حكم السفر للسياحة في بلاد الكفر والإباحة

احمد ابوبكر
1434/08/07 - 2013/06/16 07:47AM
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه الكرام، أما بعد: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟). رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

أيها الإخوة في الله الذين اعتادوا السياحة وقضاء الإجازة في بلاد الكفر والإباحية وإن كانت تعد جغرافياً من البلاد الإسلامية، هداهم الله وعفا عنهم، وردهم إلى صوابهم: لقد أنعم الله عليكم بنعم عظيمة، أعظمها الإسلام، ثم الصحة، ثم الأهل والمال، لقد أكرمكم الله بالإسلام، وابتلاكم بما آتاكم، أفلا تشكرون؟! فتستعملوا نعم الله من صحة ومال وفراغ فيما ينفعكم ويسعدكم من طاعته سبحانه، فتستجلبوا رضاه ومزيد إنعامه، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) .

وإنه لمن كفران هذه النعم قضاءُ الأوقات وإنفاق الثروات في بلدان أعداء الله الكافرين وأعداء المسلمين، وإن الذين يستثمرون الإجازة في هذا الطريق، أقل ما يعودون به خسران الأوقات والأموال، ولا بد أن يخسروا قدراً من دينهم، مهما ادعوا من التحفظ والمحافظة، ولأن يُبتلى أحدهم بمرض أو مصيبة فيعود متذكراً آسفاً خيرٌ من أن يعود متمتعاً فرحاً مغروراً، أما من يموت في هذا السبيل فموته لا في سبيل الله، وبئست الخاتمة! نعوذ بالله، أتأمن من ذلك؟! من يأمن من ذلك؟!

إن مواعظ الموت تطرق الأسماع صباح مساء، وتكدر صفو الحياة على أهل الغرور، وبعد ذلك وقبله الوقوف بين يدي الله للسؤال عما قدمت وأخرت، وأعطيت وأخذت، وفعلت وتركت، (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

فاتقوا الله أيها المسلمون، ولا تعطوا أموالكم أعداءكم، وتحرموا منها إخوانكم الذين يعانون آلام الخوف والفقر والتشريد، فماذا عليكم لو أنفقتم نصف رصيد الرحلة على هؤلاء، واستفدتم بباقيه في رحلة داخلية؟ قال تعالى: (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظرٌ كيف تعملون).

أيها الإخوة في الله: إن السفر للسياحة في بلدان الأمم الكافرة يتضمن جملة من المفاسد:

أولها: مشاهدة المنكرات التي لا يستطيع المسلم إنكارها.

الثاني: تبذير الأموال الكثيرة هناك، قال تعالى: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا).

الثالث: تقوية اقتصاد الكفار فيما لا يعود على المسلم بخير.

الرابع: مخالطة الكفار من الرجال والنساء، والاندماج معهم بمجالستهم والحديث معهم من غير إنكار عليهم.

الخامس: الإعجاب بعوائدهم وطرائق حياتهم، مما يدعو إلى التشبه بهم وازدراء عوائد المسلمين وطرائقهم.

السادس: وهو نتيجة كل ما تقدم ـ ضعف عقيدة البراء من الكافرين.

السابع: أن الإنسان قد يُفتن في دينه، فيخسر خسراناً مبيناً.

فلهذه المفاسد وغيرها نرى أن السياحة في بلاد الكفار حرام، وقد أفتى بذلك مشايخنا كالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله.

وبلاد الإباحية وإن كانت تعد في البلدان الإسلامية فالسفر إليها للسياحة لا يقل فساداً عن السفر إلى بلاد الكفر، فالسفر إليها للسياحة حرام، كالسياحة في بلاد الكفر، واقرأ ما كتبه سعد السبيت عن السياحة في بعض البلاد الإسلامية.

منَّ الله على الجميع بالعافية، والثبات على دينه حتى الممات، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أملاه:

عبد الرحمن بن ناصر البراك

4 شعبان 1434هـ
المشاهدات 1039 | التعليقات 0