حَوَادِثُ عَظِيمَةٌ + ( تعميم الإنفلونزا )

يوسف العوض
1446/04/12 - 2024/10/15 09:47AM

الخطبة الأولى

عِبَادَ اللهِ : يقولُ اللهُ تعالى : ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ﴾ ففِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ َسَيُحْدِثُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حوَادِثَ عَظِيمَةً فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ، فَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ تُصْعَقُ الْخَلَائِقُ، وَفِيهُ يُنْفُخُ فِي الصُّورِ الَّذِي تُبْعَثُ بِهِ الْخَلَائِقُ، وَهُوَ يَوْمُ الْمَزِيدِ لِأهْلِ الْجَنَّةِ، ويومُ كَرَامَتِهِمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَيَوْمُ نَظَرِهِمْ إِلَيْهِ ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خيرُ يومٍ طلَعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمُعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ أُهْبِطَ وفيهِ تيبَ عليهِ وفيهِ ماتَ وفيهِ تقومُ السَّاعةُ وما من دابَّةٍ إلَّا وَهيَ مُسيخةٌ يومَ الجمُعةِ مِن حينَ تُصبحُ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ شفقًا منَ السَّاعةِ إلَّا الجنَّ والإنسَ وفيهِ ساعةٌ لا يصادفُها عبدٌ مسلمٌ وَهوَ يصلِّي يسألُ اللَّهَ حاجةً إلَّا أعطاهُ إيَّاها ".

عِبَادَ اللهِ : يومُ الجُمُعَةِ جَعَلهُ اللهُ عزَّ وجلَّ خيرَ الأيَّامِ، وفضَّله على سائرِ الأيَّامِ؛ لِمَا وقَعَ فيهِ مِنْ أحداثٍ عِظامٍ، وعنْ تلكَ الأحداثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، أنَّهُ خيرُ يومٍ طَلَعَت فِيهِ الشَّمسُ، وفِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وآدمُ عليه السَّلامُ هو أوَّلُ خَلْقِ اللهِ مِن البَشَرِ، وَهوَ الَّذِي باهَى اللهُ بِخِلقَتِهِ ملائكتَه، وفِي يومِ الجمعةِ هَبَطَ آدَمُ عليهِ السَّلامُ بأمرِ اللهِ عزَّ وجلَّ إلى الأرضِ، وهو يومُ خُروجِهِ مِن الجَنَّةِ، وفي يومِ الجمعةِ تابَ اللهُ على آدمَ بعدَما عصاهُ وأكَلَ مِنَ الشَّجرةِ، وفي يومِ الجمعةِ أيضًا ماتَ أبو البَشَرِ آدمُ عليهِ السَّلامُ ، وفي يومِ الجمعةِ أيضاً تَقُومُ القِيامَةِ، وهذا وحْدَه يَكفي لِتَفضِيلِ هذا اليومِ؛ ولأنَّ لِأحداثِ السَّاعةِ شأنًا عظيمًا، فقدْ قالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وما مِن دابَّةٍ في الأرضِ إلَّا وهي مُسِيخَةٌ يومَ الجمعةِ، مُصغِيَةٌ ومُستَمِعةٌ مِن حِين تُصبِحُ حتَّى عِبَادَ اللهِ : وفِي يومَ الجمعةِ ساعَةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مُسلِمٌ يَدعُو ويَطلُبُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ حاجتَهُ وهوَ فِي صَلاتِهِ إلا استَجَابَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ، تَطلُعَ الشَّمسُ شفقًا مِن السَّاعةِ وخوفًا مِن قِيَامِهَا ؛ وذلك لِمَا جَبَلها اللهُ عليه، إلَّا الجِنَّ والإنسَ فإنَّهم لا يَترقَّبون ولا يَخافونَ قيامَ السَّاعةِ في هذا اليومِ؛ لعِظَمِ غفلتِهم.

عِبَادَ اللهِ : وعَنْ أَبِي لِبَابَةَ اِبْنِ عَبْدِ الْمُنْذِر رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ : " مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " ولا تَقومُ السَّاعةُ وتَكُونُ القِيامةُ إلَّا في يَومِ الجُمعةِ بيْنَ الصُّبحِ وَطُلوعِ الشَّمسِ ، وذِكرُ هذه الأَحْداثِ العِظامِ في الحَديثِ وهذِه القضايا المَعدودةِ الَّتي وقَعَتْ في يَومِ الجُمُعةِ قيل: ليْستْ لذِكرِ فَضيلتِه لأنَّ ما وقَعَ فيه مِن إخراجِ آدَمَ وقِيامِ السَّاعةِ لا يُعَدُّ مِن الفَضائِل، وإنَّما هو تَعظيمٌ لِمَا وقَعَ فيه وما حدَثَ فيه كبِدايةٍ للخَلقِ ونِهايةٍ له ، وقيل: بلْ هي مِن الفَضائِلِ؛ لأنَّ خُروجَ آدَمَ مِن الجَنَّةِ هو سَببُ الذُّريَّةِ وهذا النَّسلِ العَظيمِ، ووُجودِ الرُّسلِ والأنبياءِ والأولياءِ، ولأنَّ لأحداثِ السَّاعةِ شأنًا عَظيمًا؛ فهي سَببٌ لتَعجيلِ اللهِ وعْدَه لأهلِ الإيمانِ، ووَعيدَه لأهلِ الكفرِ، وظُهورِ جَزاءِ النَّبيِّينَ والصِّدِّيقين والأولياءِ وغيرِهم، وإظهارِ كَرامتِهم وشَرفِهم؛ ففي يومِ القِيامةِ تَرتفِعُ راياتُ المسلمينِ تَصديقًا لإيمانِهم ، وعَنْ أَوسِ بنِ أَوسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ قَال : " إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ بَلِيتَ- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلام ".

عِبَادَ اللهِ : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رِضَي اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ وَفِي يَدِهِ كَهَيْئَةِ الْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ ، فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ ... وَهُوَ سَيِّدُ الْأَيَّامِ ، وَنَحْنُ نُسَمِّيهِ يَوْمَ الْمَزِيدِ ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا الْمَزِيدُ ؟ ، قَالَ: ذَلِكَ أَنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مَسْكٍ أَبْيَضَ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ يَهْبِطُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ عَرْشِهِ إِلَى كُرْسِيِّهِ ، وَحُفَّ الْكُرْسِيُّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَجَلَسَ عَلَيْهَا النَّبِيُّونَ، وَحُفَّتِ الْمَنَابِرُ بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ فَجَلَسَ عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ، وَيَهْبِطُ أَهْلُ الْغُرَفِ مِنْ غُرَفِهِمْ ، فَيَجْلِسُونَ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ ، لَا يَرَوْنَ لِأَهْلِ الْكَرَاسِيِّ وَالْمَنَابِرِ عَلَيْهِمْ فضلًا فِي الْمَجْلِسِ ، ويَبْدُو لَهُمْ ذُو الْجِلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، فَيَقُولُ: سَلُونِي، فَيَقُولُونَ: نَسْأَلُكَ الرِّضَا يَا رَبُّ ، فَيَقُولُ: رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَارِي ، وأَنالَكُمْ كَرامَتي ، ثُمَّ يَقُولُ: سَلُونِي، فَيَقُولُونَ بِأَجْمَعِهِمْ : نَسْأَلُكَ الرِّضَا، فَيُشْهِدُهمْ عَلَى الرِّضَا، ثُمَّ يَقُولُ: سَلُونِي ، فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ كُلُّ عَبْدٍ مِنْهُمْ ، ثُمَّ يَفْتَحُ عَلَيْهِمْ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ " حَسَّنَهُ الأَلْبَانِي.

الخطبة الثانية

جَاءَنا تَعْمِيمٌ صَادِرٌ مِنْ وِزَارةِ الشُّؤُونِ الْإِسْلَامِيَّةِ يتَضَمَّنُ الْحَديثَ عَنْ بَيَانِ أَهَمِيّةِ أَخذِ اللَّقَاحِ المُتَعلقِ بالإنفلونزا الْمَوْسِمِيَّةِ ،حيثُ يُعْتَبَرُ هذا مِنْ حِفْظِ النَّفْسِ الَّتِي تُعِدُّ إحْدَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا دِينُنَا الْحَنِيفُ لَمَا لَهَا مِنْ أثَرٍ فِي مَنْعِ اِنْتِشَارِ الْعَدْوَى وَتَخْفِيفِ حِدَّةِ الْمَرَضِ، خَاصَّةً عَلَى الْفِئَاتِ الْأَشَدِّ عُرْضَةً لِلْخَطَرِ وَهُمْ كِبارُ السِّنِّ، وَذَلِكَ حَسْبُ مَا تُشِيرُ إِلَيْهِ الدِّرَاسَاتُ الْحَديثَةُ بِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ عُرْضَةً لِاِلْتِهَابَاتِ الرِّئَةِ الْحَادَّةِ وَالنَّوْبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَالسَّكْتَاتِ الدِّمَاغِيَّةِ، بِسَبَبِ مُضَاعَفَاتِ الإنفلونزا الْمَوْسِمِيَّةِ، وَأَنَّ تَلَقِيَ اللَّقَاحِ يُسَاهِمُ بِمَشِيئَةِ اللهِ فِي الْحَدِّ مِنْ هَذِهِ الْمُضَاعَفَاتِ بِنِسْبَةٍ كَبِيرَةٍ.

 

المرفقات

1729054583_الجمعة.docx

المشاهدات 1039 | التعليقات 0