ختام الشهر المبارك وقفات وتذكر
عبدالله بن معلا الصاعدي
1437/09/25 - 2016/06/30 07:36AM
الاربعاء 23/9/1437هـ
أما بعد ايها المسلمون
فيقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ( ياايها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات )
وأننا ياعباد الله لنقف على أواخر ليال هذه الايام المعدودة
فما اسرع انقضاءها وما اعجل ذهابها بالامس القريب كنا نهنئ انفسنا بقدوم الشهر ونبارك لبعضنا بحلوله وما هي الا غمضة عين وانتباهتها
ونفيق على اللحظات الاخيرة من هذه الايام المباركة والليالي الشريفة من هذا الشهر العظيم
وهذه يا عباد الله يدعو المسلم أن يتفكر في سرعة مرور هذه الايام والليالي التى يعيشها في هذه الحياة الدنيا يقول الله عز وجل ( وهو الذين جعل الليل والنهار خلفه لمن اراد أن يتذكر أو اراد شكورا )
ويقول تبارك وتعالى ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
فيا لها لحظات سريعة مرت بنا في هذا الشهر المبارك
أيها المسلمون إن الضيف الحبيب حين يحلّ, ثم يوشك على الارتحال والطعن, فإن النفوس تأسى لفراقه, وتحزن لوداعه, هكذا مضت يا عباد الله الليالي مسرعة، ولم يبق إلا قليلها, فنحن في آخر جمعة فيه،
ولا ندري ونحن نودعه هل نستقبله عاماً آخر أم أن الموت أسبق إلينا منه، نسأل الله أن يعيده عليها وعليكم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة.
مضى جلّه فلا المطيع يذكر تعب طاعته, ولا العاصي يحس بلذة معصيته, وعند الله يعلم كل امريء حقيقة عمله, مرّ جل الشهر, وكم هي رائعة صور المتنافسين على الطاعة فيها, كم تسر يوم ترى امرءاً أسهر ليله لربه مصلياً, وامرءاً تفرغ من شواغله وترك بيته وشد مئزره معتكفاً, وامرءاً لأبواب البذل والإحسان مسابقاً, وتلك روعة رمضان
وحري بنا عباد الله ونحن على وداع الشهر, أن نستذكر أموراً يتأكد التعريج عليها, وينبغي في آخر جمعة من الشهر التذكير بها,
أول هذه الأمور نداء إلى من وفق للصيام والقيام إلى من عمل الطاعات وكان من تجار الحسنات إحمد الله أن وفقك, فما عملت إلا بتوفيق ربك, فلولا الله ما اهتديت ولا صمت ولا صليت (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً), فما هو إلا توفيق الله لك, والمنة في كل ما قدمت لله لا لك ( بل الله يمن عليكم ان هداكم للإيمان) من نحن لولا فضل الله فلا تغتر بما عملت, وإياك أن يرى الله منك اعجابا بما عملت أو إساءة بعد حسن ما عملت
ومع هذا فالعبرة في الأعمال ليست بكثرتها ولا بصورها بل بقبول الله لها, فلا تفتأ أن تسأل ربك أن يقبل صالح عملك وأن لا يكلك إلى نفسك, والموفقون هم الذين يتعبدون وهم بعد ذلك خائفون مشفقون أن ترد أعمالهم, ولا يلتفت لقرباتهم, قال الله عنهم (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) يقول علي بن أبي طالب : (كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
وأهل الجنة من صفتهم الخوف والإشفاق (قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) وفي ذلك يقول إبراهيم التيمي: ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنّة لأنّهم قالوا: إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين.
وثاني الأمور أيها المبارك: أن ينعقد في قلبك أيها المطيع العزم على الدوام بعد رمضان, فإنك إن نويت الخير أُعنت عليه, وكتب لك الأجر ولو حيل بينك وبين العمل, وإن نويت الانقطاع عن الخير, وان يكون آخر العهد به ختام الشهر فذاك تفريط وحرمان, وقد كانوا يقولون" من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها
وثاني الأمور معشر الكرام: أن يكثر المرء من الاستغفار في ختام شهره, فبذلك تختم الطاعات, قال ابن القيم: وأرباب العزائم والبصائر أشدُّ ما يكونون استغفاراً عقب الطاعات،
وثالث الأمور:أن الله شرع في ختام الشهر عباداتٍ يتقرب بها من أنعم عليه ربه ببلوغ الختام والتوفيق للطاعة, وتلك نعمة تستوجب من العبد شكر مولاه عليها, فقد شرع الله زكاة الفطرطهرة للصائم وطعمة للمساكين ,فقد رواى أبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث عبدالله،ابن عباس رضى الله عنهما انه قال { : ((فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)).
فهي واجبة على كل مسلمٍ صغر أو كبر ذكراً أو أنثى،حر او عبد
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة
وأما الحمل الذي في البطن فلا يجب الإخراج عنه وله الإخراج عنه استحباباً وتطوعاً فإن ولد قبل ليلة العيد وجب الإخراج عنه.
وله أن يخرجها عمن ينفق عليهم ممن يستخدمهم في بيته من الخدم والواجب على الراجح أن يخرجوها هم عن أنفسهم, ولو أخرجها صاحب البيت فله الأجر عند الله لكن يخبرهم بذلك
ومقدار المخرج: صاعٌ عن كل شخص من طعام الناس من البر أو الارز أو التمر أو غيرها من طعام الآدميين، فليخرجها المسلم طَيّبة بها نفسه، ولا يبخل على نفسه, وليختر الأطيب والأنفع، فإنها صاع واحد في الحول مرة، والله يقول(وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ)
ويكون دفعها إلى الفقراء خاصة، وليست لبقية أهل الزكاة, والأقارب المحتاجون أولى من غيرهم، ولا بأس أن يعطى الفقير الواحد فطرتين أو أكثر، ولا بأس أن توزع الفطرة الواحدة على فقيرين أو أكثر، ولا بأس أن يجمع أهل البيت فطرتهم في إناء واحدة بعد كيلها ويوزعوا منها بعد ذلك بدون كيل .
ووقت إخراجها المستحب يوم العيد قبل الصلاة إن تيسر، ولا بأس أن تخرج قبل العيد بيوم أو بيومين، ولا يجوز تقديمها على ذلك، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد إلا من عذر لحديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: ((فرَض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاة الفطر؛ طُهرةً للصَّائم من اللَّغو والرَّفث، وطُعمة للمساكين؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي زكاة مقبولة ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ، ... والأفضل إخراج الفطرة في المكان الذي تغرب على المرء شمسه وهو فيه, سواء كان بلده أو غيره من بلاد المسلمين ، ولا بأس أن يوكل المسلم من يخرجها عنه في بلده إذا سافر إلى غيره.
واعلموا عباد الله أن من العبادات التى شرعها الله لعباده في ختم الشهر التكبير فالتكبير عبادة يختم بها المسلم شهره ويستقبل عيده, قال الله جل الله (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وينبغي أن يجهر بها الرجال في أسواقهم وطرقاتهم وبيوتهم تعظيما لله وإظهارا للشعائر، وأما النساء فيكبرن سراً,
ووقته من غروب الشمس ليلة العيد إلى الشروق في صلاة العيد
ومن العبادات التى شرعها الله لعباده بعد ختام الشهروانقضاء رمضان
صلاة العيد فقد أمر بها رسول الله الرجال والنساء حتى العواتق وذوات الخدور اللاتي ليس لهن عادة بالخروج وحتى الحيض يشهدن دعاء الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى، فلا يجلسن فيه, وتأمل كيف أكد رسول الله على الخروج لها, فأمر بإخراج من ليس من عادتهم الخروج من النساء, وحين قالت له أم عطية" يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال: لتلبسها أختها من جلبابها)) ولذا استحب جماهير أهل العلم الخروج لها, بل أوجبه غير واحد من العلماء منهم ابن تيمية وغيره, وإن كان الأكثر على الاستحباب
فحري بنا أن نخرج إلى صلاة العيد رجالا ونساء صغارا وكبارا تعبدا لله عز وجل وامتثالا لأمر رسول الله وابتغاءً للخير ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المصلى من خيرات تنزل وجوائزَ من الرب الكريم تحصُل ودعواتٍ طيبات تقبل.
وليخرج الرجال متنظفين متطيبين لابسين أحسن ثيابهم
بارك الله لى ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
أما بعد ايها المسلمون
فأن ما تبقى من ايام هذا الشهر العظيم ياعباد الله فرصة عظيم لمن فرط او تهاون للعود والرجوع وتدارك مافاته من الاعمال الصالحة فلا يزال الشهر بين ظهرانينا ولا زلنا نعيش ايامه المباركة ولياليه الشريفه فهي فرصة يا عباد الله لمن تهاون او فرط لتدارك تقصيره واغتنام اجر في ختام الشهر
كما انها فرصة للمجد أن بستزيد من الحسنات وأن يكر من القربات والطاعات
فأن هذه الليالي ياعباد الله اشرف ليال الدنيا لانها حملت في طياتها وبين لياليها ليلة القدر الله شرفها الله بأنزال كتابه الكريم فيها وشرفها بتنزل الرحمة وتنزل مقادير العباد فقد قال الله جل وعنها (إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ ۚ إِنّا كُنّا مُنذِرينَ ﴿٣﴾ فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ ﴿٤﴾ أَمرًا مِن عِندِنا ۚ إِنّا كُنّا مُرسِلينَ.
فحرى بالممسلم عباد الله أن يغتم هذه الفرصة العظيمة في ختام الشهر المبارك أن يجتهد في ما تبقى من ايام هذا الشهر ولياليه الشريفة
الله الله أروا الله من انفسكم خيرا
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة على رسوله في كتابه الكريم
أما بعد ايها المسلمون
فيقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ( ياايها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات )
وأننا ياعباد الله لنقف على أواخر ليال هذه الايام المعدودة
فما اسرع انقضاءها وما اعجل ذهابها بالامس القريب كنا نهنئ انفسنا بقدوم الشهر ونبارك لبعضنا بحلوله وما هي الا غمضة عين وانتباهتها
ونفيق على اللحظات الاخيرة من هذه الايام المباركة والليالي الشريفة من هذا الشهر العظيم
وهذه يا عباد الله يدعو المسلم أن يتفكر في سرعة مرور هذه الايام والليالي التى يعيشها في هذه الحياة الدنيا يقول الله عز وجل ( وهو الذين جعل الليل والنهار خلفه لمن اراد أن يتذكر أو اراد شكورا )
ويقول تبارك وتعالى ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
فيا لها لحظات سريعة مرت بنا في هذا الشهر المبارك
أيها المسلمون إن الضيف الحبيب حين يحلّ, ثم يوشك على الارتحال والطعن, فإن النفوس تأسى لفراقه, وتحزن لوداعه, هكذا مضت يا عباد الله الليالي مسرعة، ولم يبق إلا قليلها, فنحن في آخر جمعة فيه،
ولا ندري ونحن نودعه هل نستقبله عاماً آخر أم أن الموت أسبق إلينا منه، نسأل الله أن يعيده عليها وعليكم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة.
مضى جلّه فلا المطيع يذكر تعب طاعته, ولا العاصي يحس بلذة معصيته, وعند الله يعلم كل امريء حقيقة عمله, مرّ جل الشهر, وكم هي رائعة صور المتنافسين على الطاعة فيها, كم تسر يوم ترى امرءاً أسهر ليله لربه مصلياً, وامرءاً تفرغ من شواغله وترك بيته وشد مئزره معتكفاً, وامرءاً لأبواب البذل والإحسان مسابقاً, وتلك روعة رمضان
وحري بنا عباد الله ونحن على وداع الشهر, أن نستذكر أموراً يتأكد التعريج عليها, وينبغي في آخر جمعة من الشهر التذكير بها,
أول هذه الأمور نداء إلى من وفق للصيام والقيام إلى من عمل الطاعات وكان من تجار الحسنات إحمد الله أن وفقك, فما عملت إلا بتوفيق ربك, فلولا الله ما اهتديت ولا صمت ولا صليت (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً), فما هو إلا توفيق الله لك, والمنة في كل ما قدمت لله لا لك ( بل الله يمن عليكم ان هداكم للإيمان) من نحن لولا فضل الله فلا تغتر بما عملت, وإياك أن يرى الله منك اعجابا بما عملت أو إساءة بعد حسن ما عملت
ومع هذا فالعبرة في الأعمال ليست بكثرتها ولا بصورها بل بقبول الله لها, فلا تفتأ أن تسأل ربك أن يقبل صالح عملك وأن لا يكلك إلى نفسك, والموفقون هم الذين يتعبدون وهم بعد ذلك خائفون مشفقون أن ترد أعمالهم, ولا يلتفت لقرباتهم, قال الله عنهم (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) يقول علي بن أبي طالب : (كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
وأهل الجنة من صفتهم الخوف والإشفاق (قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) وفي ذلك يقول إبراهيم التيمي: ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنّة لأنّهم قالوا: إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين.
وثاني الأمور أيها المبارك: أن ينعقد في قلبك أيها المطيع العزم على الدوام بعد رمضان, فإنك إن نويت الخير أُعنت عليه, وكتب لك الأجر ولو حيل بينك وبين العمل, وإن نويت الانقطاع عن الخير, وان يكون آخر العهد به ختام الشهر فذاك تفريط وحرمان, وقد كانوا يقولون" من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها
وثاني الأمور معشر الكرام: أن يكثر المرء من الاستغفار في ختام شهره, فبذلك تختم الطاعات, قال ابن القيم: وأرباب العزائم والبصائر أشدُّ ما يكونون استغفاراً عقب الطاعات،
وثالث الأمور:أن الله شرع في ختام الشهر عباداتٍ يتقرب بها من أنعم عليه ربه ببلوغ الختام والتوفيق للطاعة, وتلك نعمة تستوجب من العبد شكر مولاه عليها, فقد شرع الله زكاة الفطرطهرة للصائم وطعمة للمساكين ,فقد رواى أبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث عبدالله،ابن عباس رضى الله عنهما انه قال { : ((فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)).
فهي واجبة على كل مسلمٍ صغر أو كبر ذكراً أو أنثى،حر او عبد
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة
وأما الحمل الذي في البطن فلا يجب الإخراج عنه وله الإخراج عنه استحباباً وتطوعاً فإن ولد قبل ليلة العيد وجب الإخراج عنه.
وله أن يخرجها عمن ينفق عليهم ممن يستخدمهم في بيته من الخدم والواجب على الراجح أن يخرجوها هم عن أنفسهم, ولو أخرجها صاحب البيت فله الأجر عند الله لكن يخبرهم بذلك
ومقدار المخرج: صاعٌ عن كل شخص من طعام الناس من البر أو الارز أو التمر أو غيرها من طعام الآدميين، فليخرجها المسلم طَيّبة بها نفسه، ولا يبخل على نفسه, وليختر الأطيب والأنفع، فإنها صاع واحد في الحول مرة، والله يقول(وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ)
ويكون دفعها إلى الفقراء خاصة، وليست لبقية أهل الزكاة, والأقارب المحتاجون أولى من غيرهم، ولا بأس أن يعطى الفقير الواحد فطرتين أو أكثر، ولا بأس أن توزع الفطرة الواحدة على فقيرين أو أكثر، ولا بأس أن يجمع أهل البيت فطرتهم في إناء واحدة بعد كيلها ويوزعوا منها بعد ذلك بدون كيل .
ووقت إخراجها المستحب يوم العيد قبل الصلاة إن تيسر، ولا بأس أن تخرج قبل العيد بيوم أو بيومين، ولا يجوز تقديمها على ذلك، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد إلا من عذر لحديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: ((فرَض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاة الفطر؛ طُهرةً للصَّائم من اللَّغو والرَّفث، وطُعمة للمساكين؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي زكاة مقبولة ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ، ... والأفضل إخراج الفطرة في المكان الذي تغرب على المرء شمسه وهو فيه, سواء كان بلده أو غيره من بلاد المسلمين ، ولا بأس أن يوكل المسلم من يخرجها عنه في بلده إذا سافر إلى غيره.
واعلموا عباد الله أن من العبادات التى شرعها الله لعباده في ختم الشهر التكبير فالتكبير عبادة يختم بها المسلم شهره ويستقبل عيده, قال الله جل الله (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وينبغي أن يجهر بها الرجال في أسواقهم وطرقاتهم وبيوتهم تعظيما لله وإظهارا للشعائر، وأما النساء فيكبرن سراً,
ووقته من غروب الشمس ليلة العيد إلى الشروق في صلاة العيد
ومن العبادات التى شرعها الله لعباده بعد ختام الشهروانقضاء رمضان
صلاة العيد فقد أمر بها رسول الله الرجال والنساء حتى العواتق وذوات الخدور اللاتي ليس لهن عادة بالخروج وحتى الحيض يشهدن دعاء الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى، فلا يجلسن فيه, وتأمل كيف أكد رسول الله على الخروج لها, فأمر بإخراج من ليس من عادتهم الخروج من النساء, وحين قالت له أم عطية" يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال: لتلبسها أختها من جلبابها)) ولذا استحب جماهير أهل العلم الخروج لها, بل أوجبه غير واحد من العلماء منهم ابن تيمية وغيره, وإن كان الأكثر على الاستحباب
فحري بنا أن نخرج إلى صلاة العيد رجالا ونساء صغارا وكبارا تعبدا لله عز وجل وامتثالا لأمر رسول الله وابتغاءً للخير ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المصلى من خيرات تنزل وجوائزَ من الرب الكريم تحصُل ودعواتٍ طيبات تقبل.
وليخرج الرجال متنظفين متطيبين لابسين أحسن ثيابهم
بارك الله لى ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
أما بعد ايها المسلمون
فأن ما تبقى من ايام هذا الشهر العظيم ياعباد الله فرصة عظيم لمن فرط او تهاون للعود والرجوع وتدارك مافاته من الاعمال الصالحة فلا يزال الشهر بين ظهرانينا ولا زلنا نعيش ايامه المباركة ولياليه الشريفه فهي فرصة يا عباد الله لمن تهاون او فرط لتدارك تقصيره واغتنام اجر في ختام الشهر
كما انها فرصة للمجد أن بستزيد من الحسنات وأن يكر من القربات والطاعات
فأن هذه الليالي ياعباد الله اشرف ليال الدنيا لانها حملت في طياتها وبين لياليها ليلة القدر الله شرفها الله بأنزال كتابه الكريم فيها وشرفها بتنزل الرحمة وتنزل مقادير العباد فقد قال الله جل وعنها (إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ ۚ إِنّا كُنّا مُنذِرينَ ﴿٣﴾ فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ ﴿٤﴾ أَمرًا مِن عِندِنا ۚ إِنّا كُنّا مُرسِلينَ.
فحرى بالممسلم عباد الله أن يغتم هذه الفرصة العظيمة في ختام الشهر المبارك أن يجتهد في ما تبقى من ايام هذا الشهر ولياليه الشريفة
الله الله أروا الله من انفسكم خيرا
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة على رسوله في كتابه الكريم