🌟حب الوطن🌟

تركي بن عبدالله الميمان
1446/03/15 - 2024/09/18 15:34PM

حُبُّ الوَطَـن

 

 

 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab
(نسخة للطباعة)
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْد: فَأُوْصِيْكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ في القَوْلِ والعَمَلِ، ومُرَاقَبَتِهِ في السِرِّ والعَلَن. ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾.

عِبَادَ الله: حُبُّ الوَطَن؛ أَمْرٌ فِطْرِيٌ غَرِيْزِيٌّ؛ فَإِنَّ حُبَّ الوَطَنِ: كَحُبِّ الحَيَاةِ! وإِخْرَاجُ الإنسانِ مِنْ وَطَنِه: كإِخْرَاجِهِ مِنْ الحياة! ولهذا قَرَنَ اللهُ بَيْنَهُمَا في كِتَابِه؛ فقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾. قال وَرَقَةُ بنُ نَوْفَل -لِلْنَّبِيِّ ﷺ-: (لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ)، فقال ﷺ: (أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!) قال: (نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِي). قال العلماء: (في هَذَا دَلِيلٌ على حُبِّ الوَطَنِ، وَشدَّةِ مُفَارَقَتِهِ على النَّفْسِ؛ فَلذَلِكَتَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ ﷺ عِنْدَ ذِكْرِ الخُرُوجِ مِنَ الوَطَنِ، فقال: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟" وهذا الِاسْتِفْهَامُ على جِهَةِ الإِنكَارِ، أَوِالتَّفَجُّعِ لِكَلَامِهِ، والتَّأَلُّمِ مِنْهُ!).

وكَانَ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ -أَيْ أَسْرَعَ بِرَاحِلَتِهِ- وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا! قال ابنُ حَجَر: (وفي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ المَدِينَةِ،وعلى مَشْرُوعِيَّةِ حُبِّ الوَطَنِ والحَنِيْنِ إِلَيْهِ).

وحُبُّ الوَطَنِ؛ فُرْصَةٌ للتَّعَارُفِ والائتِلاف، لا لِلْتَّنَازُعِ والاخْتِلاف؛ فَإِنَّ الشَّرِيْعَةَ تَدْعُو إلى الأُلْفَةِ، وَتُحَذِّرُ مِنَ الفُرْقَةِ؛ قال ﷻ:﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾.

وحُبُّ الوَطَنِ؛ فُرْصَةٌ لِدَعْوَةِ الحَقِّ، والرَّحْمَةِ بالخَلْقِ: فالأَقْرَبُونَ (مِنْ أَهْلِ الوَطَنِ الواحِدِ)؛ هَمْ أَوْلَى النَّاسِ بِالإِحْسَانِ، وأَعْظَمُ الإِحْسَانِ: هُوَ دَعْوَتُهُمْ إلى الخَيرِ والجِنَان، وتَحذِيْرِهِمْ مِنَ الشَرِّ والنِّيْرَان! ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نارًا﴾.

والاِشْتِرَاكُ في الوَطَنِ الوَاحِدِ، واللُّغَةِ الواحِدَة؛ مِنْ أسبابِ قَبُوْلِ الدَّعْوة، وقُوَّةِ تَأْثِيْرِها، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾.

وحُبُّ الوَطَنِ؛ يَسْتَوْجِبُ على المُسْلِمِ طَاعَةَ وَلِيِّ أَمْرِهِ بالمَعْرُوف:تَعَبُّدًا لا تَزَلُّفًا، وَرِضىً للرَّحْمَن، لا بالَهَوى والعِصْيَان؛ فلا يَتَحَقَّقُ أَمْنُ الوَطَن، وحَقْنُ الدِّمَاء، وإِقْامَةُ الشَّرْع؛ إلَّا بالطاعَةِ، وَلُزُوْمِ الجَماعَة؛ قال I: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾.

وحُبُّ الوَطَنِ؛ يَحُثُّ على الدُّعَاءِ بِصَلَاحِ مَنْ يَحْكُمُه؛ فَإِنَّ الحاكمَأَحْوَجُ مَنْ يُدْعَى له؛ لأَنَّ صَلَاحَهُ؛ صَلاحٌ للعِبَادِ والبِلَاد! قال الفُضَيلُ بنُ عِيَاض: (لو كانَ لي دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ؛ ما جَعَلْتُهَا إلَّا في السُّلْطَان).

وحُبُّ الوَطَنِ؛ يَسْتَوْجِبُ حِمَايَةَ سَفِيْنَتِهِ مِنْ خُرُوْقَاتِ الفَسَاد. فإنَّ التواصيَ على الحَقِّ؛ والتَّحْذِيرَ مِنَ الشرِّ؛ حِمَايَةٌ لِسَفِينَةِ الوَطَنِ مِنَ الغَرَق! قال ﷺ: (مَثَلُ القَائِمِ على حُدُودِ اللهِ، وَالوَاقِعِ فِيهَا:كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا،وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا؛ فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ: مَرُّوا على مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا: هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ: نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا!).

وحُبُّ الوَطَنِ؛ لَيْسَ شِعَارًا فَقَط! بل لا بُدَّ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلى أَعمَالٍنَافِعَةٍ، ودَعْوَةٍ صَادِقَةٍ، مَعَ لُزُوْمِ الجَمَاعَةِ، وأَدَاءِ الأَمَانَة؛ قال ﷺ: (ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلهِ،وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ).

قال ابنُ الأَثِير: (والمَعْنَى: أَنَّ هَذِهِ الْخِلَالَ الثَّلَاثَ: تُسْتَصْلَحُ بِهَا القُلُوبُ؛ فَمَنْ تَمسَّكَ بِهَا: طَهُرَ قَلْبُهُ مِنَ الخِيَانَةِ والشَّر).

وحُبُّ الوَطَنِ؛ يُحَتِّمُ علينا أَنْ نَكُونَ يَدًا واحِدَةً أمامَ العابِثِيْنَ بِأَمْنِ الوَطَنِ ودِيْنِهِ وعَقِيْدَتِه؛ قال U: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾.

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

 

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه.

عِبَادَ اللهِ: الاِنْتِمَاءُ إلى وَطَنِ الحَرَمَينِ الشَّرِيْفَيْن: نِعْمَةٌ وَمَسْؤُولِيَّة:فاشْكُرُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ الجَلِيَّة، وَكُوْنُوا على قَدْرِ المسؤوليَّة؛ فَهِيَ قِبلَةُ المُسْلِمِيْن، وَمَوْطِنُ النَبِيِّ الأَمِين! قال ﷺ: (وَاللهِ إِنَّكَ لَخـَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ؛ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ).

والحَنِيْنُ إِلَى الوَطَنِ، يَبْعَثُ الحَنِينَ إلى الجَنِّة! فَإِنَّ وَطَنَالمُسْلِمِ الحَقِيْقِي، ومَسْكَنَهُ الأَصْلِي: هُوَ أَنْ يَعُودَ إلى الجَنَّةِالَّتِي أَخْرَجَهُ الشَّيْطَانُ مِنْهَا! قال تعالى: ﴿يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجَنَّةِ﴾.

 

 

 

 

فَحَىَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنهَا

مَنَازِلُكَ الأولَى وَفِيهَا المُخَيّمُ

وَلكِنَّنَا سَبْىُ العَدُوِّ فَهَلْ تُرَى

نَعُودُ إلى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ؟

* * * *

* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ خُلَفَائِكَ الرَّاشِدِيْن، الأَئِمَّةِ المَهْدِيِّين: أبي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، وعَلِيّ؛ وعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ والتابعِين، ومَنْتَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدِّين.

* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ (وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ) لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.

* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab
 
 

 

 

المرفقات

1726662843_‏‏‏‏حب الوطن (نسخة مختصرة).pdf

1726662843_‏‏حب الوطن (نسخة للطباعة).pdf

1726662843_حب الوطن.pdf

1726662844_‏‏حب الوطن (نسخة للطباعة).docx

1726662845_حب الوطن.docx

1726662845_‏‏‏‏حب الوطن (نسخة مختصرة).docx

المشاهدات 110 | التعليقات 0