حقوق كبار السن

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

أما بعد :

عباد الله من سنن الحياة أن الإنسان يولد ضعيفاً ثم يقوى ثم إذا أمد الله في عمره ضعف وذهبت قوته يقول تعالى ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم : 54 )

ويقول تعالى ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (غافر : 67 )

ومرحلة المشيب والشيخوخة تضعف فيها قوة الإنسان فيضعف سمعه وبصره وعقله وجميع أجزاء جسمه ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يَستغل المسلم وقت الشباب قبل الهرم يقول عليه الصلاة والسلام : اغتنم خمساً قبل خمس وذكر منها [ شبابك قبل هَرمِك ] .

ودينُ الإسلام عبادَ الله ديمٌ عظيم ومن عظمته أنه أعطى كلَ ذي حقِ حقه فبين حق الجار وحق المريض وحق الزوجة وحق الزوج وحق الأولاد وحق ولاة الأمر وحق الرعية ومن ذلك أنه بين حقوق كبار السن .

فمن حق كبير السن المسلم توقيره واحترامه وهذا من إجلال الله سبحانه وتعالى ففي سنن أبي داود من حديث أبي موسى الأشعري يقول عليه الصلاة والسلام : إن من إجلالِ الله إجلالِ ذي الشيبةِ المسلم .

وجاء عند الإمام أحمد وهو حديث حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا .

ومن صور توقير كبير السن أن يكون هو الذي يبدأ الكلام إذا كان يُحسن الكلام ولا يقاطع في حديثه ففي البخاري ومسلم : لما جاء حُوَيِّصَةُ  وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْل و مُحَيِّصَةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأراد مُحَيِّصَةُ أن يبدأ الكلام وكان أخوه حُوَيِّصَةُ أكبر منه سناً قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» أي ليتكلم الأكبر منكم .

ومن صور توقير كبير السن تقديمه في إمامة المصلين إذا كان يحسن قراءة القرآن وليس هناك أحد أحسن قراءةً منه يقول عليه الصلاة والسلام [وليؤمكم أكبركم ]

ومن صور توقير كبير السن أن يسلم الصغير على الكبير ففي صحيح البخاري  يقول صلى الله عليه وسلم قال: «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير»

ومن صور توقير الكبير تقديمه في الدخول وفي الجلوس على الطعام وفي العطاء ففي صحيح البخاري  عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أرَاني [أي رأيت في المنام ] أني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما .

فلا بد أن نحرص عبادَ على توقير واحترام كبار السن فلا يليق أن يأتي كبير السن ويقف وينتظر دوره عند دورة مياه أو صرافة ليصرف نقوداً أو عند مخبزٍ ليشتري خبزاً فينبغي تقديمهم وهذا من إجلال الله [إن من إجلالِ الله ذي الشيبةِ المسلم ]

ومن حقوق كبار السن علينا الرحمة والشفقة بهم فنساعدهم ونعينهم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شفيقاً بهم ويوصي بذلك يقول عليه الصلاة والسلام [أيكم أمَّ الناس – أي كان إماماً لهم في الصلاة – فليوجز فإن من ورائه الصغير والكبير وذا الحاجة ]

ومن أسباب رحمة الله بنا الرحمة بكبار السن يقول عليه الصلاة والسلام [ الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ]

وفي الحديث الصحيح  «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم» .

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

أما بعد :

عبادَ الله يعظم حق الكبير إذا كان له حقٌ آخر كان يكون جاراً أو قريباً فيكون حقه أعظم يقول تعالى ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (الإسراء : 23 ) (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء : 24 )

فيتأكد بر الوالدين عند الكبر وليس لك فضلٌ فأنت ترد شيئاً من إحسانهما عليك وأنت صغير فاحرص على حسن الكلام معهما ولا تشعرهما بأنك متضجر منهما واكثر الدعاء لهما .

ولنعلم عباد الله أن الجزاء من جنس العمل فما كان رحيماً شفيقاً بكبار السن فإن الله سبحانه وتعالى سيسخر له من يرحمه عند كبره ويعتني به والجزاء من جنس العمل يقول تعالى (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن : 60 )

وقد اعتنت دولتنا بكبار السن فيوفرون لهم الخدمات المجانية من علاج ومساعدات مادية إذا احتاجوا لذلك وهناك دور خاصة بكبار السن الذين ليس لهم من يعتني بهم ومن ذهب إلى بلاد الكفار يجد كبار السن ينامون في الطرقات ولا أحد يهتم بهم .

ومن عنايتها بكبار السن من جهة نفسياتهم أن منعت من تسليمهم لدور كبار السن إلا بموافقة منهم لأن بعض الأبناء وللأسف أو بعض الأسر تكاد أن تكون الرحمة أن تنزع من قلوبهم يسلمون كبير السن إلى هذه الدور مع قدرتهم أن يعتنوا به وهذا من العقوق ومن قسوة القلب والعياذ بالله .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا متراحمين يرحم القوي الضعيف والفقير الغني

المرفقات

1728565335_خطبة عن حقق كبار السن.docx

المشاهدات 936 | التعليقات 0