حفظ الضروريات .. والحذر من المخدرات

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً . أَمَّا بَعْدُ عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله U، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا * يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا﴾ إِخْوَةُ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ .. إِنَّ الشَّرَائِعَ السَّمَاوِيَّةَ المُنَزَّلَةَ مِن عِندِ رَبِّ العَالمِينَ، جَاءَت لإِسعَادِ الإِنسَانِ في الدَّارَينِ، وَقَصَدَت إِلى نَجَاتِهِ في دُنيَاهُ وَأُخرَاهُ، وَمِن أَجلِ هَذَا فَقَد جَاءَ الإِسلامُ بِكُلِّيَّاتٍ خَمسٍ، أَوجَبَ حِفظَهَا وَحَمَى حِمَاهَا، وَحَدَّ الحُدُودَ وَشَرَعَ التَّعزِيرَاتِ لِلحَيلُولَةِ دُونَ النَّيلِ مِنهَا، إِنَّهَا الدِّينُ وَالنَّفسُ وَالمَالُ وَالعِرضُ وَالعَقلُ . فأمَّا الدينُ فإنَّ فالإِنسَانُ مَخلُوقٌ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَخَالِقِهِ، وَهُوَ عَائِدٌ إِلى مَولاهُ فَمُحَاسِبُهُ ﴿وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ﴾ وَقَالَ ﴿أَفَحَسِبتُم أَنَّمَا خَلَقنَاكُم عَبَثًا وَأَنَّكُم إِلَينَا لا تُرجَعُونَ﴾ وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقتُلُوهُ). وَأَمَّا النَّفسُ البَشَرِيَّةُ فَهِيَ غَالِيَةٌ غَالِيَةٌ، وَالحِفَاظُ عَلَيهَا أَمَانَةٌ وَمَسؤُولِيَّةٌ، وَالاعتِدَاءُ عَلَيهَا وَإِزهَاقُهَا جَرِيمَةٌ وَأَيُّ جَرِيمَةٍ ﴿وَمَن يَقتُلْ مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (لا يَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلِمٍ يَشهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إلاَّ بِإِحدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفسُ بِالنَّفسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلجَمَاعَةِ) وقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (لا يَزَالُ المُؤمِنُ في فُسحَةٍ مِن دِينِهِ مَا لم يُصِبْ دَمًا حَرَامًا). وَأَمَّا المَالُ، فَقَد كَفَلَ الإِسلامُ فِيهِ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَحَرَّمَ الاعتِدَاءَ عَلَيهِ وَأَخذَهُ بِغَيرِ حَقٍّ، وَشَرَعَ حَدَّ السَّرِقَةِ لِصِيَانَتِهِ ﴿وَلا تَأكُلُوا أَموَالَكُم بَينَكُم بِالبَاطِلِ﴾ وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (كُلُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ). وَأَمَّا العِرضُ؛ فَقَد حَرِصَ الإِسلامُ عَلَى طَهَارَتِهِ وَنَقَائِهِ وَصَفَائِهِ، وَوَضَعَ سَيَاجَاتٍ لِحِمَايَتِهِ وَوِقَايَتِهِ وَصَيَانَتِهِ، فَحَرَّمَ النَّظَرَ إِلى العَورَاتِ وَتَتَبُّعَهَا، وَحَرَّمَ الزِّنَا وَمَقَتَهُ وَقَبَّحَهُ، وَجَعَلَ حَدَّ فَاعِلِهِ الجَلدَ أَوِ الرَّجمَ، وَغَلَّظَ في أَمرِ رَميِ المُحصَنَاتِ، وَعَدَّهُ مِنَ السَّبعِ المُوبِقَاتِ المُهلِكَاتِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرمُونَ المُحصَنَاتِ الغَافِلاتِ المُؤمِنَاتِ لُعِنُوا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ﴾ وَقَالَ ﷺ (اِجتَنِبُوا السَّبعَ المُوبِقَاتِ) وذكر منها (وَقَذفُ المُحصَنَاتِ المُؤمِنَاتِ الغَافِلاتِ). وَأَمَّاالْعَقْلُ؛ فَقَد كَرَّمَ اللهُ بها بَني الإِنسَانِ، وَجَعَلَهَا مَنَاطَ التَّكلِيفِ وَمُتَعَلَّقَهُ، وَلم يُكَلِّفْ بِعَمَلٍ وَلا أَوجَبَ حِسَابًا عَلَى مَن زَالَ عَقلُهُ بِغَيرِ فِعلٍ مِنهُ، غَيرَ أَنَّ غَلاءَ العَقلِ وَأَهمِيَّتَهُ جَعَلَ الاعتِدَاءَ عَلَيهِ حَتى مِن صَاحِبِهِ أَمرًا مُحَرَّمًا، وَمِن أَجلِ هَذَا حُرِّمَتِ الخَمرُ وَوُصِفَت بِأَنَّهَا رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ وَأَنَّهَا أُمُّ الخَبَائِثِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ﴾ وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (الخَمرُ أُمُّ الفَوَاحِشِ وَأَكبَرُ الكَبَائِرِ). ألا وإن من مفسداتِ العقلِ .. تعاطي المخدراتِ والمسكراتِ (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، وسماها النبي e أمُ الخبائثِ، واللهُ تباركَ وتعالى حرَّمَ على عبادهِ جميعُ الخبائثِ ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ... ﴾. والمخدراتُ بكل أصنافِها والمسكراتُ، من الخبائثِ التي حرَّمَها الخالقُ جل جلاله، لكونِها مواداً شديدةَ الضررِ بشكلٍ خطيرٍ، بالعقلِ والصحةِ والأسرةِ والأمنِ، والدينِ والمالِ والعرضِ، فظاهرةُ تعاطي المخدراتِ وبقيةُ المؤثراتِ العقليةِ هي ظاهرةٌ سلوكيَّةٌ بشريَّةٌ سلبيَّةٌ، خطيرةٌ على الفردِ والمجتمعِ والأسرةِ، يجبُ على الجميعِ محارَبتُها وتوقِّيها. ووجوبُ الإبلاغِ عن مهربِيِها ومروجيها ومستعمليها. عِبَادَ اللهِ.. إنَّ غرسَ الإيمانِ باللهِ واليومِ الآخرِ وبكتابِ اللهِ وبسنةِ رسولهِ e في النفوسِ، أساسُ الصلاحِ والوقايةِ منْ كلِ فسادٍ وخطرٍ يهدِدُ المجتمعَ بأسرهِ، فيجبُ على كلِ مسلمٍ أياًّ كانَ عملُهُ وعلْمُهُ وفي أي مكانٍ وُجِدَ أن يغرِسَ الإيمانَ في نفوسِ من حولَهُ من الأفرادِ والأسرِ والمجتمعاتِ، ويُنَمي لديهمْ جانبَ المراقبةِ الذاتيةِ، فهذا بإذن اللهِ تعالى يحفظُ المسلمَ من الشرورِ والضياعِ ويكفلُ لهم السعادةَ في الدنيا والآخرةِ. أَقُولُ قولي هذا.. وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.     الْحَمْدُ للَّـهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ. وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحابِهِ وَمَن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدّينِ، أَمَّا بَعْدُ: مَعَاشِرُ الْمُؤْمِنِينَ .. يسعىِ ولاةُ أمرِنَا في هذهِ البلادِ المباركةِ بكلِ ما أوتوا من جُهدٍ لمكافحةِ هذا الوباءِ الخطيرِ، وملاحقةِ المهربينَ والمروجينَ وتطبيقِ أقصىِ العقوباتِ عليهم، وإنشاءِ اللجانِ والإداراتِ لمكافحةِ المخدراتِ، وحمايةِ أبناءِ الوطنِ والمقيمين، ووقايتهم منها وإرشادهم. ومن تلك الجهود جهود رجال الأمن في مكافحتها وكذلك جهود رجال الجمارك. وقد قامت حكومتُنا الرشيدةُ بإقامةِ المستشفياتِ والمراكزِ النفسيةِ، لعلاجِ المدمنينَ وتوجيهِهِم وتأهيلِهِم وتبصيرِهم بأخطارِ الإدمانِ وعواقبهِ ليكونوا أفراداً صالحينَ في المجتمعِ، و قد سنتْ قوانينَ لمعاقبةِ كلِ من يتكررُ منهُ هذا الفعلَ المشين. اللهمّ احفظَّنا وعافِنَا في أنفُسنَا وأهليِنَا، وقِنَا والمسلمينَ شرَّ هذهِ البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردًّا جميلاً. واحفظ بلادَنا وشبابنا من كيدِ المجرمينَ المفسدينَ وأرزقهم الرفقةَ الصالحةَ، وأبعد عنا وعنهم رُفقاءَ السوءِ. اللهم وفق ولاة أمرِنا للقضاءِ على الفسادِ والمفسدينَ و قوي عزائمَهم على الحق والهدى والدين. اللَّهُمَّ وَأعِزَّ الإِسلامَ وَالمسلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّركَ وَالمشرِكِينَ، وَانصُرْ عِبَادَكَ المُوحِّدِينَ. اللَّهُمَّ وفّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادمَ الحَرمَين الشَّريِفَين لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ ونائبه وأعوانهُ، لما فيهِ خيرٌ وَنفعٌ للإسلامِ والمسلمينَ، يَا رَبَّ العَالمينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
المرفقات

1644528199_حفظ الضروريات و خطرُ المخدرات.doc

1644528208_حفظ الضروريات و خطرُ المخدرات.pdf

المشاهدات 719 | التعليقات 0