حماية بلاد الحرمين من الفكر المتطرف
احمد ابوبكر
1437/02/16 - 2015/11/28 03:50AM
[align=justify]إذا كان الإسلام يحرّم التفلت من أوامر الشريعة الإسلامية , ويحذر من مظاهر عدم الالتزام بأحكام الدين الحنيف في المجتمع الإسلامي , فإنه يحرم أيضا الغلو في الدين , ويحذر من الفكر المتطرف الذي لا تقل نتائجه وآثاره سوءا عن التفلت وتمييع أحكام دين الله الخاتم , بل ربما تكون أكثر سوءا وأشد كارثية .
وبعيدا عن الأسباب الكثيرة التي أدت إلى ظهور آثار الفكر المتطرف متمثلا بالعنف وما يسمى "الإرهاب" , والتي من أهمها وأبرزها الظلم والبغي والعدوان والإرهاب الذي ما زال يمارسه أعداء دين الله بحق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ...... فإن مما لا شك فيه أن أساس الإرهاب ومصدره هو الفكر المنحرف , والفهم الخاطئ لدين أو مذهب أو عقيدة .
وإذا كان الغرب يحاول منذ عقود إلصاق تهمة التطرف والعنف وما يسمى "الإرهاب" بالمسلمين وحدهم , ويسعى لتبرئة ساحته وساحة عملائه وأجرائه وأمثاله من الرافضة والصهاينة والبوذيين ...وغيرهم من هذه الآفة الخبيثة , فإن التاريخ القريب والبعيد , و الواقع المعاصر المشاهد يؤكد أن البشرية لم تعرف إرهابا كإرهابهم , ولا تطرفا فكريا وعقديا كتطرفهم , ولا انحرافا عن المنهج الوسطي الذي اشتهر به دين الله الخاتم كانحرافهم .
في المقابل لا تحتاج قضية التأكيد على وسطية دين الله الإسلام إلى كبير عناء أو عظيم جهد لمن يريد أن يصل إلى الحقيقة بصدق , فيكفي العاقل المنصف أن يقرأ بعض نصوص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الكثيرة , حتى يتأكد له - دون أدنى شك - أن الوسطية هي أبرز وأهم خصاص هذا الدين العظيم .
لقد نهى القرآن الكريم وحذر من الغلو في الدين في أكثر من موضع من الذكر الحكيم , قال تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ....} النساء/171 , كما أن كثيرا من أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تناولت تحذير أمته من الفكر المتطرف لفرقة "الخوارج" , ذلك الفكر الذي عانت منه الأمة منذ عهد السلف الصالح وحتى يومنا هذا .
وإذا كان امتثال منهج وسطية الإسلام واجب على المسلمين أفرادا وجماعات , وإذا كانت حماية المجتمع الإسلامي من الفكر المتطرف و ظاهرة الغلو في الدين فريضة على الدول والحكومات العربية والإسلامية , فإنه أشد وجوبا إذا تعلق الأمر ببلاد الحرمين الشريفين , وأكثر إلزاما في أطهر بقاع الأرض , لكونها مهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام , ومحط أنظار المسلمين في شتى بقاع الأرض .
ومن هنا يمكن قراءة خبر تنبيه وزارة التعليم السعودية على مكتبات المدارس ، بعدم استقبال الكتب المهداة من الأشخاص والجمعيات وأولياء أمور الطلاب قبل عرضها على وكالة الشؤون المدرسية ، وذلك لمنع تسلل أي كتب تتبنى أفكارا مخالفة للوسطية الإسلامية التي تنتهجها حكومة بلاد الحرمين الشريفين .
ونظرا لكون التنبيه لا يكفي في مثل هذه المسائل الخطيرة , فقد أحسنت إدارات التعليم بمناطق المملكة بتشكيل لجان لمتابعة الكتب الموجودة في المكتبات وفحصها ، للتأكد من عدم تسلل الفكر المنحرف عن منهج الوسطية إلى الجيل الجديد .
والحقيقة أن هذه المراقبة لا ينبغي أن تقتصر على المدارس فحسب , بل لا بد أن تشمل جميع مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية , فخطر الفكر المتطرف لا يقتصر على جيل دون جيل , ولا مؤسسة دون أخرى , بل يشمل خطره جميع الأعمار وكافة أجهزة ومؤسسات الدولة .
لم تأت خطوة الوزارة من فراغ , بل جاءت بناء على معلومات بوجود كتب تتبنى أفكارا مخالفة للوسطية المعروفة عن بلاد الحرمين , تتضمن تحريضا وتشويشا لأفكار الطلاب ، علاوة على وجود كتب ومنشورات لأصحاب الفكر الضال المخالف لجوهر وحقيقة الإسلام الصحيح .
والتسلل والاستفادة من الثغرات هو سبيل الفكر المتطرف الوحيد للوصول إلى هدفه المنشود , فهو لا يستطيع الظهور في وضح النهار كما هو حال الأفكار السليمة الصحيحة , وما ذاك إلا لضعفه وانعدام حجته , ويقين أتباعه أن ما يدعون إليه من أفكار لا قبول لها عند عموم المسلمين .
وعلى الرغم من توجيه وزارة التعليم بالمملكة بسحب الكتب المخالفة من إدارات المكتبات , واتباع لائحتها المحدثة للسلوك والمواظبة للعام الدراسي الحالي إجراءات صارمة بحق كل معلم أو موظف تعاطف أو روج أو نشر أفكار الجماعات المتطرفة ، تمثلت بإنهاء خدمته وفصل من تظهر عليه المشاركة في نشر أو انتقاد سياسة الدولة في هذا الإطار ....... إلا أن ذلك لا يكفي في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة .
فقد أثبتت التجارب أن الاكتفاء بإنهاء الخدمة أو الطرد والإبعاد أو حتى المعالجة الأمنية لا تكفي لوأد التطرف وإخماد نار شره المستطير على الفرد والمجتمع, بل لا بد من معرفة أسباب تسلل الفكر المتطرف إلى هذا المعلم أو ذلك التلميذ أو تلك المؤسسة , ومعالجة تلك الأسباب من جذورها , لمنع توّلد المشلكة من جديد وظهورها في مكان آخر وبصورة مختلفة .
وإذا كانت معالجة ما يظهر من فكر متطرف هنا وهناك في بلاد المسلمين – وعلى رأسها بلاد الحرمين بالتأكيد – من الأهمية بمكان , فإن الأهم هو وقاية الجيل الجديد وشباب الأمة من هذا اللوثة والآفة المدمرة , وذلك من خلال تكثيف الدروس والمحاضرات والندوات في المساجد والمدارس والجامعات , بل وفي المصانع والشركات ومؤسسات الدولة كافة ..... لتوضح بدهية وسطية ديننا الحنيف , و التأكيد على شدة تحذيره من الغلو والتطرف الفكري , مع الاستفادة الكاملة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي في سبيل ذلك .
والمثل يقول : درهم وقاية خير من قنطار علاج .
[/align]
وبعيدا عن الأسباب الكثيرة التي أدت إلى ظهور آثار الفكر المتطرف متمثلا بالعنف وما يسمى "الإرهاب" , والتي من أهمها وأبرزها الظلم والبغي والعدوان والإرهاب الذي ما زال يمارسه أعداء دين الله بحق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ...... فإن مما لا شك فيه أن أساس الإرهاب ومصدره هو الفكر المنحرف , والفهم الخاطئ لدين أو مذهب أو عقيدة .
وإذا كان الغرب يحاول منذ عقود إلصاق تهمة التطرف والعنف وما يسمى "الإرهاب" بالمسلمين وحدهم , ويسعى لتبرئة ساحته وساحة عملائه وأجرائه وأمثاله من الرافضة والصهاينة والبوذيين ...وغيرهم من هذه الآفة الخبيثة , فإن التاريخ القريب والبعيد , و الواقع المعاصر المشاهد يؤكد أن البشرية لم تعرف إرهابا كإرهابهم , ولا تطرفا فكريا وعقديا كتطرفهم , ولا انحرافا عن المنهج الوسطي الذي اشتهر به دين الله الخاتم كانحرافهم .
في المقابل لا تحتاج قضية التأكيد على وسطية دين الله الإسلام إلى كبير عناء أو عظيم جهد لمن يريد أن يصل إلى الحقيقة بصدق , فيكفي العاقل المنصف أن يقرأ بعض نصوص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الكثيرة , حتى يتأكد له - دون أدنى شك - أن الوسطية هي أبرز وأهم خصاص هذا الدين العظيم .
لقد نهى القرآن الكريم وحذر من الغلو في الدين في أكثر من موضع من الذكر الحكيم , قال تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ....} النساء/171 , كما أن كثيرا من أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تناولت تحذير أمته من الفكر المتطرف لفرقة "الخوارج" , ذلك الفكر الذي عانت منه الأمة منذ عهد السلف الصالح وحتى يومنا هذا .
وإذا كان امتثال منهج وسطية الإسلام واجب على المسلمين أفرادا وجماعات , وإذا كانت حماية المجتمع الإسلامي من الفكر المتطرف و ظاهرة الغلو في الدين فريضة على الدول والحكومات العربية والإسلامية , فإنه أشد وجوبا إذا تعلق الأمر ببلاد الحرمين الشريفين , وأكثر إلزاما في أطهر بقاع الأرض , لكونها مهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام , ومحط أنظار المسلمين في شتى بقاع الأرض .
ومن هنا يمكن قراءة خبر تنبيه وزارة التعليم السعودية على مكتبات المدارس ، بعدم استقبال الكتب المهداة من الأشخاص والجمعيات وأولياء أمور الطلاب قبل عرضها على وكالة الشؤون المدرسية ، وذلك لمنع تسلل أي كتب تتبنى أفكارا مخالفة للوسطية الإسلامية التي تنتهجها حكومة بلاد الحرمين الشريفين .
ونظرا لكون التنبيه لا يكفي في مثل هذه المسائل الخطيرة , فقد أحسنت إدارات التعليم بمناطق المملكة بتشكيل لجان لمتابعة الكتب الموجودة في المكتبات وفحصها ، للتأكد من عدم تسلل الفكر المنحرف عن منهج الوسطية إلى الجيل الجديد .
والحقيقة أن هذه المراقبة لا ينبغي أن تقتصر على المدارس فحسب , بل لا بد أن تشمل جميع مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية , فخطر الفكر المتطرف لا يقتصر على جيل دون جيل , ولا مؤسسة دون أخرى , بل يشمل خطره جميع الأعمار وكافة أجهزة ومؤسسات الدولة .
لم تأت خطوة الوزارة من فراغ , بل جاءت بناء على معلومات بوجود كتب تتبنى أفكارا مخالفة للوسطية المعروفة عن بلاد الحرمين , تتضمن تحريضا وتشويشا لأفكار الطلاب ، علاوة على وجود كتب ومنشورات لأصحاب الفكر الضال المخالف لجوهر وحقيقة الإسلام الصحيح .
والتسلل والاستفادة من الثغرات هو سبيل الفكر المتطرف الوحيد للوصول إلى هدفه المنشود , فهو لا يستطيع الظهور في وضح النهار كما هو حال الأفكار السليمة الصحيحة , وما ذاك إلا لضعفه وانعدام حجته , ويقين أتباعه أن ما يدعون إليه من أفكار لا قبول لها عند عموم المسلمين .
وعلى الرغم من توجيه وزارة التعليم بالمملكة بسحب الكتب المخالفة من إدارات المكتبات , واتباع لائحتها المحدثة للسلوك والمواظبة للعام الدراسي الحالي إجراءات صارمة بحق كل معلم أو موظف تعاطف أو روج أو نشر أفكار الجماعات المتطرفة ، تمثلت بإنهاء خدمته وفصل من تظهر عليه المشاركة في نشر أو انتقاد سياسة الدولة في هذا الإطار ....... إلا أن ذلك لا يكفي في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة .
فقد أثبتت التجارب أن الاكتفاء بإنهاء الخدمة أو الطرد والإبعاد أو حتى المعالجة الأمنية لا تكفي لوأد التطرف وإخماد نار شره المستطير على الفرد والمجتمع, بل لا بد من معرفة أسباب تسلل الفكر المتطرف إلى هذا المعلم أو ذلك التلميذ أو تلك المؤسسة , ومعالجة تلك الأسباب من جذورها , لمنع توّلد المشلكة من جديد وظهورها في مكان آخر وبصورة مختلفة .
وإذا كانت معالجة ما يظهر من فكر متطرف هنا وهناك في بلاد المسلمين – وعلى رأسها بلاد الحرمين بالتأكيد – من الأهمية بمكان , فإن الأهم هو وقاية الجيل الجديد وشباب الأمة من هذا اللوثة والآفة المدمرة , وذلك من خلال تكثيف الدروس والمحاضرات والندوات في المساجد والمدارس والجامعات , بل وفي المصانع والشركات ومؤسسات الدولة كافة ..... لتوضح بدهية وسطية ديننا الحنيف , و التأكيد على شدة تحذيره من الغلو والتطرف الفكري , مع الاستفادة الكاملة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي في سبيل ذلك .
والمثل يقول : درهم وقاية خير من قنطار علاج .
[/align]