حُقُوقُ المُسِنِّينَ (الخطبة عام 1440ه)

سليمان بن خالد الحربي
1443/06/09 - 2022/01/12 07:08AM

 

الخطبة الأولى:

إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينَهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمَدًا عبدُه ورسولُه، صَلَّى اللهُ علَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ واقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا، أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ أيُّهَا المسلِمُونَ وَالـمُسْلِمَاتُ؛ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21].

مَعْشَرَ الإِخْوَةَ: إِنَّ مَراحِلَ حَياةِ الإِنْسَانِ إنَّمَا هِيَ قُوةٌ بَينَ ضَعْفَيْنِ؛ وَقَدْ عَبَّرَ القُرآنُ الكَريمُ عَنْ ذَلِكَ في قَولِهِ تَعالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:54].

هَكَذَا أَرَادَ اللهُ بِحِكْمَتِهِ؛ يُولَدُ الطِّفلُ لَا يَعلَمُ شَيئًا، يَكتَسِبُ الـمَعَارِفَ وَالـمَهَارَاتِ مِنْ خِلَالِ تَفَاعُلِهِ مَعَ البِيئَةِ، ثُمَّ يَبلُغُ، ثُمَّ يَكُونُ شَابًّا قَوِيًّا مَفْتُولَ الْعَضَلَاتِ، مُتحَكِّمًا فِي شُؤونِهِ، ثُمَّ يَكُونُ كَهْلًا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَمَيلُ بِهِ العُمرُ وَتَضْعُفُ قُوَّتُهُ وَتَرْكِيزُهُ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ، وَهَذَا قَدَرُ جَمِيعِ الْبَشَرِ، مَهْمَا كَانَ قَدْرُهُمْ وَمَكَانَتُهُمْ.

يَقُولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل:70].

وَإِنَّ مِنَ الـمَكَارمِ العَظِيمَةِ، والفَضَائِلِ الجَسيمَةِ الَّتي كَفَلَهَا الإسْلامُ ودَعَا وأَكَّدَ عليهَا: مُراعَاةُ قَدْرِ كِبارِ السِّنِّ، ومَعْرِفَةُ حَقِّهِمْ، وحِفْظُ وَاجِبِهِمْ، والتَّأدُّبُ مَعهُم، ومَعرفَةُ مَا لَهم مِن حُقُوقٍ ووَاجِبَاتٍ، وقد ذكرَ الإمامُ مُسلمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتابِهِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ».

وَرَوَى أَبُو دَاودَ فِي سُنَنِهِ عَنِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا، فَلَيْسَ مِنَّا»، بَلْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».

عِبَادَ اللهِ: إنَّ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ مِنْ إجْلالِ اللهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى، إِنَّ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى اللهِ وَيَطْلُبُونَ بِهِ ثَوابَ اللهِ -عَزَّ وَجلَّ- وَعَظِيمَ مَوْعُودِهِ.

ثُم إِنَّ هَذَا الْحَقَّ يَعَظُمُ وَيَكْبُرُ مِنْ جِهَةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ؛ فَإِذَا كَانَ أحَدُ الوَالِدَيْنِ زَادَ هَذَا الحَقُّ وَعَظُمَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَهُ حَقُّ الْقَرَابَةِ مَعَ حَقِّ كِبَرِ السِّنِّ، وَإِذَا كَانَ جَارًا فَإضافَةً إِلَى حَقِّهِ فِي كِبَرِ سِنِّهِ فَلَهُ حَقُّ الْجِوَارِ، وَإِذَا كَانَ مُسْلِمًا فَلَهُ مَعَ حَقِّ كِبَرِ السِّنِّ حَقُّ الْإِسْلامِ.

بَلْ إِذَا كَانَ الْمُسِنُّ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَهُ حَقُّ كِبَرِ السِّنِّ؛ إِذْ إِنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ بِحِفْظِ حَقِّ الْكَبِيرِ حَتَّى مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينِ, وَهَذَا يَظْهَرُ جَلِيًّا بِإِسْقَاطِ دَفْعِ الجِزْيَةِ عَنْ كِبَارِ السِّنِّ؛ كَمَا حَكَمَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَصَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ سُنَّةً، فَقَدْ رَأَى شَيْخًا ضَرِيرًا يهُودِيًّا، يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى النَّاسِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُمُ الْمُسَاعَدَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَلْجَأَكَ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَرَضْتُمْ عَلِيَّ الْجِزْيَةَ، وَأَنَا كَبِيرُ السِّنِّ لَا أَسْتَطِيعُ الْعَمَلَ لِأُؤَدِّيَ مَا عَلَيَّ، فَلَجَأْتُ إِلَى مَدِّ يَدِي إِلَى النَّاسِ، فَرَقَّ لَهُ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَعْطَاهُ مَالًا، وَأَمَرَ بِإِسْقاطِ الْجِزْيَةِ عَنْه، وَقَالَ: «وَاللهُ مَا أَنْصَفْنَاهُ، أَنْ أَكَلْنَا شَبِيبَتَهُ، ثُمَّ نَخْذُلُهُ عِنْدَ الْهَرَمِ»، وَأَسْقَطَ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ يَهُودِيِّ كَبِيرٍ فِي السِّنِّ.

هَذَا هُوَ عَدْلُ الإِسْلَامِ وَسَمَاحَتُهُ وَأَخْلَاقُهُ، وَتَأَمَّلَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حِينَمَا دَخلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَاتحًا مُنتصِرًا، وَإِذَا بِأَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ وأَرضَاهُ- آخِذٌ بَيَدِ أبيهِ أَبِي قُحَافَةَ ذَلِكَ الشيخُ الكَبِيرُ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمَّا رَآهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «أَلَا تَرَكْتَهُ حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ الَّذِي نَأْتِيهِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَأْتِيَكَ. فَهَذَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَاعِي حَقَّ الكَبِيرِ وَيُجِلُّ شَيْبَتَهُمْ.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص:23].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِـمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ على إحسانِهْ، والشُّكْرُ على توفيقه وامتنانِهْ، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ تعظيمًا لشأنِهْ، وأشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى جَنَّتِهِ ورِضْوَانِهْ، صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأعوانِهْ، أمَّا بَعْدُ:

مَعْشَرَ الـمُصَلِّينَ، إِنَّ مِنَ الـمَسَائِلِ الهَامَّةِ فِي هَذَا الـمَوْضُوعِ هُوَ ضَرُورَة تَوْعِيَةِ الْمُسِنِّ بِمَا يَحْفَظُ صِحَّتَهُ الْجَسَدِيَّةَ وَالرُّوحِيَّةَ وَالْاِجْتِمَاعِيَّةِ، وَتَعْرِيفِهِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيهَا فِي عِبَادَتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ وَأَحْوالِهِ، وَتَقْوِيَةِ صِلَتِهِ بِرَبِّهِ، وَحَسُنِ ظَنِّهِ بِعَفْوِهِ تَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ، فَكَثِيرٌ مِنَ الـمُسِنِّينَ وَكِبَارِ السِّنِّ يَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الـمَشَقَّةِ فِي وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ، وَيُكَلِّفُ نَفْسَهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهَا، وَقَدْ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِالرُّخْصَةِ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْعِيَتَهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَأَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزِائِمُهُ، وَتَأْكِيدِ أهَمِّيَّةِ عُضْوِيَّةِ الْمُسِنِّينَ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَتَمَتُّعِهِمْ بِجَمِيعِ الْحُقوقِ الإِنْسانِيَّةِ، وَأَنْ تَكُونَ أُسَرُهُمْ هِي الْمَكَانَ الْأَسَاسَ الَّذِي يَعِيشُونَ فِيه؛ لِيَسْتَمْتِعُوا بِالْحَيَاةِ العائلية، ولِيَبَرَّهُمْ أَوْلاَدُهُمْ وَأَحْفادُهُمْ، وَيَنْعَمُوا بِصِلَةِ أقرِبائِهِمْ وَأصدِقائِهِمْ وَجِيرَانِهِمْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُسَرٌ فيَنبغِي أَنْ يُوَفَّرَ لَهُمُ الْجَوُّ العَائلِيُّ فِي دُورِ الْمُسِنِّينَ؛ كَمَا يَجِبُ تَوْعِيَةُ الْمُجْتَمَعِ بِمَكَانَةِ الْمُسِنِّينَ وَحُقوقِهِمْ مِنْ خِلاَلِ مَنَاهِجِ التَّعْلِيمِ وَالْبَرامِجِ الإعلاميةِ، مَعَ التَّرْكِيزِ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَإنَّ مِنْ أَعْظَمِ الـمَشَارِيعِ هِيَ إِنْشاءَ دُورِ الرِّعايَةِ لِلْمُسِنِّينَ الَّذِينَ لَا عَائِلَ لَهُمْ، أَوْ تَعْجَزُ عَائِلَاتُهُمْ عَنِ الْقِيَامِ بِهِمْ.

وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُرَبَّى عَلَيْهِ الأَبْنَاءُ هُوَ تَرْبِيَتَهُمْ عَلَى احْتِرَامِ الكَبِيرِ وَالـمُسِنِّ، وَمُرَاعَاةِ حَقِّ السِّنِّ، سَوَاءٌ فِي الطَّرِيقِ أَوِ الـمَجَالِسِ وَنَحْوِهَا؛ وَذَلِكَ بِتَقْدِيمِهِمْ وَالوُقُوفِ مَعَهُمْ وَتَسْهِيلِ أُمُورِهِمْ فِي الدَّوَائِرِ الحُكُومِيَّةِ وَالتِّجَارِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَلَقَدْ جَعَلَتِ الشَّرِيعَةُ كِبَرَ السِّنِّ مُرَجِّحًا لِتَقْدِيمِهِ فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ، أَفَلَا يُقَدَّمُ فِي غَيْرِهَا؟!

وَكَذَلِكَ مِنَ الإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ مُشَارَكَتُهُمُ الآرَاءِ وَاسْتِشَارَتُهُمْ، وَأَخْذُ رَأْيِهِمْ، وَمُحَاوَرَتُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ سَمَاعَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَمَنْ رَاعَى حَقَّ الكَبِيرِ فَإِنَّ اللهَ سَيُيَسِّرُ لَهُ فِي كِبَرِه مَنْ يَرعَى حُقَّهُ؛ جَزاءً مِنْ جِنسِ إِحسانِهِ، فَاللهُ -عزَّ وجلَّ- يَقُولُ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن:60]، فَإِنَّ جَزاءَ الإِحْسَانِ الإِحْسَانُ، وَالإِسَاءَةُ جَزاؤهَا الإِسَاءَةُ وَلَا رَيْبَ؛ جَزَاءً وِفَاقًا.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي "جَامِعِهِ" أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ»، وَفِي مَعْنَاهُ مَا رَوَاه يحي بْنُ سَعِيدٍ الـمَدَنِيِّ قَالَ: «بَلَغَنَا أنَّ مَنْ أَهانَ ذَا شَيبةٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَبعثَ اللهُ عَليهِ مَن يُهيِنُ شَيبَتَهُ إذَا شَابَ».

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ الهُدَى وَإِمَامِ الوَرَى، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالأَئِمَّةِ الـمَهْدِيينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الـمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ الـمُعْتَدِينَ وَالنَّصَارَى الـمُحَارِبِينَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِـمَا يُرْضِيكَ، وَجَنِّبْهُمْ مَعَاصِيكَ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَى التَّائِبينَ، وَاهْدِ ضَالَّ الـمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ رُدَّهُمْ إِلَيْكَ رَدُّا جَمِيلًا، اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَا نَزَلَ مِنَ الفِتَنِ ... اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا ...

عِبَادَ اللهِ، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل:90]، فَاذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ يَذْكُركُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1641971293_حقوق المسنين.docx

المشاهدات 1321 | التعليقات 0