حديث: ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا )
مبارك العشوان
1436/04/03 - 2015/01/23 07:35AM
إن الحمد لله... أما بعد: فاتقوا... مسلمون.
عباد الله: روى الإمام مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم: ( الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُور وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ). قال النووي رحمه الله تعالى: هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام، قد اشتمل على مهمات من قواعد الإسلام.
كلمات قليلة، يَعُدُّها العادُّ، تحمل من المعاني أعظمها، ومن الوصايا أنفعها، ومن المواعظ أبلغها، وحديث اليوم رحمكم الله عن تلكم الموعظة البليغة التي ختم بها نبيكم صلى الله عليه وسلم حديثه بعد أن رغَّب في جملة من العبادات، فقال في عبارةٍ وجيزة، قليلةِ المبنى، عظيمةِ المعنى: ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ) وعند الإمام أحمد وغيره: ( النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا ) وصححه الألباني.
كل إنسان في هذه الحياة يسعى بنفسه ويقودها؛ إما لما فيه فوزها ونجاتها وفلاحها، أو لما فيه خسرانها وعطبها وهلاكـــــــــها، فمن زكى نفسه، وسعى في طاعة ربه، فقد باعها لله وأعتقها من عذابه، ومن أذل نفسه، وسعى في معصية ربه؛ فقد باعها للشيطان، وأوقعها في الهلاك والخسران. قال تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } الشمس 7ـ 10 قال الحسن رحمه الله: قد أفلح من زكى نفسه؛ فأصلحها وحملها على طاعة الله عز وجل، وقد خاب من دساها: أهلكها وأضلها وحملها على المعصــية. عباد الله: لقد أثرت هذه الموعظة في حياة سلفنا رحمهم الله، لقد وقعت منهم موقعا عظيما، حتى كان منهم من يجتهد في الأعمال الصالحة؛ ويقول: إنما أنا أسيرٌ أسعى في فكاك رقبتي. وقال أبو بكر بن عياش رحمه الله: قال لي رجل مرة وأنا شاب: ( خلص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبدا ) قال فو الله ما نسيتها بعد. وقال الحسن رحمه الله: المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل، وقال: ابنَ آدم إنك تغدو وتروح فـي طلب الأرباح فليكن همك نفسك فإنك لن تربح مثلها أبدا. وقال: يا ابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبيعن آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا. وقال ابن السماك رحمه الله: يا ابن آدم إنما تغدوا في كسب الأرباح فاجعل نفسك فيما تكسبه فإنك لن تكسب مثلها، قال تعالى: { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِــــينُ } الزمر 15 قال محمد بن الحنفية رحمه الله: إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة 111 اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
بارك الله لي... أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...أما بعد: ففي صحيح مسلم: لما أنزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }الشعراء214 دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا، فعم وخص فقال: ( يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها ). ألا فاشتروا عباد الله أنفسكم، أنقذوا أنفسكم واسعوا في نجاتها، فكوا رقابكم من النار بلزوم التقوى، فإنه لا يُنَجَّى من النار إلا أهل التقى: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيـّاً }مريم 71ـ 72 ولا يفوز بالجنان إلا أهل التقى: { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً }مريم 63 أنقذوا أنفسكم، باتقاء محارم ربكم؛ احفظوا أبصاركم وأسماعكم وجوارحكم عما يغضبه جل وعلا؛ فإنكم مسئولون عن كل ذلك: { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء 36 اتقوا الله في صلاتكم؛ لا تضيعوها فتضيعوا، وتهلكوا، وتعذبوا فقد توعد الله من ضيعها بقوله:
{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً }مريم 59اتقوا الله في بيعكم وشرائكم وجميع معاملاتكم، احرصوا على الحلال وإن قل؛ فإن فيه بركة، وذروا الحرام وإن كثر فإن الله يمحقه: { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } البقرة 276 اذكروا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري. أنقذوا أنفسكم وأهليكم من النار، واتقوا عذابها: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } التحريم 6 استعدوا أيها الناس للقاء الواحد القهار، استعدوا ليوم تعرضون فيه على الله: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ }الحاقة 18 انظروا رحمكم الله في أعمالكم، وتأهبوا لرحيلكم وانتقالكم، فإنه لا بقاء لأحد على هذه الدار: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }الرحمن26 ، 27{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ }آل عمران 185 لا يغني من الموت فرار، ولا تمنع منه حصون، ولا يقف أمامه جنود ولا يقبل عنه فدية، يخطف الشباب والشيب، والأصحاء والمرضى، والملوك والرعايا، فاللهم أعنا على الموت وسكرته وارزقنا الاستعداد له قبل نزوله.
عباد الله: جبر مصابنا ومصابكم في وفاة خادم الحرمين عبدِ الله بن عبد العزيز رحمه الله فـ: { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} البقرة 156 اللهُمَّ أْجُرْنِا فِي مُصِيبَتِنا وَأَخْلِفْ لِنا خَيْرًا مِنْهَا )؛ دعوات لا تغفلوا عنها وفقكم الله؛ ففي الحديث: أن من قالها في مصيبة أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا. اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله، وأسكنه فسيح جنانك، اللهم وبارك في خليفتِه الملكِ سلمانَ بنِ عبدِ العزيز؛ وفقه يا رب لهداك, واجعل عمله في رضاك وانفعَ به الإسلام والمسلمين، وأدم على هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين الأمن والإيمان،واجمع كلمتهم على الحق برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: صلوا وسلموا... عباد الله: اذكروا الله...
عباد الله: روى الإمام مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسـلم: ( الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُور وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ). قال النووي رحمه الله تعالى: هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام، قد اشتمل على مهمات من قواعد الإسلام.
كلمات قليلة، يَعُدُّها العادُّ، تحمل من المعاني أعظمها، ومن الوصايا أنفعها، ومن المواعظ أبلغها، وحديث اليوم رحمكم الله عن تلكم الموعظة البليغة التي ختم بها نبيكم صلى الله عليه وسلم حديثه بعد أن رغَّب في جملة من العبادات، فقال في عبارةٍ وجيزة، قليلةِ المبنى، عظيمةِ المعنى: ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ) وعند الإمام أحمد وغيره: ( النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا ) وصححه الألباني.
كل إنسان في هذه الحياة يسعى بنفسه ويقودها؛ إما لما فيه فوزها ونجاتها وفلاحها، أو لما فيه خسرانها وعطبها وهلاكـــــــــها، فمن زكى نفسه، وسعى في طاعة ربه، فقد باعها لله وأعتقها من عذابه، ومن أذل نفسه، وسعى في معصية ربه؛ فقد باعها للشيطان، وأوقعها في الهلاك والخسران. قال تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } الشمس 7ـ 10 قال الحسن رحمه الله: قد أفلح من زكى نفسه؛ فأصلحها وحملها على طاعة الله عز وجل، وقد خاب من دساها: أهلكها وأضلها وحملها على المعصــية. عباد الله: لقد أثرت هذه الموعظة في حياة سلفنا رحمهم الله، لقد وقعت منهم موقعا عظيما، حتى كان منهم من يجتهد في الأعمال الصالحة؛ ويقول: إنما أنا أسيرٌ أسعى في فكاك رقبتي. وقال أبو بكر بن عياش رحمه الله: قال لي رجل مرة وأنا شاب: ( خلص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبدا ) قال فو الله ما نسيتها بعد. وقال الحسن رحمه الله: المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل، وقال: ابنَ آدم إنك تغدو وتروح فـي طلب الأرباح فليكن همك نفسك فإنك لن تربح مثلها أبدا. وقال: يا ابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبيعن آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا. وقال ابن السماك رحمه الله: يا ابن آدم إنما تغدوا في كسب الأرباح فاجعل نفسك فيما تكسبه فإنك لن تكسب مثلها، قال تعالى: { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِــــينُ } الزمر 15 قال محمد بن الحنفية رحمه الله: إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة 111 اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
بارك الله لي... أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...أما بعد: ففي صحيح مسلم: لما أنزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }الشعراء214 دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا، فعم وخص فقال: ( يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها ). ألا فاشتروا عباد الله أنفسكم، أنقذوا أنفسكم واسعوا في نجاتها، فكوا رقابكم من النار بلزوم التقوى، فإنه لا يُنَجَّى من النار إلا أهل التقى: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيـّاً }مريم 71ـ 72 ولا يفوز بالجنان إلا أهل التقى: { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً }مريم 63 أنقذوا أنفسكم، باتقاء محارم ربكم؛ احفظوا أبصاركم وأسماعكم وجوارحكم عما يغضبه جل وعلا؛ فإنكم مسئولون عن كل ذلك: { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء 36 اتقوا الله في صلاتكم؛ لا تضيعوها فتضيعوا، وتهلكوا، وتعذبوا فقد توعد الله من ضيعها بقوله:
{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً }مريم 59اتقوا الله في بيعكم وشرائكم وجميع معاملاتكم، احرصوا على الحلال وإن قل؛ فإن فيه بركة، وذروا الحرام وإن كثر فإن الله يمحقه: { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } البقرة 276 اذكروا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري. أنقذوا أنفسكم وأهليكم من النار، واتقوا عذابها: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } التحريم 6 استعدوا أيها الناس للقاء الواحد القهار، استعدوا ليوم تعرضون فيه على الله: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ }الحاقة 18 انظروا رحمكم الله في أعمالكم، وتأهبوا لرحيلكم وانتقالكم، فإنه لا بقاء لأحد على هذه الدار: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }الرحمن26 ، 27{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ }آل عمران 185 لا يغني من الموت فرار، ولا تمنع منه حصون، ولا يقف أمامه جنود ولا يقبل عنه فدية، يخطف الشباب والشيب، والأصحاء والمرضى، والملوك والرعايا، فاللهم أعنا على الموت وسكرته وارزقنا الاستعداد له قبل نزوله.
عباد الله: جبر مصابنا ومصابكم في وفاة خادم الحرمين عبدِ الله بن عبد العزيز رحمه الله فـ: { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} البقرة 156 اللهُمَّ أْجُرْنِا فِي مُصِيبَتِنا وَأَخْلِفْ لِنا خَيْرًا مِنْهَا )؛ دعوات لا تغفلوا عنها وفقكم الله؛ ففي الحديث: أن من قالها في مصيبة أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا. اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله، وأسكنه فسيح جنانك، اللهم وبارك في خليفتِه الملكِ سلمانَ بنِ عبدِ العزيز؛ وفقه يا رب لهداك, واجعل عمله في رضاك وانفعَ به الإسلام والمسلمين، وأدم على هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين الأمن والإيمان،واجمع كلمتهم على الحق برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: صلوا وسلموا... عباد الله: اذكروا الله...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق