حـالنا مع التوحـيد والعـبادة
حسام الحجي
الحمدُ للهِ بِيَدِهِ مُبْتَدَأُ كُلِّ أَمْرٍ وَبِيَدِهِ مُنْتَهَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، شَهَادَةً أَطْلُبُ بِهَا عَفْوَهُ وَرِضَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وعَبْدُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، فَعَلَيْهِ صَلَّى اللهُ وَعَلَيْهِ سَلَّمَ اللهُ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، وَاحْذَرُوا ثُمَّ احْذَرُوا فِتَنَ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِ هَذِهِ الْحَيَاةِ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
عِبَادَ اللهِ: تَعْلَمُونَ بِأَنَّكُمْ ماخُلِقْتُم، إِلَّا لِتُوَحِّدُوا اللهَ لاشريكَ لَهُ، وَلَهُ سُبْحَانَهُ تَعْبُدُوا ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ وقالَ سُبحانهُ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:[ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى].
وإِنِي لِأَعْجَبُ، مِمَّا يُرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ وَيُشَاهَدُ، مِنْ إهْمَالٍ بَلْ وَتَجَاهُلٍ، مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادِ، لِمَسْأَلَةِ التَّوْحِيدِ، وَالَّذِي هو حقُّ اللهِ عَلَى الْعَبِيدِ، وَعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، وَعَدَمِ التَّفْكِيرِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَاسْتِبْدَالِ ذَلِكَ، بِالسَّعْيِ وَرَاءَ الدُّنْيَا، سعيًا حثيثًا شَدِيدًا، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، وَهَلْ مِنْ مُتَذَكِّرٍ، لمايشاءُ اللهُ وَيُرِيدُ، عُدْ إِلَى كِتَابِ رَبِّكَ وَسَنَةِ نَبِيِّكَ إِنْ كُنْتَ لِذَلِكَ تُرِيدُ!.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .
قُلتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فاستغفِروه إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ أَكْرَمُ وَأَجْوَدُ مَنْ يُحْمَدُ، وَالصَّلَاةُ على نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ، وَبَعْدُ:
عبادَ اللهِ: إِنَّ مَا أَلقَيْتُهُ عَلَى الْأسْمَاعِ مِنْ لَحَظَاتٍ، مَا هُوَ إلا يَسِيرٌ، مِمَّا نَحْتَاجُهُ مِنَ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، لِلرُّجُوعِ وَالْإقْبَالِ عَلَى اللهِ الْعَظِيمِ الْقَدِيرِ، فَالدُّنْيَا عَلَيْنَا فُتِحَتْ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَديثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ:[ فَوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَتنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ] وها نحنُ الْيَوْمَ أَشَدُّ مَا نَتَنَافَسُ فِيهِ وَعَلَيْهِ الدُّنْيَا، بِنَاءٌ لِمَنَازِلَ فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَتَمَلُّكٌ لِسَيَّارَاتٍ لَيْسَ مِنْ وُجُودِهَا اسْتِفَادَةٌ، وَحِرْصٌ عَلَى أَجْهِزَةٍ وَتَفَاخُرٌ بِجَوَّالَاتٍ وَمَظَاهِرَ كَذَّابَةٍ، وَكَانَ جَزَاءَ ذَلِكَ بِاخْتِصَارٍ شَدِيدٍ (التَّفْرِيطُ فِي حَقِّ اللهِ وَالْبُعْدُ عَنِ الْعِبَادَةِ) وَلْيَسْأَلْ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ، مَنْ مِنَّا سَلِمَ أَوْ يَسْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ، وَمَنْ مِنَّا يُقِيمُ ذِكْرَ اللهِ كَمَا جَاءَ عَنْ نَبِيِّهِ، لِيَحْصُلَ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى زِيَادَةٍ، وَيَجْبُرَ ما عليهِ مِنْ نَقْصٍ فِي عِبَادَةٍ، واللهَ أَسَأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلَكُمْ كُلَّ تَقْصيرٍ حَاصِلٍ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ..