جريمة حرمان الأم من أولادها، ضمن حملة رفع الظلم عن النساء
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم؛ زرع الرحمة في قلوب الأمهات على أولادهن، وجعل فقدهم أعظم مصابهن، ورزقهن الصبر على حملهم وولادتهم ورضاعهم وحضانتهم، فلا يصبر على ذلك كله غيرُهُنَّ، نحمده على هدايته وكفايته، ونشكره على فضله ورعايته، ونسأله الثبات على الحق إلى الممات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ حرَّم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده، ورفع دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله تعالى حجاب، ووعد بالانتصار لها ولو بعد حين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ حرَّج على أمته حق الضعيفين: المرأة واليتيم؛ لضعفهما عن استيفاء حقوقهما، وعجزهما عن الانتصار ممن يظلمهما، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإذا كان من قريب فهو أشد جرما، وأعظم إثما، وأنكى جرحا؛ لأنه ظلم وقطيعة، وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
أيها الناس: اتصف الله تعالى بالرحمة، وأمر عباده بها، ووعد الرحماء منهم برحمته جاء ذلك في أحاديث صحيحة كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ من عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) وقوله عليه الصلاة والسلام (من لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ) وفي رواية: (لَا يَرْحَمُ الله من لَا يَرْحَمُ الناس) وقوله عليه الصلاة والسلام (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلا من شَقِيٍّ).
وكلما كان المخلوق أضعف كان بالرحمة أولى؛ لأن القوي ينتزع حقه بقوته.. والولد سبب في ضعف الوالدين، يورثهما البخل والجبن؛ لحنو قلبهما عليه، ومبالغتهما في مراعاة مصلحته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ)رواه ابن ماجه.
والأم أضعف الوالدين وأكثرهما رحمة بالولد؛ لما جبلها الله تعالى عليه من العطف والرقة والرحمة والحنان؛ ولأن ولدها مضغة منها.. خرج من بطنها، ورضع لبنها، ونام في حجرها، ووجد حنانها ودفئها، ولا يفهم الولد وطباعه حق الفهم إلا أمه ولو كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب، ويكفي دليلا على رحمة الأم بولدها أن الرضيع إذا جاع در لبن أمه ولو كان بعيدا عنها..
إن تعلق الأم بولدها، ورحمتها به، وحنوها عليه، والسعي في رعاية مصلحته فطرة فطر الله تعالى عليها المخلوقات من بشر وحيوان ووحش وطير وحشرات؛ ليُحفظَ النسل، ويَبقى الخلق إلى ما شاء الله تعالى، ولولا ما غرسه الله تعالى في قلب الأم من الرحمة والمحبة والحنان على ولدها لقتلته من شدة ما تجد من ألم حمله ومخاضه وولادته، وما تعانيه من جوع وتعب لأجل رضاعته والقيام عليه.. إنها حكمة الحكيم العليم، ورحمةٌ من رحمات أرحم الراحمين..
وأشد شيء على الأم أن يحال بينها وبين ولدها بشرا كانت أم غير بشر، فالناقة لا تعقل لكنها تبكي وترغي إذا حيل بينها وبين حوارها، فإذا ذبح أمامها ولهت عليه، فهزلت ولربما ماتت من شدة وجدها عليه.
والطير تنتفض وتفرش بجناحيها إذا فقدت صغيرها كما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فأخذ رجل بيض حمرة فجاءت ترف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيكم فجع هذه بيضتها، فقال: رجل يا رسول الله أنا أخذت بيضتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اردده رحمة لها)رواه البخاري في الأدب المفرد.
وفي إثبات رحمة الله تعالى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الأمثال عليها برحمة الأم لولدها مما يدل على أنه لا أرحم في الخلق من قلب الأم، قال عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه: (قَدِمَ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْيٍ فإذا امْرَأَةٌ من السَّبْيِ تبتغي، إذا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فقال لنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرَوْنَ هذه الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا والله وهى تَقْدِرُ على أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ من هذه بِوَلَدِهَا)رواه الشيخان.
وفي حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ منها رَحْمَةً وَاحِدَةً بين الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ على وَلَدِهَا) وفي رواية: (حتى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عن وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)رواه الشيخان.
والشريعة الربانية قد جاءت بما يوائم الفطرة، فأغلقت كل طريق يُحال فيه بين الولد وأمه؛ رحمة بهما، فالولد يحتاج إلى حضانة أمه، والأم يتمزق قلبها إن حيل بينها وبين ولدها، فإذا قدَّر الله تعالى فراقاً بين الزوجين كانت الأم أحق بحضانة الأطفال، وإنما كانت الحضانة للأم لأنها أقرب وأشفق، ولا يشاركها في قربها إلا الأب، وليس له شفقتها وهو لا يلي الحضانة بنفسه..
هذا حق لها ما لم تتزوج؛ لأنها إذا تزوجت شُغلت بالزوج عن حضانته، وأَمْرُها بيد زوجها لا بيدها، وقد يؤذي زوجُها ولدَها ولا تستطيع منعه، والشرع الحكيم كما راعى مصلحة الجمع بين الأم ووليدها راعى كذلك مصلحة الطفل إذا تزوجت أمه وشُغلت عنه..
والأصل في ذلك حديث عَمْرُو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ: (أَنَّ امْرَأَةً قالت: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هذا كان بَطْنِي له وِعَاءً وَثَدْيِي له سِقَاءً وَحِجْرِي له حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فقال لها رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ ما لم تَنْكِحِي)رواه أبو داود.
ولما خاصم عُمَرُ رضي الله عنه امرأته أم عاصم في ابنه منها إلى أبي بكر رضي الله عنه قضى أبو بكر بالولد لأمه، وقال: (ريحها وشمها ولطفها خير له منك).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: (لا أعلم خلافا بين السلف من العلماء في المرأة المطلقة إذا لم تتزوج أنها أحق بولدها من أبيه ما دام طفلا صغيرا لا يميز شيئا).أهـ
والرِّقُ ذلٌّ سببه الكفر، ويفقد صاحبُه الحرية بسبب إصراره على كفره، ومع ذلك فإن الشريعةَ راعت عدم التفرقة بين الأمهات وأولادهن حال سبيهنَّ في الحروب، وقضت بوجوب الجمع بين الأم وولدها في البيوع؛ رحمة بها، ومراعاة لمصلحة ولدها، وأصل ذلك ما رواه أبو عبد الرحمن الْحُبُلِىِّ قال: (كنا في الْبَحْرِ وَعَلَيْنَا عبد اللَّهِ بن قَيْسٍ الفزاري وَمَعَنَا أبو أَيُّوبَ الأنصاري فَمَرَّ بِصَاحِبِ الْمَقَاسِمِ وقد أَقَامَ السبي، فإذا امْرَأَةٌ تبكي فقال: ما شَأْنُ هذه؟ قالوا: فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا، قال: فَأَخَذَ بِيَدِ وَلَدِهَا حتى وَضَعَهُ في يَدِهَا، فَانْطَلَقَ صَاحِبُ الْمَقَاسِمِ إلى عبد اللَّهِ بن قَيْسٍ فَأَخْبَرَهُ فَأَرْسَلَ إلى أبي أَيُّوبَ فقال: ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: من فَرَّقَ بين وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَحِبَّةِ يوم الْقِيَامَةِ)رواه الترمذي وقال: حسن غريب، ثم قال رحمه الله تعالى: (وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ من أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ كَرِهُوا التَّفْرِيقَ بين السَّبْيِ بين الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا...).
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى: (أجمع أهل العلم على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل غير جائز).اهـ
بل إن العلماء جعلوا التفريق بين الأم وولدها من المضارة في البيع كما قال ابن رجب رحمه الله تعالى: (ومن أنواع الضُّرِّ في البيوع التفريق بين الوالدة وولدها في البيع فإن كان صغيرا حرم بالاتفاق).اهـ
وهذا الحكم المحكم في الجمع بين الأم وولدها كان حاضرا في تقعيد العلماء للقواعد، فذكروا تَقَدُّمَ النساء على الرجال في الحضانة؛ لأنهن أعرف بالتربية وأشفق على الأطفال، وقرروا تَقَدُّمَ الأم الجاهلة بأحكام الحضانة على العمة العالمة بأحكامها؛ لأن طبع الأم يحثها على معرفة مصالح الطفل وعلى القيام بها، وحث الطبع أقوى من حث الشرع.
وفي تحذير العلماء من التحايل على الحكم لإسقاطه يمثلون بسفر الأب عن بلد الأم لإسقاط حقها في الحضانة، ويبطلون حيلته في ذلك، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ ما لو أراد الْأَبُ إسْقَاطَ حَضَانَةِ الْأُمِّ أن يُسَافِرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهَا فَيَتْبَعُهُ الْوَلَدُ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ مُنَاقِضَةٌ لِمَا قَصَدَهُ الشَّارِعُ فإنه جَعَلَ الْأُمَّ أحق بِالْوَلَدِ من الْأَبِ مع قُرْبِ الدَّارِ وَإِمْكَانِ اللِّقَاءِ كُلَّ وَقْتٍ لو قَضَى بِهِ لِلْأَبِ، وَقَضَى أن لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ على وَلَدِهَا... وَمَنَعَ أن تُبَاعَ الْأُمُّ دُونَ وَلَدِهَا وَالْوَلَدُ دُونَهَا وَإِنْ كَانَا في بَلَدٍ وَاحِدٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ مع هذا التَّحَيُّلِ على التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا تَفْرِيقًا تَعِزُّ معه رُؤْيَتُهُ وَلِقَاؤُهُ وَيَعِزُّ عليها الصَّبْرُ عنه وَفَقْدُهُ؟!) ثم بين رحمه الله تعالى: أن الْوَلَدَ لِلْأُمِّ سَافَرَ الْأَبُ أو أقام ما لم تتزوج.
كل هذه الأحكام التي ترد في أبواب الحضانة والرق والحيل والبيوع والقضاء وغيرها من كتب الفقه غايتها الجمع بين الأم وولدها ما أمكن ذلك، ومنع ما يؤدي إلى تفرقهما.. فتأملوا رحمكم الله تعالى العدل والرحمة في الشريعة الربانية، وموافقتها لما فطرت عليه قلوب الأمهات من محبة الأولاد؛ لنعلم أنها شريعة عدل ورحمة لو أخذ الناس بها، ولم يحتالوا على أحكامها ليسقطوها..
وقد عمل صلاح الدين رحمه الله تعالى في بعض مغازيه بما قررته الشريعة من جمع الأم بولدها، فقد سبى المسلمون صبية من الصليبيين بيعت في السوق فذهبت أمها إلى ملوك النصارى تستنجد بهم وتبكي، فأشاروا عليها أن تذهب لصلاح الدين، وأخبروها أنه رقيق القلب، فخرجت إلى عسكر المسلمين تطلب صلاح الدين وهي شديدة التخوف، كثيرة البكاء، متواترة الدق على صدرها حتى أُتي بها لصلاح الدين فشكت فقدان ابنتها، وقالت: لا أعرف ابنتي إلا منك. فرق لها صلاح الدين، ودمعت عينه، وحركه دينه ومروءته فأمر من يبحث عمن اشتراها فيشتريها منه..قال القاضي ابن شداد رحمه الله تعالى: (فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه فما كان إلا أن وقع نظر أمها عليها فخرّت إلى الأرض تُعَفِّر وجهها في التراب والناس يبكون على ما نالها وهي ترفع طَرْفَها إلى السماء ولا نعلم ما تقول فسلمت ابنتها إليها وحملت حتى أعيدت إلى عسكر الصليبيين).
فما أرحم الله تعالى بعباده حين شرع الشرائع لهم، وألزمهم بها، ولو وكَلَهم إلى أنفسهم لضلُّوا وأَضَلُّوا وظَلَمُوا وظُلِمُوا، فالحمد لله الذي هدانا لشريعته، ونسأله سبحانه أن يعيننا على الاستسلام لها، والعمل بها، والدعوة إليها (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
بارك الله لي ولكم في القرآن...
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
أيها الناس: مبنى الأسرة في الإسلام على المودة والرحمة، فإذا عُدمت المودة والميل القلبي فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولا يَحل لأيٍّ من الزوجين أو ذويهما أن يُضمرا الانتقام والإضرار، وإلا كان ذلك غير إحسان.
تأملوا معي قول الله تعالى في المطلقة غير المدخول بها حين قرر سبحانه لها نصف المهر ثم قال سبحانه بعد بيان الحكم: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فإذا نهى الله تعالى عن نسيان الفضل بين زوجين في زواج انفصمت عراه قبل دخول الزوج بزوجته، فكيف بعد الدخول إذن؟! بل وكيف إذا كان بينهما أطفال؟!
إن أكبر ضحية للطلاق هم الأولاد، وإذا كان الطلاق عن نزاع -وهو الأغلب- عاش الأطفال ذلك النزاع بين أبويهم بفصوله، واكتووا بناره، وتأثرت نفسياتهم بسببه..فيحتارون إلى من يصيرون، ومع من يكونون؟ وهاجس المستقبل بعد الطلاق يؤرقهم، ولا سيما حين يقتسمهم الوالدان.
إن أعظم جريمة ترتكب في حق الأولاد وأمهم بعد ترملها أو طلاقها أن يُتخذوا سلاحا لإضعافها، والانتقام منها.. فينتزع الأب أو ذووه أولادها منها بالقوة، ويحبسهم عن أمهم؛ لتصفية حسابات سابقة، أو لإثبات أنه أقوى، أو لغير ذلك، فيُحرق قلب أطفاله على أمهم لإطفاء نيران قلبه المشتعل بالضغائن والأحقاد..نعوذ بالله تعالى من قلوب لا تعرف الرحمة.
إن الشريعة قد حرمت منع الأم من أولادها، وحبسهم عنها لأي سبب كان، فإن كانوا في فترة الحضانة فهي أولى بهم من أبيهم إلا أن تتزوج، فإن تزوجت وانتقلت حضانتهم لغيرها، لم يمنعوا منها، ولا يحل الانتقام منها لأنها تزوجت.. بل يمكنون من زيارتها والجلوس معها بين حين وآخر، ويجب على الزوج أن يعينهم على بر أمهم ولو كانت طليقته، ولا يؤلبهم عليها، أو يشوه صورتها في أذهانهم؛ فإن ذلك كله ينافي الفراق بإحسان، ويعود بالسلب على أولاده، فإما أن يكرهوه لكثرة كلامه في أمهم، وإما أن يكرهوا أمهم، وفي كلتا الحالتين لن يكون ذلك خيرا له ولا لهم..
إن على الآباء والأمهات أن يسعوا بعد طلاقهم فيما يعود بالصلاح على أولادهم، وإن على الآباء أن يعلموا أنهم حين يستخدمون أولادهم سلاحا للانتقام من طليقاتهم فإنهم ينتقمون من أولادهم..
إن السجون ودور الأحداث ومستشفيات الأمل مليئة بشباب وفتيات وقعوا فيما وقعوا فيه من المخالفات والمخدرات بسبب عدم الاستقرار الأسري.. بسبب نزاع بين آبائهم وأمهاتهم حتى وقع الطلاق.. بسبب تقاذف آبائهم وذويهم لهم، واتخاذهم وسائل في معارك لا خاسر فيها مثلهم؛ حتى ملوا وضاعوا وهرب الأبناء مع رفقاء السوء، وصاحب البنات رفيقات الشر، فقادوهم جميعا إلى الإجرام والمخدرات والضياع.. إنهم أولاد أسوياء لو وجدوا بيوتا آمنة، يأمنون فيها على أنفسهم، وتشبع فيها عواطفهم.. إنهم هربوا من بيوت آبائهم وأمهاتهم لأنهم لم يجدوا فيها ما ينشدونه من الأمن والاستقرار فافترستهم عصابات الإجرام ففقدهم آباؤهم وأمهاتهم والأمة بأسرها..
إن الله تعالى حين أباح الطلاق خلاصا من زواج سُدَّت فيه طرق الرحمة والمودة والاستقرار؛ أتبع ذلك بأحكام تحفظ الأولاد من الضياع، وحرَّم على الآباء أن يجعلوهم ورقة ضغط وابتزاز للأمهات..
فليتق الله تعالى كل مُعَلِّقٍ أو مطلق أن يظلم طليقته وولده بحرمانها من أولادها لمال يرجوه، أو لإسقاط نفقتهم عنه وهم أولاده، أو لغير ذلك من الأغراض الدنيئة التي يعف عنها كرام الرجال، ولا ينتحلها إلا الأراذل منهم..
وليتق الله ذوو معلق أو مطلق أن يعينوه على ظلمه في حرمان ولده من أمهم، بل الواجب عليهم أن ينكروا عليه فعله وأن ينصفوا ولده وطليقته من ظلمه وبغيه..
وعلى الناس إن رأوا باغيا على طليقته وولده يحرمهم من بعض أن ينكروا ذلك عليه، ويعظوه بالكتاب والسنة، ويسعوا بكل الوسائل الممكنة للجمع بين الأم وأولادها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لَا قُدِّسَتْ أمه لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فيها حَقَّهُ غير مُتَعْتَعٍ) رواه ابن ماجه.
وأيُّ حقٍ لمخلوق أعظم من حق أمٍّ في رؤية ولدها وتقبيله ومعانقته والجلوس معه، والاستئناس به، فكيف يمنع هو منها، وتمنع هي منه؟!
ألا وصلوا وسلموا على نبيكم...
المشاهدات 11334 | التعليقات 9
بارك الله فيك وجزاك ربي جنات الفردوس
فليتق الله تعالى كل مُعَلِّقٍ أو مطلق أن يظلم طليقته وولده بحرمانها من أولادها لمال يرجوه، أو لإسقاط نفقتهم عنه وهم أولاده، أو لغير ذلك من الأغراض الدنيئة التي يعف عنها كرام الرجال، ولا ينتحلها إلا الأراذل منهم..
لله در أهل المروءات الكرام ذكر حسن في الحياة وبعد الممات.
وجزاكم الله خيرا.
..
خطبة فريدة في موضوعها، ومسبوكة في معانيها ومبانيها..
فجزاك الله خيرا يا شيخنا, وكتبها في موازين حسناتك
الأخوات الكريمات: أم فيصل، ومنيرة، وأخت الخطباء.. حياكن الله تعالى ونفع بكن الإسلام والمسلمين وننتظر أقلامكن في الذب عن أحكام الله تعالى المتعلقة بالمرأة التي يريد التغريبيون إلغاءها فإن عليكن وأخواتكن مسئولية كبيرة، فدافعن عن أحكام الله تعالى دفع الله تعالى عنكن العذاب، وكتب لكنّ السعادة في الدنيا والآخرة..آمين، وأشكركن على مروركن وتعليقكن...
الشيخ علي القرعاني أشكر لك مرورك وتعليقك، وأسأل الله تعالى أن ينفع بما نكتب، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.. آمين..
بالنسبة لتعليقك أخت الخطباء على قولي: إن أكبر ضحية للطلاق هم الأولاد...
ليس في العبارة بأس حتى تتحفظي عليها، فالأحكام الشرعية تراعي أعظم المصلحتين، وتدرأ أعظم المفسدتين، فتلغي المصلحة الصغرى في سبيل تحقيق الكبرى، وتدعو لارتكاب المفسدة الصغرى لدرء الكبرى، وإلغاء المصلحة الصغرى وارتكاب المفسدة الصغرى له ضحايا لكنه أخف من الكبرى..
ومنه الطلاق فهو مفسدة لما فيه من تفرق الأسرة، ومظنة شقاق الأبوين على الأولاد، وضياعهم بينهما، لكن هذه المفسدة تكون أصغر مما لو بقي الزوجان في شقاق وعدم اتفاق، فارتكبت المفسدة الصغرى التي ضحيتها الأولاد لدرء مفسدة أعظم..
ومثله التعدد فإن ضحيته الزوجة التي تزوج عليها زوجها، لكن ما في التعدد من المصالح، ودرء مفاسد أكبر بتقليل العنوسة وإعفاف الرجال والنساء أباحه الشارع الحكيم ولو كان من مفسدته ما يقع من الضرر على الزوجة التي عدد عليها زوجها..
ونظائر هذا في الشرع كثيرة، فلا داعي للتحفظ على العبارة، وأشكرك على حرصك واهتمامك...
الله يحسن اليكم ويرحم والديكم. امهات محرومات كثير عندنا وهذا تعليق وحدة من الاخوات على الخطبة كانت بتسجل لكن ما تسهل لها
شكر الله تعالى لك يا نافلة الخير على نقلك لرسالة أخت غسان، وشكر لك أخت غسان تعليقك على الموضوع.. ولا شك أن مأساتك مؤلمة جدا حتى حدثني البارحة عنها الشيخ ماجد الفريان بتأثر بالغ قبل أن أرى التعليق، فعلقي قلبك برب العالمين، وتوجهي إليه بدعائك وكشف ضرك وسيفرج همك ويجمعك بولديك فثقي بالله تعالى أكثر من ثقتك بالخلق فإن الله تعالى إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون..
وقد حدثني الشبخ أحمد بن العلامة عبد الكريم الخضير أنه لما خطب بهذه الخطبة جاءه رجل يبدي أسفه على حرمان طليقته من ابنتها أربع سنوات، فذهب صباح السبت للمحكمة وتنازل والدها عن الحضانة لأمها وليس فقط السماح بالزيارة فرجعت البنت لحضن أمها بعد غيبة أربع سنوات.. وإني لأجزم أن الله تعالى ما ساق الشيخ أحمد ليخطب بهذه الخطبة ولا ساق طليقها ليصلي في ذات المسجد وألان قلبه للخطبة حتى تنازل عن أربع سنوات من الخصومة والمحاكم حتى ظفر بمراده..أقول ما حصل ذلك كله إلا بتدبير رباني حكيم لعله ببركة دعاء الأم أو أمها أو من رآها كسيرة البال مهيضة الجناح لفقدها ابنتها فيتنازل الرجل في لحظة عن تعب أربع سنوات وهو القوي المخاصم ..
أسوق ذلك لك لتثقي بالله تعالى ولكيلا ينقطع رجاؤك به.. وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويكشف كربك، ويجمعك بولدك,, وأسأله أن يجمع شمل الأحبة المتفرقين أينما كانوا إنه سميع مجيب,,وفي حفظ الله تعالى ورعايته..(إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم)
معاناة الملطقه وابنائها:
"سأخذ البنات لكي احرق قلبك"سأخذ الاولاد ولن ادعك ترينهم مدي الحياة" " انت طالق ولا تحلمي تشوفي ابنائك مرة ثانيه" "انت طالق والابناء من حقي والقضاء في صفي"!!!
كلمات قاسيه البطل فيها هو الاقوي لانه يعلم مسبقا وقبل الخوض في معمعة المحاكم بأن الحكم والنظام المتعارف عليه في المملكه سيحكم له بالابناء وكأنهم قطع معدنيه وليسوا بشر!!
الاسبوع الماضي توفت فتاة في السابعة عشر من عمرها علي يد والدها لانه ضبطها تتحدث مع والدتها التي طلقها وشدد علي ان لا تعرف امها وحرمها من التحدث اليها - هي نفس الام التي انجبتها وربتها ولكن لم يستطع هو ان يمنع فطرة الانسان الطبيعيه باللجوء الي امه ... وهل هناك انسان عاقل يمنع ام من ابنتها ؟؟فلم تستطيع تهديدات والدها بمنعها عن الانجذاب الي امها والحنين اليها ... ماتت ابنة السبعة عشر ربيعا علي يد والدها من الضرب... متفوقا بذلك علي اذي عذاب كفار قريش لعبيدهم !!!! ...وماتت قبلها اريج وغصون واخريات... وحالات اخري لم يتم الابلاغ عنها وقيدت بعضها سقوط من دباب... سقوط من علي السلم ... وحادث سياره !!!! ... ماتت العديد من الفتيات وهناك من تحاول في هذه اللحظه علي انهاء حياتها... ولم يصدر قانون خاص بحماية ابناء الطلاق الي الان علي الرغم من تكاثر حالات الوفاة والانتحار ؟؟؟
واليوم هل سنستطيع ان ننقذ ابنة الستة عشر ربيعا سجينة دار الحمايه في مكه المكرمه قبل ان تموت هي الاخري علي يد والدها او باحد محاولاتها للانتحار؟؟
هذه الفتاة اختطفت من قبل والدها حين كان عمرها 9 سنوات وابعدت بالاكراه عن والدتها سبع سنوات بائسه مليئه بالعذاب يعلم الله وحده فقط كيف قضتها تلك الطفله المسكينه... لم يعلمها والدها ولم يلحقها بالمدرسه مثلها مثل اختها من ابيها التي تصغرها بسنتين !!!
اي حياة تلك التي تتعرض لهاالبنات الصغار في مجتمعنا من قبل الولي او الاب ...تصفية حسابات بين الاب ومطلقته تدفعه الي اذية وتعذيب ابناءه لكي يحرق قلب مطلقته ويلقنها درسا في من الاقوي!!... انتهاكات للانسانيه وللطفوله وتجاهل لحقوق الطفل ونرفع الصوت مطالبين ومشاركين في الندوات والمؤتمرات العالميه لحقوق الانسان ... حتي مساجين جوانتاناموا ناشدنا لهم حقوق الانسان... ثم تركنا اطفالنا تموت من الضرب علي صفحات الجرائد ونحن مكتوفي الايدي ...
والدة فتاة دار الحمايه تريد الطلاق من زوجها الجديد لتنقذ حياة ابنتها بعد ان اقدمت علي محاوله فاشله للانتحار خوفا من العوده الي ابيها, علي استعداد من ان تهدم بيتها واستقرارها لتحمي ابنتها من حياة الذل والعذاب التي عاشته علي يد ابيها !!!
ما يثير الحنق ان دار الحمايه التي تحتمي فيها الفتاة في مكه المكرمه منذ سنه ونصف, اعتادت فيها المشرفات علي تهديد الفتاة بتسليمها الي والدها اذا لم ترضخ الي الاوامر اوالتعليمات ...و كأن الفتاة لم تكتفي من التخويف والضرب والعذاب من والدها وعمتها وبدلا من ان توفر دار الحمايه الرعايه النفسيه للفتاة المسكينه تم ترهيبها في المكان الذي من المفترض ان يحميها ... واذا كان ذلك حال المشرفات وسياستهم ترهيب وتخويف الضعيفات وكسيرات النفس ممن تعرضن الي اسوأ انواع العذاب خارج الدار, فمن المسؤل عن تهديد وتدمير نفسية مراهقه هي بأمس الحاجه الي من يمد يدا حانيه نحوها تعوضها فقدها لحنان والدتها وتداوي جراح ما تجرعته من ذل وهوان ايام وسنين .. ...فمن باب اولي ان تغلق تلك الدارابوابها وترسل البنات الطالبين الي الحمايه الي القبراختصارا للعذاب لان نهايتهم الانتحار... ثم نعود نتسائل بكل سلبيه عن اسباب انتحار الفتيات في المملكه وهل اصبحت تلك ظاهره تستدعي الدراسه ام لا... !!! وندعي بأنها حاله او اثنين ولا يمكن تعميمها علي المجتمع لذلك دائما نعود لنقطة البدايه وانها ليست ظاهره ( فلتنتحر البنات) !!!
لذلك نتمني من المسؤليين التحقيق في الامر ودراسة سلوكيات موظفات دور الحمايه بصفه عامه لانه هو المكان الوحيد الذي تلجأ له ضحايا العنف الاسري ... وفي نفس الوقت لا اعتقد لو ذهبت تلك الام الي القاضي وطلبت منه الطلاق من زوجها الثاني لتحمي ابنتها وطلقها سيحكم لها فعليا بالفتاة ... !!!؟؟؟ تلك الام لا تعلم بأن الاسلام وضح من خلال الكثير من الادله والمعطيات الشرعيه وكما ثبت في الاقوال الراجحه من اهل العلم بأن الام المطلقه اولي بحضانة بناتها الي ان يتزوجن حتي لو تزوجت الام ... وقد صرح بذلك الاسبوع الماضي فضيلة الشيخ الفاضل ( عبد المحسن العبيكان) علي قناة الاخباريه في برنامج دوائر في حديث من اجمل الاحاديث التي سمعناها من قبل حيث اثلج ذلك قلوب العديد من السيدات المطلقات الاتي اعتقدن بأن قوانين الاسلام وقوانين الشرع في جانب الرجل ... لذلك يحكم له القضاء دائما!
الاسلام لم يبخس المرأه حقها ولم يظلمها ... بل النظام والمجتمع والقائمين عليه هم الذين ظلموها حين حرموها من حضانة ابنائها او حتي رؤيتهم في حالة طلاقها او اصدار قانون يعطيها الحق برؤيتهم في حالة الانفصال! بل العديد من السيدات يكابدن ويعانين في ظل ازواج لاتطاق معهم الحياة في سبيل ان يبقين بجوار ابنائهن لعلمهن بالخسارة مسبقا!
سبق وتقدم الشيخ العبيكان جزاه الله خير بهذا الطلب للجهات المختصه ولم يلقي طلبه للأسف اي تجاوب ولم يطبق الي اليوم في المحاكم السعوديه و لا ادري لماذا لا يطبق وينهي زمن الذل الذي تعرضت له المطلقه السعوديه احقابا من الزمن!!!!!
اليوم من خلال هذا المنبر نجدد هذا الطلب مرة اخري ونضم صوتنا الي صوت الشيخ العبيكان بتقنين الاحكام الفقهيه واعتماد القول الراجح من اقوال العلماء... كما ينبغي ان يتم تطبيقها من جميع القضاة في المملكه خاصة القضاة القائمين علي النظر والبت في قضايا الاحوال الشخصية
لذلك ندعو الجهات العليا بمساعدة المرأه المطلقه وابنائها باستصدارقانون فوري لحمايتها من الظلم الذي يقع عليها من المجتمع ومن بعض الاحكام القضائيه وافضل وسيلة لذلك تكريس الجهود لمساندة مبادرة الطلاق السعودي الذي اطلق منذ فتره وذلك بأصدار نظام احوال شخصيه عاجل يعني بضبط وتقنين اجراءات الطلاق وحفظ حقوق وكرامة المطلقات وابنائهن ومتابعة شؤنهن الاجتماعيه من دراسه وسكن ونفقه وعلاج لنعلن بذلك نهاية زمن الذل للمطلقه !!!!
هاله عبد الله القحطاني
كاتبه سعوديه
قانونيون وحقوقيون طالبوا بتسريع البت في قضايا الحضانة
مقتل أحمد على يد زوجة أبيه يفتح باب المطالبات بتغيير قانون الوصاية بالسعودية
الرياض - خالد الشايع
وفيما بينت تقارير صادرة من وزارة العدل أن هناك أكثر من 10 آلاف قضية حضانة مرفوعة حاليا في المحاكم السعودية وتنتظر الحكم، يكشف قانونيون لـ "العربية.نت" عن نية القضاء السعودي تغيير طريقته في التعاطي مع قضايا حضانة الأبناء خاصة فيما يتعلق بحضانة "الابنة" في المجتمع السعودي.
ويشدد مهتمون في هذا الشأن أنه لا يوجد نص في القرآن والسنة يقول إن الولد يخيّر أو أن البنت تذهب حضانتها لوالدها، بل إن الأمر يُعد مُعتقدا يقال إنه يناسب مصلحة جميع البنات، وهو أن حضانة البنت من حق الأب عند وصولها إلى سن السابعة.
في هذا السياق، يؤكد المستشار القانوني سعد الوهيبي على أن القاضي أن يُغلِّب مصلحة الطفل في الدرجة الأولى، مشددا في حديثة لـ"العربية.نت" على أن المشكلة تكمن في تطبيق القضاة للقوانين وليس في الأنظمة ذاتها، ويقول: "ليس لدينا مشكلة في التشريع، لأن الشريعة الإسلامية واضحة في هذا الجانب وصريحة، ولكن لو كان هناك خطأ في الحضانة فهو يرجع للقاضي الذي حكم، وليس إلى خطأ في التشريع أو التطبيق".
ويضيف الوهيبي: "الشريعة نصت بشكل صريح على أن ولايه الطفل للأصلح من الوالدين، ولم تنص على أنها للأب أو للأم أو لغيرهما، وهنا قد يكون اختيار القاضي هو الخطأ".
خطأ من القاضي
ويُحمِّل المستشار القانوني الوهيبي القاضي تبعات تأخير الحكم في حضانة أحمد الغامدي لأمه لأكثر من ثلاث سنوات ونصف دون حكم، ويؤكد على أن الشرع خص هذه الحالات بالحكم السريع دون تأخير، ويقول: "هذا الأمر خطأ من القاضي، لأن قضايا الولاية أو النفقة تعتبر من الأولويات، حتى أنها في الورث تسمى من المديونيات ذات الأولويات، ولابد أن ينظر القاضي في إعطاء الزوجة الحضانة قبل توزيع الإرث".
ويتابع منتقدا تباطؤ القاضي في البت في القضية: "من الخطأ أن تبقى القضية ثلاث سنوات ونصف دون أن يبت فيها القاضي، هذا خطأ وتهاون من القاضي أو تلاعب من أحد الأطراف، وهو في الغالب من لديه الأطفال، ولكن من غير المقبول أن يكون طفل بعمر الستة أشهر في ولاية أبيه". ويشدد :" كان يجب أن تحضره الشرطة بالقوة الجبرية".
ويذكر الوهيبي في تصريحه أن الأمر لا يجب أن يمر دون محاسبة، مضيفاً: "إذا كان الخطأ من القاضي، فهناك جهات يمكن شكايته إليها، مثل مجلس القضاء الأعلى، فكون القاضي يتهاون في القضايا سواء خاصة بأطفال أو حضانة أو ماشابه ذلك أو حتى حقوقية، يجب على المتضرر أن يشتكي القاضي للمجلس مباشرة لأنه تضرر من هذه العطلة".
ويتابع: "القاضي المسؤول الآن في تأخير البت في قضية حضانة أحمد (رحمه الله) إذا كان مُقصرِّاً فسيحال للتحقيق فورا".
ويؤكد الوهيبي على أن هناك جهلاً من قبل بعض النساء بحقوقهن لأنهن لا يستشرن أهل الخبرة والاختصاص قبل الذهاب للمحكمة، ويقول: "المشكلة لدينا في الثقافة الحقوقية، لا نقول أن هناك قصوراً بقدر ما أن هناك عدم مطالبة. أنصح كل امرأة قبل أن تدخل المحاكم أن تسأل أهل الخبرة ليفيدوها".
ازدياد قضايا العنف
من جانبه طالب رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية الدكتور مفلح القحطاني بأن يتعاون القضاة مع خبراء وأخصائيين اجتماعيين لتحديد الطرف الأصلح من الوالدين لينال حق الحضانة، وشدد الدكتور القحطاني على أن يتم تطبيق نظام حماية الطفل في أسرع وقت ممكن، ويقول لـ "العربية.نت": "نأمل أن يكون هناك استعجال في نظام حماية الطفل الذي وافق عليه مجلس الشورى".
ويضيف: "من المهم أن يكون هناك استعجال من قبل القاضي عندما ينظر في القضايا المتعلقة بحضانة الأطفال والنفقة وحقوق الزيارة، وأن تكون مصلحة الطفل هي الأولى بالرعاية، فيحكم لمن هو أولى بالرعاية والحماية من الوالدين، سواء الأم أو الأب. صحيح أن هناك قواعد ولكن هذه القواعد ترتبط بتوفر شروط في أي من الطرفين".
ويشدد القحطاني على أهمية الاستعجال في الحكم في هذه القضايا، وألا تترك لوقت طويل، ويقول: "من المهم الفصل في النزاع بسرعة، فوزارة العدل أقامت مؤخرا ندوة عن دور الرعاية الاجتماعية في مساندة العدالة، وقالت إن هناك توجها لتعيين أخصائيين اجتماعيين في المحاكم لمساعدة القضاة في هذا الجانب، وأعتقد أن تفعيل هذا الدور سيساعد القضاة في حسم هذه النزاعات بسرعة، وبالشكل الذي يتواءم مع توفير الرعاية والحماية للأطفال".
إهمال حقوق النساء
ويشدد رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية بأن يكون هناك قانون رادع وسريع للبت في قضايا الحضانة والنفقة، ويقول: "هذه قضية رصدتها الجمعية للأسف الشديد، فحتى لو حكم بالنفقة، لا يلتزم المحكوم عليه بدفعها في الوقت المناسب، لذا نحن نطالب أن تخصم هذه النفقة من راتب الزوج وتذهب للمقرر له من الأطفال ومن في حكمهم".
ويتابع :"الإشكالية في المطالبة بالحضانة لأي من الوالدين يحتاج لسرعة وتبيُّن، وأن يكون هناك من يقابل الوالدين ويطلع على ظروفهم وطبيعة عملهم ومن هو الطرف الأفضل لرعاية الأطفال، فقد يترك الطفل مع الأم وتحدث مشكلة وقد يترك مع الأب وتحدث مشكلة، فالعبرة في البحث عن الأنسب لرعاية الطفل وحمايته، وهذا لن يتأتى للقاضي لانشغاله بالعديد من القضايا داخل إطار المحكمة".
ويتابع: "ولكن عندما يكون هناك أخصائيين اجتماعيين يقومون بزيارة الوالدين والاطلاع على ظروفهم والبيئة التي يعيش فيها الطفل، يمكن إعداد تقرير وتوصية للقاضي بمن أولى منهما برعاية الطفل".
مطلوب نظام صارم
ويؤكد الكاتب والإعلامي عبدالعزيز قاسم على أنه من المهم مراجعة القوانين الحالية وسن قوانين وأنظمة تحمي حقوق النساء، وتلزم الأزواج بدفع النفقة الواجبة عليهم دون تأخير، ويقول لـ "العربية.نت": "لابد من مراجعة الجانب القضائي، وإلزام الرجل بالنفقة على أولاده. كفل الإسلام هذا الحق للمرأة، ولكن حتى وإن حكم القاضي، لا يتم تفعيل الحكم، ويماطل الزوج في الدفع، بينما تذوق الزوجة الأمرين، وتتعذب في المحاكم من أجل الحصول على حقها، لأنه لا يوجد إلزام بالحكم، فالقاضي يعتقد أنه بصدور الحكم انتهى الأمر ولكن لا أحد يلزم الزوج المستهتر بتنفيذ الحكم".
وتابع: "يجب أن يكون هناك قانون ونظام يوصل هذه النفقة لمستحقيها كاملة، وأدعو القضاة والعلماء أن يتبنو هم هذه القضية، لأن مجتمعنا متدين ويستمع لهم، ويفترض أن يكون هم أنصار حقوق المرأة، ويدعمونها كي يكونوا أول من يطالب بهذا الحق بحيث تستقطع النفقة مباشرة من راتب الزوج وتحول للزوجة، وأن لا يكون لها أن تسحب في المحاكم بهذه الطريقه المهينة".
المصدر: العربية
أنا للفيصل أم
جزاك الله كل خيرا......... توضيح وطرح يوزن بماء الذهب ولكن اين القلوب الرحيمة بل أين العقول الرشيدة فوالله أنا ولي أخوات حرمان السعادة والحياة وواجهنا صعوبات الحياة ومنغصاتها مقابل ان لاننحرم من اطفالنا ويشهد الله انني مررت بأيام أشم لحفهم كالمجنونه والحمد لله على كل حال .... أسأل الله الكريم رب العرش العظيم إن يظهر الحق ويهدي كل ضال وينصر كل أم ويربط على قلبها ,,,,,,,,, آآآمين
تعديل التعليق