حقيقة الموت ووجوب البيعة لولي الأمر .

عبد الله بن علي الطريف
1436/04/03 - 2015/01/23 08:46AM
حقيقة الموت ووجوب البيعة لولي الأمر . 3/4/1436هـ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا) [الكهف:1]، وَ(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:1-2].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الملك والتدبير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أولوا العزم والتشمير.
أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
أيها الأحبة: لقد خلقنا الله وأخرجنا إلى هذه الحياة دون رأي منا ولا مشورة، وهو تعالى يُنهى هذه الحياة دون علم منا بوقت ذلك ولا مشورة، قال اله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ. ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ. ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ. [عبس:17–22] وقال: خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2].. نعم لقد خلق الله الموت والحياة لهدف كبير، وسبب عظيم، فقد خلق الله الخلق وأخرجهم لهذه الدار، وأخبرهم أنهم سينقلون منها، وأمرهم ونهاهم، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل أحسن الله له الجزاء في الدارين، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله، فله شر الجزاء.
قال القرطبي: قيل في معنى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ: أي خلقكم للموت والحياة، يعني للموت في الدنيا وللحياة في الآخرة، وقدم الموت على الحياة، لان الموت إلى القهر أقرب.
أيها الإخوة: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران:185].
قال الشيخ: السعدي: هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها وعدم بقائها، وأنها متاع الغرور، تفتنُ بزخرفها، وتخدع بغرورها، وتغر بمحاسنها، ثم هي مُنْتَقِلَةٌ، ومُنْتَقَلٌ عنها إلى دار القرار، التي توفَّى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار، من خير وشر.. فمن زُحْزِحَ، أي: أخرج، عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، أي: حصل له الفوز العظيم بالنجاة من العذاب الأليم، والوصول إلى جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. (1)
أحبتي: من ماتَ مات بأجله الذي قدره الله تعالى وأمضاه قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا.) [آل عمران:145] ويقول: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.) [الجمعة:8]
والموت هو الخطب الجلل، ونهاية الأجل الغائب المنتظر، الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ قَطُّ وَهُوَ فِي ضِيقٍ إِلَّا وَسَّعَهُ عَلَيْهِ، وَلَا ذَكَرُهُ وَهُوَ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَيِّقَهُا عَلَيْه" رواه ابن حبان وحسنه الألباني عن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ويقول الحق تبارك وتعالى مؤكداً حصوله: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران:185]2
ومع ذلك كله فإننا نغفل عنه وننساه؛ ولذلك حثنا المصطفى صلى الله عليه وسلم على الإكثار من تذكُّره فقال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ: الْمَوْتِ"، وروي: "هَادِمِ اللَّذَّاتِ"، وهو حديث صحيح.3
ومع ذلك ديننا لا يريد ذكراً للموت يوقف الحياة، ولا غفلةً عنه تفسد الحياة بالمعاصي والموبقات والمشاحنات، ما يدعو إليه ديننا وينشده ذكر للموت يصلح الحياة ويبنيها، ويحفز النفوس للخير ويعليها؛ لذلك كان حقّاً على كل مسلم يريد السعادة في الدارين أن يعلم أن الموت حق لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه؛ فمن يجادل في الموت وسكرته؟ ومن يخاصم في القبر وضمته؟ ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟. 4
أيها الإخوة: ومع ذلك حث الله ورسوله على العمل والجد والنشاط واستفراغ الوسع في الضرب بالأرض والسعي فيها، وصح عَن الرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: "إِنْ قَامَتْ الَسَاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُم فَسِيلَةٌ فإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لا تَقُوْمَ حتى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا".
ولذلك كان سلف الأمة يتذاكرون الموت في مجالسهم بين الفينة والأخرى، مع ما كانوا يقومون به من عمارة الأرض والجهاد في سبيل الله، حتى صاروا سادة العالم.
وقال الدقاق: مَن أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب ونشاط العبادة؛ ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة. اللهم أكرمنا بالتوبة والقناعة ونشاط الطاعة.. وجنبنا التسويف والكسل .. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...
الثانية:
الحمد لله أمر بالاجتماع وحذّر من التفرق أحمده سبحانه وأشكره على نعمةِ الوحدة والدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثير: أما بعد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70،71]
أيها الأحبة: قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: يأمر تعالى المؤمنين بتقواه، في جميع أحوالهم، في السر والعلانية، ويخص منها، ويندب للقول السديد، وهو القول الموافق للصواب، أو المقارب له عند تعذر اليقين.. ثم قال: ومن القول السديد، لين الكلام ولطفه، في مخاطبة الأنام، والقول المتضمن للنصح والإشارة، بما هو الأصلح.
ثم قال: ويترتب على تقوى الله، وقول القول السديد (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) أي: يكون ذلك سببًا لصلاحها، وطريقًا لقبولها، لأن استعمال التقوى، تُتَقَبَّلُ به الأعمال كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ويوفق فيه الإنسان للعمل الصالح، ويصلح اللّه الأعمال أيضًا بحفظها عما يُفْسدُها، وحفظِ ثوابها ومضاعفتِهِ، كما أن الإخلال بالتقوى، والقول السديد سببٌ لفساد الأعمال، وعدم قَبُولها، وعدم تَرَتُّبِ آثارها عليها.
أيها الإخوة: كما تعلمون أعلن الديوان الملكي البارحة وفاة خادم الحرمين الشرفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى، وأعلن تنصيب الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد، ودعا وفقه الله لمباعية الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد.. ودعونا نقف من هذا الحدث العظيم في الأمة وقفات سريعة نحتاجها.
أولها: أن الموت حق على ابن أدم فكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ. ولم يكتب الله الخلود لأحد.
ثانيها: أهمية وجود ولاة الأمر ووجود السلطان فهو من ضروريات الحياة قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ وِلَايَةَ أَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ; بَلْ لَا قِيَامَ لِلدِّينِ وَلَا لِلدُّنْيَا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ. رَوَاهُ أَبُو داود مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ. فَأَوْجَبَ صلى الله عليه وسلم تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةِ وَإِمَارَةٍ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ; وَلِهَذَا رُوِيَ: أَنَّ السُّلْطَانَ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ. وَيُقَالُ: سِتُّونَ سَنَةً مِنْ إمَامٍ جَائِرٍ أَصْلَحُ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا سُلْطَانٍ.. وَالتَّجْرِبَةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ. وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ كالْفُضَيْل بْنِ عِيَاضٍ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ لَنَا دَعْوَةٌ مُجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا لِلسُّلْطَانِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مِنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ: ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ. رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. فَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُ الْأَمَارَةِ دِينًا وَقُرْبَةً يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ فِيهَا بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ. أهـ والواقع الذي تعيشه بعض البلاد المجاورة أو القريبة أكبر شاهد على أهمية وجود السلطان في الأمة.. وقال ابن خلدون: "نصب الإمام واجب وقد عرف وجوبه بالشرع وبإجماع الصحابة والتابعين لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النظر إليه في أمورهم وكذلك في كل عصر من الأعصار واستقر ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام"
الثالثة: وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجب على كل مسلم أن يبايع شخصًا بيده كما فعل الصحابة مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء الراشدين؟ فأجاب: بأن البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين، يبايعه أهل الحل والعقد، وهم العلماء والفضلاء ووجوه الناس، فإذا بايعوه ثبتت ولايته، ولا يجب على عامة الناس أن يبايعوه بأنفسهم، وإنما الواجب عليهم أن يلتزموا طاعته في غير معصية الله تعالى.. وقَالَ النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: أَمَّا الْبَيْعَة: فَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَط لِصِحَّتِهَا مُبَايَعَة كُلّ النَّاس, وَلا كُلّ أَهْل الْحَلّ وَالْعِقْد, وَإِنَّمَا يُشْتَرَط مُبَايَعَة مَنْ تَيَسَّرَ إِجْمَاعهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَالرُّؤَسَاء وَوُجُوه النَّاس.., وَلا يَجِب عَلَى كُلّ وَاحِد أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الأَمَام فَيَضَع يَده فِي يَده وَيُبَايِعهُ, وَإِنَّمَا يَلْزَمهُ الانْقِيَادُ لَهُ, وَأَلا يُظْهِر خِلافًا, وَلا يَشُقّ الْعَصَا اهـ .
رابعاً: من نعم الله على هذه البلاد سلاسة وبساطة انتقال الحكم وهذا من توفيق الله وحفظه، حري بنا أن نحمد الله تعالى على هذا الفضل ونشكره عليه؟ يعلن الديون وفاة الملك بعد منتصف الليل وينام الناس بطمأنينة وهدوء بال ويخرجون لصلاة الفجر في مساجدهم وجمعتهم بكل هدوء وسلام وراحة بال وترى الحرمين الشرفين يغصان بالمصلين والزائرين والقائمين ويمتلى المطاف بالطائفين الملبين فلله الحمد رب العالمين.. لا إعلان لحالة طوارئ ولا حضر للتجول ولا غيره نعمة كبرى أخرست كل الحاقدين حري بنا شكرها.. كل هذا منحنا الله إياه ونحن نعيش ونشاهد في زمن الفتن النزاعات والاضطرابات من حولنا في كل مكان، فالفتنة عمياء ومظلمة تأتي على الأخضر واليابس، لكن فضل الله علينا كبير..
وأخيراً: ونحن نعيش هذا الحدث المهم في الأمة حري بنا حفظ ألسنتنا وسمعنا وأبصارنا من الزلل، ولا نكون وعاءً فارغاً مفتوحاً لتلقي وسماع وقراءة كل خبر، وتصديق كل تكهن وتوقع لأحداث داخلية أو خارجية بحق أو باطل.. كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله: فالواجب على جميع المكلفين التعاون مع ولاة الأمور في الخير، والطاعة في المعروف، وحفظ الألسنة عن أسباب الفساد، والشر، والفرقة، والانحلال..
اللهم اغفر وارحم عبدك عبدالهع بن عبد العزيز وارحمه واجزه على ما قدم من خير لأمته خير الجزاء وتجاوز عن زلاته.. اللهم وفق خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير مقرن لكل خير وجعلهم هداة مهتدين أعزز بهما دينك ووفقهما لتطبيق شرعك ووفقهما للبطانة الصالحة الناصحة.. اللهم اجمع شملنا ووحد صفوفنا واحفظ أمننا ووفق ولاتنا واجعلنا من الراشدين..
المشاهدات 2677 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا