حدثاء الأسنان ...
د صالح بن مقبل العصيمي
1436/10/09 - 2015/07/25 18:29PM
حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إنَّ الحمدَ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، أَقْبَلَتْ فِتَنُنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ فِتَنُنٌ يَحَارُ فِيْهَا العَاقِلُ، لَيْسَ مِنْ هَوْلِهَا فَحَسْبُ، وَلَكِنْ مِنْ قُدْرَةِ أَرْبَابِهَا عَلَى التَّأْثِيْرِ عَلَى عُقُوْلِ النَّاشِئَةِ مَعَ وُضُوْحِ بَاْطِلِهِمْ، وَاِنْكِشَافِ مَقَاصِدِهِمْ . فِتَنُنٌ اِسْتَرْخَصَ أَرْبَابُهَا الدِّمَاءَ، لَقَدْ بَدَأَتْ هَذِهِ الفِتْنَةُ بِقَتْلِ الذِّمِيِّيِنَ وَالمُعَاهَدِيْنَ، وَاِسْتِحْلَاِلِ دِمَائِهِمْ؛ رِادِّيْنَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَبَرَّرُوْا ذَلِكَ بِتَبْرِيْرَاتٍ مَا قَبِلَ بِهَا إِلَّا أَصْحَابُ الأَهَوْاءِ وَالشَّهَوَاتِ. ثُمَّ تَطَوَّرَتْ فِتْنَتُهُمْ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى التَّفْجِيْرِ، وَأَيْنَ ؟! فِي بِلَادِ الْحَرَمِيْنِ؛ حَيْثُ فَجَّرُوا الْمُجَمَّعَاتِ السَّكَنِيَّةَ، وَالْمَقَارَّ الْحُكُوْمِيَّةَ؛فَرَاحَ ضَحِيَتَهَا المِئَاتُ مِنَ المُوَاطِنِيْنَ وَالمُعَاهَدِينَ، وَهَدَّمُوا مَبَانٍ، وَعَطَّلُوا مَصَالِحَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَصَوَّرُ أَنْ تَتَطَوَّرَ هَذِهِ الْأَفْكَارُ حتَّى تَصِلَ إِلَى قَتْلِ الأَقَارِبِ،عَمْدًا وَقَصْدًا؛ بَلْ وَأَقْرَبِ الأَقَارِبِ، فَصَدَقَ عَلِيْهِمْ قَوْلُ الحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) . فَإِذَا كَانَ قَطْعُ الرَّحِمِ فِي الإِسْلَامِ جُرْمًا عَظِيْمًا، وَفَسَادًا كَبِيْرًا؛ فَكَيْفَ بِقَتْلِهِ ؟! لَقَدْ اِسْتَبَاحَتْ هَذِهِ الأَفْكَارُ دِمَاءَ رِجَالِ الأَمْنِ، مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَبَاعِدِ؛ بَلْ وَحَثَّتْ عَلَى إِرَاْقَةِ دِمَاءِ رِجَالِ الأَمْنِ الأَقَارِبِ خَاصَّةً ؛ حَتَّى وَجَدْنَا مَنْ يَغْدُرُ بِخَالِهِ فَيَقْتُلُهُ ، بِأَبْشَعِ قِتْلَةٍ ، وَيَذْبُـحُهُ بِأَسْوَءِ ذِبْـَحَةٍ ، وَلَا َحَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ! وَيَصْدُقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى : (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
لَقَدْ فَجَعَ هَذَا الحَدَثُ الْغِرُّ مُجْتَمَعًا بِأَسْرِهِ ، وَكَدَّرَ عَلَى أَهْلِهِ وِأُسْرَتِهِ، وَجَعَلَ العِيْدَ عَلِيْهِمْ غَيْرَ سَعِيْدٍ . تَصَوَّرُوا حَالَ هَذِهِ الأُمِّ الَّتِي أَتَتْهَا الفَّاْجِعَةُ بِفِقْدَانِ ثَمَرَةِ فُؤَادِهَا ، وَحَشَاشَةِ قَلْبِهَا ؛ لَيْسَ لِأَنَّهُ مَاتَ فَقَطْ – مَعَ عِظَمِ مُصِيْبَةِ المُوْتِ- بِلْ وَلِأَنَّهُ القَاْتِلُ ، وَقَاتِلُ مَنْ ؟! قَاتِلُ شَقِيْقِهَا، وَقَاتِلُ نَفْسِهِ ، وَقَاتِلُ بَعْضِ رِجَالِ الأَمْنِ ؛ فَحَلَّتْ عَلِيْهَا بِثَوَانٍ مَصَائِبُ؛ لَوْ وُضِعَتْ عَلَى جَبَلٍ لَدَكَّتْهُ؛ وَلِسَانُ حَالِهَا يَقُولُ :
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَوْ أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَامِ صِرْنَّ لَيَالِيًا
فَمَنْ يَا تُرَى سَيُعَزِّيْهَا ؟ وَهَلْ بِمِـثْلِهِ يُعَزَّى ؟! إِنَّهَا مَفْجُوعَةٌ ، مَكْلُومَةٌ ، الكُلُّ نَاقِمٌ عَلَى اِبْنِهَا القَاتِلِ ، قَاتِلِ غَيْرِهِ، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ . لَقَدْ وَصَلَتْ بِهِمُ الدَّنَاءَةُ وَالحَقَارَةُ ، وَقِلَّةُ الدِّيَانَةِ إِلَى حَدِّ تَدْمِيْرِ المُجْتَمَعَاتِ، وَعُقُوْقُ الآبَاْءِ وَالأُمَهَاتِ، وَإِفْسَادِ حَيَاتِهِمْ.
فَأَيُّ قَسْوَةٍ تَحْمِلُهَا تِلْكَ القُلُوبُ الَّتِي هِيَ -وَرَبِّي- كَزُبَرِ الحَدِيْدِ ؟! دَمَّرُوا مُـجْتَمَعَاتِـهِمْ، وَكَدَّرُوا حَيَاةَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِـهِمْ، وَشَوَّهُوا صُورَةَ دِينِهِمْ ، وَأَسَاؤُوا لِبُلْدَانِـهِمْ؛ يُرِيدُونَ أَنْ يُـحَوِّلُوا أَمْنَنَا خَوْفًا، وَتَـجَـمُّعَنَا تَفُرُّقًا؛ وَلَكِنَّ اللهَ لَـهُمْ بِالْمَرْصَادِ .
عِبَادَ اللهِ، بِأَيِّ حَقٍّ تُبَاحُ دِمَاءُ رِجَالِ الأَمْنِ ؟! وَبِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ هَذِهِ الأَنْفُسُ الطَّاهِرَةُ ؟! وَمَا مُبَرِّرُ قَتْلِهَا ؟! وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: { وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ }؛بِلْ حَتَّى النَّفْسُ الَّتِي يُبَاحُ قَتْلُهَا بِالْـمُحِلَّاتِ الثَّلَاِثَةِ ؛ لَاُبُدَّ مِنْ حُكْمٍ قَضَائِيٍّ يَحْكُمُ بِهَا ، وَحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ يَقُومُ بِتَنْفِيْذِهَا . أَمَّا هَؤُلَاءِ المُفْسِدُونَ؛ فَلَا يَعْبَؤُوْنَ بِهَذِهِ الأُصُولِ، وَلَا َيَلْتَزِمُونَ بِهَذَا المَنْهَجِ؛ فَهُمْ أَهْلُ أَهْوَاءٍ . وَمَا عَلِمُوا أَنَّ أَعْظَمَ ذَنْبٍ اِعْتَبَرَهُ الإِسْلَاُم بَعْدَ الشِّرْكِ؛ هُوَ القَتْلُ، قَالَ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)؛ فَعَدَّ الْقُرُآنُ القَتْلَ؛ الذَّنْبَ الثَّانِيْ بَعْدَ الشِّرْكِ ، بِلْ وَمَا تُوُعِّدَ أَحَدٌ بِالْخُلُوْدِ فِيْ النَّارِ إِلَّا المُشْرِكَ، وَقَاتِلَ النَّفْسِ مِنْ َغْيْرِ تَوْبَةٍ فِيْ قَوْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وَقِيْلَ: إِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَاتِلِ النَّفْسِ ؛ الَّذِيْ مَاْتَ دُوْنَ أَنْ يَتُوْبَ؛وَهَذَا يُبَيِّـنُ لَنَا مَدَى عِظَمَ هَذِهِ الْـجَرِيـمَةِ، وَشِدَّةِ حُرْمَتِهَا؛ حَتَّى عُدَّتِ الكَبِيْرَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الشِّرْكِ، تُوُعِّدَ صَاحِبُهَا بِالْـخُلُودِ فِي النَّارِ ، حَتَّى قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : لَا َأَعْلَمُ ذَنْبًا فِي الإِسْلَامِ بَعْدَ الشِّرْكِ إِلَّا القَتْلُ. أَمَا قَرَؤُوا قَوْلَهُ تَعَالَى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)؛ فَانْظُرْ لِعِظَمِ جَرِيـمَةِ الْقَتْلِ؛ حَيْثَ جَعَلَ اللهُ قَتْلَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِـمَثَابَةِ قَتْلٍ للنَّاسِ جَـميعًا ؛ لِعِظَمِ هَذِهِ الْـجَرِيـمَةِ.
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَفْكَارِ المُنْحَلَّةِ، المُنْحَرِفَةِ، المَرِيْضَةِ، المُتَكَبِّرَةِ؛ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الْـحَقَّ إِلَّا مَعَهُمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْعِلْمَ إِلَّا عِنْدَهُمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْمُسْلِمَ إِلَّا هُمْ، ضَيِّقِي الْعَطَنِ؛ اِسْتَبَاحَ أَسْلَافُهُمْ قَتْلَ، عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَفْضَلَ أَهْلِ الأَرْضِ فِيْ َزَمَنِهِ؛ حَيْثُ كَاْنَ الْقَتَلَةُ حُدَثَاءَ فِيْ الإِسْلَامِ،وَكَانَ عُثْمَان، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِم ، أَو أَرْحَامِ أُمَهَاتِهِم ، أَوْ يَحْبُونَ عَلَى الأَرْضِ ؛ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ ، فَي المَعَارِكِ، وَيُهَاجِرُ الهُجْرَتَيْنِ فَارًّا بِدِيْنِهِ ، وَيُجَهِّزُ جَيْشَ العُسْرَةِ، وَيُزَوِّجُهُ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ، بِابْنَتَيهِ : الوَاحِدَةِ تِلْوَ الأُخْرَى ، بَلْ وَيَقُولُ عَنْهُ : «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ » رَوَاهُ التِّـرْمِذِيُّ وَغَيْـرُهُ؛ بِسَنَدٍ حَسَنٍ . وَمَعَ ذَلِكَ أَتَى هَذَا الفِكْرُ الضَّالُّ، وَأَبَاحَ قَتْلَهُ، وَعَدَّهُ قُرْبَةً إِلَى اللهِ ، وَيَالَهَا مِنْ قِتْلَةٍ ! حَيْثُ ظَنُّوا أَنْفُسَهُمْ صُلَحَاءَ، وَحَسِبُوهُ كَافِرًا مُرْتَدًّا ، سُبْحَانَ اللهِ! ثَالِثُ رَجُلٍ فِيْ الإِسْلَامِ- بَعْدَ الصِّدِيقِ وَالفَارُوْقِ- وَالْمُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ، بَلْ وَخِيـرَةُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي زَمَنِهِ، وَقَبْلَ وَفَاتِهِ؛ يَحْكُمُونَ عَلِيْهِ بِهَذَا الحُكْمِ؟! ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ غَيْرُ بَعِيْدٍ؛ فَارْتَأَى هَذَا الفِكْرُ المُنْحَرِفُ الَّذِيْ لَمْ تُؤَثِّرُ فِي أَصْحَابِهِ صَلَاتُهُمْ، وَلَا صِيَامُهُمْ، وَلَا تِلَاوَتُهُمْ لِلْقُرْآنِ؛ وَاخْتَارُوا أَفْضَلَ رَجُلٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِيْ زَمَنِهِمْ، وَالمُبَشَّرَ بِالْجَنَّةِ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَّنَ اللهَ يُحِبُّهُ وَرَسُولَهُ ، وَأَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسَولَهُ ، وَمَنْ رَبَّاهُ الرَّسُولُ عَلَى يَدِهِ وَزَوَّجَهُ مِنْ اِبْنَتِهِ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ لِيَحْكُمُوا بِرِدَّتِهِ ، وَيَقْطَعُوا بِكُفْرِهِ ، وَيَنْبَرِي أَحَدُ العُبَّادِ فَيْ زَمَنِهِ؛ لِيَفُوزَ عِنْدَهُمْ بِقَتْلِهِ قُرْبَةً إِلَى اللهِ . تَصَوَّرُوا َيُقْتَلُ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قُرْبَةً للهِ ! كَمَا قُتِلَ قَبْلَهُ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قُرْبَةً إِلَى اللهِ؛ وافتَخَرَ شاعرُ الخوارجِ عِمْرَانُ بنُ حِطَانَ –أَخْزَاهُ اللهُ - بِاِبْنِ مُلْجِمٍ – أَخْزَاهُ اللهَ- قَاتِلِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فقَالَ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا *** إِلاَّ ليبلغَ مِنْ ذِي العرشِ رِضْوانَا
إنِّي لأذكُرُهُ حيناً فأحسبُهُ *** أوفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ ميزانَا
فردَّ الفقيهُ الطَّبريُّ عَلَى عِمْرِانَ بْنِ حِطَّانَ قَائِلاً :
يَا ضربةً مِنْ شَقِيٍّ مَا أرادَ بِهَا إِلَّا ليهدمَ مِنْ ذِي العرشِ أرْكَانًا
إنِي لأذْكُرُهُ يومًا فَأَلْعَنُهُ وَأَلْعَنُ الرجْسَ عِمَرانَ بْنَ حِطَّانَا
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ حسَّانَ الباهلِيِّ :
قُل لابنِ مُلجمٍ والأقدارُ غالبةٌ هَدَمْتَ وَيْلَكَ لِلإِسْلَامِ أَرْكَانَا
فَانْظُرْ : كَيْفَ جَعَلُوْا قَتْلَ خِيْرَةِ خَلْقِ اللهِ فِيْ زَمَنِهِمَا : عَثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قُرْبَةً إِلَى اللهِ؟! وَهَا هُمْ إِخْوَانُهُمْ، وَالْمُتَأَثِّرُونَ بِـمَنْهَجِهِمْ؛ يَقْتُلُونُ أَهْلَ الْإِسْلَامِ؛ قُرْبَةً إِلَى اللهِ .
أَلَّا بِئْسَ الْقَاتِلُ ! وَبِئْسَتِ الْقُرْبَةُ !
إِنَّ هَذَا الفِكْرَ المُنْحَرِفَ الضَّالَّ ، الَّذِيْ يَسْتَقْطِبُ حُدَثَاءَ الأَسْنَانِ، الَّذِيْنَ لَمْ تُشَّكَلْ عُقُولَهُمْ بَعْدُ، يُسْتَغَلُّ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَاِد التَّوحِيْدِ بِأَبْشَعِ صُوْرَةٍ ، وَأَقُوْلُهَا وَأَنَا عَلَى هَذَا المِنْبَرِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْهَا أَمَامَ اللهِ، فِيْمَا ظَهَرَ لِي مِنْ الدَّلَائِلِ : إِنَّ هَذَا الفِكْرَ الضَّالَّ مُوَجَّهٌ بِأَصْلِهِ وَأُسِّهِ؛ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَادِ الحَرَمِيْنِ، وَمَهْبِطِ الوَحْيِّ، وَمَعْقِلِ التَّوحِيدِ ؛ وَمَا أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ يُرْسِلُ بَعْضَ أَبْنَاءِ بِلَادِ التَّوحِيْدِ لِلْتَّفْجِيْرِ فِيْ بِلَادِهِمْ، وَبُلْدَانٍ أُخْرَى ؛ فَهَلْ كَانَ يَعْجَزُ قَادَتُهُم - وُهُمْ يَضُمُّونَ عَشَرَاتِ الْـجِنْسِيَّاتِ - وَأَعْدَادُهُمْ تَتَجَاوَزُ عَشَرَاتِ الآلَافِ- أَنْ يَسْتَخْدِمُوا غَيْرَ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا ؟ فَلُوْ كَانُوْا لَا يَهْدِفُوْنَ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَادِنَا، فَلِمَاذَا يُرْسِلُونَ مَنْ غُرِّرَ بِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا؛ َلِلْتَفْجِيْرِ فِيْ البُلْدَانِ الأُخْرَى ؟! فَهَلْ كَانُوا عَاجِزِيْنَ عَنْ أَنْ يُرْسِلُوا لِكُلِّ بَلَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ بِلَادِهِ، أَو يِرْسِلُوا إِلَى بِلَادِنَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا مِنْ أَبْنَاءِ بُلْدَانٍ أُخْرَى؟ إِنَّ هَذِهِ القَرِيْنَةَ دَالَّةٌ دِلَالَةً أَكِيْدَةً عَلَى أَنَّ أَمْنَ بِلَادِنَا، وَإِيْمَانَ بِلَادِنَا، وَوَحْدَةِ بِلَادِنَا؛ قَدْ أَقَضَّتْ وَأَرَّقَتْ مَضَاجِعَهُمْ، وَزَرَعَتِ الأَضْغَانَ فِيْ قُلُوبِهِمْ، إِنَّنَا لَا ُنقِرُّ أَيَّ عَمَلٍ إِجْرَامِيٍّ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ تَدْمِيْرٍ، فِيْ أَيِّ بَلَدٍ كَانَ، وَإِنَّمَا الَمَقْصُودُ أَنْ نُقَرِّبَ هَذَا لِلأَذْهَانِ، وَنُوَضِّحَ الحُجَّةَ السَّاطِعَةَ لِلأَنَامِ، عَلَى فَسَادِهِمْ، وَسَوءِ نَوَايَاهُمْ. وَبِأَنَّ بِلَادَنَا هِيَ الْهَدَفُ الْأَوَّلُ لِهَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِينَ، الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ الْمَنْهَجِ .
حَـمَى اللهُ بِلَادَنَا وَوُلَاتَنَا، وَأَهْلِينَا ، وَشَبَابَنَا، وَأَبْنَاءَنَا َوذَرَارِينَا، وَأَنْفُسَنَا مِنْ شَرِّهِمْ، وَوَقَى الْبَلَادَ وَالْعِبَادَ مِنْ فَسَادِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ؛ إِنَّهُ وَليُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ، أَقُوُلُ لِلآبَاِء وَالأُمْهَاتِ: اِقْتَرِبُوا مِنْ أَبْنَائِكُمْ، رَاقِبُوْا تَصَرُّفَاتِهِم، وَجِّهُوهُمْ بِالِلِّيْنِ وَالْحِكْمَةِ، تَعَرَّفُوْا عَلَى أَصْحَابِهِم، تَبَاسَطُوا مَعَهُم، لَا َتَكُنْ بَيْنَكُم وَبَيْنَهُمْ فَجْوَةٌ. لَقَدْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب ِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، آلَافٌ لَمْ يَتَجَاوَزُوا العِشْرِيْنَ ، وَعَشَرَاتٌ لَمْ يُنَاهِزُوا الحُلُمَ، لِيَسْأَلَ الوَاحِدُ نَفْسَهُ: هَلْ جَالَسَ أَبْنَاءَهُ، وَأَصْحَابَ أَبْنَائِهِ، وَأَزَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم الفَجْوَةَ ؟ إِنَّ مُلَاطَفَةَ الأَبْنَاءِ ، وَأَصْحَابِهِم وَمُجَالَسَتَهِمْ ؛ يَخْتَصِرُ الْوَقْتَ لِمَعْرِفَةِ الْأَفْكَارِ، وَيَزْرَعُ الاِطْمِئْنَانَ ، أَوْ الْبَدْءُ فِيْ الْعِلَاجِ؛ إِذَا ظَهَرَ أَنَّ هُنَاكَ خَلَلًا؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ الْفِكْرِ الضَّالِ لَا يَصْبِرُوْنَ طَوِيلًا عَلَى الْبْوْحِ بِأَفْكَارِهِم؛ فَإِنْ لَمْ يَبُوحُوا بِهَا بِصَرَاحَةِ قَوْلِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ خِلَالِ زَلَّاتِ أَلْسِنَتِهِمْ ، وَلَحْنِ أَقْوَالِهِم ؛ وَاِحْرِصْ عَلَى أَلَّا يُفْهَمَ أَنَّ هَدَفَكَ مِنَ الْجِلْسَةِ الْتَّفْتِيْشُ وَالْتَّدْقِيْقُ ؛ وَإِنَّمَا الِاطْمِئْنَانُ . وَمَا جَالَسَ أَبٌ جُلَسَاءَ أَبْنَائِهِ إِلَّا اِنْشَرَحَ صَدْرُ اِبْنِهِ ، وِسَعِدَتْ بِذَلِكَ نَفْسُهُ . كَذَلِكَ اِحْرِصْ أَنْ تَكُوْنَ مُتَابِعًا لِابْنِكِ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ ؛ فَإِنْ رِأَيْتَهُ يَأْبَى ذَلِكَ فَصَارِحْهُ ، وَقُلْ لَهُ:مَا الَّذِي تُخْفِيْهِ عَنِّي؟ فَمَا تُخْفِيْهِ عَنِّي أَوْلَىْ أَلَّا تُبَارِزَ بِهِ رَبَّكَ. يَقُولُ أَحَدُ الْأَكَادِمِيِّينَ: اِقْتَرَحَ أَحَدُ أَصْحَابُ أَبِيْ عَلَيهِ أَنْ يَضَعَ تِلْفَازًا خَاصًّا َلُه؛ فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا أَسْتَحِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ أَمَامَ أَبْنَائِي؛ أَوْلَى أَنْ أَسْتَحِيَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ أَمَامَ رَبِّي . بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمُقْنِعَةِ ، وَالأُبُوَّةِ الحَانِيَةِ؛ تَزُولُ الْفَوَارِقُ، وتَسْتَطِيْعُ أَنْ تَصِلَ إِلَى قَلْبِ اِبْنِكَ، وَعَقْلِهِ، وَعَقْلِ أَصْحَابِهِ ؛ فَالْوَضْعُ لَمْ يَعُدْ يَحْتَمِلُ مَزِيْدًا مِنَ الْضَّحَايَا: الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ . إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ أَنَّ مَصَادِرَ الْمَعَارِفِ الرَّئِيسَةَ لِهَذِهِ الْتَّنْظِيْمَاتِ الْضَّالَةِ؛ هِيَ المَوَاقِعُ الإِلْكِتْرُونِيَّةُ، وَلَيْسَتْ الْمَنَاهِجُ الْتَّعْلِيْمِيَّةُ؛ لَا فِي بِلَادِنَا، وَلَا بِلَادِ غَيْرِهَا ، وَقَدْ رَأَيْنَا غَرْبِيِّينَ لَيْسَ فِي مَنَاهِجِهِم آيَةٌ وَلَا َحَدِيثٌ ؛ بَلْ فِيهَا نَقِيْضُ ذَلِكَ؛ اِنْضَمَّ مِنْ مُوَاطِنِيْهَا مَنْ اِنْضَمَّ إِلَى تِلْكَ التَّنْظِيْمَاتِ .
عِبَادَ اللهِ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الكَثِيْرَ مِنَ الآبَاءِ صُعِقُوا، وَصُدِمُوا؛ أَنَّ أَبْنَاءَهُمْ قَدْ اِنْضَمُّوا إِلَى هَذِهِ التَّنْظِيْمَاتِ، بَلْ وَمَا ظَنُّوا أَنَّ أَبْنَاءَهُمْ يَحْمِلُونَ هَذِهِ الأَفْكَارَ؛ إِلَّا بَعْدَ غِيَابٍ مُفَاجِئٍ لِلاِبْنِ، يَعْقُبُهُ اِتَّصَالٌ مِنْهُ يُخْبِرُهُ بِتَوَاجُدِهِ بِمَوَاطِنِ الْفِتْنَةِ ؛ لِيَزِيْدُوا الأَبَ أَلَمًا فَوُقَ أَلَمِهِ، وَالأُمَّ حُرْقَةً عَلَى حُرْقَتِهَا؛ فَتِلْكَ الْتَّنْظِيْمَاتُ يَقُومُ عَلَيْهَا قُسَاةُ الْقُلُوبِ، وَيُدِيْرُهَا مَنْزُوعُو الْرَّحْمَةِ، وَيُحَرِّكُهَا فَاقِدُو الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ . مَعَاشِرَ الآبَاءِ، لَا تَنْسَوا أَبْنَاءَكُمْ مِنْ الْدُّعَاءِ لَهُمْ، وَتَعْوِيْذِهِمْ مِنْ الْشَّيْطَانِ وَشَرْكِه ، وَحَثِّهِمْ عَلَى الْصَّلَاةِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرُآنِ، وَالْرِّفْقَةِ الْطَّيِّبَةِ، وَتَحْفِيْزِهِم عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحَلَقَاتِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ فَهِيَ سِيَاجٌ آمِنٌ بِحَولِ اللهِ . فَإِنَّ مَنْ ضَلَّ مِنْ هَؤُلَاءِ غَالِبُهُمْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ، وَلَا مَعْرِفَةً، وَلَا يَعْرِفُونَ القُرُآنَ وَلَا أَهْلَهُ؛ إِلَّا شَوَاذٌّ مِنْهُم، لَا يُشَكِّلُونَ نِسْبَةَ وَاحِدٍ بِالمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَقلَّ .
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا,لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ،وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
إنَّ الحمدَ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، أَقْبَلَتْ فِتَنُنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ فِتَنُنٌ يَحَارُ فِيْهَا العَاقِلُ، لَيْسَ مِنْ هَوْلِهَا فَحَسْبُ، وَلَكِنْ مِنْ قُدْرَةِ أَرْبَابِهَا عَلَى التَّأْثِيْرِ عَلَى عُقُوْلِ النَّاشِئَةِ مَعَ وُضُوْحِ بَاْطِلِهِمْ، وَاِنْكِشَافِ مَقَاصِدِهِمْ . فِتَنُنٌ اِسْتَرْخَصَ أَرْبَابُهَا الدِّمَاءَ، لَقَدْ بَدَأَتْ هَذِهِ الفِتْنَةُ بِقَتْلِ الذِّمِيِّيِنَ وَالمُعَاهَدِيْنَ، وَاِسْتِحْلَاِلِ دِمَائِهِمْ؛ رِادِّيْنَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَبَرَّرُوْا ذَلِكَ بِتَبْرِيْرَاتٍ مَا قَبِلَ بِهَا إِلَّا أَصْحَابُ الأَهَوْاءِ وَالشَّهَوَاتِ. ثُمَّ تَطَوَّرَتْ فِتْنَتُهُمْ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى التَّفْجِيْرِ، وَأَيْنَ ؟! فِي بِلَادِ الْحَرَمِيْنِ؛ حَيْثُ فَجَّرُوا الْمُجَمَّعَاتِ السَّكَنِيَّةَ، وَالْمَقَارَّ الْحُكُوْمِيَّةَ؛فَرَاحَ ضَحِيَتَهَا المِئَاتُ مِنَ المُوَاطِنِيْنَ وَالمُعَاهَدِينَ، وَهَدَّمُوا مَبَانٍ، وَعَطَّلُوا مَصَالِحَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَصَوَّرُ أَنْ تَتَطَوَّرَ هَذِهِ الْأَفْكَارُ حتَّى تَصِلَ إِلَى قَتْلِ الأَقَارِبِ،عَمْدًا وَقَصْدًا؛ بَلْ وَأَقْرَبِ الأَقَارِبِ، فَصَدَقَ عَلِيْهِمْ قَوْلُ الحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) . فَإِذَا كَانَ قَطْعُ الرَّحِمِ فِي الإِسْلَامِ جُرْمًا عَظِيْمًا، وَفَسَادًا كَبِيْرًا؛ فَكَيْفَ بِقَتْلِهِ ؟! لَقَدْ اِسْتَبَاحَتْ هَذِهِ الأَفْكَارُ دِمَاءَ رِجَالِ الأَمْنِ، مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَبَاعِدِ؛ بَلْ وَحَثَّتْ عَلَى إِرَاْقَةِ دِمَاءِ رِجَالِ الأَمْنِ الأَقَارِبِ خَاصَّةً ؛ حَتَّى وَجَدْنَا مَنْ يَغْدُرُ بِخَالِهِ فَيَقْتُلُهُ ، بِأَبْشَعِ قِتْلَةٍ ، وَيَذْبُـحُهُ بِأَسْوَءِ ذِبْـَحَةٍ ، وَلَا َحَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ! وَيَصْدُقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى : (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
لَقَدْ فَجَعَ هَذَا الحَدَثُ الْغِرُّ مُجْتَمَعًا بِأَسْرِهِ ، وَكَدَّرَ عَلَى أَهْلِهِ وِأُسْرَتِهِ، وَجَعَلَ العِيْدَ عَلِيْهِمْ غَيْرَ سَعِيْدٍ . تَصَوَّرُوا حَالَ هَذِهِ الأُمِّ الَّتِي أَتَتْهَا الفَّاْجِعَةُ بِفِقْدَانِ ثَمَرَةِ فُؤَادِهَا ، وَحَشَاشَةِ قَلْبِهَا ؛ لَيْسَ لِأَنَّهُ مَاتَ فَقَطْ – مَعَ عِظَمِ مُصِيْبَةِ المُوْتِ- بِلْ وَلِأَنَّهُ القَاْتِلُ ، وَقَاتِلُ مَنْ ؟! قَاتِلُ شَقِيْقِهَا، وَقَاتِلُ نَفْسِهِ ، وَقَاتِلُ بَعْضِ رِجَالِ الأَمْنِ ؛ فَحَلَّتْ عَلِيْهَا بِثَوَانٍ مَصَائِبُ؛ لَوْ وُضِعَتْ عَلَى جَبَلٍ لَدَكَّتْهُ؛ وَلِسَانُ حَالِهَا يَقُولُ :
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَوْ أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَامِ صِرْنَّ لَيَالِيًا
فَمَنْ يَا تُرَى سَيُعَزِّيْهَا ؟ وَهَلْ بِمِـثْلِهِ يُعَزَّى ؟! إِنَّهَا مَفْجُوعَةٌ ، مَكْلُومَةٌ ، الكُلُّ نَاقِمٌ عَلَى اِبْنِهَا القَاتِلِ ، قَاتِلِ غَيْرِهِ، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ . لَقَدْ وَصَلَتْ بِهِمُ الدَّنَاءَةُ وَالحَقَارَةُ ، وَقِلَّةُ الدِّيَانَةِ إِلَى حَدِّ تَدْمِيْرِ المُجْتَمَعَاتِ، وَعُقُوْقُ الآبَاْءِ وَالأُمَهَاتِ، وَإِفْسَادِ حَيَاتِهِمْ.
فَأَيُّ قَسْوَةٍ تَحْمِلُهَا تِلْكَ القُلُوبُ الَّتِي هِيَ -وَرَبِّي- كَزُبَرِ الحَدِيْدِ ؟! دَمَّرُوا مُـجْتَمَعَاتِـهِمْ، وَكَدَّرُوا حَيَاةَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِـهِمْ، وَشَوَّهُوا صُورَةَ دِينِهِمْ ، وَأَسَاؤُوا لِبُلْدَانِـهِمْ؛ يُرِيدُونَ أَنْ يُـحَوِّلُوا أَمْنَنَا خَوْفًا، وَتَـجَـمُّعَنَا تَفُرُّقًا؛ وَلَكِنَّ اللهَ لَـهُمْ بِالْمَرْصَادِ .
عِبَادَ اللهِ، بِأَيِّ حَقٍّ تُبَاحُ دِمَاءُ رِجَالِ الأَمْنِ ؟! وَبِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ هَذِهِ الأَنْفُسُ الطَّاهِرَةُ ؟! وَمَا مُبَرِّرُ قَتْلِهَا ؟! وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: { وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ }؛بِلْ حَتَّى النَّفْسُ الَّتِي يُبَاحُ قَتْلُهَا بِالْـمُحِلَّاتِ الثَّلَاِثَةِ ؛ لَاُبُدَّ مِنْ حُكْمٍ قَضَائِيٍّ يَحْكُمُ بِهَا ، وَحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ يَقُومُ بِتَنْفِيْذِهَا . أَمَّا هَؤُلَاءِ المُفْسِدُونَ؛ فَلَا يَعْبَؤُوْنَ بِهَذِهِ الأُصُولِ، وَلَا َيَلْتَزِمُونَ بِهَذَا المَنْهَجِ؛ فَهُمْ أَهْلُ أَهْوَاءٍ . وَمَا عَلِمُوا أَنَّ أَعْظَمَ ذَنْبٍ اِعْتَبَرَهُ الإِسْلَاُم بَعْدَ الشِّرْكِ؛ هُوَ القَتْلُ، قَالَ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)؛ فَعَدَّ الْقُرُآنُ القَتْلَ؛ الذَّنْبَ الثَّانِيْ بَعْدَ الشِّرْكِ ، بِلْ وَمَا تُوُعِّدَ أَحَدٌ بِالْخُلُوْدِ فِيْ النَّارِ إِلَّا المُشْرِكَ، وَقَاتِلَ النَّفْسِ مِنْ َغْيْرِ تَوْبَةٍ فِيْ قَوْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وَقِيْلَ: إِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَاتِلِ النَّفْسِ ؛ الَّذِيْ مَاْتَ دُوْنَ أَنْ يَتُوْبَ؛وَهَذَا يُبَيِّـنُ لَنَا مَدَى عِظَمَ هَذِهِ الْـجَرِيـمَةِ، وَشِدَّةِ حُرْمَتِهَا؛ حَتَّى عُدَّتِ الكَبِيْرَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الشِّرْكِ، تُوُعِّدَ صَاحِبُهَا بِالْـخُلُودِ فِي النَّارِ ، حَتَّى قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : لَا َأَعْلَمُ ذَنْبًا فِي الإِسْلَامِ بَعْدَ الشِّرْكِ إِلَّا القَتْلُ. أَمَا قَرَؤُوا قَوْلَهُ تَعَالَى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)؛ فَانْظُرْ لِعِظَمِ جَرِيـمَةِ الْقَتْلِ؛ حَيْثَ جَعَلَ اللهُ قَتْلَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِـمَثَابَةِ قَتْلٍ للنَّاسِ جَـميعًا ؛ لِعِظَمِ هَذِهِ الْـجَرِيـمَةِ.
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَفْكَارِ المُنْحَلَّةِ، المُنْحَرِفَةِ، المَرِيْضَةِ، المُتَكَبِّرَةِ؛ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الْـحَقَّ إِلَّا مَعَهُمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْعِلْمَ إِلَّا عِنْدَهُمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْمُسْلِمَ إِلَّا هُمْ، ضَيِّقِي الْعَطَنِ؛ اِسْتَبَاحَ أَسْلَافُهُمْ قَتْلَ، عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَفْضَلَ أَهْلِ الأَرْضِ فِيْ َزَمَنِهِ؛ حَيْثُ كَاْنَ الْقَتَلَةُ حُدَثَاءَ فِيْ الإِسْلَامِ،وَكَانَ عُثْمَان، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِم ، أَو أَرْحَامِ أُمَهَاتِهِم ، أَوْ يَحْبُونَ عَلَى الأَرْضِ ؛ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ ، فَي المَعَارِكِ، وَيُهَاجِرُ الهُجْرَتَيْنِ فَارًّا بِدِيْنِهِ ، وَيُجَهِّزُ جَيْشَ العُسْرَةِ، وَيُزَوِّجُهُ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ، بِابْنَتَيهِ : الوَاحِدَةِ تِلْوَ الأُخْرَى ، بَلْ وَيَقُولُ عَنْهُ : «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ » رَوَاهُ التِّـرْمِذِيُّ وَغَيْـرُهُ؛ بِسَنَدٍ حَسَنٍ . وَمَعَ ذَلِكَ أَتَى هَذَا الفِكْرُ الضَّالُّ، وَأَبَاحَ قَتْلَهُ، وَعَدَّهُ قُرْبَةً إِلَى اللهِ ، وَيَالَهَا مِنْ قِتْلَةٍ ! حَيْثُ ظَنُّوا أَنْفُسَهُمْ صُلَحَاءَ، وَحَسِبُوهُ كَافِرًا مُرْتَدًّا ، سُبْحَانَ اللهِ! ثَالِثُ رَجُلٍ فِيْ الإِسْلَامِ- بَعْدَ الصِّدِيقِ وَالفَارُوْقِ- وَالْمُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ، بَلْ وَخِيـرَةُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي زَمَنِهِ، وَقَبْلَ وَفَاتِهِ؛ يَحْكُمُونَ عَلِيْهِ بِهَذَا الحُكْمِ؟! ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ غَيْرُ بَعِيْدٍ؛ فَارْتَأَى هَذَا الفِكْرُ المُنْحَرِفُ الَّذِيْ لَمْ تُؤَثِّرُ فِي أَصْحَابِهِ صَلَاتُهُمْ، وَلَا صِيَامُهُمْ، وَلَا تِلَاوَتُهُمْ لِلْقُرْآنِ؛ وَاخْتَارُوا أَفْضَلَ رَجُلٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِيْ زَمَنِهِمْ، وَالمُبَشَّرَ بِالْجَنَّةِ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَّنَ اللهَ يُحِبُّهُ وَرَسُولَهُ ، وَأَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسَولَهُ ، وَمَنْ رَبَّاهُ الرَّسُولُ عَلَى يَدِهِ وَزَوَّجَهُ مِنْ اِبْنَتِهِ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ لِيَحْكُمُوا بِرِدَّتِهِ ، وَيَقْطَعُوا بِكُفْرِهِ ، وَيَنْبَرِي أَحَدُ العُبَّادِ فَيْ زَمَنِهِ؛ لِيَفُوزَ عِنْدَهُمْ بِقَتْلِهِ قُرْبَةً إِلَى اللهِ . تَصَوَّرُوا َيُقْتَلُ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قُرْبَةً للهِ ! كَمَا قُتِلَ قَبْلَهُ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قُرْبَةً إِلَى اللهِ؛ وافتَخَرَ شاعرُ الخوارجِ عِمْرَانُ بنُ حِطَانَ –أَخْزَاهُ اللهُ - بِاِبْنِ مُلْجِمٍ – أَخْزَاهُ اللهَ- قَاتِلِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فقَالَ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا *** إِلاَّ ليبلغَ مِنْ ذِي العرشِ رِضْوانَا
إنِّي لأذكُرُهُ حيناً فأحسبُهُ *** أوفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ ميزانَا
فردَّ الفقيهُ الطَّبريُّ عَلَى عِمْرِانَ بْنِ حِطَّانَ قَائِلاً :
يَا ضربةً مِنْ شَقِيٍّ مَا أرادَ بِهَا إِلَّا ليهدمَ مِنْ ذِي العرشِ أرْكَانًا
إنِي لأذْكُرُهُ يومًا فَأَلْعَنُهُ وَأَلْعَنُ الرجْسَ عِمَرانَ بْنَ حِطَّانَا
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ حسَّانَ الباهلِيِّ :
قُل لابنِ مُلجمٍ والأقدارُ غالبةٌ هَدَمْتَ وَيْلَكَ لِلإِسْلَامِ أَرْكَانَا
فَانْظُرْ : كَيْفَ جَعَلُوْا قَتْلَ خِيْرَةِ خَلْقِ اللهِ فِيْ زَمَنِهِمَا : عَثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قُرْبَةً إِلَى اللهِ؟! وَهَا هُمْ إِخْوَانُهُمْ، وَالْمُتَأَثِّرُونَ بِـمَنْهَجِهِمْ؛ يَقْتُلُونُ أَهْلَ الْإِسْلَامِ؛ قُرْبَةً إِلَى اللهِ .
أَلَّا بِئْسَ الْقَاتِلُ ! وَبِئْسَتِ الْقُرْبَةُ !
إِنَّ هَذَا الفِكْرَ المُنْحَرِفَ الضَّالَّ ، الَّذِيْ يَسْتَقْطِبُ حُدَثَاءَ الأَسْنَانِ، الَّذِيْنَ لَمْ تُشَّكَلْ عُقُولَهُمْ بَعْدُ، يُسْتَغَلُّ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَاِد التَّوحِيْدِ بِأَبْشَعِ صُوْرَةٍ ، وَأَقُوْلُهَا وَأَنَا عَلَى هَذَا المِنْبَرِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْهَا أَمَامَ اللهِ، فِيْمَا ظَهَرَ لِي مِنْ الدَّلَائِلِ : إِنَّ هَذَا الفِكْرَ الضَّالَّ مُوَجَّهٌ بِأَصْلِهِ وَأُسِّهِ؛ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَادِ الحَرَمِيْنِ، وَمَهْبِطِ الوَحْيِّ، وَمَعْقِلِ التَّوحِيدِ ؛ وَمَا أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ يُرْسِلُ بَعْضَ أَبْنَاءِ بِلَادِ التَّوحِيْدِ لِلْتَّفْجِيْرِ فِيْ بِلَادِهِمْ، وَبُلْدَانٍ أُخْرَى ؛ فَهَلْ كَانَ يَعْجَزُ قَادَتُهُم - وُهُمْ يَضُمُّونَ عَشَرَاتِ الْـجِنْسِيَّاتِ - وَأَعْدَادُهُمْ تَتَجَاوَزُ عَشَرَاتِ الآلَافِ- أَنْ يَسْتَخْدِمُوا غَيْرَ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا ؟ فَلُوْ كَانُوْا لَا يَهْدِفُوْنَ لِتَشْوِيْهِ صُوْرَةِ بِلَادِنَا، فَلِمَاذَا يُرْسِلُونَ مَنْ غُرِّرَ بِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا؛ َلِلْتَفْجِيْرِ فِيْ البُلْدَانِ الأُخْرَى ؟! فَهَلْ كَانُوا عَاجِزِيْنَ عَنْ أَنْ يُرْسِلُوا لِكُلِّ بَلَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ بِلَادِهِ، أَو يِرْسِلُوا إِلَى بِلَادِنَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا مِنْ أَبْنَاءِ بُلْدَانٍ أُخْرَى؟ إِنَّ هَذِهِ القَرِيْنَةَ دَالَّةٌ دِلَالَةً أَكِيْدَةً عَلَى أَنَّ أَمْنَ بِلَادِنَا، وَإِيْمَانَ بِلَادِنَا، وَوَحْدَةِ بِلَادِنَا؛ قَدْ أَقَضَّتْ وَأَرَّقَتْ مَضَاجِعَهُمْ، وَزَرَعَتِ الأَضْغَانَ فِيْ قُلُوبِهِمْ، إِنَّنَا لَا ُنقِرُّ أَيَّ عَمَلٍ إِجْرَامِيٍّ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ تَدْمِيْرٍ، فِيْ أَيِّ بَلَدٍ كَانَ، وَإِنَّمَا الَمَقْصُودُ أَنْ نُقَرِّبَ هَذَا لِلأَذْهَانِ، وَنُوَضِّحَ الحُجَّةَ السَّاطِعَةَ لِلأَنَامِ، عَلَى فَسَادِهِمْ، وَسَوءِ نَوَايَاهُمْ. وَبِأَنَّ بِلَادَنَا هِيَ الْهَدَفُ الْأَوَّلُ لِهَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِينَ، الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ الْمَنْهَجِ .
حَـمَى اللهُ بِلَادَنَا وَوُلَاتَنَا، وَأَهْلِينَا ، وَشَبَابَنَا، وَأَبْنَاءَنَا َوذَرَارِينَا، وَأَنْفُسَنَا مِنْ شَرِّهِمْ، وَوَقَى الْبَلَادَ وَالْعِبَادَ مِنْ فَسَادِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ؛ إِنَّهُ وَليُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ، أَقُوُلُ لِلآبَاِء وَالأُمْهَاتِ: اِقْتَرِبُوا مِنْ أَبْنَائِكُمْ، رَاقِبُوْا تَصَرُّفَاتِهِم، وَجِّهُوهُمْ بِالِلِّيْنِ وَالْحِكْمَةِ، تَعَرَّفُوْا عَلَى أَصْحَابِهِم، تَبَاسَطُوا مَعَهُم، لَا َتَكُنْ بَيْنَكُم وَبَيْنَهُمْ فَجْوَةٌ. لَقَدْ كَانَ مِنْ أَصْحَاب ِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، آلَافٌ لَمْ يَتَجَاوَزُوا العِشْرِيْنَ ، وَعَشَرَاتٌ لَمْ يُنَاهِزُوا الحُلُمَ، لِيَسْأَلَ الوَاحِدُ نَفْسَهُ: هَلْ جَالَسَ أَبْنَاءَهُ، وَأَصْحَابَ أَبْنَائِهِ، وَأَزَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم الفَجْوَةَ ؟ إِنَّ مُلَاطَفَةَ الأَبْنَاءِ ، وَأَصْحَابِهِم وَمُجَالَسَتَهِمْ ؛ يَخْتَصِرُ الْوَقْتَ لِمَعْرِفَةِ الْأَفْكَارِ، وَيَزْرَعُ الاِطْمِئْنَانَ ، أَوْ الْبَدْءُ فِيْ الْعِلَاجِ؛ إِذَا ظَهَرَ أَنَّ هُنَاكَ خَلَلًا؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ الْفِكْرِ الضَّالِ لَا يَصْبِرُوْنَ طَوِيلًا عَلَى الْبْوْحِ بِأَفْكَارِهِم؛ فَإِنْ لَمْ يَبُوحُوا بِهَا بِصَرَاحَةِ قَوْلِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ خِلَالِ زَلَّاتِ أَلْسِنَتِهِمْ ، وَلَحْنِ أَقْوَالِهِم ؛ وَاِحْرِصْ عَلَى أَلَّا يُفْهَمَ أَنَّ هَدَفَكَ مِنَ الْجِلْسَةِ الْتَّفْتِيْشُ وَالْتَّدْقِيْقُ ؛ وَإِنَّمَا الِاطْمِئْنَانُ . وَمَا جَالَسَ أَبٌ جُلَسَاءَ أَبْنَائِهِ إِلَّا اِنْشَرَحَ صَدْرُ اِبْنِهِ ، وِسَعِدَتْ بِذَلِكَ نَفْسُهُ . كَذَلِكَ اِحْرِصْ أَنْ تَكُوْنَ مُتَابِعًا لِابْنِكِ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ ؛ فَإِنْ رِأَيْتَهُ يَأْبَى ذَلِكَ فَصَارِحْهُ ، وَقُلْ لَهُ:مَا الَّذِي تُخْفِيْهِ عَنِّي؟ فَمَا تُخْفِيْهِ عَنِّي أَوْلَىْ أَلَّا تُبَارِزَ بِهِ رَبَّكَ. يَقُولُ أَحَدُ الْأَكَادِمِيِّينَ: اِقْتَرَحَ أَحَدُ أَصْحَابُ أَبِيْ عَلَيهِ أَنْ يَضَعَ تِلْفَازًا خَاصًّا َلُه؛ فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا أَسْتَحِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ أَمَامَ أَبْنَائِي؛ أَوْلَى أَنْ أَسْتَحِيَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهِ أَمَامَ رَبِّي . بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمُقْنِعَةِ ، وَالأُبُوَّةِ الحَانِيَةِ؛ تَزُولُ الْفَوَارِقُ، وتَسْتَطِيْعُ أَنْ تَصِلَ إِلَى قَلْبِ اِبْنِكَ، وَعَقْلِهِ، وَعَقْلِ أَصْحَابِهِ ؛ فَالْوَضْعُ لَمْ يَعُدْ يَحْتَمِلُ مَزِيْدًا مِنَ الْضَّحَايَا: الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ . إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ أَنَّ مَصَادِرَ الْمَعَارِفِ الرَّئِيسَةَ لِهَذِهِ الْتَّنْظِيْمَاتِ الْضَّالَةِ؛ هِيَ المَوَاقِعُ الإِلْكِتْرُونِيَّةُ، وَلَيْسَتْ الْمَنَاهِجُ الْتَّعْلِيْمِيَّةُ؛ لَا فِي بِلَادِنَا، وَلَا بِلَادِ غَيْرِهَا ، وَقَدْ رَأَيْنَا غَرْبِيِّينَ لَيْسَ فِي مَنَاهِجِهِم آيَةٌ وَلَا َحَدِيثٌ ؛ بَلْ فِيهَا نَقِيْضُ ذَلِكَ؛ اِنْضَمَّ مِنْ مُوَاطِنِيْهَا مَنْ اِنْضَمَّ إِلَى تِلْكَ التَّنْظِيْمَاتِ .
عِبَادَ اللهِ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الكَثِيْرَ مِنَ الآبَاءِ صُعِقُوا، وَصُدِمُوا؛ أَنَّ أَبْنَاءَهُمْ قَدْ اِنْضَمُّوا إِلَى هَذِهِ التَّنْظِيْمَاتِ، بَلْ وَمَا ظَنُّوا أَنَّ أَبْنَاءَهُمْ يَحْمِلُونَ هَذِهِ الأَفْكَارَ؛ إِلَّا بَعْدَ غِيَابٍ مُفَاجِئٍ لِلاِبْنِ، يَعْقُبُهُ اِتَّصَالٌ مِنْهُ يُخْبِرُهُ بِتَوَاجُدِهِ بِمَوَاطِنِ الْفِتْنَةِ ؛ لِيَزِيْدُوا الأَبَ أَلَمًا فَوُقَ أَلَمِهِ، وَالأُمَّ حُرْقَةً عَلَى حُرْقَتِهَا؛ فَتِلْكَ الْتَّنْظِيْمَاتُ يَقُومُ عَلَيْهَا قُسَاةُ الْقُلُوبِ، وَيُدِيْرُهَا مَنْزُوعُو الْرَّحْمَةِ، وَيُحَرِّكُهَا فَاقِدُو الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ . مَعَاشِرَ الآبَاءِ، لَا تَنْسَوا أَبْنَاءَكُمْ مِنْ الْدُّعَاءِ لَهُمْ، وَتَعْوِيْذِهِمْ مِنْ الْشَّيْطَانِ وَشَرْكِه ، وَحَثِّهِمْ عَلَى الْصَّلَاةِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرُآنِ، وَالْرِّفْقَةِ الْطَّيِّبَةِ، وَتَحْفِيْزِهِم عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحَلَقَاتِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ فَهِيَ سِيَاجٌ آمِنٌ بِحَولِ اللهِ . فَإِنَّ مَنْ ضَلَّ مِنْ هَؤُلَاءِ غَالِبُهُمْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ، وَلَا مَعْرِفَةً، وَلَا يَعْرِفُونَ القُرُآنَ وَلَا أَهْلَهُ؛ إِلَّا شَوَاذٌّ مِنْهُم، لَا يُشَكِّلُونَ نِسْبَةَ وَاحِدٍ بِالمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَقلَّ .
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا,لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ،وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
مَشْكُولَةٌ .docx
مَشْكُولَةٌ .docx
غير مشكولة .docx
غير مشكولة .docx
المشاهدات 2715 | التعليقات 2
خطبة رائعة جدا
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على ما قدمت .
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق