حفظ الله شبابنا وقتياتنا من االمسكرات

الحمد لله رب العالمين ... إخوة الإيمان والعقيدة ... لقد كرّم الله الإنسانَ بكرامات كثيرة، امتاز بها عن غيره من المخلوقات، من جماد وحيوان ونبات وجان؛ كرمه بالعقل، وزينه بالفهم، ووجهه بالتدبر والتفكر، فكان العقل من أكبر نعم الله على الإنسان، به يميز بين الخير والشر، والضار والنافع، به يسعد في حياته، وبه يدبر أموره وشئونه، به يتمتع ويهنأ، به ترتقي الأمم وتتقدم الحياة، وينتظم المجتمع الإنساني العام، وصدق الله ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾. فالعقل جعله الله مناطَ التكليف، وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن والسنة. بهذا العقل تَميّزَ الإنسان وتكرّم، فإذا أزال الإنسانُ عقلَه لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضلّ منها، ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ فالإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالةً على غيره، يُخشى شرُّه ولا يُرجى خيره. ومع كلِّ ذلك فقد أبى بعض التائهين إلاّ الانحطاط إلى درَك الذلّة والانحدارَ إلى المهانة، فأزالوا عقولَهم بتعاطي الخمور والمسكرات والمخدّرات، معارضين بذلك العقل والشرعَ والجِبِلّة. إخوة الإسلام، إنّ من أعظم الآفات على المجتمعات اليوم هذه المسكراتِ والمخدّرات، فهي أمّ الخبائث وأمّ الكبائر وأصل الشرور والمصائب، شتَّتِ الأسَر، وهتكتِ الأعراض، وتسبّبت في السرقات، وجرّأت على القتل، وأنتجت كلّ بليّةٍ ورذيلة، وأخذت بأصحابها إلى السجون، وأودت بأسرائها إلى الانتحار، قد أجمع على ذمّها العقلاء منذ عهد الجاهليّة، وترفّع عنها النبلاء من قَبْلِ الإسلام، فلمّا جاء الإسلام ذمّها وحرّمها ولعنها ولعن شاربَها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولةَ إليه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾. عبادَ الله ... إن المخدّراتِ بأنواعها أشدُّ أنواع المسكرات، فهي تفسد العقل، وتدمّر الجسد، وتُذهب المالَ، وتقتُل الغيرةَ، فهي تشارك الخمر في الإسكار؛ وتزيد عليها في كثرة الأضرار والآثار المدمِّرة. ففي هذا الزمان ضجّت بالشكوى فيه البيوت؛ واصطلى بنارها من تعاطاها ومن عاشره، وأحالت حياتَهم جحيمًا لا يُطاق، فوالدٌ يشكي؛ وأمٌّ تبكي؛ وزوجةٌ حيرى؛ وأولادٌ تائهون , ومن عوفيَ فليحمدِ الله. المخدّراتُ تفسد العقلَ وتقطع النسل وتورث الجنون وتجلب الوساوس والهموم وأمراضًا عقليّة وعضويّة مستعصية، وأمراضا نفسية محيِّرة، وتجعل صاحبَها حيوانًا هائجًا ليس له صاحب، وتُرديه في أَسوَأ المهالك، مع ما تورثه من قلّة الغيرة وزوال الحميّة. وكثيرا ما تفكّكتِ أسَرٌ من أَثَرِها، وتفشّتِ الجرائم بسببها، وأعظم آثارها فَقدُ الدين وضياعُ الإيمان، قال ﷺ (ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن). عباد الله، إنّ انتشار هذا الوباءِ له أسبابٌ وبواعث، منها وأعظمها ضَعف الإيمان وضَعفُ الوازع الدينيّ بسبب التفريط في الطاعات وكثرة المعاصي؛ ومن هذه الأسباب وسائلُ الإلهاء والتغفيل؛ التي أبعدت الناس عن هدي الله وذكره؛ وهوّنت عليهم ارتكاب أيّ محظور، وأنتجت قلّةَ الخوف من الله؛ فلا يفكّر أحدهم في عذاب الآخرة ولا عقاب الدنيا، وكذلك من أسباب انتشارها الفراغُ القاتل والبطالة، سيِّما عند الشباب؛ خاصةً عند مصاحبةِ أصدقاء السوء. وإنّ للأعداء ومخططاتهم دورًا كبيرًا في انتشارها؛ وذلك للسيطرة والعدوان واستلاب العقول والأموال. يتضح هذا في الأطنان الضخمة المهربة لهذه البلاد حرسها الله، وإرادة استغلال الشباب في فترة الاختبارات. عافانا الله من هذه الأوبئة والشرور، ورزقنا حسن الديانة وسلامة العقول، أقول قولي هذا، وأستغفر الله.....     الحمد لله رب العالمين... معاشر المؤمنين .. إنّ الحديثَ عن تفشي المسكرات والمخدّرات ونِسَبها وآثارها وقصصها ومآسيها لهو حديث مؤلم، ومع ما سنّته البلادُ مشكورة من عقوباتٍ رادعةٍ فلا زال طوفان المخدّراتِ المدمّر تئنُّ منه خفايا البيوت وأروقةُ المحاكم وجدرانُ السجون؛ مما يُنبيك عن غَور الجرح وعمق المأساة. وإنّ السكوت عن هذا الوباء لا يزيد الأمرَ إلا إيلامًا وانتشارا؛ لذا فلا بدّ من الوعي بحقائق الأمور وإدراك حجمِ الخطر، ثم التكاتُف والتآزر بين أفراد المجتمع ومؤسّساته للحدّ من هذا الوباء وصدّه. وأن يتكاتفَ أفراد المجتمع مع الجهاتِ المسؤولة على نبذِ المروّجين والتبليغ عنهم وعدم التهاون معهم فهم مفسدون وأيّ مفسدون. وهنا لا بدّ من الإشادة بما يبذله رجال الأمن وجهاتُ مكافحة المخدّرات ومستشفيات الأمل ومن يقومون بالتوعيةِ بأضرار التدخين والمخدرات من جهود مشكورةٍ للحدّ منها ومتابعتها والتحذير والتوعية، وننتظر منهم ومن غيرهم المزيد، أعانهم الله وسدّدهم وأنجح مساعيَهم، وأمكنهم من المجرمين المفسدين لبلادنا ومجتمعاتنا وشبابنا. فالنصيحة المكرّرة والوصيّة المؤكّدة هي الحرصُ على الأبناء والبنات ومتابعتُهم وملاحظتُهم، وتركُ الثقة العمياء، ويكون القيامُ على ذلك بالقرب منهم ومصاحبتِهم وتوجيهِهم وتحذيرِهم مع الرفق بهم والصبر عليهم، وقبل ذلك بالقدوة الحسنة لهم. اللهمّ احفظنا وعافنا في أنفسنا وأهلينا، وقنا والمسلمين شرَّ هذه البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردًّا جميلاً. اللهم احفظنا وبلادنا وشبابنا من كيد المجرمين المفسدين، اللهم ارزقنا وشبابنا الرفقة الصالحة، وأبعد عنا وعنهم رفقاء السوء
المرفقات

1633678892_آفة المخدرات.docx

1633678897_آفة المخدرات.pdf

المشاهدات 406 | التعليقات 0