ثَلَاثُ مَسَائِلِ مُنَاسِبَةٌ لِهَذِهِ الأَيَّام 16 رَمَضَانَ 1439هـ
محمد بن مبارك الشرافي
ثَلَاثُ مَسَائِلِ مُنَاسِبَةٌ لِهَذِهِ الأَيَّام 16 رَمَضَانَ 1439هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي فَاضَلَ بَيْنَ الأَزْمَان، وَجَعَلَ سَيَّدَ الشُّهُورِ رَمَضَان، وَوَفَّقَ لاغْتِنَامِهِ أَهْلَ الطَّاعَةِ وَالإِيمَان، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُه، وَمِنْ مَسَاوِئِ أَعْمَالِنا وَأَسْتَغْفِرُه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا ًكَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّين!
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَدَاوِمُوا عَلَى طَاعَتِهِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُتُورَ ! فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ وَلَوْ كَانَ قَلِيلاً، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ عَلَى الْقَانِتِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَالْقُنُوتُ: هُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ ! وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)، وعَنْ عَلْقَمَةَ رحمه الله قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً. رَوَاهُمَا مُسْلِم.
فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَيُّهَا الصَائِمُونَ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي الطَّاعَاتِ وَنَغْتَنِمَ الْأَوْقَاتِ وَلا نُفَرِّطَ فِي رَمَضَانَ فَمَا أَسْرَعَ أَنْ نُودِّعَهُ.
وَإِنَّهُ يُلاحَظُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ تَخَلُّفُهُمْ عَمَّا يَعْمَلُونَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِكْمَالِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَالاجْتِهَادِ فِي حِفْظِ الْأَوْقَاتِ، فَأللهَ أللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ اسْتَعِنْ بِاللهِ وَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ بِقَوْلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا الاسْتِمَرَارُ فِيهِ وَالاجْتِهَادُ طُولَ حَيَاتِنَا، وَفِي رَمضَانَ نَزْدَادُ : تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرُهُ وَالْعَيْشُ مَعَهُ، وَقَدْ كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللهُ لَهُمْ أَحْوَالٌ عَجِيبَةٌ مَعَ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ ، فَهَذَا الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَإِطِعَامُ الطَّعامِ. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ يَفِرُّ مِنْ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيُقْبِلُ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُصْحَفِ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا دَخَلَ رَمَضانُ تَرَكَ جَمِيعَ الْعِبَادَةِ وَأَقْبَلَ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدٍ رَحِمَهُ اللهُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ قَتَادَةُ السَّدُوسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ دَائِمًا، وَفِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ ثَلاثٍ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مِسْعَرٍ رَحِمَهُ اللهُ : كَانَ أَبِي لا يَنَامَ حَتَّى يَقْرَأَ نِصْفَ الْقُرْآنِ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ يَخْتِم فِي رَمَضَانَ فِي النَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً، وَيَقُومُ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ كَلَّ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِخَتْمَةٍ، وَكَانَ عُرْوَةُ يَقْرَأُ رُبْعَ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْمُصْحَفِ نَظَراً، وَيَقُومُ بِهِ اللَّيْلَ.
فَهَكَذَا كَانَ حَالُ سَلَفِنَا الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللهُ مَعَ الْقُرْآنِ، فَهَلْ نَحْنُ سَائِرُونَ عَلَى دَرْبِهِمْ ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ مَعَ اسْتِمْرارِ الشَّهْرِ تَحْدُثُ أَخْطَاءُ مِنْ بَعْضِ الصَّائِمِينَ وَقَدْ تَتَكَرَّرُ، وَنُنَبِّهُ عَلَى بَعْضِهَا عَلَى سَبِيلِ الاخْتِصَارِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
فَمِنْهَا: الْفِطْرُ عَمْدًا، وَهَذَا مَهْلَكَةٌ وَخَطَرٌ عَظِيمٌ، فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضُبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْراً فَقَالَا لِي: اصْعَدْ! حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ شَدِيدٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ ؟ قَالَ: هَذَا عُواءُ أَهْلِ النَّارِ! ثُمَّ انْطُلِقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا! فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُوْنَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ) رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
وَمِنَ الْمُخَالَفَاتِ: الإِكْثَارُ مِنَ السَّهَرِ، حَتَّى صَارَ اللَّيْلُ نَهَارَاً وَالنَّهَارُ لَيْلاً ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَضْيِيْعُ الْوَاجِبَاتِ وَأَعْظَمُهَا الصَّلاةُ.
ومِنَ الأَخْطَاءِ: مَنْ يَمْتَنِعُ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُفَطِّرَاتِ الْحِسِّيَّةِ ثُمَّ هُوَ يُطْلِقُ لِنَفْسِهِ الْعَنَانَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ.
وَمِنَ الأَخْطَاءِ فِي رَمَضَانَ: الإِكْثَارُ مِنَ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ !
وَاللَّهْوُ بِالْمُبَاحَاتِ لاسِيَّمَا لِلشَّبَابِ وَالأَطْفَالِ جِائِزٌ، وَلَكِنَّ الْخَطَأَ فِيمَنْ يَجْعَلُ الشَّهْرَ كُلَّهُ لَهْوَاً، فَتَجِدُهُمْ يَنَامُونَ فِي النَّهَارِ وَيْسَهَرُونَ فِي اللَّيْلِ عَلَى اللَّعِبِ وَهَذَا تَقْصِيرٌ وَاضِحٌ! بَلْ رُبَّمَا لَعِبُوا أَلْعَابَاً مُحَرَّمَةً، بِحُجَّةِ إِمْضَاءِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُمْ صَائِمُونَ! فَأَيْنَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ؟ وَأَيْنَ صَلاةُ التَّرَاوِيحِ؟ وَأَيْنَ الْمُسَابَقَةُ لِلْخَيْرَاتِ؟
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الأَخْطَاءِ التِي تَقَعُ فِيهَا النِّسَاءُ خُصُوصَاً: الاشْتِغَالُ بِطَبْخِ أَلْوَانِ الطَّعَامِ وَصُنْعِ الْحَلَوِيِّاتِ، وَتَضْيِيعُ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمَشْرُوعَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ، بَلْ رُبَّمَا ضَيَّعَتْ فَرْضَ الصَّلاةِ أَوْ أَخَّرَتْهُ عَنْ وَقْتِهِ الْفَاضِلِ، وَهَذَا لا يَنْبَغِي! وَعَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُعِينُوا النِّسَاءَ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلاةِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّنَا عَلَى مَشَارِفِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخُصُّهَا بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَاجْتِهَادٍ وَيُمَيِّزُهَا بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلْهَا فِي غَيْرِهَا، فَحَرِيٌّ بِنَا الاقْتِدَاءُ بِه !
فَمِنْ ذَلِكَ: الاعتكافُ وإِحْيَاءُ اللَّيْلِ كَامِلاً، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. وقَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ – أَيْ: الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ - شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهما، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ مُعْتَكِفَاً، ويُحْيِي اللَّيْلَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَمِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ الْيَوْمَ وَخَاصَّةً النِّسَاءُ وَالشَّبَابُ يَسْهَرُونَ طُولَ اللَّيْلِ وَلا يُفَكِّرُ أَحَدُهُمْ فِي اغْتِنَامِ وَقْتِ النُّزُولِ الِإلَهِيِّ آخِرَ اللَّيْلِ بِرَكْعَةٍ أَوْ دَمْعَةٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ) رَوَاهُ مُسْلِم.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَعْتَكِفَ الْمُسْلِمُ هَذِهِ الْعَشْرَ كُلَّهَا، وَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَلا يَخْرُجُ إِلَّا عِنْدَ اكْتِمَالِ الشَّهْرِ وَذَلِكَ بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّلاثِينَ أَوْ بِرُؤْيَةِ هَلالِ شَوَّال !
وَيَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفَ الْخُرُوجُ لِمَا لابُدَّ مِنْهُ حِسَّاً أَوْ شَرْعَاً ، كَأَنْ يَخْرُجَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ أَوْ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوِ الْخُرُوجُ لِلاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوْ لحُضُورِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ اعْتِكَافُهُ فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ !
وَلا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِمَا يُنَافِي الاعْتِكَافَ كَخُرُوجِهِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِجِمَاعِ زَوْجَتِهِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد) ! وَلَوْ حَصَلَ مِثْلُ هَذَا الْخُرُوجِ بَطُلَ اعْتِكَافُهُ !
وَأَمَّا خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ لِحَاجَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا وَلا يَلْحَقُهُ كُلَفَةٌ بِتَرْكِهَا، كَالْمَبِيتِ فِي بَيْتِهِ، وَزِيَارَةِ مَرِيضٍ مُعَيَّنٍ، وَشُهُودِ جَنَازَةٍ مُعَيَّنَةٍ ! فَيَجُوزُ إِنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ الْمُعْتَكَفِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَيَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِ مَعَانِيهِ! وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَتَّخِذِ لَهُ مَكَانَاً خَاصَّاً إِمَّا خَيْمَةً صَغِيرَةً أَوْ حُجْرَةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا بِشَرْطِ أَنْ لا يُضَيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ ! وَيَجُوزُ أَنْ يَزُورَ الْمُعْتَكِفَ أَهْلُهُ كَمَا حَصَلَ مِنْ زِيَارَةِ بَعْضِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ لَهُ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ !
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا ! اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّءَ الأَخْلاقِ لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْت! اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا! اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ! اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ ! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
المرفقات
مَسَائِلِ-مُنَاسِبَةٌ-لِهَذِهِ-الأَ
مَسَائِلِ-مُنَاسِبَةٌ-لِهَذِهِ-الأَ
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق