حديث ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي.
عبدالله بن رجا الروقي
1436/04/09 - 2015/01/29 19:10PM
أما بعد فإن في السنة النبوية أحاديث يرويها النبي ﷺ عن ربه عزوجل ، وتسمى الأحاديث الإلهية ، ومن هذه الأحاديث حديث عظيم ، كان أحد رواته ، وهو أبو إدريس الخولاني رحمه الله إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه لجلالة هذا الحديث ، وماتضمنه من صفات الرب ﷻ فاستمعوا إلى هذا الحديث بقلوب حاضرة واعية ، يقول النبي ﷺ ، فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا . يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته . فاستهدوني أهدكم . يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته . فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته . فاستكسوني أكسكم . يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا . فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني . ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم . كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم . ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . كانوا على أفجر قلب رجل واحد . ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في صعيد واحد فسألوني . فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم . ثم أوفيكم إياها . فمن وجد خيرا فليحمد الله . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ". رواه مسلم.
هذا الحديث تضمن فوائد وعلومًا كثيرة ، فمنها كمال عدل الرب ﷻ ولذلك حرم الظلم على نفسه ، قال ﷻ : ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
وقال تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾
ولأجل هذا فإن الله حرم الظلم بين العباد ، ولهذا قال تعالى في الحديث السابق فلا تظالموا أي لايظلم بعضكم بعضا.
فاحذروا الظلم - عباد الله - فإن عاقبته وخيمة قال تعالى في آية ترجف من وعيدها القلوب ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ *
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾
ومن فوائد الحديث الترغيب في سؤال الهداية فإن ذلك أعظم مايدعو به العبد ربه ولهذا نحن نسأل الله في كل صلاة في سورة الفاتحة أن يهدينا الله الصراط المستقيم. قال ابن القيم رحمه الله : ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب ونيلُه أشرفَ المواهب علّم الله عباده كيفية سؤاله وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم ، توسّلٌ إليه بأسمائه وصفاته وتوسل إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء.ا.هـ
وقد تضمن الحديث أيضا الأمر بالاستغفار وأن الله عزوجل يغفر الذنوب كلها مهما كانت ، قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾
ونبينا ﷺ سيّد المستغفرين يقول : ( إني لأستغفر الله ، في اليوم ، مائة مرة ) رواه مسلم.
أقول ماتسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد فمن فوائد الحديث بيان فقر المخلوق وأنه في حاجة إلى أن يسأل الله كل شيء حتى أمورِ دنياه قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
فالعبد مأمور بأن يسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة ، فإن كل شيء إذا لم ييسره الله لم يتيسر ، ولهذا قال تعالى في الحديث : فاستطعموني أُطعمكم ، وقال إيضًا: فاستكسوني أَكسُكم.
وبالجملة فقد تضمن الحديث الأمر بالإكثار من دعاء الله عز وجل ، ولهذا فإن دعوات الأنبياء الواردة في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى لكثرتها.
ومن فوائد الحديث بيان كمال قدرة الرب تعالى وعزته وقوته وملكه فإن الخلق لايبلغون أن يضروا الله أو ينفعوه ، ولايزيد في ملكه تقواهم ، ولاينقصه فجورهم.
وفي الحديث كمال غنى الرب سبحانه وتعالى ، قال الله ﷻ في الحديث السابق نفسه : (يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في صعيد واحد فسألوني . فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).
وفي هذه الجملة من الحديث الحثُّ على سؤال الله سبحانه ، وتعالى ، وإعظام الرغبة فيما عنده.
عباد الله:
في آخر الحديث بيان كمال اطلاع الله على أعمال عباده ، وحفظه لها من خير أو شر حيث قال : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أو فيكم أياها.
وفي هذا الحث على الأعمال الصالحة ، والحذرُ من المعاصي ، قال تعالى في كتابه ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾
هذا غيض من فيض مما تضمنه هذا الحديث من العلم الغزير ، والخير الوفير ، اللهم وفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ، اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها...
هذا الحديث تضمن فوائد وعلومًا كثيرة ، فمنها كمال عدل الرب ﷻ ولذلك حرم الظلم على نفسه ، قال ﷻ : ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
وقال تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾
ولأجل هذا فإن الله حرم الظلم بين العباد ، ولهذا قال تعالى في الحديث السابق فلا تظالموا أي لايظلم بعضكم بعضا.
فاحذروا الظلم - عباد الله - فإن عاقبته وخيمة قال تعالى في آية ترجف من وعيدها القلوب ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ *
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾
ومن فوائد الحديث الترغيب في سؤال الهداية فإن ذلك أعظم مايدعو به العبد ربه ولهذا نحن نسأل الله في كل صلاة في سورة الفاتحة أن يهدينا الله الصراط المستقيم. قال ابن القيم رحمه الله : ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب ونيلُه أشرفَ المواهب علّم الله عباده كيفية سؤاله وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم ، توسّلٌ إليه بأسمائه وصفاته وتوسل إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء.ا.هـ
وقد تضمن الحديث أيضا الأمر بالاستغفار وأن الله عزوجل يغفر الذنوب كلها مهما كانت ، قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾
ونبينا ﷺ سيّد المستغفرين يقول : ( إني لأستغفر الله ، في اليوم ، مائة مرة ) رواه مسلم.
أقول ماتسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد فمن فوائد الحديث بيان فقر المخلوق وأنه في حاجة إلى أن يسأل الله كل شيء حتى أمورِ دنياه قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
فالعبد مأمور بأن يسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة ، فإن كل شيء إذا لم ييسره الله لم يتيسر ، ولهذا قال تعالى في الحديث : فاستطعموني أُطعمكم ، وقال إيضًا: فاستكسوني أَكسُكم.
وبالجملة فقد تضمن الحديث الأمر بالإكثار من دعاء الله عز وجل ، ولهذا فإن دعوات الأنبياء الواردة في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى لكثرتها.
ومن فوائد الحديث بيان كمال قدرة الرب تعالى وعزته وقوته وملكه فإن الخلق لايبلغون أن يضروا الله أو ينفعوه ، ولايزيد في ملكه تقواهم ، ولاينقصه فجورهم.
وفي الحديث كمال غنى الرب سبحانه وتعالى ، قال الله ﷻ في الحديث السابق نفسه : (يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في صعيد واحد فسألوني . فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).
وفي هذه الجملة من الحديث الحثُّ على سؤال الله سبحانه ، وتعالى ، وإعظام الرغبة فيما عنده.
عباد الله:
في آخر الحديث بيان كمال اطلاع الله على أعمال عباده ، وحفظه لها من خير أو شر حيث قال : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أو فيكم أياها.
وفي هذا الحث على الأعمال الصالحة ، والحذرُ من المعاصي ، قال تعالى في كتابه ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾
هذا غيض من فيض مما تضمنه هذا الحديث من العلم الغزير ، والخير الوفير ، اللهم وفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ، اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها...