حِفْظُ النَّفْسِ وَسَلَاَمَتُهَا مِمَّا يضرُّهَا (مُواِفقٌ لتعميم الوزارة)

سعود المغيص
1444/02/18 - 2022/09/14 13:52PM

الخطبة الأولى :

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أما بعد عباد الله :

اتَّقُوا اللهَ تَعالى، واعلموا أن مِنْ مقاصدِ الشريعةِ حفظُ النَّفسِ، وسلامتُها ممَّا يضرُّهَا، لتقومَ بما أُوكِلَ إليها مِنْ عمارةِ الأرضِ والاستخلافِ فيهَا، والإنسانُ في هذهِ الدُّنيا لا يملكُ إسقاطَ حقِّّه في الحياةِ بإهلاكِ نفْسِه أو إنهاءِ حياتِه بيدِه، أو بإتلافِ أيِّ عضْوٍ من أعضاءِ جسْمِه، لأنَّها ليستْ ملكًا له، بل هي ملكٌ لخالقِها جلَّ وعلا.

عباد الله : الإسلام أعلى مِنْ شأنِ النَّفسِ الإنسانيةِ ورَفَعَ قدرَها، وأَمَرَ بالمحافظةِ عليها، وأكَّد سبحانَه على عَظَمةِ النَّفسِ وعِظَمِ حُرمتِها، فأقْسمَ بهَا سبحانَه قائلاً: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} وبيَّن عِظَمَ الجُرمِ في التَّعدِّي عليها، قائلاً سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}

ومِنْ مقاصدِ الشريعةِ حفظُ النَّفسِ، وسلامتُها ممَّا يضرُّهَا، لتقومَ بما أُوكِلَ إليها مِنْ عمارةِ الأرضِ والاستخلافِ فيهَا، والإنسانُ في هذهِ الدُّنيا لا يملكُ إسقاطَ حقِّه في الحياةِ بإهلاكِ نفْسِه أو إنهاءِ حياتِه بيدِه، أو بإتلافِ أيِّ عضْوٍ من أعضاءِ جسْمِه، لأنَّها ليستْ ملكًا له، بل هي ملكٌ لخالقِها جلَّ وعلا.

عباد الله:  ولقد عُنِيتْ الشريعةُ الإسلاميةُ بالنَّفسِ عنايةً فائقةً، فَشَرَعتْ مِنَ الأحكامِ ما يُحقِّقُ لها المصالحَ ويدرأُ عنها المفاسدَ، وذلك مبالغةً في حفْظِها وصيانتِها ودرءِ الاعتداءِ عليهَا، وَوَضَعتْ تدابيرَ عديدةً كفيلةً بإذنِ اللهِ بِحفْظِها من التَّلفِ, بلْ سَدَّتْ جميعَ الطُّرقِ المفضيةِ إلى إزْهاقِها أو إتْلافِها أو الاعتداءِ عليها، فحرَّمتْ قَتْلَ النَّفسِ بغيرِ حقٍّ وأَنْزلتْ أشدَّ العقوبةِ بمُرتكِبِ جريمةِ القَتْلِ، قالَ تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا  النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} وكذلكَ وَضَعتْ الحدَودَ والدِّياتِ مِنْ أجلِ احترامِ النَّفسِ والمحافظةِ عليهَا والبُعدِ عن التفكيرِ بالثأرِ أو الاعتداءِ أو أيِّ جريمةٍ من هذا النَّوعِ.

وممّا جاءتْ به الشريعةُ لتحقيقِ هذا المقصدِ:

أولاً: تحريمُ الانتحارِ والوعيدِ الشديدُ لِمنْ قَتَلَ نَفسَه : قال ﷺ: (مَن قَتَلَ نَفْسَهُ بحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بها في بَطْنِهِ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَحَسَّاهُ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَرَدَّى في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا)

ثانيًا: النَّهيُ عن القتالِ في الفتنةِ.

ثالثًا: النَّهيُ عن الإشارةِ بالسلاحِ ونحوِه من حديدةٍ وغيرِها:  قال ﷺ:  (مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ)

رابعًا: النَّهيُ عن الغَضبِ والسَّبِّ والشَّتمِ المُفضيْ للعداوةِ، ثمَّ التَّقاتلِ: قال اللهُ تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )

  

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . 

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .

أما بعدُ عباد الله: 

اتَّقوا اللهَ تعالى، واعلموا أنَّ مِنْ مقاصدِ الشريعةِ لحفظِ النَّفسِ البعدَ عن أيِّ سببٍ يُوصلُ لهلاكِها أو الإضرارِ بها،

عبادَ اللهِ:  ومِنْ صورِ حفظِ النَّفسِ: إماطةُ الأذى عن طريقِ النَّاسِ، وتعبيدُ طُرقِ المسلمينَ، وهي أصلٌ شرعيٌّ ومنهجٌ نبويٌ. قال ﷺ: (لقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ، في شَجَرَةٍ قَطَعَها مِن ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ) وقال ﷺ: (بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له)

أسألُ اللهَ تعالى أَنْ يحفظَنا وإيَّاكم من جميعِ الشُّرورِ والأضرارِ، وأنْ يَمنَّ علينا وعليكم بالعفوِ والعافيةِ في الأنفسِ والأهلِ والأولادِ.

اللهم علمنا ماينفعنا ..

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين يا أرحم الراحمين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وانصر عبادك الموحدين وفرج عن إخواننا المستضعفين في كل مكان.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه لما فيه خير البلاد والعباد،

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

سُبحانَ ربِّك ربِّ العزَّةِ عما يَصِفون، وسَلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين.

المشاهدات 1183 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا