حادثة القصيم وخطر الخوارج
الدكتور علي بن صالح المسعود
عباد الله الإسلام دين سماوي جاء بالعدل والحكم به فمن مال عنه استحق عقاب الله تعالى والإسلام جاء بحفظ الدماء وتحريمها إلا بالحق فمن استحلها استحق عقاب الله تعالى ومن ذلك العبث بالأمن وزعزعته والسعي في الإفساد في الأرض ولذا :قال تعالى : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْي فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .وقال تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ . فَقَالَ « وَيْلَكَ ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ » . فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِيهِ ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ . فَقَالَ « دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا ، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ » متفق عليه . و قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إَنَّ مِنْ ضِئْضِئِي هذَا أَوْ فِي عَقِبَ هذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» متفق عليه .ولما رأى أعداء الله من اليهود والنصارى والروافض والحاقدين من أهل البدع والضلال هذا الخير الذي تنعم به بلادنا وما حباها الله من النعم وما هي عليه من تحكيم للشريعة وإقامة للحدود وحماية للتوحيد ونشر للعقيدة السلفية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحماية للحرمين وميل المسلمين إليها من كل العالم، لما رأوا كل ذلك ، كادوا لها المكائد ودسوا لها الدسائس ، يريدون إزالة هذه النعمة ، وتغيير هذا الخير ، وهدم آخر معقل من معاقل الدين الحق في هذا البلد، فأصبحوا يثيرون الشبه حولها، ويرمونها بما هي منه بريئة، ويؤيدون من يطعن فيها ظلماً وعدواناً، وينشرون مقالاتهم ويمدونهم بالإذاعات والقنوات، ويدعون إلى نشر الفوضى فيها وكلما أرادوا فتنة بها أطفأها الله .واستعان اليهود والنصارى والروافض ببعض المسلمين الذين انحرفوا عن الدين الحق وخاصة من الشباب، من أهل البدع والضلال، من حيث يشعرون أو لا يشعرون فقذفوا في نفوسهم كثيرا من الشبه حول تكفير الدولة وحكامها وعلمائها واستطاعوا أن يخدعوهم فصدقوهم ليتعاونوا بعد ذلك جميعاً على الإثم والعدوان وليفسدوا في هذا البلد الطاهرة بشتى أنواع الإفساد. عباد الله :- إن الجرأة على الدماء والتساهل في أمرها إنما هو جرأة على محارم الله واعتداء على حدود الله وتلاعب بشرع الله وخروج على ولي الأمر في هذه البلاد المباركة، وهذا في الحقيقة يعتبر جرماً عظيماً وخطراً جسيماً وهو محرم في شرع الله تبارك وتعالى لما يترتب من الخروج على ولي الأمر من فساد كبير وشر عظيم ، ومن مقتضى البيعة : النصح لولي الأمر لا الخروج عليه ، ومن النصح: الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. عباد الله: لقد آلمنا وأقض مضاجعنا ما حصل في الأيام الماضية في القصيم من قتل طال أحد حماة الوطن وكذا أحد المستأمنين وهذه الأعمال لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا ترضي الله سبحانه وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا ترضي أمة الإسلام ولا يعمل هذه الأعمال الإجرامية إلاّ أناس تجردوا من إنسانيتهم ومروءتهم وفطرتهم التي فطرهم الله عليها بل وتجردوا من إيمانهم وانتكست عقولهم، وما علموا ان هذه الأحداث وهذه الجرائم مهما كانت جسامتها فلن تزيد المجتمع - ولله الحمد - إلاّ تماسكاً وترابطاً وتلاحماً، ولكن هذه الطغمة الفاسدة ومن وراءها من أعداء الإسلام والمسلمين لا يريدون للأمة ان تعيش في أمن وأمان وعيش رغيد.فنسأل الله أن يجنب البلاد والعباد شرهم وكيدهم . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:- أما بعد :عباد الله: ما هي حجة هؤلاء المجرمين يوم يقفون بين يدي أحكم الحاكمين وأعدل العادلين حينما سفكوا دماء الأبرياء وروعوا الآمنين.. وبأي دليل وبرهان يواجهون به رب الأرض والسموات حين يقدمون على الله وقد تلوثت أيديهم بدماء هؤلاء ؟! فنسأل الله سبحانه أن يرد كيدهم وكيد كل عدو لهذه البلاد وبلاد المسلمين إلى نحره وأن يجعل تدميره في تدبيره ، كما نسأله سبحانه أن يهدي شباب المسلمين ممن خرجوا عن جادة الصواب ولم تتلوث أيديهم بدماء المسلمين أن يفتح على قلوبهم ،ويردهم إليه رداً جميلا وأن ويرجعوا عما هم عليه ألا وصلوا عباد الله على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
المرفقات
القصيم-وخطر-الخوارج
القصيم-وخطر-الخوارج