حب الوطن – شهر الله المحرم

محمد البدر
1439/01/02 - 2017/09/22 02:01AM

الخطبة الأولى :

عِبَادَ اللهِ :قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ [النساء:66]

وَ قَالَ تَعَالَى :﴿ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا﴾[البقرة:246]

عِبَادَ اللهِ :إذا كان هذا الحب قائمًا في نفوس البشر كلٌّ لوطنه فكيف الأمر في هذا الوطن المبارك ؛ بلدِ التوحيد والعقيدةِ ، ومَهدِ السنة والرِّسالة ، ومهبط الوحي ومأرِز الإيمان ، وأرضِ الحرمين ، وقِبلة جميع المسلمين ، وهذا مما يوجب على كل المسلمين محبة بلاد الحرمين ؟!وتأملوا حب النبي صلى الله عليه وسلم للوطن فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا» رواه البخاري . وأمَر صلى الله عليه وسلم أمته بسرعة الرجوع إلى أوطانهم عند انقضاء أسفارهم وحاجاتهم سواءً منها الدينية أو الدنيوية ؛ روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ ) .

عِبَادَ اللهِ :كذلك من محبته للوطن محبته لمكة موطنه الأول ومهبط الوحي الأول و هي أحب البلاد إلي قلبه، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

فعلينا أن نقتدي بالحبيب في حبه لمكة .

عبادالله : إن من أعظم نعم الله بعد نعمة الإسلام نعمة الأمن في الأوطان ، والتي توجب الشكر لله عز وجل ، وإن مما يحقق الأمن هو توحيد الله وعدم الشرك به ،وهو الذي تتحقق به الصلة بالله جل وعلا، والتي بسببها يعم الأمن أرجاء المجتمعات وتحل البركة في الرزق، قَالَ تَعَالَى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ فعلينا أن نحقق التوحيد لننعم بالأمن ورغد العيش وعلينا أن نبتعد عن التحزب والحزبية والغلو والتطرف ونحذر من الخروج عن جادة الشرع والتحلل من أحكامه وقيمه، وأن لا ننابذ الأمر أهله وأن نحذلا من المظاهرات فهي شرووبال وليست من دين الله .

عِبَادَ اللهِ : ان من الأمور المهمة التي تحفظ الشباب من الأفكار الهدامة هو تعلم العلمُ الشرعي الصحيح المبني على الكتاب والسنة وفهم علماء سلف الأمة وانتهاج منهج السلف الصالح والأخذ عن العلماء المعتبرين المعروفين بسلامة المنهج والعقيدة والرأي السليم.

فالوطنية ليست كلماتٍ تُردَّد ولا شعاراتٍ تُرفَع ، ولا احتفالات تقام وإنما هي إخلاصٌ وعمل واستقامة على شرع الله واتباع للنبي صلى الله عليه وسلم.

 

أقول قولي هذا..

 

الخطبة الثانية :

عِبَادَ اللهِ :قَالَ تَعَالَى :﴿ ‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾‏  ‏‏

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

قَوْلُهُ: «شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ مَعَ أَنَّ الشُّهُورَ كُلَّهَا لِلَّهِ .

وفيه يوم عاشوراء قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وًعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:« قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ » رواه البخاري.

وكان من هدي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخالفة اليهود والنصارى فاستحب لنا أن نصوم يوما قبله ،فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال:«حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِع قَالَ:فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وصلُّوا وسلِّموا -

المشاهدات 837 | التعليقات 0