ثوابت حفظ الأمة والمجتمعات
ضيدان بن عبد الرحمن اليامي
1434/06/15 - 2013/04/25 16:40PM
إن مما تقرر في شريعةِ الله ، أن سلامةَ الأمم والمجتمعات من الانحراف والضلال والفرقة والاختلاف وعقوبات الله الكونية والشرعية قائمٌ على ثوابت وقواعدَ راسخة ، هذه الثوابت وهذه القواعد متى ما اختلت في مجتمعٍ من المجتمات إلا كانت سببَ هلاكِهِ وسقوطِهِ وتعرضِهِ للعقوباتِ والفتن ، وشواهدُ التاريخِ وحكاياتُ الأممِ أكبرُ شاهدٍ على ذلك ، وهذه الثوابتُ والقواعدُ في حفظِ الأممِ وبقائِها ، والمجتمعاتِ وسلامتِها تكمنُ في أربعةِ أمور ، هي الأصل لهذا الحفظ والأمن :
الثابت الأول : الدينُ وبقائُهُ وسلامتُهُ من الشركِ والبدعِ والخرافات ، قال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )[النور55] ، وقال تعالى : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )[الحج41] . (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )[الأنعام82] .
فالإيمانُ بالله ، وعملُ الصالحات ، والحذرُ من الشرك والبعدُ عنه ، وإقامُ الصلاة ، وإيتاءُ الزكاة ، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر ، سببٌ في الاستخلافِ في الأرضِ ، والبقاءِ والتمكين ، والرضى من الله بتحقيق دينه الذي ارتضى لهم ، والأمنُ من الخوف أيًّا كانت نوعه ، هذه هي نعمُ اللهِ على عبادِهِ وبها يتحققُ الأمنُ لهم والرخاءُ والرغد ، قال تعالى : (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )[النحل112] ، فالإيمانُ بالله وتطبيقُ شرعِهِ أمانٌ ورغدٌ وسعادةٌ في الدنيا والآخرة .
الثابت الثاني : البعدُ عن الذنوب و المعاصي ، صمامُ الأمانِ من العقوبات والمهلكات : إِنَّ مَا يَقَعُ فِي الأَرْضِ مِنْ كَسَادِالاقْتِصَادِ ، وَغَلاَءِ الأَسْعَارِ ، وَفَسَادِ الذِّمَمِ ، وَتَسلِيطِ النَّاسِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالظُّلْمِ وَالبَغْيِ وَالأَثَرَةِ ، وَمَا يُصِيبُهُمْمِنْ غَوْرِ المِيَاهِ إِلَى حَدِّ الجَفَافِ ، أَوْ صَبِّ السَّمَاءِ إِلَى حَدِّالإِغْرَاقِ ، وَمَا يَأْتِي عَلَيْهِمْ مِنْ فَيَضَانِ الأَرْضِ ، وَمَدِّ البَحْرِ ،وَالزَّلْزَلَةِ وَالخَسْفِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ بِظُلْمِ العِبَادِلِأَنْفُسِهِمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَانْتِشَارِ الظُّلْمِ فِيمَابَيْنَهُمْ ، وَعَدَمِ إِنْصافِ المَظْلُومِ أَوْ الاِنْتِصَارِ لَهُ ، (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً )[النساء147] ، وَكُلَّمَاكَثُرَ العِصْيَانُ ، وَعَظُمَ الظُّلْمُ ، وَتَمَّ تَشْرِيعُهُ وَتَوْسِيعُهُوَتَقْنِينُهُ تَفَاقَمَتِ المُشْكِلاَتُ ، وَتَتَابَعَتِ العُقُوبَاتُ ، وَحَلَّتِالمَثُلاَتُ ، وَالعَذَابُ إِذَا نَزَلَ قَدْ يَعُمُّ وَلاَيَخُصُّ !وما أهونَ الخلقَ على اللهِ إذا هم أضاعوا أمرَهُ وعصوا رسلَهُ ، فالحذرُ من معاصي الله ، والحذرُ من ارتكاب ماحرم الله ، والحذرُ من المجاهرةِ بذلك وعدمِ الوقارِ من الله (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوانَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصَارًا)] نوح25] ، فعقوباتُ اللهِ المتنوعةُ لللأممِ لَتَدُلُّ عَلَى فَدَاحَةِ الظُّلْمِوَالفِسْقِ والعصيانِ وَالطُّغْيَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى ، (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[العنكبوت40] ، فاللهُ تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيْرَتُهُ –سبحانه- أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُهُ ،وَيُجَاهَرَ بِعِصْيَانِهِ ، وَتَعَطُّلَ شَرِيعَتُهُ ، وَتُرْفَضَ أَحْكَامُهُ ،وَيُؤْذَى أَوْلِيَاؤُهُ ، فَخَافُواعُقُوبَةَ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ ، فَإِنَّهَا إِنْ حَقَّتْ لَمْيَدْفَعْهَا شَيْءٌ (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْمُغْرَقُونَ) ، ( إِنَّ عَذَابَرَبِّكَ لَوَاقِعٌ ، مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ) .
فالذنوبُ والمعاصي تَمحقُ بركةَ الدنيا والدين ، تَمحقُ بركةَ العمر والرزق ، وبركةَ العلمِ والعملِ وغيرِها ، بل ما مُحقت البركةُ من الأرض إلاّ بمعاصي الخلق ، واللهُ جل وعلا يقول : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )[الأعراف96] ، ( وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّاء غَدَقاً ) [الجن:16] ، (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ )[الأنعام6] .
الثابتُ الثالث : الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ، سفينةُ النجاةِ للمجتمعات ، قال تعالى : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )[النحل125] وعَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَبِي بَكْرٍ الصديق -رضي الله عَنْهُ - أَنَّهُ خطب النَّاس على منبر رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – فقال : " أيها النَّاس إنكم تقرءون هَذِهِ الآيَة وتضعونها على غيرِ موضعِها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) . وإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : " إن النَّاس إِذَا رأوا الْمُنْكَر فَلَمْ يغيروه أوشك أن يَعُمَّهم اللهُ بعقاب منه " . وفي لفظ : "من عنده" . رَوَاهُ أَبُو داود والترمذي وَقَالَ : حديث حسن .
وفي لفظ آخر ، إني سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : " إن القومَ إِذَا رأوا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يغيروه عمهم الله بعقاب " رواه ابن ماجة والنسائي . وفي رواية لأبي داود سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : "مَا من قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي ثُمَّ يقدرون على أن يغيروا ثُمَّ لا يغيروا إِلا يوشكُ أنْ يَعُمَّهم اللهُ منه بعقاب" .
والله قَدْ جعل الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ فرقًا بين المُؤْمِنِينَ والمنافقين ، فأخصُ أوصافِ المُؤْمِنِينَ المميزةَ لَهُمْ من غيرِهم هُوَ الأَمْرُ بالمعروفِ والنهيُ عَنْ المُنْكَر ، ورأسُ الأَمْرِ بالمعروفِ الدعوةُ إلى الإِسلامِ وإرشادِ النَّاسِ إلى مَا خُلِقُوا لَهُ ، وتبصيرِهم بما دلَّ عَلَيْهِ كتابُ ربِهم وسنةُ نبِيهم ، وتحذيرُهم من مخالفةِ ذَلِكَ .
قَالَ الغزالي – رحمه الله - فِي قوله تَعَالَى : (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) . وصف اللهُ المُؤْمِنِينَ بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عَنْ المُنْكَر والَّذِي هجر الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ خارجٌ عَنْ هؤلاء الْمُؤْمِنِينَ .. انتهى .
وفي قوله تَعَالَى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) مَا يدل على أن الناجي هُوَ الَّذِي ينهى عَنْ السُّوء دون الواقعِ فيه والمداهنِ عَلَيْهِ .
ولو أُهملَ والأَمْرُ بالمعروف والنهيُ عَنْ المُنْكَر لاضمحلتِ الديانةُ وفشتِ الضلالةُ وعَمَّ الفسادُ وهَلَكَ العباد.
والأَمْر بالمعروفِ والنهي عَنْ المُنْكَرِ حفظٌ للشريعةِ وحمايةٌ لأحكامِها ، تدلُ عَلَيْهِ بعد إجماعِ الأمةِ وإرشادِ العقولِ السليمةِ إليه الآياتُ القرآنيةُ وَالأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ ، قال تعالى : (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ، يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) فدلت الآيَةُ الكريمةُ على عدمِ صلاحِهم بمجردِ الإِيمَانِ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ حيث لم يشهدْ لَهُمْ بذَلِكَ إِلا بعد أن أضافَ إليها الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ ، وقد ذَمَّ سبحانه وتعالى من لم يأمرْ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) وَهَذَا غايةُ التشديدِ ونهايةُ التهديد ، فبين سُبْحَانَهُ وتَعَالَى أن السببَ للعنهم هُوَ تركُ التناهي عَنْ المُنْكَر ، وبين أن ذَلِكَ بئس الفِعْل.
قَالَ ابن عَبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- : لعنوا فِي كُلِّ لسانٍ على عهد مُوَسى فِي التوراة ، ولعنوا على عهدِ داودَ فِي الزبور ، ولعنوا على عهدِ عيسى فِي الإنجيل ، ولعنوا على عهد نبيكم مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُرْآن ، (لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) . قَالَ القرطبي : " وبخ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى علماءَهم فِي تركهِم نهيَهم ، فَقَالَ : (لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) كما وبخ من سارع فِي الإثُمَّ بقوله : ( لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) قَالَ : ودلت الآيَةُ على أن تاركَ النهيِ عَنْ المُنْكَر كمرتكبِ المُنْكَر .." . (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ......
الخطبة الثانية :
الثابت الرابع : وحدةُ الأمة ، ووحدةُ الصف ، ووحدةُ الجماعة ، ووحدةُ الكلمة ، أساسُ الأمرِ وعمودُهُ في الحفاظِ على بقاءِ المجتمعاتِ والأمم ، أصلُ ذلك طاعةُ من ولاّه اللهُ أمرَ المسلمين في غيرِ معصيةِ الله ، لقد أمرَ اللهُ تعالى في كتابِهِ الكريمِ بالاعتصامِ بحبلِ الله جميعاً ، وحذَّرَ سبحانه من الاختلافِ والفُرقةِ ، فقال سبحانه : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [آل عمران103] ، وقال تعالى : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [آل عمران 105] .
فالخروجُ عن الجماعةِ هو أصلُ كلِ بلاءٍ وقعَ في تاريخِ المسلمينَ ؛ ولذا حَذَرَّ منه الرسولُ – صلى الله عليه وسلم - أشدَّ التحذير ، عن الحارثِ الأشعريِّ – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( وأنا آمُرُكُمْ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ : الجَمَاعَةِ ، وَالسَّمْعِ ، وَالطَّاعَةِ ، وَالْهِجْرَةِ ، وَالْجِهَادِ في سَبِيلِ اللَّهِ . فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الجَمَاعَةِ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ من عُنُقِهِ إِلا أَنْ يُرَاجِعَ ، وَمَنْ دَعَا دَعْوَةَ جَاهِلِيَّةٍ فإنه من جُثَاءِ جَهَنَّمَ )) ، قِيلَ : يا رَسُولَ اللَّهِ ، وإنْ صلى وَصَامَ ، قال : (( نعم وإن صلى وَصَامَ ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ التي سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ المُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ )) . صحيح . رواه أحمد الترمذي وهذا لفظه ، وجُثا جهنم ، أي الحِجارةُ المجموعةُ في جَهنم ، وففي الصحيحين عن ابْن عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أنه قَالَ : ((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)) ، وروى مسلم في صحيحه قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ – رضي الله عنهما - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : اطْرَحُوا لأَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) . فما موقفُ المسلمِ أمامَ اللهِ تعالى حِيالَ هذه النصوص في زمن كَثُرَ فيه الاختلافُ وعظمت فيه أسبابُ الفتنةِ بين المسلمين .
هذه الأمةُ الكلُّ مسؤولٌ عنها يومَ القيامة ، فمن يحبُ أن يكون سبباً في دخولِ الشرِ والفتنةِ والقتلِ والبلاءِ و الدمارِ وانتهاكِ الأعراضِ ونهبِ الأموالِ وضَعفِ المسلمين واستحلالِ ديارِهم وأموالهِم ؟! من يحب أن يكون مسؤولاً أمام الله تعالى عن ذلك كله ؟! .
هذا الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ إمامُ أهلِ السنةِ والجماعةِ - رحمه الله - حينَ أظهرَ أمراءُ بني العباسِ في زمنِه بدعةً كفريةً بدعةَ خلقِ القرآنِ ، ونفي الصفاتِ ، بل امتحنوه وسائرَ علماءِ وقتِهِ ، وفتنوا المؤمنين الذين لم يوافقوهم على ذلك بالضربِ والحبسِ والقتلِ والعزلِ عن الولايات وقطعِ الأرزاق وردِّ الشهادةِ ، ومعَ ذلكَ لم يفارقْ -رحمه اللهُ - شعارَ أهلِ السنةِ بلزوم الجمَاعةِ ، مع أنهم ضربوه وحبسوه وآذوه أذيةً عظيمةً . وعن أبي الحارث ، قال : سألت أبا عبد الله في أمر كان حَدَثَ ببغداد وَهَمَّ قومٌ بالخروج ، فقلت : يا أبا عبدالله ، ما تقولُ في الخروجِ مع هؤلاء القوم ؟ فأنكر ذلك عليهم ، وجعل يقول : سبحانَ اللهِ ! الدماءَ ، الدماءَ ، لا أرى ذلك ولا آمرُ به ، الصبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنةِ : يُسفك فيها الدماءُ ، ويُستباحُ فيها الأموالُ ، ويُنتهكُ فيها المحارمُ .. .. رواه الخلال في السنة (1/132) بإسناد صحيح .
فالتناصحُ بينالراعي والرعية رَغبَّ فيه الإسلام ودعا إليه ، فهي سنةُ الإسلام ، عن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ – رضي الله عنه - أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عليه وسلم - قال : (( إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ )) ، قالوا : لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قال : (( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وعامتهم)) رواه مسلم .
الدعاءُ لولاةِ أمرِ المسلمين بالصلاحِ والخيرِ والهدى ، وأن يُعزَّ اللهُ بهم الإسلامَ والمسلمين ، هو هدى السلفِ وسبيلِ أهلِ السنةِ والجماعة ، فما سوى ذلك فهو من دعوى الجاهلية ، روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس – رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : ((أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ : مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمُطَّلِبُ دَم امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهرِيقَ دَمَهُ)) . ودعوى الجاهلية هي التناصر على الباطل وبغير ما أذن الله به .
ولذا فالذين يهيّجون الناسَ على حكامِهم لتحدثَ بعد ذلكَ الفتنُ والصداماتُ وتدميرُ الممتلكاتُ وإراقُ الدماء وسلبُ الأموال بسببِ اختلالِ الأمنِ هم أشدُّ محاربةٍ لله ورسولِهِ من المباشرين المغرَريِن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (1/392) : "المحاربة نوعان : محاربة باليد ومحاربة باللسان ، والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكى من المحاربةِ باليد ".
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على أمنكم ووحدتكم وثوابت بقائكم ، واستقيموا على كتاب ربكم ، واهتدوا بهدي نبيكم ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم .
الثابت الأول : الدينُ وبقائُهُ وسلامتُهُ من الشركِ والبدعِ والخرافات ، قال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )[النور55] ، وقال تعالى : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )[الحج41] . (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )[الأنعام82] .
فالإيمانُ بالله ، وعملُ الصالحات ، والحذرُ من الشرك والبعدُ عنه ، وإقامُ الصلاة ، وإيتاءُ الزكاة ، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر ، سببٌ في الاستخلافِ في الأرضِ ، والبقاءِ والتمكين ، والرضى من الله بتحقيق دينه الذي ارتضى لهم ، والأمنُ من الخوف أيًّا كانت نوعه ، هذه هي نعمُ اللهِ على عبادِهِ وبها يتحققُ الأمنُ لهم والرخاءُ والرغد ، قال تعالى : (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )[النحل112] ، فالإيمانُ بالله وتطبيقُ شرعِهِ أمانٌ ورغدٌ وسعادةٌ في الدنيا والآخرة .
الثابت الثاني : البعدُ عن الذنوب و المعاصي ، صمامُ الأمانِ من العقوبات والمهلكات : إِنَّ مَا يَقَعُ فِي الأَرْضِ مِنْ كَسَادِالاقْتِصَادِ ، وَغَلاَءِ الأَسْعَارِ ، وَفَسَادِ الذِّمَمِ ، وَتَسلِيطِ النَّاسِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالظُّلْمِ وَالبَغْيِ وَالأَثَرَةِ ، وَمَا يُصِيبُهُمْمِنْ غَوْرِ المِيَاهِ إِلَى حَدِّ الجَفَافِ ، أَوْ صَبِّ السَّمَاءِ إِلَى حَدِّالإِغْرَاقِ ، وَمَا يَأْتِي عَلَيْهِمْ مِنْ فَيَضَانِ الأَرْضِ ، وَمَدِّ البَحْرِ ،وَالزَّلْزَلَةِ وَالخَسْفِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ بِظُلْمِ العِبَادِلِأَنْفُسِهِمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَانْتِشَارِ الظُّلْمِ فِيمَابَيْنَهُمْ ، وَعَدَمِ إِنْصافِ المَظْلُومِ أَوْ الاِنْتِصَارِ لَهُ ، (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً )[النساء147] ، وَكُلَّمَاكَثُرَ العِصْيَانُ ، وَعَظُمَ الظُّلْمُ ، وَتَمَّ تَشْرِيعُهُ وَتَوْسِيعُهُوَتَقْنِينُهُ تَفَاقَمَتِ المُشْكِلاَتُ ، وَتَتَابَعَتِ العُقُوبَاتُ ، وَحَلَّتِالمَثُلاَتُ ، وَالعَذَابُ إِذَا نَزَلَ قَدْ يَعُمُّ وَلاَيَخُصُّ !وما أهونَ الخلقَ على اللهِ إذا هم أضاعوا أمرَهُ وعصوا رسلَهُ ، فالحذرُ من معاصي الله ، والحذرُ من ارتكاب ماحرم الله ، والحذرُ من المجاهرةِ بذلك وعدمِ الوقارِ من الله (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوانَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصَارًا)] نوح25] ، فعقوباتُ اللهِ المتنوعةُ لللأممِ لَتَدُلُّ عَلَى فَدَاحَةِ الظُّلْمِوَالفِسْقِ والعصيانِ وَالطُّغْيَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى ، (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[العنكبوت40] ، فاللهُ تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيْرَتُهُ –سبحانه- أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُهُ ،وَيُجَاهَرَ بِعِصْيَانِهِ ، وَتَعَطُّلَ شَرِيعَتُهُ ، وَتُرْفَضَ أَحْكَامُهُ ،وَيُؤْذَى أَوْلِيَاؤُهُ ، فَخَافُواعُقُوبَةَ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ ، فَإِنَّهَا إِنْ حَقَّتْ لَمْيَدْفَعْهَا شَيْءٌ (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْمُغْرَقُونَ) ، ( إِنَّ عَذَابَرَبِّكَ لَوَاقِعٌ ، مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ) .
فالذنوبُ والمعاصي تَمحقُ بركةَ الدنيا والدين ، تَمحقُ بركةَ العمر والرزق ، وبركةَ العلمِ والعملِ وغيرِها ، بل ما مُحقت البركةُ من الأرض إلاّ بمعاصي الخلق ، واللهُ جل وعلا يقول : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )[الأعراف96] ، ( وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّاء غَدَقاً ) [الجن:16] ، (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ )[الأنعام6] .
الثابتُ الثالث : الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ، سفينةُ النجاةِ للمجتمعات ، قال تعالى : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )[النحل125] وعَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَبِي بَكْرٍ الصديق -رضي الله عَنْهُ - أَنَّهُ خطب النَّاس على منبر رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – فقال : " أيها النَّاس إنكم تقرءون هَذِهِ الآيَة وتضعونها على غيرِ موضعِها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) . وإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : " إن النَّاس إِذَا رأوا الْمُنْكَر فَلَمْ يغيروه أوشك أن يَعُمَّهم اللهُ بعقاب منه " . وفي لفظ : "من عنده" . رَوَاهُ أَبُو داود والترمذي وَقَالَ : حديث حسن .
وفي لفظ آخر ، إني سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : " إن القومَ إِذَا رأوا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يغيروه عمهم الله بعقاب " رواه ابن ماجة والنسائي . وفي رواية لأبي داود سمعت رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : "مَا من قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي ثُمَّ يقدرون على أن يغيروا ثُمَّ لا يغيروا إِلا يوشكُ أنْ يَعُمَّهم اللهُ منه بعقاب" .
والله قَدْ جعل الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ فرقًا بين المُؤْمِنِينَ والمنافقين ، فأخصُ أوصافِ المُؤْمِنِينَ المميزةَ لَهُمْ من غيرِهم هُوَ الأَمْرُ بالمعروفِ والنهيُ عَنْ المُنْكَر ، ورأسُ الأَمْرِ بالمعروفِ الدعوةُ إلى الإِسلامِ وإرشادِ النَّاسِ إلى مَا خُلِقُوا لَهُ ، وتبصيرِهم بما دلَّ عَلَيْهِ كتابُ ربِهم وسنةُ نبِيهم ، وتحذيرُهم من مخالفةِ ذَلِكَ .
قَالَ الغزالي – رحمه الله - فِي قوله تَعَالَى : (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) . وصف اللهُ المُؤْمِنِينَ بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عَنْ المُنْكَر والَّذِي هجر الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ خارجٌ عَنْ هؤلاء الْمُؤْمِنِينَ .. انتهى .
وفي قوله تَعَالَى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) مَا يدل على أن الناجي هُوَ الَّذِي ينهى عَنْ السُّوء دون الواقعِ فيه والمداهنِ عَلَيْهِ .
ولو أُهملَ والأَمْرُ بالمعروف والنهيُ عَنْ المُنْكَر لاضمحلتِ الديانةُ وفشتِ الضلالةُ وعَمَّ الفسادُ وهَلَكَ العباد.
والأَمْر بالمعروفِ والنهي عَنْ المُنْكَرِ حفظٌ للشريعةِ وحمايةٌ لأحكامِها ، تدلُ عَلَيْهِ بعد إجماعِ الأمةِ وإرشادِ العقولِ السليمةِ إليه الآياتُ القرآنيةُ وَالأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ ، قال تعالى : (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ، يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) فدلت الآيَةُ الكريمةُ على عدمِ صلاحِهم بمجردِ الإِيمَانِ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ حيث لم يشهدْ لَهُمْ بذَلِكَ إِلا بعد أن أضافَ إليها الأَمْرَ بالمعروفِ والنهيَ عَنْ المُنْكَرِ ، وقد ذَمَّ سبحانه وتعالى من لم يأمرْ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) وَهَذَا غايةُ التشديدِ ونهايةُ التهديد ، فبين سُبْحَانَهُ وتَعَالَى أن السببَ للعنهم هُوَ تركُ التناهي عَنْ المُنْكَر ، وبين أن ذَلِكَ بئس الفِعْل.
قَالَ ابن عَبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- : لعنوا فِي كُلِّ لسانٍ على عهد مُوَسى فِي التوراة ، ولعنوا على عهدِ داودَ فِي الزبور ، ولعنوا على عهدِ عيسى فِي الإنجيل ، ولعنوا على عهد نبيكم مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُرْآن ، (لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) . قَالَ القرطبي : " وبخ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى علماءَهم فِي تركهِم نهيَهم ، فَقَالَ : (لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) كما وبخ من سارع فِي الإثُمَّ بقوله : ( لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) قَالَ : ودلت الآيَةُ على أن تاركَ النهيِ عَنْ المُنْكَر كمرتكبِ المُنْكَر .." . (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ......
الخطبة الثانية :
الثابت الرابع : وحدةُ الأمة ، ووحدةُ الصف ، ووحدةُ الجماعة ، ووحدةُ الكلمة ، أساسُ الأمرِ وعمودُهُ في الحفاظِ على بقاءِ المجتمعاتِ والأمم ، أصلُ ذلك طاعةُ من ولاّه اللهُ أمرَ المسلمين في غيرِ معصيةِ الله ، لقد أمرَ اللهُ تعالى في كتابِهِ الكريمِ بالاعتصامِ بحبلِ الله جميعاً ، وحذَّرَ سبحانه من الاختلافِ والفُرقةِ ، فقال سبحانه : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [آل عمران103] ، وقال تعالى : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [آل عمران 105] .
فالخروجُ عن الجماعةِ هو أصلُ كلِ بلاءٍ وقعَ في تاريخِ المسلمينَ ؛ ولذا حَذَرَّ منه الرسولُ – صلى الله عليه وسلم - أشدَّ التحذير ، عن الحارثِ الأشعريِّ – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( وأنا آمُرُكُمْ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ : الجَمَاعَةِ ، وَالسَّمْعِ ، وَالطَّاعَةِ ، وَالْهِجْرَةِ ، وَالْجِهَادِ في سَبِيلِ اللَّهِ . فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الجَمَاعَةِ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ من عُنُقِهِ إِلا أَنْ يُرَاجِعَ ، وَمَنْ دَعَا دَعْوَةَ جَاهِلِيَّةٍ فإنه من جُثَاءِ جَهَنَّمَ )) ، قِيلَ : يا رَسُولَ اللَّهِ ، وإنْ صلى وَصَامَ ، قال : (( نعم وإن صلى وَصَامَ ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ التي سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ المُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ )) . صحيح . رواه أحمد الترمذي وهذا لفظه ، وجُثا جهنم ، أي الحِجارةُ المجموعةُ في جَهنم ، وففي الصحيحين عن ابْن عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أنه قَالَ : ((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)) ، وروى مسلم في صحيحه قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ – رضي الله عنهما - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : اطْرَحُوا لأَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) . فما موقفُ المسلمِ أمامَ اللهِ تعالى حِيالَ هذه النصوص في زمن كَثُرَ فيه الاختلافُ وعظمت فيه أسبابُ الفتنةِ بين المسلمين .
هذه الأمةُ الكلُّ مسؤولٌ عنها يومَ القيامة ، فمن يحبُ أن يكون سبباً في دخولِ الشرِ والفتنةِ والقتلِ والبلاءِ و الدمارِ وانتهاكِ الأعراضِ ونهبِ الأموالِ وضَعفِ المسلمين واستحلالِ ديارِهم وأموالهِم ؟! من يحب أن يكون مسؤولاً أمام الله تعالى عن ذلك كله ؟! .
هذا الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ إمامُ أهلِ السنةِ والجماعةِ - رحمه الله - حينَ أظهرَ أمراءُ بني العباسِ في زمنِه بدعةً كفريةً بدعةَ خلقِ القرآنِ ، ونفي الصفاتِ ، بل امتحنوه وسائرَ علماءِ وقتِهِ ، وفتنوا المؤمنين الذين لم يوافقوهم على ذلك بالضربِ والحبسِ والقتلِ والعزلِ عن الولايات وقطعِ الأرزاق وردِّ الشهادةِ ، ومعَ ذلكَ لم يفارقْ -رحمه اللهُ - شعارَ أهلِ السنةِ بلزوم الجمَاعةِ ، مع أنهم ضربوه وحبسوه وآذوه أذيةً عظيمةً . وعن أبي الحارث ، قال : سألت أبا عبد الله في أمر كان حَدَثَ ببغداد وَهَمَّ قومٌ بالخروج ، فقلت : يا أبا عبدالله ، ما تقولُ في الخروجِ مع هؤلاء القوم ؟ فأنكر ذلك عليهم ، وجعل يقول : سبحانَ اللهِ ! الدماءَ ، الدماءَ ، لا أرى ذلك ولا آمرُ به ، الصبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنةِ : يُسفك فيها الدماءُ ، ويُستباحُ فيها الأموالُ ، ويُنتهكُ فيها المحارمُ .. .. رواه الخلال في السنة (1/132) بإسناد صحيح .
فالتناصحُ بينالراعي والرعية رَغبَّ فيه الإسلام ودعا إليه ، فهي سنةُ الإسلام ، عن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ – رضي الله عنه - أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عليه وسلم - قال : (( إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ )) ، قالوا : لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قال : (( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وعامتهم)) رواه مسلم .
الدعاءُ لولاةِ أمرِ المسلمين بالصلاحِ والخيرِ والهدى ، وأن يُعزَّ اللهُ بهم الإسلامَ والمسلمين ، هو هدى السلفِ وسبيلِ أهلِ السنةِ والجماعة ، فما سوى ذلك فهو من دعوى الجاهلية ، روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس – رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : ((أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ : مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمُطَّلِبُ دَم امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهرِيقَ دَمَهُ)) . ودعوى الجاهلية هي التناصر على الباطل وبغير ما أذن الله به .
ولذا فالذين يهيّجون الناسَ على حكامِهم لتحدثَ بعد ذلكَ الفتنُ والصداماتُ وتدميرُ الممتلكاتُ وإراقُ الدماء وسلبُ الأموال بسببِ اختلالِ الأمنِ هم أشدُّ محاربةٍ لله ورسولِهِ من المباشرين المغرَريِن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (1/392) : "المحاربة نوعان : محاربة باليد ومحاربة باللسان ، والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكى من المحاربةِ باليد ".
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على أمنكم ووحدتكم وثوابت بقائكم ، واستقيموا على كتاب ربكم ، واهتدوا بهدي نبيكم ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم .
المشاهدات 3242 | التعليقات 4
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
جزاكم الله عنا كل خير ..
تصحيح :بقائه " بقاؤه "
جزاك الله عنا كل خير يا شيخ رشيد ، ونفعنا الله وإياكم بكتاب ربنا وسنة نبينا ... آمين
رشيد بن ابراهيم بوعافية
جزاك الله كل خير ، استقراءٌ ممتاز لثوابت الحفظ و النجاة المجتمعيّة ، وعلى هذه الثوابت ينبغي أن تدورَ جهودُ الأفراد والمجتمع و الدولة . .
جعلها الله في ميزان حسناتكم فضيلة الشيخ .
تعديل التعليق