ثلاث وصايا بعد رمضان

ثَلَاثُ وَصَايَا بَعْدَ رَمَضَانَ
4/10/1432

الْحَمْدُ لله الْوَلِيِّ الْحَمِيْدِ؛ أَكْمَلَ لَنَا دِيْنَنَا، وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا، وَبَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَعَانَنَا عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَأَكْمَلَ فَرْحَتَنَا بِالعِيدِ المُبَارَكِ وَنَحْنُ بِخَيْرٍ وَعَافِيَةٍ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ أَمَرَ بِتَقْوَاهُ عَلَى الْدَّوَامِ، وَفَرَضَ طَاعَتَهُ فِيْ كُلِّ الْأَزْمَانِ، وَجَعَلَ عُمُرَ الْإِنْسَانِ مَيْدَانَ عَمَلِهِ، وَيُجْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكَسْبِهِ /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰب[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيب[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْإِسْرَاءِ:13-14} وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ حَرِصَ عَلَيْنَا، وَنَصَحَ لَنَا، فَدَلَّنَا عَلَى مَا يَنْفَعُنَا، وَحَذَّرَنَا مِمَّا يَضُرُّنَا، وَاخْتَبَأَ دَعْوَتَهُ شَفَاعَةً لَنَا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَومِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهُ تَعَالَى وَأَطِيْعُوهُ، وَاعْمَلُوا اليَوْمَ صَالِحًا تَجِدُوْهُ أَمَامَكُمْ /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَٱتَّقُواْ يَوۡم[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡس[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs] مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْبَقَرَةِ:281}.
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: مِمَّا يُنَاسِبُ ذِكْرُهُ وَتَدَارُسُهُ بَعْدَ رَمَضَانَ حَدِيثٌ نَافِعٌ عَظِيمٌ، دَلَّنَا فِيْهِ الْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَنْفَعُنَا فِيْ مُعَامَلَتِنَا لله تَعَالَى، وَمُعَامَلَتِنَا لِلْنَّاسِ؛ ذَلِكُمْ هُوَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ الْسَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ الْنَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
وَقَرِيِبَ مِنْهُ حَدِيْثُ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ الْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْنَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: تَقْوَىَ الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَمَنْ نَظَرَ فِيْ هَذَا الحَدِيثِ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ احْتَوَى عَلَى ثَلَاثِ وَصَايَا، وَهَذِهِ الْوَصَايَا الثَّلَاثُ كَانَ يَكْثُرُ الْعَمَلُ بِهَا فِيْ رَمَضَانَ؛ لِخُصُوْصِيَّةِ الشَّهْرِ الكَرِيمِ فِي قُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ؛ وَلِأَنَّ الصِّيَامَ يَجْعَلُ العَبْدَ أَقْرَبَ إِلَى الطَّاعَاتِ، وَأَحْسَنَ أَخْلَاقًا فِي تَعَامُلِهِ مَعَ الْنَّاسِ. وَهِيَ وَصَايَا عَظِيْمَةٌ جَامِعَةٌ لِحُقُوْقِ الله تَعَالَىْ وَحُقُوْقِ عِبَادِهِ.
وَأَوَّلُ هَذِهِ الْوَصَايَا الْوَصِيَّةُ بِالْتَّقْوَىْ «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» وَشَهْرُ رَمَضَانَ هُوَ شَهْرُ التَّقْوَى؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ سَبَبٌ لِحُصُولِ التَّقْوَى كَمَا فِي قَوْلِ الله تَعَالَى /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]كُتِبَ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْبَقَرَةِ:183}. فَالَّذِينَ صَامُوا رَمَضَانَ وَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِيْهِ حَقِيقٌ بِهِمْ أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى التَّقْوَى بَعْدَ رَمَضَانَ، وَأَنْ يُجَاهِدُوا نُفُوسَهُمْ عَلَى تَحْقِيقِهَا، وَاللهُ تَعَالَى أَهْلٌ لِأَنْ يُتَّقَى فِي كُلِّ وَقْتٍ؛ لِأَنَّهُ المَلِكُ الخَالِقُ الرَّازِقُ المُدَبِّرُ، فَلَا يُجْلَبُ نَفْعٌ إِلاَّ مِنْهُ، وَلَا يُدْفَعُ ضُرٌّ إِلاَّ بِهِ /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs] فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يُرِدۡكَ بِخَيۡر[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs] فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {يُوْنُسَ:107} وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي ثَوَابُهُ لَا أَجْزَلَ مِنْهُ، وَعِقَابُهُ لا أَشَدَّ مِنْهُ، مَعَ عِلْمِهِ بِخَلْقِهِ وَمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ، وَقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيهِمْ، وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفُهُ كَانَ أَحَقَّ بِالْتَّقْوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَكُلُّ تَقْوَى لِأَحَدٍ تَقْصُرُ دُوْنَ تَقْوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَلِيقُ بِمُؤْمِنٍ أَنَّ يَتَّقِيَ ضَرَرَ الْأَقْوِيَاءِ مِنَ المَخْلُوْقِيْنَ، وَيُقَصِّرُ فِيْ تَحْقِيقِ تَقْوَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْمُدَّثِّرُ: 56}.
وَيَتَرَقَّى الْعَبْدُ فِيْ سُلَّمِ التَّقْوَى حَتَّى يُحَافِظَ عَلَى المَنْدُوبَاتِ مَعَ الوَاجِبَاتِ، وَيَذَرَ المَكْرُوهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ، وَيَحْذَرَ المُتَشَابِهَاتِ اسْتِبْرَاءً لِدِيْنِهِ، وَمُحَافَظَةً عَلَى تَقْوَاهُ «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ» وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيْزِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:«لَيْسَ تَقْوَى الله بِصِيَامِ الْنِّهَارِ وَلَا بِقَيَامِ الْلَّيْلِ وَالْتَّخْلِيَطِ فِيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ تَقْوَى الله تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللهُ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللهُ، فَمَنْ رُزِقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ إِلَى خَيْرٍ».
وَالقُرآَنُ وَالسَّنَةُ طَافِحَانِ بِالْنُّصُوصِ الَّتِي تَأْمُرُ بِالْتَّقْوَى، وَتُرَغِّبُ فِيْهَا، وَتَحَثُ عَلَيْهَا، وَتُبَيَّنُ ثَوَابَهَا فِي الآَخِرَةِ، فَحَرِيٌّ بِمَنْ ذَاقَ حَلَاوَةَ التَّقْوَى فِي شَهْرِ التَّقْوَى؛ فَكَفَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ، وَحَفِظَ سَمْعَهُ مِنْ لَغْوِ الكَلَامِ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ عَنِ الْقِيلِ وَالقَالِ، وَاجْتَهَدَ فِي الطَّاعَاتِ، وَجَانَبَ المُحَرَّمَاتِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَرَقَّى فِيْ دَرَجَاتِ التَّقْوَى حَتَّى يَنَالَ مَنْزِلَةَ الأَولِيَاءِ؛ إِذْ تَحْقِيقُ الْتَّقْوَى يَرْفَعُ العَبْدَ إِلَى أَنْ يَكُونَ لله تَعَالَى وَلِيًّا /font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ[/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][font=kfgqpc uthmanic script hafs]عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ[/font][font=times new roman][font=al-quranalkareem {يُوْنُسَ:62-64}.
وَكَتَبَ أَحَدُ الصَّالِحِينَ يَعِظُ أَخَاهُ فَقَالَ لَهُ:«أُوْصِيكَ بِتَقْوَى الله الَّذِي هُوَ نَجِيُّكَ فِيْ سَرِيرَتِكَ ورَقِيبُكَ فِي عَلَانِيَتِكَ، فَاجْعَلِ اللهَ مِنْ بَالِكَ عَلَى كُلِّ حَالِكِ فِيْ لَيلِكَ وَنَهَارِكَ، وَخَفِ اللهَ بِقَدْرِ قُرْبِهِ مِنْكَ، وَقُدْرَتِهِ عَلَيْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ بِعَيْنِهِ لَيْسَ تَخْرُجُ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَى سُلْطَانِ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ مُلْكِهِ إِلَى مُلْكِ غَيْرِهِ، فَلْيَعْظُمْ مِنْهُ حَذَرُكَ، وَلْيَكْثُرْ مِنْهُ وَجَلُكَ».
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الإِنْسَانَ تُحَرِّكُهُ الشَّهْوَةُ، وَيَتَسَلَّطُ عَلَيهِ دَاعِي الهَوَى، وتَؤُزُّهُ الشَّيَاطِيْنُ إِلَى الْتَّخَلِّي عَنِ التَّقْوَى فَيُقَصِّرُ فِيْ وَاجِبٍ أَوْ يَفْعَلُ مُحَرَّمًا، فَيَجْدُرُ بِهِ حِيْنَئِذٍ أَلَا يَسْتَسْلِمَ، بَلْ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ وَشَهْوَتَهُ وَشَيَاطِيْنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَإِنْ زَلَّ وَأَخْطَأَ فَلْيُبَادِرْ بِمَحْوِ خَطَئِهِ بِفِعْلٍ صَائِبٍ، وَلْيَأْتِ بِحَسَنَةٍ تَعْفُو أَثَرَ سَيِّئَتِهِ، وَلْيَتَقَرَّبْ بِطَاعَاتٍ فِيْ مُقَابِلِ مَعْصِيَتِهِ، وَهَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحَدِيْثِ «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» وَمَعَ تَحَرُزِ جُمْهُوْرِ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الْوُقُوْعِ فِي المَعْصِيَةِ أَثْنَاءَ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ تَعْظِيمًا لَحُرْمَةِ الشَّهْرِ؛ فَإِنَّ الوَاحِدَ مِنْهُمْ إِذَا اسْتُزِلَّ فَأَخْطَأَ فِيْهِ رَأَى أَنَّهُ أَتَى أَمْرًا عَظِيمًا، وَقَابَلَ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ وَكَثْرَةِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَأَنْوَاعٍ مِنَ البِرِّ وَالإِحْسَانِ، فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ عَظَمَةَ مَنْ يَعْصِي لَا تَتَغَيَّرُ بَعْدَ رَمَضَانَ عَنْ رَمَضَانَ، فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ الْعَظِيمُ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ..
وَاللهُ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا وَعَجَلَتَنَا فَفَتَحَ لَنَا أَبْوَابَ الْحَسَنَاتِ، وَشَرَعَ لَنَا الْكَثِيْرَ مِنَ المُكَفِّرَاتِ لِنُبَادِرَ بِفِعْلِهَا تَكْفِيْرًا عَنِ الْعِصْيَانِ، وَمَحَوًا لِآَثَارِ السَّيِّئَاتِ، وَفِي ثَنَاءِ الله تَعَالَى عَلَى المُتَّقِيْنَ قَالَ سُبْحَانَهُ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {آَلِ عِمْرَانَ:135} فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ مِنْ صِفَاتِهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ أَخْطَئُوا لَمْ يَنْسَوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَظَمَتَهُ فَبَادَرُوا إِلَى مَحْوِ أَثَرِ الذَّنْبِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَعَدَمِ الإِصْرَارِ عَلَى المَعْصِيَةِ.
وَعَلَى العَاصِيْ أَنَّ يُكْثِرَ مِنَ الطَّاعَاتِ فَإِنَّهَا تُزِيلُ أَثَرَ السَّيِّئَةِ فِي القَلْبِ؛ فَإِنَّ الْتَّجْرِبَةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ العَبْدَ إِذَا أَكْثَرَ مِنْ الطَّاعَاتِ ضَعُفَ فِيْ قَلْبِهِ دَاعِي العِصْيَانِ، وَتَمَكَّنَتْ مِنْهُ الرَّغْبَةُ فِي الله تَعَالَى وَفِيْمَا أَعَدَّ مِنْ الْكَرَامَةِ لِأَوْلِيَائِهِ المُتَّقِيْنَ.
كَمَا أَنَّ إِتْبَاعَ المَعْصِيَةِ بِطَاعَةٍ يَجْعَلُ فِيْ صَحِيفَةِ الْعَبْدِ حَسَنَاتٍ تُقَابِلُ السَّيِّئَاتِ الَّتِي قَارَفَهَا، وَأَعْمَالُ العِبَادِ تُوْزَنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلْيَحْذَرْ أَنْ تَكُوْنَ سَيِّئَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ حَسَنَاتهِ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَف[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {هُوْدٍ:114}. قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:«إِذَا أَسَأْتَ سَيِّئَةً فِيْ سَرِيْرَةٍ فَأَحْسِنْ حَسَنَةً فِيْ سَرِيرَةٍ، وَإِذَا أَسَأْتَ سَيِّئَةً فِيْ عَلَانِيَةٍ فَأَحْسِنْ حَسَنَةً فِيْ عَلَانِيَةٍ ، لِكَيْ تَكُونَ هَذِهِ بِهَذِهِ».
وَسُئِلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ شُبْهَةٍ: صَلَاتُهُ وَتَسْبِيْحُهُ يَحُطُّ عَنْهُ شَيئًا مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنْ صَلَّى وَسَبَّحَ يُرِيدُ بِهِ ذَلِكَ، فَأَرْجُو، قَالَ اللهُ تَعَالَىْ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]خَلَطُواْ عَمَل[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا صَٰلِح[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْتَّوْبَةَ:102}.
وَالإِنْسَانُ فِيْ حَيَاتِهِ الدُّنْيَا يُعَامِلُ الْخَلْقَ كَثِيْرًا مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ كَوَالِدَيْهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَمَنْ بَعْدُ مِنْهُمْ مِنْ سَائِرِ الْنَّاسِ، فَالتَوْجِيْهُ الْنَّبَوِيُّ أَنَّ يُعَامِلَهُمْ بِالْحُسْنَى؛ فَيَحْلُمُ عَنْ جَاهِلِهِمْ، وَيَصْبِرُ عَلَى مُسِيئِهِمْ «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» فَهِيَ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ مَعَ الْنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ.
وَفِيْ رَمَضَانَ كَانَ الصَّائِمُ يُلْجِمُ نَفْسَهُ عَنِ الْغَضَبِ، وَيَحْبِسُ لِسَانَهُ عَنِ الْجَهْلِ، وَيُقَابِلُ مَنْ شَاتَمَهُ بِقَوْلِهِ «إِنِّي صَائِمٌ»؛ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ فِيْ عِبَادَةٍ فَلَا يُرِيْدُ تَخْرِيقَهَا؛ وَلِذَا جَاءَ فِي الْحَدِيْثِ أَنَّ الْصَّوْمَ جُنَّةٌ، أَيْ وِقَايَةٌ يَحْمِي العَبْدَ مِنَ الوُقُوْعِ فِي الإِثْمِ..
فَمَنْ تَعَلَّمَ فِيْ رَمَضَانَ كَظْمَ الْغَيْظِ، وَتَسْكِينَ الْغَضَبِ، وَمُقَابَلَةَ الْجَهْلِ بِالحِلْمِ، وَالإِسَاءَةَ بِالإِحْسَانِ، وَكَانَتْ السَّمَاحَةُ وَالْعَفْوُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ دَيْدَنَهُ فَحَرِيٌّ بِهِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ طَلَبًا لِرِضَا الله تَعَالَى، حَتَّى يَتَّصِفَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ؛ فَإِنَّمَا الْحُلْمُ بِالْتَّحَلُّمِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:«حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ تَحْتَمِلَ مَا يَكُوْنُ مِنَ الْنَّاسِ».
وَفي حُسْنِ الْخُلُقِ مِنَ الْأَجْرِ وَالْثَّوَابِ مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى بَال كَثِيْرٍ مِنَ الْنَّاسِ؛ فَفِيْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ الْرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الْصَّائِمِ الْقَائِمِ»رَوَاهُ أَبُوْ دَاوُدَ، وَفِيْ حَدِيْثِ أَبِيْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِيْ الْمِيْزَانِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
فَمَنْ حَافَظَ عَلَى هَذِهِ الْوَصَايَا الْثَّلاثِ فَقَدْ أَفْلَحَ وَفَازَ، وَكَسَبَ رِضَا الله تَعَالَى وَمَحَبَّتَهُ وَوِلَايَتَهُ، وَمَحَبَّةَ خَلْقِهِ..
هَذِهِ الْوَصَايَا هِيَ تَقْوَى الله تَعَالَى حَيْثُمَا كَانَ العَبْدُ، وَإِتْبَاعُ الْسَّيِّئَةِ بِحَسَنَةٍ، وَمُعَامَلَةُ الْنَّاسِ بِالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ..
أَعانَنَا اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَوَفَقَنَا لَهَا..
وَأَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولكم....
الخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لله حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيْرًا مُبَارَكًا فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ..
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ؛ فَلَئِنْ وَدَّعْتُمْ شَهْرَ التَّقْوَى، وَفَارَقْتُمْ أَيَّامَ صِيَامِ الْفَرِيْضَةِ، وَلَيَالِيْ الْقِيَامِ جَمَاعَةً، وَزَمَنَ الْتَنَوُّعِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْطَّاعَةِ؛ فَإِنَّ الله تَعَالَى يَجِبُ أَنْ يُتَّقَى فِيْ كُلِّ شَهْرٍ، وَعِبَادَتُهُ لَازِمَةٌ لِلْعَبْدِ إِلَى المَمَاتْ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الْحَجَرَ:99}.
وَصِيَامُ الْنَّافِلَةِ مَشْرُوْعٌ فِيْ الْعَامِ كُلِّهِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ، وَقِيَامُ العَبْدِ فِيْ كُلِّ لَيْلَةٍ فَضِيْلَةٌ «وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الَصَّلَاةِ إِلَى الله تَعَالَى صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُوْمُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ»، كَمَا جَاءَ فِي الْصَّحِيْحَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ الْنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وَمَنْ عَجَزَ عَنْ قِيَامٍ كَقِيَامِ دَاوُدَ عَلَيْهِ الْسَّلامُ صَلَّى مِنَ الْلَّيْلِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَصَلَاةُ آَخَرِ الْلَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَا يُدِيْمُهَا إِلاَّ أُوْلُوْ الْعَزْمِ، وَمَنْ تَنَفَّلَ أَوَّلَ الْلَّيلِ فَقَدْ قَامَ، وَمَنْ غُلِبَ عَلَى القِيَامِ فَلَمْ يَقُمْ شَيْئًا مِنَ الْلَّيْلِ فَلَا يُغْلَبْ عَلَى الْوِتْرِ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَنِ المُؤَكَّدَةِ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ الْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَا فِيْ حَضَرٍ وَلَا فِيْ سَفَرٍ.
وَمَنْ عَجَزَ عَنِ صِيَامٍ كَصِيَامِ دَاوُدَ فَلَهُ نَوَافِلُ مِنَ الصِّيَامِ كَثِيْرَةٌ:
مِنْهَا أُسْبُوْعِيَّةٌ وَهِيَ الاثْنَيْنُ وَالْخَمِيسُ، وَمِنْهَا شَهْرِيَّةٌ وَهِيَ صِيَامٌ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَقَدْ وَصَّى بِهَا الْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، وَمِنْهَا حَوْلِيَّةٌ وَهِيَ صِيَامُ المُحَرَّمِ وَأَكْثَرِ شَعْبَانَ أَوْ كُلِّهِ، وَعَاشُوْرَاءَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ. وَلَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِالْصَّلاةِ وَالْصَّوْمِ تَنَفَّلًا مُطْلَقًا.
وَمِنْ صِيَامِ الْنَّافِلَةِ الْحَوْلِيِّ مِمَّا هُوَ مَسْنُوْنٌ بَعْدَ رَمَضَانَ صِيَامُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالَ، فَمَنْ صَامَهَا مَعَ رَمَضَانَ كَانَ كَمَنْ صَامَ الْدَّهْرَ كُلَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيْثِ؛ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ، فَاحْرِصُوْا عَلَيْهَا..
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ..

المرفقات

ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

ب ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

ب ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

م ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

م ثلاث وصايا بعد رمضان.doc

المشاهدات 6038 | التعليقات 7

جزاك الله خيرا ـ شيخ إبراهيم ـ وجعلنا الله ووالدينا وأحبابنا من المقبولين المرفوعين يوم الدين .


جزيت الجنه يا شيخ وغفر الله لك ولوالديك


مناسب جدًّا جدًّا إيراد هذا الحديث الجامع .

وسبحان الله !! كنت البارحة أتحدث مع أحد أبناء العم في اجتماع الأسرة للعيد ، فتذاكرنا ما يجب على الإنسان في حياته عامة ، ليفوز عند ربه في تلك الحياة القصيرة الفانية ، ويخرج منها مخلفًا وراءه الأثر الطيب والذكر الحسن ، فذكرت له هذا الحديث ، وقلت له :
إنه منهج حياة عظيم عظيم جدًّا لمن أراد الله به خيرًا .
وقد احتوى على ثلاث وصايا عظيمة تجمع للإنسان ما يجب أن يكون عليه في حياته .
الأولى ، في علاقته مع ربه ، وتتمثل في تقواه ـ سبحانه ـ وتعظيمه في النفس أن يترك أمره أو يقع العبد في نهيه مستديمًا ذلك ، مستمرئًا لفعله .
والثانية ، في علاقته مع نفسه ، وهي النفس البشرية التي لا بد أن تقع في الخطأ وتزل مرة ، فلا بد من أن يتبع الزلة بصواب ، ويأتي بعد السيئة بحسنة ماحية .
والثالثة ، في علاقته مع الناس ، حيث لا يكفي أن يكون ظاهره الاستقامة ، والمحافظة على العبادات ، ثم هو مع الآخرين في أمر عظيم من المنازعة لهم في حقوقهم ، واحتقارهم ، والتكبر عليهم ، وهضمهم ما لهم ، والإساءة إليهم . لا والله لا يحسن منه ذلك . بل لا بد أن يعاملهم بالحسنى قولاً وفعلاً .
وهذه المعاملة تدور بين أمرين : بين واجب ومستحب :
أما الواجب ، فهو المعاملة بما يحب أن يعاملوه به . وهي التي يعتقد كثير منا كفايتها في حقه متى حققها ، وأنها هي القدر الكافي في معاملة الآخرين . وليس ورب الكعبة الأمر كذلك ، حتى يأتي العبد برتبة الإحسان في ذلك ، وهي المستحب الذي ينال عليه أجورًا كبيرًا ، وهو الذي لا يلقاه إلا الذين صبروا وكل ذي حظ عظيم ، وهذه الرتبة تتمثل في أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملك به الله ـ جل وعلا ـ ، وكل منا يحب أن يعامله الله بالعفو عنه والصفح ، والإحسان إليه ومحو سيئاته وقبول حسناته وعدم مؤاخذته بما أخطأ فيه أو زل به ... إلخ . فلماذا لا يفعل هو ذلك الأمر مع خلق الله ؛ ليفعله مَن هو أولى به منه معه ؟!

وقد ذكرت هذا لابن عمي ، وأذكره اليوم لإخواني في هذا الملتقى ؛ لما رأيته ويراه غيري من تقصير في الثالثة بالذات ، أعني جانب التعامل مع الناس ، أو المعاملة ، فنحن نرى وكثير من الناس أصبحوا يرون أن الألفة بين الناس قد رفعت ، وأن المودة فيما بينهم قد زالت إلا من رحم الله ، وأن إعجاب كل ذي رأي برأيه قد ظهر جليًّا ، وثمة نفرة في العلاقات وشحناء وبغضاء ، وتكبر حتى من أقرب الناس على أقاربه ، والأمر لله من قبل ومن بعد .

إن هذا الحديث العظيم حقيق بخُطبٍ وخُطبٍ ، وأن يجعل في محاضرات وندوات ، وأن تكتب فيه رسائل ومطويات ، ويحث الناس على أن يتدارسوه فيما بينهم ، ويطبقوه في واقع حياتهم .

وفقك الله ـ شيخ إبراهيم ـ وسددك ونفع بك .


جزاك الله خيرا وكتب أجرك


نفع الله بك وبارك فيك..
وجزاك الله خير الجزاء..


جزاك الله خيراً


المشايخ الكرام والإخوة الفضلاء: حسام الجبرين وأبو عمر الشهراني وعبد الله البصري ومحمد شراحيلي والشمراني وفهد مصلح، شكر الله تعالى لكم مروركم وتعليقكم على الخطبة واستجاب دعواتكم المباركة ونفع بجهودكم وجزاكم عني خير الجزاء.. اللهم آمين