جُمْعَةُ مَا بَعدَ عِيدِ الوَبَاءِ 2/10/1442هـ
خالد محمد القرعاوي
1442/09/28 - 2021/05/10 17:08PM
جُمْعَةُ مَا بَعدَ عِيدِ الوَبَاءِ 2/10/1442ه
الحمدُ لله ذي المنِّ والعطاءِ، أَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شَريكَ لَهُ تَفَضَّل علينا بِحُسْنِ الجَزَاءِ، وَأشهدُ أنَّ نبينَا محمداً عبدُ الله ورسولُهُ، إمامُ الحُنَفَاءِ، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَن تَبِعَهُم بِإحسَانٍ مَا دَامَتِ الأَرْضُ والسَّمَاءُ, أمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ يَا مُسلِمُونَ، واسْتَقِيمُوا على الطَّاعةِ، إلى أنْ تَقومَ السَّاعةُ.(واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ) هنيئًا لِمَنْ وُفِّق للصِّيامِ والقِيامِ، هنيئًا للتَّائبينَ، هَنِيئاً لَنَا جَمِيعَا بِقَولِ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنبِّهِ).قُلُوبُنا يَا مُؤمِنُونَ بَينَ خَوفٍ وَرَجَاءٍ، وَأَلْسِنَتُنَا تَلْهَجُ بالدُّعاءِ و: (إنَّما يتقبلُ اللهُ من المُتَقينَ).بِالأمْسِ ودَّعنَا رَمَضَانَ، فَهَلْ نَستَقبِلُهُ عَامَاً آخَرُ ؟ إنْ كانَ هذا العَامَ أَعطَى مُهلَةً *** هَلْ يا تُرى فِي كُلِّ عَامٍ يُمهِلُ؟ نَسألُ اللهَ أنْ يُعيدَه عَلينَا وعلى المُسْلِمِينَ فِي صِحَّةٍ وأَمْنٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ. أيُّها المؤمنونَ: يَمتَازُ دِينُنا أنَّهُ دَائِمُ الصِّلَةِ باللهِ تَعَالى، فَلا يَنفكُّ المُسلِمُ عن ربِّهِ أبداً، قَالَ اللهُ تَعَالى:(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(.فَالصَّلواتُ المفْرُوضَةُ صِلةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ، و:(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ).وَلَيسَتْ بالفَرَائِضِ فحسبُ؛ بل حتى النَّوافِلَ ففي الحديثِ القدسيِّ أنَّ اللهَ يقولُ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ". إخْوَانِي: لقد شَرَعَ لنا رَبُّنا أَعمَالاً تُمَاثِلُ الصِّيامَ والقِيامَ:(فَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ). وَقَالَ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).فَهذهِ فَضَائِلُ تُشَجِّعُكَ على الاسْتِمْرَارِ في العَمَلِ، فَلا تَنْقَطِعُوا عَن العَمَلِ، وَخُذُوا مِنهُ مَا تُطيقُون واثبتوا عليه ولو كان قَليلاً؛ قَالَ قَتَادَةُ رَحمَهُ اللهُ:(مَن اسْتَطَاعَ مِنْكُم ألاَّ يُبطِلَ عَمَلاً صَالِحَاً عَمِلَهُ بِعَمَلٍ سَيءٍ فَلْيفْعَلْ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ؛ فإنَّ الخَيرَ يَنْسَخُ الشَّرَّ، وإنَّ الشَّرَ يَنْسَخُ الخَيرَ، وإنَّ مِلاكَ الأَعمَالِ خَوَاتِيمُها).بارك الله لنا في القرآنِ والسُّنَّةِ، ونفعنا بما فيهما من الحكمة، وَأَسْتَغِفرُ اللهَ فاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغفُورُ الرَّحيمُ. الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ الكريمِ، أشهدُ ألا إله إلا اللهُ وحده لا شريك لهُ العَظِيمُ, وَأشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمْدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.أمَّا بَعدُ: فعليكم بتقوى اللهِ ولزومِ طاعتِه، ومنْ يَتِّقِ اللهَ يجعلْ له من أمرِهِ يُسرًاْ. أبشروا يا مَنْ صُمتُم وَعَمِلْتُمْ فلِعملِكم الصَّالحْ جَزَاءٌ في الدُّنيا وَالآخرةِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى:)مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (. فَثَوابُ طَاعَتكمِ ثَبَاتٌ في الدُّنيا عن الفِتَنِ، وفي الآخِرَةِ حُسْنُ خِتامٍ على الإسلام. أَبشِروا فَجَزاءُ عَمَلِكُم الصَّالِحُ مودَّةٌ في قُلُوبِ المُؤمِنِينَ:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا(. أبشروا: فَجَزَاؤكُم تَفريجُ كُرُوبِكم, وفي الآخِرَةِ جَنَّةُ الخُلدِ ومُلْكٍ لا يَبْلَى. عباد اللهِ: لا قِيمةَ لِطَاعةٍ دُونَ أن يكونَ لها أثرٌ مِنْ خَشيَةٍ أو تَقْوى! وما شُرعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِ التَّقوى! فَأينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا هُجرَ القُرآنُ، وضُيِّعَتِ الصَّلاةُ وانتُهكت المُحَرَّمَاتُ؟! أَينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا أُكِلَ الرِّبَا، وأُخِذَت أَموالُ النَّاسِ بِالبَاطِلِ؟!وتَحَايَلَ المُسلِمُ في بَيعِهِ وشرائِهِ، وَكَذَبَ في لَيلِهِ وَنَهَارِهِ؟ أَينَ أَثَرُ رَمَضَانَ إذا عَقَّ الولَدُ والِدَيهِ، وأَسَاءَ الزَّوجُ لِزَوجَتِهِ وأَولاَدِهِ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ مَنِ الْمُسْلِمُ؟ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ».
عِبَاد الله: اللهُ تعالى لا يُرِيدُ منَّا عِبَادَاتٍ جَوفاءَ، بَلْ مِنْ وَرَائِها خَشْيَةً وتَقْوى! فاللهم تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وتب علينا إنَّك أنت التَّوابُ الرحيمُ .اللهم اجعل مستقبلنا خيراً من ماضينا. اللهم إنَّا نسألكَ الثَّباتَ على الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ والغنيمةَ من كلِّ بِرٍ والسلامةَ من كلِّ إثم والفوزَ بالجنة والنجاةَ من النَّار. اللهم ارزقنا الاستقامة على دِينِكَ اللهم وزدنا هدىً وصلاحاً وتوفيقَاً. اللهم وَفِقْ وَلِيَّ أمرنَا لِما تُحبُ وَتَرضى انصر جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمسلمين أجمعين.اللهم اغفر لنا ولوالدينا وجميعِ المُسلِمينَ يا ربَّ العالمين. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق