حَاْلُ الـمُسْــلِمُ مَعَ الـمَرَضِ خُطْبَةٌ مُخْتَصَرَةٌ 18 /3 / 1444

نجم الدين
1444/03/16 - 2022/10/12 06:40AM

حَالُ الـمُسلمِ مَعَ الـمَرَضِ     

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ،حَقَّ التَّقْوَى،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾               [ آل عمران : 102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون: العَافيَةُ نِعْمَةٌ، وعَطَاءٌ، وفَضْلٌ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا". رواه الترمذي وحسّنَهُ الألباني.

الْعَافِيَةُ نِعْمَةٌ، والْمَرَضُ بَلاءٌ و امْتِحَانٌ، فالسَّقَمُ، والْوَجَعُ، والْأَلَمُ الذي يُصِيبُ المريض يكون ثُقْلٌ وابتلاء بحسبِ شِدَّةِ هذا المرض، عافانا الله وإياكم، وكُلُّنَا لايريد المرضَ ولا يتمنّاهُ بل يدعو الله بالعافية، لكن مَنْ قَدَّرَ اللهُ عليه المرضَ، فليصبر ولْيَــــرّضَ، وليَحْتَسِبْ يَكُنْ ماأصابهُ تكفيرٌ للسيئاتِ ورِفْعَةٌ للدرجاتِ، وهذا مِنْ رحمةِ اللهِ بعباده ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ، فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا»  رواه مسلم

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ، لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسَّنَهُ الألباني

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ" رواه الترمذي وصححه الألباني.

فَلِكُلِّ مَرِيضٍ ومُصَابٍ  بِبَلَاءٍ، اصبر واحتسب ، و ارضَ يَكُنْ لكَ الرضا،قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ). رواه مسلم

عبادالله : والتداوي ، وبيانُ الحال لطبيب أو غيرِهِ ،جائزٌ ولا شيءَ فيهِ ، إنما مَنْ يتشكى ويتسخط ويعترض على ما أصابهُ مِنْ قَدَرِ اللهِ،هذا الذي لاينبغي ولا يجوز .

والمؤمنُ عباد الله:  لا يتمنى البلاء، لكن إذا أصابهُ الداء؛ فمع الصبر يسعى في طلب الدواء، عملاً بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» رواه أحمد وصححه الألباني.

عبادالله: ومن كان مريضا أو عندهُ مريض ، فلا يغفل عن الرقية الشرعية،  من الكتاب والسنة  قَالَ الله تعالى ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾  [الإسراء: 82]

والأفضلُ للإنسان أن يَرْقِي نفسَه ويتحصّن له ولأهله بقراءةِ الأورادِ؛ طاعةً لله وتعبّداً؛ وحفظاً بـحفظ الله، ويحذر المسلمُ كُلَّ الحذر من الذهاب للسحرة أو المشعوذين

قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رواه أحمد

أيها المسلمون : وزيارة وعيادة المريض، فيها أجر عظيم؛ لـِمَنْ أخلصَ النيةَ في الزيارة، حتى لو كان المريض في غيبوبة،إنْ كان يُـمكِنُ زيارتُهُ، ويَسمَحُ بذلك أهلُهُ، فَيَقِفُ عليهِ ويدعو له،قال رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وصححه الألباني  

ومعنى خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ: أي بُستان فيه من ثـمار الجنة.

و قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: " مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ»، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "جَنَاهَا" رواه مسلم

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ عَادَ مَرِيضًا، نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: طِبْتَ، وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا "رواه ابن ماجة وحسّنَهُ الألباني.

لكن على مَنْ يَعُودُ ويزورُ مريضا أن يختارَ الوقتَ المناسب للزيارة، وأنْ يَعرِفَ حالَ المريض هل هو مـمَـْن يَرغبُ في طُول الجلوسِ والحديثِ معَهُ، أو أنّ حَالَـهُ لاتسمح بطولِ وقتِ الزيارةِ ولا كَثْرَةِ الكلام .

عِبَادَ اللَّهِ:: ولا ينبغي لـمن كان مريضا مرضا مُعْديا، أن يَغْشَى و يَحْضُرَ الاجتماعات، أو أن يأتي لغيرهِ ويصافحَهُ، ويقتربَ مِنْهُ،لأنّه وردَ النهيُ عن ذلك،  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ يُورِدَنَّ مُـمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" رواه البخاري ومسلم

اللهم فألبسنا لباس الصحة والعافية واشف مرضانا و مرضى المسلمين يا رب العالمين

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:  ﴿   (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [ سورة البقرة:155 ].

باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :  الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ: ومن رحمة ربنا -جلَّ وعلا- أن مَنْ أصيبَ بمرضٍ مَنَعَهُ من الطاعات، وعَمَلِ الصالحات ِكُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ مُقيمَاً صحيحاً؛قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» رواه البخاري

أيها المسلمون:  وكما يُذكّرُ المريضُ بالصبر ، فكذلكَ يُذَكّرُ مَنْ يُرافقُ المريضَ،؛ وأَهْلُهُ،ومَنْ حَوْلَهُ ممن يعتني به، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"...وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ" رواه البخاري

فنسألُ اللهَ أن يعيذنا جميعاً ووالدينا وأزواجِنا وذرياتنا مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل: 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[ الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

المرفقات

1665545988_حال المسلم مع المرض خطبة مختصرة.docx

1665546001_حال المسلم مع المرض خطبة مختصرة.pdf

المشاهدات 984 | التعليقات 0