حقوق الطفل في الإسلام

الحمد لله الذي جعل للطفولة من شرعه ميثاقًا، وهيأ لها قلوبًا غمرها مودةً و رأفةً و وفاقًا.. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أبدع الكون بقدرته، وشمل العباد برحمته، وسوى خلقهم بحكمته، وأشهد أن سيدنا وحبيب قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، كان خير الناس لأهله، وأجمع العباد لشمله، اللهم بلغه صلاتنا وسلامنا عليه وعلى آله وصحابته، وأجزه عنا خير ما جازيت نبيًا عن أمته، واجعلنا اللهم من رواد حوضه وأهل شفاعته. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)   إخوة الإيمان والعقيدة ... إن الله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، بث في قلوب خلقه المودة والرحمة، وجعل دينه القيم شرائع وأحكامًا، وهب من خلالها للطفولة حقوقًا، لم يعرفها الإنسان من قبل، ولن يصل درجتها من بعد، فشريعة الخالق تأتي كجلاله وكماله في العظمة والكمال، لأنه العالم بخلقه، الخبير بما يحتاجون وبما ينتفعون ]أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ وهو الذي بيده ملكوت كل شي، وهو المتصرف، وهو المانح والواهب ]لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا * إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير[ من أجل ذلك اعتنى الإسلام بالطفل من قبل وجوده، فهيأ له أسرة طيبة تتكون من والد تقي، ووالدة صالحة. فحث رسول الله ﷺ بقوله (فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يداك) وحث المسلمين والمسلمات بقوله ﷺ (تخيَّروا لنُطَفِكم) كل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يطبقان شرع الله، ويرسمان الطريق السوية لحياة الأبناء. فأول حق للطفل أن يوفق الله أبويه لحسن اختيار أحدهما للآخر، فإذا تم الاختيار، توجه الأبوان الصالحان بالدعاء في خشوع وإنابة إلي رب العالمين ]رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا[ فإذا تكـوّن الطفل في الرحم، أعد الله له فائق الرعاية والعناية، وحرّم الاعتداء عليه ] وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا[ وأجاز لأمه أن تفطر في رمضان رحمة بها وبه، ليكون في أحسن ظروف النمو وتمام الخلق. فإذا حل الطفل بأرض الحياة، جعله الله بهجة و زينة في قلوب من حوله ]الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[ وأحسن استقباله، فكان من سنة النبي ﷺ أن يؤذن بالصلاة في أذن المولود، كما فعل بالحسن بن علي حين ولدته فاطمة رضي الله عنهم أجمعين. ولتنغرس كلمة الله أكبر في أعماقه، فينشأ عليها، وترسخ فيه شهادة أن لا إله إلا الله، فيعيش موحدًا معظمًا لله. ومن هدي رسول الله ﷺ تحنيك المولود، وهي سنة باقية في مجتمعنا إلى يومنا هذا.. كما فعل ﷺ لعبدالله بن أبي طلحة رضي الله عنه. والتحنيك هو أخذ تمرة و تليينها داخل الفم ثم وضعها في فم المولود و تحريكها يمينًا و شمالاً مرورًا بين الفكين وعلى مواضع خروج الأسنان، وصولاً إلى أعلى الحلق.
ومن حق الطفل في الإسلام أن يرضع من حليب أمه، لقول الله جل وعلا ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ وقد ثبتت قيمة هذه الرضاعة وأثرها على الطفل صحيًا ونفسيًا. ومن حقوق الطفل في الإسلام، العقيقة: وهي ذبح شاة للمولود الذكر شاتان، وللأنثى شاة، ويكون وقت الذبح نهارًا، بعد سبعة أيام من مولده. وهناك ثلاث حقوق تضاف لحقوق الطفل في الإسلام: وهي حلق رأس الطفل ذكر كان أو أنثى، والتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة، وتسميته باسم حسن، وخير الأسماء (عبدالله وعبدالرحمن) قال ﷺ (إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ). ومن حقوق الطفل أيضًا: الختان، ويكره ختانه يوم مولده وفي يوم سابعه مخالفة لليهود، ويختن بعد ذلك في أي وقت. ومن حقوق الطفل في ديننا الحنيف، ملاعبته وملاطفته، جاء في الحديث: قبـّل رسول الله ﷺ الحسن بن علي ، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال (من لا يَرحم لا يُرحم). تلك هي بعض حقوق الأطفال في دين الإسلام، وهم أمانة نتحمل جميعًا مسؤولية رعايتهم، وحسن تربيتهم، و البلوغ بهم إلى سن رشدهم، ليكونوا خير خلف لخير سلف. اللهم اهد أبناءنا لخير دنياهم وأخراهم، و حقق رجاءنا في استقامتهم و تقواهم، واكتبنا و إياهم من عبادك الصالحين. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الكريم ...       الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... من أهم حقوق الطفل في إسلامنا العظيم، حقه في التربية، وأساس التربية، أن نرعى فيه من أيامه الأولى، بذرة لا إله إلا الله، محمد رسول الله ﷺ، التي جعلها الله تبارك و تعالى في فطرة كل مولود، فكل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. فكل مولود يأتي إلى دنيا الناس مسلمًا موحدًا، وعلى الأبوين رعاية تلك الفطرة ]فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[> فانسجام الأبوين داخل الأسرة وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شؤون الحياة هي الطريق التي يسلكها الطفل خلف أبويه، وهذا حقه على والديه، فمن حقه أن يجد المودة والرحمة..قائمتين في البيت، ومن حقه أن يجد توجيهه نحو الخير والصلاح، ومن حقه أن يرى حمايته من كل شر وافد، وأن يكون في حسن الخلق الرفيع، لأننا نعيش في زمن وقد كثرت فيه وسائل الإعلام الفاسدة والمفسدة، المخربة للأخلاق بشاشاتها الواردة من كل حدب وصوب. فالملاذ هو التمسك بهذا الدين، وإشباع الأبناء من الغذاء الروحي، وأن نحصنهم بدقة تعاملنا بشرع الله أمامهم، بأن يعيشوا الألفة والمحبة الأسرية، حتى نقيهم الشرور المحيطة. ومن حقهم علينا أن ندعو لهم، وأن نبتهل إلى الله في كل حين أن يهديهم سبيله القويم، أن يجمعنا وإياهم على البر والتقوى. فلنستقم على شرع الله، ولنكن جميعًا على صراط الله، ولنحمي أسرنا في حصن الله ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا.. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا[.
اللهم اجمع على الخير شملنا، اللهم اجمع على الخير شملنا، وقو أواصر الألفة والتراحم بيننا، واجعلنا من عبادك الطائعين، وارزقنا التوجه إليك وحسن اليقين، واهدنا للعمل بكتابك المبين، ووفقنا لاتباع سنة سيد المرسلين، واجعله شفيعنا وقائدنا يوم الدين. اللهم بفضلك ارحمنا، وبحفظك أكرمنا، اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا فأرسل السماء علينا مدارًا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، برحمتك يا ارحم الراحمين. يا خالق الخلق أجمعين، يا حبيب التوابين، يا رجاء المذنبين، يا غياث المستغيثين، يا أكرم الأكرمين،  يا مجيب السائلين، نسألك اللهم عزة ورفعة للإسلام و المسلمين، وذلاً وخذلانا لأعداء هذا الدين، ونصرًا مؤزرًا لإخواننا المرابطين على الحدود. للهم أمنا في دورنا، ووفق إلى الخير والصلاح ولاة أمورنا، واجعل اللهم بلدنا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المرفقات

1637309090_حقوق الطفل في الإسلام.docx

1637309101_حقوق الطفل في الإسلام.pdf

المشاهدات 447 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا