حُسْنَ الظنِّ باللَّهِ عزَّ وجلَّ

محمد البدر
1441/03/17 - 2019/11/14 02:29AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى : ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر:156].
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿  وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ   ﴾ [يوسف:87].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي ملإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ويتأكد حسن الظن بالله في مواطن منها:
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ « لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعند الشدائد والكرب فإنَّ الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تبوك لم يُكشف عنهم مابهم من كرب وضيق إلا بعدما أحسنوا الظن بربهم قَالَ تَعَالَى : ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ .
وعند ضيق العيش قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وعند الدعاء قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وعند التوبة قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: أذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى : أذنَبَ عبدي ذَنباً ، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأذْنَبَ ، فَقَالَ : أيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبي ، فَقَالَ تبارك وتعالى : أذنَبَ عبدِي ذَنباً ، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ »مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
 قَالَ تَعَالَى : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ .فإذا أصابتنا الهموم والغموم، وكثرت الخطايا والذنوب، وإذا تجمعت الديون وادلهمت الخطوب، وإذا تكالب الأعداء، وإذا أردنا الأموال والأولاد والسعادة والراحة، نطلبها من الله تعالى وحده، ونحسن الظن به،يقولُ ابنُ القيمِ رحمه الله: وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ سبحانه لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ .إلخ   أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى : ﴿ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ . في هذه الآية إشارة إلى عقوبة من يسيء الظن بالله -سبحانه وتعالى- ولا يثق بقدرته عزّ وجلّ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾  وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ*الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
فقد وصف الله سبحانه وتعالى الذين يُحسنون الظن به أنهم خاشعين في صلاتهم، وأنهم الأقدر على الصبر على ما يُصيبهم من المصائب.
 فاتقوا الله عباد الله وأحسِنوا الظنَّ بربكم، وأحسِنوا له العمل؛ تفوزوا بالرضا والرضوان من الرب الرحيم الرحمن، ونزول رفيع الجِنان.الا وصلوا....
المرفقات

الظنِّ-باللَّهِ-عزَّ-وجلَّ

الظنِّ-باللَّهِ-عزَّ-وجلَّ

المشاهدات 1289 | التعليقات 0