حفلات الزواج ( آداب ومخالفات ) 17 شوال 1437 هـ

مبارك العشوان
1437/10/15 - 2016/07/20 12:20PM
إنَّ الحمدَ لله... ورسوله. أما بعدُ: فاتقوا الله... مسلمون.
عبادَ الله: إنَّهُ لَيَسُرُّ كلَّ مسلمٍ إقبالُ الشبابِ على الزواجِ، وتحصيلُ هذا الخيرِ للفردِ والمجتمع.
وإنَّهُ لَحَرِيٌ بالتوفيقِ في زَوَاجِهِ مَنِ اتَّبَعَ فيهِ هَديَِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، واقتفى سُنَّتَهُ.
وفي هذهِ الخطبَةِ رحمكمُ اللهُ نَعْرِضُ باخْتِصَارٍ شيئاً مِنْ آدابِ النكاحِ ومُخَالفَاتِهِ: فَمِنْ ذلكَ: اختيارُ صَاحِبِ الدِّين؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري. وقال عنِ الرَّجُلِ: ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌَ ) أخرجه الترمذي وحسنه الألباني.
فإذا تَقَدَّمَ الكُفءُ فلا ينبغي رَدُّهُ؛ كَمَا لا تنبَغِي المسارعةُ في قَبُولِ أيِّ خَاطِبٍ إلا بَعْدَ السُّؤالِ والتَّحَرِّي عن دينهِ وَخُلُقِهِ.
ومن ذلك: أنَّهُ لا بُدَّ مِنْ رِضى الزَّوجَينِ، وهو شرطٌ مِنْ شُرُوطِ النكاح، ففي الحديث المُتفق عليه: ( لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ أَنْ تَسْكُتَ ).
فَلْيَتَنَبَّهِ الأولياءُ لهذا، ولْيَتَنَبَّهِ لهُ المأذونُ الشرعِيُّ لِعُقودِ الأنْكِحَةِ، وهكذا الشُّهود؛ وليتَّقُوا اللهَ جميعا، وَلْيُعَظِّمُوا حُدُودَهُ جَلَّ وعلا.
عباد اللهَ: ومن ذلك: الاقتصادُ في المُهور، وتيسيرُها، يقولُ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه: ( أَلَا لَا تَغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْتَقْوَىً عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ، أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ، حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ ... ) الحديث رواه النسائي وصححه الألباني.
وهكذا عباد الله: الاقتصادُ في وليمةِ العرس؛ فعن أنسٍ رضي الله عنه أن النبيَّ أوْلَمَ على زينبَ بشاةٍ، وقال لعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ: ( أوْلِمْ ولو بشاة ) متفق عليه. وما نراهُ اليومَ مِنْ الإسرافِ والتَّباهي في وليمةِ الزواجِ، وفيمَا قبلها، وفيما يَتْبَعُها؛ والاستهانة بالنعم، وَرَمْيُهَا في النفاياتِ، كلُّ هذا مخالفٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مُؤذِنٌ بالخطرِ، وسَبَبٌ لزوالِ النعم، يقولُ تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7 ويقولُ سبحانهُ: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }. وَلَوِ اقتَصَدَ الناسُ على ما يكفي ضُيُوفَهُم، ثم اتفقوا معَ الجمعياتِ الخيريةِ لأخذِ الفائضِ لَحَصَلَ خيرٌ كثير.
فاشكروا أيُّها الناسُ ربَّكُم، وتداركُوا أنفُسَكُم، تَدَارَكُوا نِعَمَكُم قبلَ زوالِهَا، وتَنَاصَحُوا فيما بينكم.
وَمِنَ المُخَالفَاتِ عبادَ الله: عدَمُ دعوةِ الفقراءِ لوليمةِ العُرْس، وفي هذا يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري ومسلم.
وفقني اللهُ وإيَّاكُم لاتباعِ السنة.
وباركَ لي ولكم ... وأقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله...أما بعد: فإنَّ مِنْ المخالفاتِ عبادَ الله: ضَرْبُ الرِّجَالِ لِلدُّفِّ، وقد أفتى علماءُ اللجنةِ الدائمة: بأنَّ إعلانَ النكاحِ سُنَّة؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ( أعلنوا النكاح ) رواه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم. وَمِنْ وسائلِ إعلانِهِ الضَّرْبُ بالدُّفِّ، لكنهُ مِنَ النساءِ دونَ الرجال... إلى آخرِ الفتوى؛ فَاسْمَعْ وَأطِعْ أخي المسلمُ، وإِيَّاكَ إِيَّاكَ مِنْ تتبُّعِ الأقوال والفتاوى، بَحْثاً عَمَّا يوافقُ هواكَ، ومن يفتيك بما تريدُ؛ يقول الله تعالى: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }. كُنْ مِفتاحاً للخيرِ، مِغْلاقاً للشر، فلقد كادَتْ هذِهِ العَرْضَاتُ وما يَصْحَبُهَا من الطبولِ وغيرِها، كادتْ أنْ تَنْدَثِرَ في هذهِ المُحافظة؛ ثمَّ جاءَ مَنْ فَتَحَ للناسِ بابَهَا، وهَوَّنَ عليهم أمرَهَا، ووافقَ ذلك هوىً في النفوسِ، وتزيينٌ منَ الشيطان، حتى أصْبَحَتْ لا تُسْتغربُ في زواجٍ، ولا يَتَنَاهَى الناسُ عنها.
ومن المخالفات: استخدامُ مُكَبِّرَاتِ الصوتِ، ورفعُ الأصواتِ عبرَهَا بالأغاني الصَّاخِبَةِ والمُؤذِية.
ومنَ المُخالفاتِ: إطلاقُ النارِ في حفلاتِ النِّكَاح؛ مُخَالَفَةٌ لولي الأمر، وَتَعَرُّضٌ للخطر، و تبذيرٌ للمال، وإيذاءٌ لعــبادِ الله.
ومن المخالفات: ذهابُ المرأةِ إلى الحفلاتِ معَ السائقِ ثُمَّ رجُوعُها مَعَهُ في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلِ وبدونِ مَحْرمٍ، وربما كانتْ متعطرةً متزينة، وفي الحديث: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) أخرجه النسائي وحسنه الألباني.
ومن المخالفات: التَّساهُلُ في أمرِ الزينةِ واللباسِ للرِّجالِ أو النساء، والتزيُّنُ بالمحرمات: يقولُ الطبري رحمــه الله: لا يجوزُ للمرأةِ تغييرُ شيءٍ مِنْ خِلْقَتِهَا التي خلقها اللهُ عليها بزيادةٍ أو نقصٍ؛ التماساً لِلْحُسْنِ لا لِزوجٍ ولا غيرِه...) الخ
ويقولُ صلى الله عليه وسلم: ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه مسلم
ألا فاتقوا اللهَ تعالى فِيمَا تأتُونَ وما تَذَرُونَ، واشكروهُ على سائرِ نِعَمِهِ، والتزموا حُدودَه.
ثم صلوا وسلِّمُوا...
اللهم أعز الإسلام ... اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمرنا...
المشاهدات 1230 | التعليقات 0