حياتك قاعة امتحان

فواز بن لافي الرحيمي
1434/05/10 - 2013/03/22 08:32AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..
عباد الله
الإنسان في هذه الدنيا في قاعة امتحان ففي كل موقف من مواقف الحياة يمتحن فيه ويبتلى كما قال تعالى .. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقال تعالى .. ونبلوكم بالشر والخير فتنة .
ومع تنوع الأقدار يتنوع الابتلاء وفي كل حدث أو موقف بل في كل لحظة من لحظات الحياة يتجلى نوع الاختباروقوته .
فتارة يمتحن الإنسان بالغنى والرفاهية فيبسط له في رزقه ويفتح له في تجارته أو يبوؤ مكانة عالية في وظيفته فمن الناس من يغتر ويتبخترويتعالى ويتكبر وينس حق الله في هذا المال لسان حاله إنما أوتيته على علم عندي فتراه ينفق على شهواته ولذاته بسخاء فلا تسل عن تكاليف رحلاته الصيفيه وأجهزته التقنيه فلا يبالي بأي سعر كانت مادام أنها ستكون في حوزته
يسكن في أفخم الفنادق ويأكل من ألذ المطاعم ويركب أرفه المراكب ويحجز في الدرجات الأولى التي تميزه عن غيره من المسافرين
وإذا دعي إلى باب من أبواب الخير ولو بشيء قليل .. استكثره واستثقله واختلق الأعذار التي تبرر شحه وبخله وربما شكك في مصداقية ما دعي إليه
فكانت نتيجة امتحانه كما قال الله ه... هاأنتم هولاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمن يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء .
ومن الناس من أدرك أنه ممتحن في ماله وأن هذا المال إنما هو عارية لاتدوم وأيقن أن إنفاقه هو سر بركته وسبب حفظه وأن إنفاقه محفوظ له في حساب يضاعف فيه أضعافا كثيرة فقدم لنفسه مايكون سببا في نجاته قبل أن يقول رب لولا أخرتن إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين
ومع إنفاقه وبذله لم يحرم نفسه وأهله حظهم من هذا المال والتمتع به بما أحل الله لكنه لم ينس حق الله فيه فكانت نتيجة امتحانه الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون .
وحينما تنزل بك الشدائد وتحيط بك اللأوأ فأنت ممتحن هل تجزع وتسخط فتكون نتيجة امتحانك ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة أم تصبر وتحتسب وتسترجع وتعلم ان ماأصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك فتكون نتيجة امتحانك أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
عباد الله .. في لحظات الصحة والعافية والقوة والنشاط يمتحن العبد هل يمشي في الأرض بمرح وخيلاء أم يعترف بفضل الله ونعمته لأن الراسبين في هذا الإمتحان هم الذين صرفوا قوتهم ونشاطهم في إيذاء الآخرين والاستعلاء عليهم أو جعلوا من القوة سلما لإشباع غرائزهم بالحرام وربما تفاخروا بذلك
فكانت نتيجة امتحانهم ياليتني قدمت لحياتي ...
وأما الذين عر فوا أن الصحة عارية مسؤولون عنها فجعلوها في اغتنام الأوقات بالباقيات الصالحات والاستكثار من الخيرات وبنوا بها أعمالا صالحات وتقووا بها على سائر القربات
عباد الله ... فكما أن أقدار الله عليك من خير وشر امتحان لك كذلك أقداره على غيرك امتحان لك
فحينما ترى نعمة على غيرك هل تكون ممن قال الله فيهم أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أم تدعوا لهم بالبركة عملا بوصية محمد صلى الله عليه وسلم لمن رأى مايعجبه في غيره
وحينما تسمع بمصيبة وقعت على غيرك هل تفرح وتشمت أم تدعوا له بالفرج وتسعى له في المخرج
وهكذا عباد الله المنصب والجاه امتحان من الله تمتحن به في أمانتك وهل أنت ممن استغل نفوذه في تحصيل مصالحه على حساب أصحاب الحقوق والحاجات وزاده منصبه بعدا عن الله فكانت نتيجته
ماأغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه
أم أنت ممن أقام العدل بالقسط وعامل نفسه قبل غيره بإنصاف وجعل من منصبه طريقا لإيصال الحقوق لأصحابها ولم يغش نفسه ولا أمته ولا وطنه وأرعى سمعه للمظلومين فنصرهم وللمحرومين فأعطاهم
عباد الله
الجمال الذي منحك الله إياه إنما هو امتحان وابتلاء فلا تظنن أنك نلته بقدراتك الخارقة أو كسبته بذكائك المفرط انما هو بفضل الله تعالى
فالله قادر على ان يجعل انفك مشروما وفمك مشدوقا وعينك عوراء لكنه أحسن خلقك وأتم عافيتك
فبعض الناس سيكون هذا الجمال وبالاً عليهم وحسرة لأنه جعله أداة لإسقاط الفتيات في حبائله وربما كان شاذا والعياذ بالله فجعل جماله ورقة يبيع بها عرضه وشرفه
ياأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ماشاء ركبك
والبعض الآخر جعل من جماله طريقا لحمد الله وشكره ففر من الحرام كما فر يوسف من الحرام إلى السجن فقال
رب السجن أحب إلي مما يدعوني إليه
ففاز بظل الله في يوم لاظل إلا ظله
عباد الله
أقارب المرء ضرب من ضروب الامتحان فقد تبتلى بأقارب محبين مخلصين يحبون لك الخير ويتنمون لك السعادة ويفتقدونك إذا غبت فهل تجازيهم بالإحسان أم تقابلهم بالجحود والنكران
وتارة يكون الامتحان بأن تصلهم ويقطعونك وتحسن إليهم ويسيئون إليه فهل تجازي السيئة بالسيئة أم تجازيها بالإحسان ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم من هذا حاله بأن يستمر على إحسانه ليكون له ظهير من الله
فعلينا عباد الله أن نستشعر أننا في دار امتحان وابتلاء وأننا ممتحنون في كل لحظة من لحظات حياتنا وفي كل موقف يمر علينا حتى في معاملاتنا مع من حولنا فقد تمحن بجار يؤذيك وقد تمتحن بجار يحبك ويواسيك
وقد تمحتن بسفيه يتطاول عليك كما تمتحن بصاحب وصديق يفديك
حتى الضيف الذي يطرق بابك إنما هو امتحان لك به يبين كرمك من بخلك ولقد علق الإيمان باليوم الآخر باكرام الضيف فقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
وصاحب الحاجة الذي قصدك أو إستقرضك إنما هو امتحان لبذلك وإحسانك اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ..
عباد الله الأمثلة في هذا كثيرة والموفق من استعمل نعم الله في طاعته واستكثر من الخيرات وقت حياته ليوافي أعماله الصالحة أحوج مايكون إليها فتكون أنيسا له في قبره ونورا له في حشره وثقلا مرجحا في ميزانه
الخطبة الثانية
عباد الله
إن ماتشهده الأمة من محن وكربات وما يقع عليها من مصائب ونكبات إنما هو امتحان لنا في نصرتهم
هل نقف مكتوفي الأيدي ونحن نسمع آهاتهم ونرى جراحاتهم فيطيب لنا العيش ودماؤهم تنزف وأشلاؤهم تمزق وأعراضهم تنتهك
والله يقول وإن استنصروكم فعليكم النصر
وقد عاتب الله خيرة خلقه من الصحابة الصادقين بقوله ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربناأخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها وأجعل لنا من لدنك وليا وأجعل لنا من لدنك نصيرا
أم نقدم مانستطيعه من عون بمال أو جاه أو نفس فإن عجزنا فلا أقل من أن نعيش مع قضاياهم بمشاعرنا ودعواتنا
وهكذا عبد الله
استشعارك أنك في هذه الدنيا في قاعة امتحان يجعلك تسعى لأن تكون من الفائزين وقد صور الله لنا الموقف في يوم القيامة وحال الخلق عند أخذ كتبهم التي أودعوا فيهاأعمالهم تصويرا أشبه مايكون بتوزيع النتائج بعد انتهاء الامتحانات
يقول الله تعالى فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هآوم اقرؤ كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية
وفي المقابل وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه ياليتها كانت القاضية

الخاتمة
المشاهدات 2735 | التعليقات 4

السلام عليكم
اعتذر من اخواني فهذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى
ولا أحسن تنسيق الكتابة فقدمتها كما هي في ورقة خطبتي مع تغيير اللون فقط

وأتمنى ان أكون بمشاركاتي مقبولا عند الله وعند صالحي عباده


بورك فيك شيخ فواز ، وثمة بعض الملحوظات الكتابية أو الإملائية ، لا تخفى على كل ذي عينين ، وهي من باب سبق القلم ولا شك ، وخذ هذه من باب المشاركة وإثراءً لهذا الموضوع المهم :
https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/172522


بارك الله فيك شيخ فواز وأحسن إليكم
خطبة مؤثرة وننتظر المزيد


كلنا ذوو خطأ
لعلك تزودني بها مشكورا على الخاص