حكمته عليه الصلاة والسلام مع من قضى في المسجد حاجته ..أ.زياد الريسي
الفريق العلمي
الحمد الله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على رسوله خير مبلغ عن الله وأفضل دليل، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
المؤمن حقا والمسلم حقيقة هو من جعل من نبيه -صلى الله عليه وسلم- قدوة له في كل فعل وأسوة له في كل سلوك؛ لأنه المبلغ عن الله شرعه والأعلم بربه والأفقه برسالته والأعرف بحال أمته، ولأنه المعصوم في جميع تشريعاته وسائر أحكامه، وخاصة أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- جمع له بين خيرية الأولين والآخرين فاستحق أن يكون سيد ولد آدم ولا فخر؛ لذا يجب أن ترسوا قواربنا بساحل هديه وتناخ ركائبنا في حدود سنته.
نقل الثقات الأعلام في الكتب الصحيحة من سنته المطهرة مواقف عظيمة وقصصا باهرة لاح منها تعامل النبي الراقي وتجلى فيها أسلوبه اللطيف وبانت فيها حكمته الباهرة الدالة على كمال خلقه وعمق حكمته، ومن ذلك ما ورد من حديث أبي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- قال: قام أعرابيٌ فبال في المسجدِ، فتَناوَلَه الناسُ، فقال لهمُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: دَعُوه وهَريقوا على بَولِه سَجْلًا من ماءٍ، أو ذَنُوبًا من ماءٍ، فإنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثُوا مُعَسِّرينَ" (البخاري: 220)، وفي رواية "ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- دَعاهُ فقالَ له: "إنَّ هذِه المَساجِدَ لا تَصْلُحُ لِشيءٍ مِن هذا البَوْلِ، ولا القَذَرِ إنَّما هي لِذِكْرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، والصَّلاةِ وقِراءَةِ القُرْآنِ"(مسلم (285).
والمعنى الإجمالي الذي أرشدنا إليه نبينا الكريم هو التيسير مع الخلق والذي لا يعني التساهل والتنصل من الحكم الشرعي بل الرفق وعدم التشدد في الأحكام التي وقعت عن جهل وغير قصد ولها حلول شرعية.
وبين طيات هذه الصفحات سيكون لنا جولات سريعة وإشارات عجلى مما تضمنه هذا المشهد العظيم من دروس مهمة وحكم بليغة كانت نتيجة فقه نبوي وبعد نظر تربوي. وإني هنا لا أقول أني وقفت على جميعها أو أتيت على كل أطرافها؛ بل ما أسعفتني به ذاكرتي وسنحت معه فرصتي، ولكن قبيل الحديث عن دروس هذه القصة أود التعريج على الآتي:
أولاً: بيوت الله تعالى كريمة ومساجده شريفة تحظى شرعا بحرمة كبيرة وتحتل مكانة رفيعة، لذا يجب أن تكون مصانة من كل دنس وقذارة ومنزهة من كل ما لا يليق بها؛ فقد نسبها ربنا لذاته العلية؛ فقال: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[الجن: 18]، وشرع لمن قصدها لصلاة أو غيرها ألا يجلس فيها حتى يصلي ركعتين؛ فعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- قال عليه الصلاة والسلام: "إذا دخلَ أحدُكمُ المسجدَ فلا يجلِسْ حتَّى يصلِّيَ رَكعتينِ"(البخاري (1167) واللفظ له، ومسلم (714).
ثانياً: إخباره عليه الصلاة والسلام أن المساجد أحب بقاع الأرض الى الله -تعالى- فمن حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- إنَّ رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ أيُّ البلدانِ أحبُّ إلى اللهِ، وأيُّ البلدانِ أبغضُ إلى اللهِ؟ قال: "لا أدري، حتى أسأل جبريلَ، فأتاه جبريلُ، فأخبرَه: أنَّ أحسنَ البقاعِ إلى اللهِ المساجدُ، وأبغضَ البقاعِ إلى اللهِ الأسواقُ"(الألباني صحيح الترغيب).
ثالثاً: نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن تعامل المساجد معاملة البيوت والأسواق والطرقات؛ فنهى عن رفع الصوت فيها ونشد الضالة ومزاولة البيع والشراء؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتُم من يبيعُ أو يبتاعُ في المسجِدِ، فقولوا: لا أربحَ اللَّهُ تجارتَكَ، وإذا رأيتُم من ينشدُ فيهِ ضالَّةً، فقولوا: لا ردَّها اللَّهُ عليْكَ"(أبو هريرة، الألباني مشكاة المصابيح: 700).
رابعاً: توجيه الشرع بأخذ الزينة من اللباس والطيب لها؛ قال -سبحانه-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31].
خامساً: كان المسجد في صدر الإسلام هو الحاضنة التعلمية الأساسية والمدرسة التربوية الشاملة، وهو اللبنة الأولى لتلقي الأحكام الشرعية واستقاء الآداب الإسلامية في الغالب بعد أن شيد وبني؛ ففيه كانت تقام الجمعة والجماعة والقضاء والفتوى والذكر والقرآن والتدريب والتأهيل والتخطيط والتقييم.
سادساً: مدحه عليه الصلاة والسلام من أمته رجالا حبب إلى قلوبهم المساجد؛ فلا تستقر إلا فيها ولا تنعم إلا بها؛ ولما كانت نفوسهم لا تستظل إلا بروحانية المساجد كان الجزاء من جنس العمل وهو ظلهم تحت عرش الرحمن يوم القيامة؛ قال عليه الصلاة والسلام: "سبعةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ تحتَ ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ.... (وذكر منهم) ورجلٌ قلبُهُ مُعلَّقٌ بالمساجدِ.."(أبو هريرة البخاري (660)، ومسلم (1031).
بل كان من هديه عليه الصلاة والسلام عند عودته من أسفاره أن يبدأ بالمسجد قبل دخوله بيوتاته؛ كما روى بذلك كعب بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: "كانَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا قدمَ من سفرٍ بدأ بالمسجدِ فرَكعَ فيهِ رَكعتَينِ"(البخاري (4418)، ومسلم (2769).
ولم يزل المسجد هو المكان المحبب لرسول الله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان يأوون إليه ويفدون وينعمون فيه براحة بال وسعادة قلب وهدوء فكر؛ فكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: "يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها"(سالم بن أبي الجعد، صحيح أبي داود 4985).
ومن هنا دعانا الشرع الحكيم كثيرا إلى العناية بها وترتيبها وتطهيرها وتهيئتها للمصلين والتالين فيها؛ فقال الله في كتابه: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ)[البقرة: 125]؛ وجعلها من شعائره المكانية المعظمة الداخلة في قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].
أيها الكرام: وبعد هذه الإطلالة السريعة إليكم بعضا من الدروس المتعلقة بالحديث السابق؛ فمن ذلك:
أولها: مسجد النبي عليه الصلاة والسلام كان مسجدا عاديا من حيث البنيان والتجهيز وهكذا كان هديه -عليه الصلاة والسلام- قولا وعملا؛ فقد بنى مسجده من لبن الطين وجعل سقفه جريد النخل؛ كما نهى عن زخرفتها والإسراف في بنائها، فمن حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقومُ الساعةُ حتى يتباهى الناسُ في المساجدِ"(الألباني صحيح أبي داود 449)؛ قال أنس: يتباهون، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، فالتباهي بها: العناية بزخرفتها. قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى".
والمهم في المساجد شرعا أنها تمنع الرياح والغبار وتقي من المطر والشمس، وتصونها من دخول السباع والبهائم وغيرها، إضافة إلى تهيئتها لتشويق المصلين وجلب خشوعهم، وما يحصل اليوم في بعض المساجد هو أمر مبالغ فيه وهو زائد عن الحاجة؛ بل فيه إشغال للمصلين عن صلاتهم ومصادرة لروحانيتها.
ثانيها: تواضعه عليه الصلاة والسلام حيث لم يكن له حارسا أو حاجبا عند بابه إلا في النادر جدا خصوصا بعد نزول قوله تعالى عليه: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس)[المائدة: 67]؛ فقد كان رسول الله بارزا لكل الناس يدخل عليه المعروف والمنكر والصديق والعدو حتى كان يدخل الغريب على النبي وأصحابه فيقول أيكم محمد؟! لعدم تميزه عليه الصلاة والسلام بهيئة معينة أو جلسة مخصصة.
ثالثها: أهمية تطبيق قواعد المصالح والمفاسد عند التعارض؛ ومن ذلك قاعدة درء المفسدة الكبرى بارتكاب مفسدة صغرى؛ والمفسدة الصغرى هنا هو ترك الأعرابي يقضي حاجته في المسجد رغم المفاسد المترتبة على ذلك من نجاسة المسجد وبطلان صلاة من صلى عليه، لكن هناك مفاسد أخرى كبيرة ومتنوعة مترتبة في حالة منع من البول، ومن مفاسد ذلك:
# نفور الأعرابي عن الإسلام وبغضه له؛ والمسلم عموما والداعية خصوصا مطالب أن يحِّسن صورة الإسلام الذي ينتمي له ويدعوا إليه وأن يظهر جمال تشريعاته ويسر أحكامه، ومواطن الإشهاد على ذلك كثيرة مستفيضة؛ والنبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا ما كان يميل للإجراء الأسهل أداء والتعامل الألطف أثرا والأحسن نتيجة وعاقبة.
# في حالة نُهِر الأعرابي من التبول في المسجد فسيأخذ عنهم صورة معتمة ويرسم عن الرسول وصحابته لوحة قاتمة؛ خصوصا وهو يجهل المساجد وحرمتها والنبي وما جاء به؛ والمسلم والداعية ينبغي عليه أن يقي نفسه مواطن الشك ويترفع بها عن أماكن الريب حتى لا يسيء به من لا يعلم شخصه ووصفه؛ قال الله على لسان يوسف -عليه السلام-: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)[يوسف: 50 - 52].
فرفض يوسف الكريم خروجه من السجن دون صدور حكم براءته أو انتزاع اعترافٍ ممن رمى عليه تهمة مراودة امرأة العزيز زورا، فلقد آثر حياة السجن مقابل حفظه لعرضه وثمن صونه لكرامته. وهكذا وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- صحابته وأرشد أمته إلى مثل ذلك؛ فقال: "فمن اتقى الشبهات استبرأ عرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام"(النعمان بن بشير، البخاري (52)، ومسلم (1599).
# تمدد النجاسة وانتشارها في أجزاء متفرقة من جسمه والمسجد؛ فلو منع الأعرابي من قضاء حاجته في المسجد فسيؤدي إلى تحركه وبهذه الحركة سيتوسع حيز النجاسة وتصل إلى مساحات واسعة من لباسه وبدنه والمسجد.
# المضاعفات الصحية الضارة الناتجة من حقن الأعرابي بوله وإمساكه له عند نهره ومنعه، وصحة الإنسان من الضرورات التي جاء الإسلام بحفظها، وهذه الأضرار المتوقعة ستخلق حالة انتقام وتولد ردود أفعال سيئة.
# انكشاف عورته للآخرين؛ فلو زجر من قضاء حاجته وأخرج من المسجد؛ لربما خرج من المسجد مذعورا مستعجلا وعورته مكشوفة فرآه من في داخل المساجد وخارجه من رجال ونساء بدل أن كان في المسجد متوار نوعا ما؛ خصوصا وأنه لم يكن لديهم اللباس الكامل الساتر.
رابعها: صحابة رسول الله بشر عاديون يخطئون ويصيبون ولا زالوا يتلقون تربية ربانية ومعاهدة نبوية منذ إسلامهم وحتى مماتهم، وصدر منهم الخطأ القصور ووقع منهم الذنب والزلل، لكنها سيئات تموت في بحر حسناتهم؛ فقد وعدهم ربهم بالمغفرة والرضى والحسنى، ورغم هذا لم يقل أحد من السلف والخلف بعصمتهم إلا أنهم وبلا شك أفضل الأمة وخيارها بل وأفضل الخلق بعد أنبياء الله ورسله.
خامسها: البداوة القاحلة والممارسات الحافة التي كان يعيشها العرب، والجهالة التي كانوا يمارسونها والتخلف بكل صوره العلمي والاجتماعي والصحي والفكري والحضاري؛ فتخيل معي هذا الأعرابي فحتى لو لم يكن هذا المكان مسجدا إلا أن أمامه أناسا؛ فكيف تجرأ وحسر ثوبه ونضح بوله على مرأى من الصحابة ومسمع دون حياء؟! وللعلم فالعرب لم يكن عندهم كبير مشكلة أن تنكشف سوءة أحدهم؛ ففي حرم الله كانوا يطوفون بالبيت عراة.
سادسها: أثر الأخلاق المحمودة والتعامل الحسن في كسب الآخرين واستمالة قلوبهم. فدائما ما كانت الأخلاق الراقية هي همز الوصل بين الدعاة وبين المدعوين وبين العلماء وبين الطالبين، وكثيرا ما تكون الأخلاق الفاضلة ساحرة للآخرين والطباع الجميلة آسرة لقلوبهم. والمستقرئ في تراجم من أسلم أفراد وجماعات وأمصار يجد أن إسلام بعضهم كان سببه ما لمسوه من حسن أخلاق المسلمين وعايشوه من لطيف تعاملهم مما تعلموه من الإسلام كالصدق والأمانة والتسامح والعدل وغيرها.
سابعها: الأثر السيء في التشديد على الجاهل ومؤاخذته مما يسبب نفرته لا أقول من الأشخاص بل حتى من الحق، نتيجة التصرف السلبي والتعامل المشين والأحكام الضيقة التي يمارسها البعض تدينا منه والدين منها براء؛ لأن ديننا جاء بالتيسير والتبشير وأتى برفع الحرج والحنث وإزالة الأغلال والآصار التي كانت في شريعة من كان قبلنا.
ثامنها: أهمية الحكمة في الدعوة واستخدام ميزان القياس بين المصالح والمفاسد وإجراء تشخيصات أولية؛ للمشكلة وحكمها ونتائجها وترك الإنكار عليها، وهذه يستدعي لها فقها مؤصلا وعلما واسعا وبصيرة ناقدة؛ فإذا لم تتوفر هذه الميزات والضوابط فلترجع لأهل العلم الراسخين ينيرون لك الطريق ويبصرونك بالصواب؛ (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: 83].
تاسعها: حرص الصحابة على قيامهم بالمعروف أمرا والمنكر نهيا وأنه لا يسعهم السكوت عن منكر يرونه في اجتهادهم، ولا غرابة فقد كان النصح لكل مسلم عهدا أخذه رسول الله عليهم ومن بنود البيعة التي بايعهم عليها؛ فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: "بايعتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- على السَّمْع والطاعة، ... والنُّصْح لكلِّ مسلم"(رواهما الشيخان).
عاشرها: يسر الإسلام وسماحته، والذي منها إيجاده الحلول الشرعية والمخارج الفقهية لكل معضلة فليس هناك من معضلة دينية أو دنيوية إلا ولها في الإسلام الحل الناجع والمخرج السلس؛ ونجاسة الأرض والثياب والبدن تطهرها الماء؛ والنبي -صلى الله عليه وسلم- منع صحابته من زجر الأعرابي ودلهم على وسيلة شرعية تقضي على تلك المشكلة وهي أن يصبوا على بوله سجلا من ماء فيكون بذلك أولا كسب قلبه وثانيا طهارة مسجده.
ذلكم -يا كرام- ما تيسر جمعه وأمكن إيراده راجيا الله -تعالى- أن يرزقنا حسن الطاعة ودقة الاتباع، وأن يبلغنا الصواب ويلهمنا الرشاد، وأن يمنحنا الحكمة وفصل الخطاب، وأن يرزقنا الفقه في الدين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين.