله.
قال بعضُ السلف: أحسن فيما بقي, يُغفرْ لك ما مضى.
أمة الإسلام: أكثرنا يتعجب من سرعة انقضاء هذا الشهر, فما إنْ دخل وفرحنا به, حتى شارفنا على انتهائه, وهذه السرعةُ ما كانت لولا تيسير الله لنا, وإنعامه علينا بالأمن ورغد العيش, فهل مرّ شهر رمضان سريعاً على من يعيش تحت وطأة الحروب؟ وهم يسمعون أصوات المدافع والطائرات ليل نهار, ويُصبحون ويُمسون على فَقْدِ حبيب, أو إصابة قريب؟, هل مرّ شهر رمضان سريعاً على مَن لا يكاد يجد قوت يومه؟, ويحتار هل يجد ما يسدّ جوعه وجوع أبنائه؟.
ونحن نحتار أيُّ الطعام نأكل وقت الإفطار, وبأيِّ الأصناف نبدأ.
إن هذه النعم التي نتقلب بها لن تدوم, ولو كانت تدوم لدامت لمن قبلنا, ولكن يجب علينا أنْ لا نكون سبباً في زوالها, ولا يكون ذلك إلا بشكر المنعم علينا بها, وطاعةِ مَن تفضل علينا بها, {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
ثم تأملوا أيضاً: أنَّ هذه السرعة إنما هي سرعةٌ تُقَرِّبنا إلى آجالنا, وتُدنينا من لقاء ربنا, فينبغي للعاقل أنْ يعتبر ويدَّكر, فإنه لا يعلم متى يكون انقضاءُ أجله, وموعد رحيله, فلا تُنسيه دنياه أُخراه, ولا يجترأ على ما يُغضب مولاه.
عباد الله: هاهو الشهر قد تصرم وانقضى، واعتُبر في عِداد الماضي وانْطوى, وهو شاهد علينا بما أودعناه من خير أو شر، فمن أحسن فليزدد من الحسنات، ومن أساء فليتدارك ما بقي من عمره بالأعمال الصالحات، وإن من علامة قبول الحسنة الحسنةُ بعدها.
وقد شرع الله لنا في ختام الشهر أعمالاً صالحة, نَجبر بها نقص صيامنا، ونزداد بها قرباً إلى ربنا.
فأول ما شَرع لنا: التكبيرَ من غروب الشمس ليلةَ العيد إلى الصلاة, يجهر بها الرجال في المساجد والبيوت والأسواق، وتُسر بها النساء، نُكبر الله على ما هدانا ووفقنا له من الصيام والقيام, وغيرها من الطاعات.
والتكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى؛ لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فيسن التكبير المطلق, من غروب الشمس آخرِ يوم من رمضان, إلى أن يكبر الإمام للصلاة.
والتكبير المقيدُ يُسن في عيد الأضحى لا الفطر.
وثانيها: زكاة الفطر، والحكمة من وجوب زكاة الفطر, ما ذَكره ابن عباس رضي الله عنها قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
فهي شكرٌ لله عز وجل على إتمام الشهر، وطُعمةٌ للمساكين في هذا اليوم, الذي هو يوم عيد وفرح وسرور, فكان من الحكمة أن يُعطَوا هذه الزكاة؛ من أجل أن يشاركوا غيرهم في الفرح والسرور.
فيجب على كل مسلم, أن يُخرج يوم العيد وليلتَه صاعاً من طعام, بشرط أن يكون هذا الصاع, زائداً عن حاجته وحاجة عياله وحوائجه الأصلية.
ويكون من طعام البلد المعتاد, ولا يجوز إخراج المال بدلاً عن الطعام.
فقد ثبت عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى, وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
فزكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه, فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الأبناء البالغين بأنفسهم، ولا يجب عليك أن تؤديها عن غيرك, إلا عن أولادك الصغار.
وهي صاع من طعام فقط، وكلما كان الطعام أطيب كان أفضل وأعظم أجراً لقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.
ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين, الذي نُفخ فيه الروح..
ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط, لما ثبت في صحيح البخاري أن الصحابة رضي الله عنهم, كَانُوا يُعْطُونَها قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.
وأفضل وقتٍ لإخراجها: يوم العيد قبل صلاة العيد, لقول ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
ويحرم ولا يُجزئ إخراجها بعد صلاة العيد.
وإذا أخرها لعذر، كما لو وكَّل أحداً في إخراجها عنه ولم يفعل, أو نسي إخراجها بنفسه، فهذا يقضيها غيرَ آثم، ولو بعد فوات أيام العيد، وذلك قياسا على الصلاة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها».
وينبغي أن يُعلم, أن زكاة الفطر تُخرجها في البلد الذي أنت فيه ، فالمصريُّ والشاميُّ ونحوُهم, يُخرجونها في هذا البلد، وكذلك الأضحية أيضاً؛ لأنهما من الشعائر الإسلامية التي ينبغي أن تكون في كل بيت.
ويجوز أن يُعطى الجماعةُ ما يلزم الواحد، فيُفرَّق على المجموعة فطرةٌ واحدة, وكذلك العكس, يجوز أن يُعطى الواحد ما يلزم الجماعة.
فإذا كان عندك فطرة واحدة, فيجوز لك أن تُعطيها عشرة فقراء, وإذا كان عندك عشر فطر، فإنه يجوز لك أن تُعطيها لفقير واحد.
وينبغي التنبيه على خطأ يقع فيه كثيرٌ من الآباء, حيثُ يُخرجون زكاة الفطر عن أبنائهم, ولا يُعلمونهم بها, ولا يَعرف الأبناء عن هذه الشعيرة العظيمةِ شيئًا, ولم ينْووا إخراجها بأنفسهم, فينشئون دون معرفةٍ لها. والأولى: أن يُحضر زكاة الفطر عندهم, ويُعطي صاع الزكاة لكلِّ واحدٍ منهم, ويشرحَ لهم فائدتها وأهميَّتها, ويأمرَهم بأن يُخرجوها للفقير بأنفسهم, فيتعودوا على البذل والعطاء, ويتلمسوا بأنفسهمُ المحتاجين والفقراء, وإن صعب عليه ذلك, فيُخبرهم بأنه سيخرجها نيابةً عنهم.
أعوذ بالله من الشيطان: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه, وسلم تسليما كثيرا. أما بعد...
أيها المسلمون: ومما شُرع لنا في ختام الشهر صلاةُ العيد، فقد أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته رجالاً ونساءً، وأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد حتى الحُيَّض، ويعتزلن المصلى, مع أن البيوت للنساء خير فيما عدا هذه الصلاة، مما يدل على تأكد هذه الصلاة، بل لقد قال كثيرٌ من العلماء: إن صلاة العيد فرض عين يجب الخروج إليها ، والسنة تأخير صلاة عيد الفطر قليلاً, حتى يتمكن الناس من إخراج زكاة الفطر في الوقت الفاضل.
ويسن أن يأكل الإنسان قبل الخروج إليها تمرات وتراً, ثلاثاً أو خمساً أو أكثر, يقطعها على وتر، لقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، يأكلهن وتراً.
ويخرج إلى المصلى ماشياً لا راكباً إن تيسر، لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً، وليلبس المسلم أحسن ثيابه، وليكثر من ذكر الله ودعائه، ويؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، وليتذكر الموقف أمام الله حين يجمع الأولين والآخرين.
واعلموا أنه ستُقام صلاة العيد في هذا الجامع بحول الله تعالى, ونرجو عدم إيقاف السيارات في الساحة الجنوبية من المسجد, حيث ستُفرش وتهيأ للمصلين.
وسيكون موعد دخول الخطيب, في الساعة الخامسةِ وعشرين دقيقة.
نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا, وأن يتجاوز عن تقصيرنا, إنه سميع مجيب.
أما بعد...
فاتقوا الله عباد الهه، وتدبروا كتابَه، وتفكروا في مخلوقاتِه.
بالأمس القريب كُنَّا نستقبل شهر رمضان، وها هو قد أزف رحيله، وحان وداعه, فماذا أودعناه من العمل؟ فهنيئاً لمن كان من المقبولين فغُفر له، وويل لمن كان من المفرطين المسيئين.
صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر يوماً فقال: «آمين» ثم قال: «أتاني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين، فقلت: آمين».
فيا من فرَّطتَ في هذا الشهر العظيم المبارك, وتكاسلت عن القيام وقراءة القرآن, أحسن فيما بقي من الشهر, فالعبرة بكمال النهايات, لا بنقص البدايات, فاجتهد فيما بقي من رمضان, فلا تدري متى تُدْرِكُكَ رحمةُ الله.
قال بعضُ السلف: أحسن فيما بقي, يُغفرْ لك ما مضى.
أمة الإسلام: أكثرنا يتعجب من سرعة انقضاء هذا الشهر, فما إنْ دخل وفرحنا به, حتى شارفنا على انتهائه, وهذه السرعةُ ما كانت لولا تيسير الله لنا, وإنعامه علينا بالأمن ورغد العيش, فهل مرّ شهر رمضان سريعاً على من يعيش تحت وطأة الحروب؟ وهم يسمعون أصوات المدافع والطائرات ليل نهار, ويُصبحون ويُمسون على فَقْدِ حبيب, أو إصابة قريب؟, هل مرّ شهر رمضان سريعاً على مَن لا يكاد يجد قوت يومه؟, ويحتار هل يجد ما يسدّ جوعه وجوع أبنائه؟.
ونحن نحتار أيُّ الطعام نأكل وقت الإفطار, وبأيِّ الأصناف نبدأ.
إن هذه النعم التي نتقلب بها لن تدوم, ولو كانت تدوم لدامت لمن قبلنا, ولكن يجب علينا أنْ لا نكون سبباً في زوالها, ولا يكون ذلك إلا بشكر المنعم علينا بها, وطاعةِ مَن تفضل علينا بها, {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
ثم تأملوا أيضاً: أنَّ هذه السرعة إنما هي سرعةٌ تُقَرِّبنا إلى آجالنا, وتُدنينا من لقاء ربنا, فينبغي للعاقل أنْ يعتبر ويدَّكر, فإنه لا يعلم متى يكون انقضاءُ أجله, وموعد رحيله, فلا تُنسيه دنياه أُخراه, ولا يجترأ على ما يُغضب مولاه.
عباد الله: هاهو الشهر قد تصرم وانقضى، واعتُبر في عِداد الماضي وانْطوى, وهو شاهد علينا بما أودعناه من خير أو شر، فمن أحسن فليزدد من الحسنات، ومن أساء فليتدارك ما بقي من عمره بالأعمال الصالحات، وإن من علامة قبول الحسنة الحسنةُ بعدها.
وقد شرع الله لنا في ختام الشهر أعمالاً صالحة, نَجبر بها نقص صيامنا، ونزداد بها قرباً إلى ربنا.
فأول ما شَرع لنا: التكبيرَ من غروب الشمس ليلةَ العيد إلى الصلاة, يجهر بها الرجال في المساجد والبيوت والأسواق، وتُسر بها النساء، نُكبر الله على ما هدانا ووفقنا له من الصيام والقيام, وغيرها من الطاعات.
والتكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى؛ لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فيسن التكبير المطلق, من غروب الشمس آخرِ يوم من رمضان, إلى أن يكبر الإمام للصلاة.
والتكبير المقيدُ يُسن في عيد الأضحى لا الفطر.
وثانيها: زكاة الفطر، والحكمة من وجوب زكاة الفطر, ما ذَكره ابن عباس رضي الله عنها قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ, طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
فهي شكرٌ لله عز وجل على إتمام الشهر، وطُعمةٌ للمساكين في هذا اليوم, الذي هو يوم عيد وفرح وسرور, فكان من الحكمة أن يُعطَوا هذه الزكاة؛ من أجل أن يشاركوا غيرهم في الفرح والسرور.
فيجب على كل مسلم, أن يُخرج يوم العيد وليلتَه صاعاً من طعام, بشرط أن يكون هذا الصاع, زائداً عن حاجته وحاجة عياله وحوائجه الأصلية.
ويكون من طعام البلد المعتاد, ولا يجوز إخراج المال بدلاً عن الطعام.
فقد ثبت عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى, وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
فزكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه, فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الأبناء البالغين بأنفسهم، ولا يجب عليك أن تؤديها عن غيرك, إلا عن أولادك الصغار.
وهي صاع من طعام فقط، وكلما كان الطعام أطيب كان أفضل وأعظم أجراً لقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.
ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين, الذي نُفخ فيه الروح..
ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط, لما ثبت في صحيح البخاري أن الصحابة رضي الله عنهم, كَانُوا يُعْطُونَها قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.
وأفضل وقتٍ لإخراجها: يوم العيد قبل صلاة العيد, لقول ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ.
ويحرم ولا يُجزئ إخراجها بعد صلاة العيد.
وإذا أخرها لعذر، كما لو وكَّل أحداً في إخراجها عنه ولم يفعل, أو نسي إخراجها بنفسه، فهذا يقضيها غيرَ آثم، ولو بعد فوات أيام العيد، وذلك قياسا على الصلاة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها».
وينبغي أن يُعلم, أن زكاة الفطر تُخرجها في البلد الذي أنت فيه ، فالمصريُّ والشاميُّ ونحوُهم, يُخرجونها في هذا البلد، وكذلك الأضحية أيضاً؛ لأنهما من الشعائر الإسلامية التي ينبغي أن تكون في كل بيت.
ويجوز أن يُعطى الجماعةُ ما يلزم الواحد، فيُفرَّق على المجموعة فطرةٌ واحدة, وكذلك العكس, يجوز أن يُعطى الواحد ما يلزم الجماعة.
فإذا كان عندك فطرة واحدة, فيجوز لك أن تُعطيها عشرة فقراء, وإذا كان عندك عشر فطر، فإنه يجوز لك أن تُعطيها لفقير واحد.
وينبغي التنبيه على خطأ يقع فيه كثيرٌ من الآباء, حيثُ يُخرجون زكاة الفطر عن أبنائهم, ولا يُعلمونهم بها, ولا يَعرف الأبناء عن هذه الشعيرة العظيمةِ شيئًا, ولم ينْووا إخراجها بأنفسهم, فينشئون دون معرفةٍ لها. والأولى: أن يُحضر زكاة الفطر عندهم, ويُعطي صاع الزكاة لكلِّ واحدٍ منهم, ويشرحَ لهم فائدتها وأهميَّتها, ويأمرَهم بأن يُخرجوها للفقير بأنفسهم, فيتعودوا على البذل والعطاء, ويتلمسوا بأنفسهمُ المحتاجين والفقراء, وإن صعب عليه ذلك, فيُخبرهم بأنه سيخرجها نيابةً عنهم.
أعوذ بالله من الشيطان: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه, وسلم تسليما كثيرا. أما بعد...
أيها المسلمون: ومما شُرع لنا في ختام الشهر صلاةُ العيد، فقد أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته رجالاً ونساءً، وأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد حتى الحُيَّض، ويعتزلن المصلى, مع أن البيوت للنساء خير فيما عدا هذه الصلاة، مما يدل على تأكد هذه الصلاة، بل لقد قال كثيرٌ من العلماء: إن صلاة العيد فرض عين يجب الخروج إليها ، والسنة تأخير صلاة عيد الفطر قليلاً, حتى يتمكن الناس من إخراج زكاة الفطر في الوقت الفاضل.
ويسن أن يأكل الإنسان قبل الخروج إليها تمرات وتراً, ثلاثاً أو خمساً أو أكثر, يقطعها على وتر، لقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، يأكلهن وتراً.
ويخرج إلى المصلى ماشياً لا راكباً إن تيسر، لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً، وليلبس المسلم أحسن ثيابه، وليكثر من ذكر الله ودعائه، ويؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، وليتذكر الموقف أمام الله حين يجمع الأولين والآخرين.
واعلموا أنه ستُقام صلاة العيد في هذا الجامع بحول الله تعالى, ونرجو عدم إيقاف السيارات في الساحة الجنوبية من المسجد, حيث ستُفرش وتهيأ للمصلين.
وسيكون موعد دخول الخطيب, في الساعة الخامسةِ وعشرين دقيقة.
نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا, وأن يتجاوز عن تقصيرنا, إنه سميع مجيب.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق