ثلاث خطب لشهر ربيع الآخر الأسبوع الثاني - البركة في الرزق (التربية)

محب آل البيت
1433/04/10 - 2012/03/03 07:24AM
السيرة النبوية والتربية بالأحداث (3/1)

48-300x200.jpgالتربية بالأحداث منهاج نبوي أعمله النبي الكريم من أول مبعثه ، فمن ذلك أنه كان يمر على آل ياسر وهم يعذّبون فيقول لهم : «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة». وكان الصحابة يؤذون ويعذّبون فيأتون إليه وهو بجوار الكعبة متوسدا بردة فيقولون له: ألا تدعوا الله لنا؟ ألا تستنصر لنا؟ فيقول لهم: لقد كان من قبلكم تحفر له حفرة إلى حقوه ، فينشر بالمنشار من مفرق رأسه حتى يشق نصفين لا يرده ذلك عن دينه»، وكان يقول : «لقد كان من قبلكم يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه لا يرده ذلك عن دينه» ، ويقول : «والله ليتمن الله هذا الدين حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون».
هذه كلها مواقف وأحداث استغلها النبي عليه الصلاة والسلام في تربية أصحابه الكرام رضوان الله عليهم ، ونحن في هذه الآونة بأمس الحاجة إلى إعمال هذا المنهج النبوي الرشيد ، خاصة إذا عرفنا أنه تمرُّ على القلب لحظات يكون أكثر تقبُّلاً للوعظ فيها من غيرها، لأن حال القلب التقلب ، والداعية الصادق يحمل في حنايا قلبه الكثيرَ من تعاليم الإسلام؛ يريد أن يُبلغها غيره ليعمل بها، والداعية الناجح هو الذي يعلم أن التعليم الذي لا يُنسَى هو التعليم المقترن بموقف، أو بحدث؛ فهو يستغل كل مناسبة، ويقتنص كل فرصة، فيتحدث والقلب مفتوح ، ويضرب والحديد ساخن.
يقول الشيخ محمد الغزالي: «ولأمرٍ نزل القرآن منجمًا على ثلاث وعشرين سنة؛ فقد تجاوب مع الأحداث ، وأصاب مواقع التوجيه إصابة رائعة»([1]).
لذلك أردتُ أن أُذكِّر إخواني بالمنهاج النبوي في التربية بالأحداث ؛ نظرا لأهميته وعظيم نفعه ، فالمواقف التربوية في السيرة النبوية كثيرة جدا ، لكني هنا أكتفي بما يأتي كمثال.
  • · الموقف الأول :
أخرج البخاري في صحيحه عن حكيم بن حزام قال: «أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة؛ فمن أخذه بسخاوةِ نفس بُورك له فيه، ومَن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى»([2]).
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الحرص الشديد على المال من حكيم بن حزام ، استغل هذا الحدث بإعطائه نصيحة يربيه فيها ، فكانت هذه النصيحة مؤثرة فيه غاية التأثير ، وينظر أنه عليه الصلاة والسلام لم يعظه في المرة الأولى ولا في الثانية ، بل أعطاه هذه النصيحة في المرة الثالثة لما وجد الحرص شديدًا، وفي نفس الوقت وجد القلب مفتوحًا.
  • · الموقف الثاني: مع الصحابة وهو يعلمهم اليسر في الإسلام، لمَّا بال أعرابي في المسجد، فقال لهم: «دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء؛ إنما بُعثتم ميسرين ولم تُبعثوا معسرين»([3]).
فهذا حدث أزعج الصحابة – رضي الله عنهم – فقاموا لتغيير هذا المنكر العظيم ، الذي حدث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن النبي عليه الصلاة والسلام استغل هذ الحدث في تربية الصحابة الكرام – رضي الله عنهم – فأراد أن يعلمهم الأسلوب الأمثل في تغيير المنكرات ، وهو ألا يغير المنكر بمنكر أكبر منه ، فهذا الأعرابي بال في مساحة محددة من المسجد ، فلما هموا بضربه همّ أن يقوم من مكانه فتقع النجاسة في مساحة أكبر ، وفي ذلك إنزال الضرر به كذلك ، وتنفير لقلبه فهو يجهل الحكم كونه أعرابياً ؛ لذلك أوقفهم النبي – عليه الصلاة والسلام – عن ضربه وقال لهم : «دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء؛ إنما بُعثتم ميسرين ولم تُبعثوا معسرين» وفي رواية : «لاتزرموه» أي لا تقطعوا عليه بوله . فكان هذا الحدث وسيلة لتعليم وتربية الصحابة على حسن الأسلوب في الدعوة وتغيير المنكر.
فإذا علمنا أن هذا منهج نبوي أصيل ، فلا بد أن نتعرف على ملامح هذا المنهج ، حتى يكون نافعا ويؤتي نتائجه وثماره.
من ملامح هذا المنهج :
1- دراسة مشكلات المجتمع:
فإن الداعيةَ والمربي الناجح هو الذي يدرس مشكلات مجتمعه دراسة عميقة، ويستخرج الحلول المناسبة، ويستنبط الدواء من موضع الداء، وهذا يحتاج إلى بصيرةٍ وحِذْق.
2- التواصل مع الناس:
يلاحظ المتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان محتكا بالناس غير مبتعد عنهم ولا منزو ؛ فالداعية والمربي هو الذي يسلك نفس هذا المسلك فيحتكَّ بالناس ويزورهم، ويقصد أماكن تجمعاتهم، لأن جلوسه معهم يوجد تقاربًا روحيًّا بينهم وبينه ، فإذا رأى موقفا يمكن استغلاله في التربية استفاد منه ، وإذا نزل بهم بلاء أو أُشكل على أحدهم أمرٌ كان الداعية أول مستشار، وهنا تُتاح له الفرصة بأن يضرب والحديد ساخن، وينصح والقلوب مفتوحة.
يقول الأستاذ البهي الخولي: «لا يصح للداعية أن يطاوع نفسه في العزلة؛ فإن الله يتجلَّى على العاملين في ميادينهم بأفضل مما يتجلى على العابدين في محاريبهم، وما أبعد الفرق بين مَن ينهض إلى الله يوم القيامة ومعه أمة ، ومَن ينهض إلى الله يوم القيامة وليس معه أحد([4]).
والخلطة مع الناس لغرض الدعوة مع الصبر على ما يلقاه الداعية من الأذى من المنهاج النبوي ، وقد رغب فيه صلى الله عليه وسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم»([5]).
3- مراعاة نفوس المدعوين:
إن على الداعية مراعاة نفوس المدعوين؛ حتى لا يقع تعارض بين كلامه وبين ما في قلوبهم ، بل يجب عليه أن يكون كلامه مطابقاً لواقع الحال ، فمثلا : لا يتكلم عن حقوق الزوجين وسعادة الأزواج عند الطلاق، ولا يتحدث عن الموت في النكاح، وهكذا.
وكذلك على الداعية أن يتخول الناس بالكلام حتى لا يملوا ولا يسأموا ، وهذا ما كان يحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام ؛ مخافةَ السآمة علينا»([6]).
قال الحافظ ابن حجر: «التخول: التربية والتعهد»([7]).
يقول بشر بن المعتمر: «وينبغي أن تعرف أقدار المعاني، فتوازن بينها وبين أقدار السامعين، فتجعل لكل طبقةٍ كلامًا، ولكل حالٍ مقامًا، فإنَّ المنفعةَ مع موافقة الحال، وما يجب لكل مقامٍ من المقال» .
ويقول علي رضي الله عنه : «إنَّ للقلوب شهواتٍ وإقبالاً وإدبارًا، فأتوها من قِبل شهواتها، فإن القلب إذا كَرِهَ عمي».
فلكل مقامٍ مقالاً، وليس كل ما يعلم يُقال، ولا كل ما يقال يقال في كل حال ، بل لا بد من مراعاة الأحوال .
4- استغلال المناسبات:
من أسباب نجاح الداعية : فطنته ، بحيث يجعل المناسبات فرصةً للتحدث مع الناس حول أحكام الشريعة الإسلامية فيما يخص تلك المناسبات على وجه الخصوص أو غيرها، سواءٌ في خطبة جمعة، أو في محاضرة، أو حلقة علم، أو درس خاص، أو رحلة، أو سمر.
والمناسبات التي يجتمع فيها الناس كثيرة جدا ، منها : (الجمعة ، والعيدان ، والاستسقاء، والكسوف والخسوف ، والنكاح، ودعوات الغداء أو العشاء ، والهجرة ، وغير ذلك).
ومما ينبغي على الداعية : أن يجعل لكل مقام مقالا ولكل حادثة حديث ، فإذا لم يراع الداعية هذه المعاني ، وصار يتغافل عنها ، فربما ضحك الناس عليه ، فتصور أنك دخلت مسجدا يوم جمعة ووافق عيد الفطر ، فقام الخطيب يتكلم عن فضائل الاعتكاف ، وكيف يمكن أن يبلغ المصلون ليلة القدر! فكيف ستكون نظرتك لهذا الخطيب؟!
5- الاهتمام بواقع المسلمين:
جاء في الأثر : «مَن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم» ، ولا شك أن العالم الإسلامي ، بل العالم بأسره يموج بأحداثٍ ساخنةٍ ومضطربة، ولخطورة الإعلام وسيطرته على التحليلات وتطويعها فيما يوافق فكر ومعتقد الساسة في الغالب ، ولأن العقل المسلم يتأثر بهذه التحليلات المضلة ، فالناس بحاجة ماسة إلى التحليل الصادق الذي يوافق الواقع ، ولا يخرج عن سنن الله في الكون . وهذا هو دور الخطيب الذي يجب عليه أن يعطي الموضوع حقه من جمع المادة ودراستها الدراسة المتعمقة ، فليكن الداعية عند حسن ظن جمهوره .
هذه تذكرة للدعاة إلى الله عز وجل ؛ لعلها تكون حافزا لإحياء هذا المنهج النبوي ، والله من وراء القصد ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .
([1]) خطب الشيخ محمد الغزالي، ج1، ص21 .

([2]) أخرجه البخاري .

([3]) أخرجه البخاري .

([4]) مجلة الرسالة، عدد 16، ص 50 .

([5]) أخرجه الترمذي .

([6]) أخرجه البخاري، رقم 68.

([7]) فتح الباري، طبعة دار المنار، ج1، ص 199.




رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=869


المرفقات

131.doc

المشاهدات 9301 | التعليقات 3

التربية النبوية (3/2)

%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9.jpgليست التربية بمنأى عن أمر البعثة النبوية، بل هي من أولويات قيام الدعوة التي تنهض على أكتاف الرجال، مع ملاحظة أن التربية حتى مع وجود مقام النبوة يوجد بها استثناءات التي تظهر بشرية بطفو بعض المخالفات الشرعية على السطح، ولا تلبث إلا وقد تطهر منها المجتمع …
خطبة بعنوان : التربية النبوية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
ليست التربية بمنأى عن أمر البعثة النبوية، بل هي من أولويات قيام الدعوة التي تنهض على أكتاف الرجال، مع ملاحظة أن التربية حتى مع وجود مقام النبوة يوجد بها استثناءات التي تظهر بشرية بطفو بعض المخالفات الشرعية على السطح، ولا تلبث إلا وقد تطهر منها المجتمع …
التربية النبوية
فإن الله تبارك وتعالى بعث الرسل وأنزل الكتب من أجل أن تسمو الأنفس وتزكو ومن أجل أن يتربى الناس كما أراد الله تعالى – ولذلك فإن الأنبياء صلوات الله عليهم – بذلوا جهدهم وأجهدوا أنفسهم في سبيل تربية الناس وتنشئتهم التنشئة الصالحة التي تجعل من أولئك الأفراد سائرين وفق منهج الله تعالى – أو أقرب ما يكون منه وذلك أن الخلل وجد حتى في بعض أفراد أولئك الذين تربوا على أيدي الرسل صلوات الله عليهم – غير أن الناس في ذلك الوقت كانوا سريعي العودة إلى منهج الله تعالى – ولا شك أن أفضل أتباع الرسل هم أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم – ومع هذا فقد وجد شيء من الخلل في بعض أولئك الأصحاب غير أن ذلك الخلل لم يكن منتشراً بل كان مضيقاً عليه وكان أصحابه يعدلون بوسائل شتى من هذه الوسائل : تطهير الأنفس بإقامة حدود الله تعالى – ومن ذلك أيضاً : التربية الحاصلة والتوجيه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم – تارة ومن بعض الصحابة لبعضهم البعض تارة أخرى الذي يهمنا من هذا كله أن سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – حافلة بالأساليب التي تربي الناس بالأسلوب الحسن والأمثل والألين الذي ربى أولئك الرجال الذين لن يوجد إلا أن يشاء الله تعالى جيل أو أفراد مثل أولئك الأفراد الذين تربوا تحت رعاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وتنشئوا تلك النشأة التي كان يتابع صلى الله عليه وآله وسلم – تنشئتهم وتربيتهم شيئاً فشيئاً حتى آتى ذلك الثمر أكله بأن الله تعالى – وإن هذه الأساليب التي تستفاد من حياته صلى الله عليه وآله وسلم – يحتاج إليها كل أب وكل مدرس ويحتاج إليها كل مسئول يحتاج إلى هذه الأساليب إذا أراد أن يكون لزرعه ثمرة وأن يكون لغرسه أكل وأن يكون له أثر في حياته وبعد موته أن يتأسى بهذه الأساليب التي استخدمها رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم – ولا شك أن هذه الأساليب منها ما هو بوحي من الله تعالى – ومنها ما هو باجتهاد منه صلى الله عليه وآله وسلم – غير أن سنته صلى الله عليه وآله وسلم- بأكملها لنا فيها الأسوة والقدوة ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) سورة الأحزاب آية (21) وقال تعالى ((وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)) سورة النجم الآيات ( 3-4) من هذه الأساليب التي يحتاج إليها كل أب وكل مرب وكل مدرس كمل سبق وقلنا هذا من هذه الأساليب أن تكون اليد حانية على من نعيد تربيتهم بمعنى يجب أن يكون لليد دور في التربية ولا أعني بهذا بالطبع أن تكون هذه اليد قاسية غليظة بحيث تضرب الضرب الشديد في حال أي مخالفة تصدر من المربى ولداً كان أو طالباً أو غيره بل إن هذه اليد قد تؤتي ثمارها أحياناً بمجرد اللمس الخفيف الحاني الدافئ فتعطي هذه اللمسة أثرها فيمن تربية وتريد توجيهه ونصحه وتريد تعليمه وأحياناً قد لا ينفع إلا شيئاً من القسوة لكن ذلك الضرب سيظل ضرباً غير مبرح وسيظل ضرب فيه شيء من العطف والحنو على من تؤدب وعلى من تعلم فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لم يشرع تعزيراً بعد الحدود إلا عشرة أسواط فقط لا يتجاوز أرشد صلى الله عليه وآله وسلم – هذه الأمة إلى أن يضع المربي عصاً في بيته بحيث يكون على مرأى من أبنائه وكذلك المدرس لكن هذا العصا لا يستخدم إلا حيث لا ينفع الكلام حيث لا ينفع الحوار ولا تنفع الإشارة فهاهنا يمكن أن يستخدم المربي شيئاً من الضرب ولا يحل له أن يزيد على عشرة أسواط وهذه الأسواط ليست مع قلتها بقسوة بمعنى أن يستغل الإنسان هذه العشرة الأسواط فيعطي كل سوط في مقابل خمسين سوطاً يعني يضرب بكل قوته لا وإنما يكون فيها أيضاً شيئاً من العطف والحنان ألا ترى إلى عطف الله تعالى ورحمته بتلك المرأة الصالحة بزوجة ذلك العبد الصالح أيوب عليه السلام – أبتلاه الله ثمانية عشر عاماً بلاءً شديداً حتى نفر منه الناس ولم يعد يزره أحد من الناس وكانت امرأته تعمل وتشتغل من أجل أن تأتي له بلقمة العيش وبعد طول هذه المدة قذر الناس هذه المرأة فرفضوا أن تعمل معهم في بيوتهم قالوا : نخشى أن يصل إلينا هذا المرض فمن أين تأتي بالطعام لهذا العبد الصالح ؟ قيل أنها قصت شعرها وباعته وجاءت له بالطعام فقال لها من أين هذا الطعام ؟ فحاولت ألا تظهر له الحقيقة فقال : والله لأن شفاني الله تعالى لأضربنك مائة سوط يا الله مائة سوط مقابل ماذا ؟ صبرها مقابل أنها كانت تأتي له بالطعام مقابل أنها قصت شعرها وباعته ى تستحق هذا بل تستحق كل إجلال وكل احترام وكل تقدير ولكنه لما كان عبداً صالحاً وأبى الله أن يجعل يمينه حانثاً قال الله تعالى له ((وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) سورة ص آية (44) قال الله له خذ عصبة من الحشيش الذي يطعم للبهائم كل عود رقيق جداً يكون طري لين أخضر فقال الله له خذ عصبة ملفوفة مائة عود من الحشيش واضربها ضربة واحدة تبر بيمنك ضربة بمائة لكن هذا حتى لا يحنث في يمينه لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – رخص بعشرة أصوات هذه الأصوات يكون فيها الضرب فيه شيء من الحنان والعطف حتى يتوجه الولد أو المتعلم بل إن الله تعالى رخص بالضرب للزوج أن يضرب امرأته إذا نشزت لكن هذا الضرب يكون ضرباً غير مبرح يعني ليس الضرب الذي يكسر العظم ولا الذي يخضر الجلد ولا الذي يسيل الدم إنما هو ضرب فيه شيء من الحنان والعطف والتوجيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قال ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ))[1] هنا أثر في عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – لمس يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لأن هنالك من الناس من الصحابة رضي الله عنهم – كثير منهم ربما سمعوا الكلام وربما لا يحفظون لأنه غير مستحضر لذهنه وقلبه وإلا فنجد كثيراً من الصحابة ما رووا إلا الحديث والحديثين والثلاثة والأربعة والعشرة لكن عبد الله بن عمر أكثر من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لم كل ذلك ؟ لأنه استفاد من توجيهاته صلى الله عليه وآله وسلم – وكان متيقظاً واستفاد من هذه النصيحة غاية النفع . فاليد لها دور في التربية والتوجيه كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه – أنه قال ((ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب))[2] وهذا أسلوب نبوي بل هو توجيه رباني وجه الله تعالى به الأزواج في حال نشوز الزوجات فتارة يكون التعامل بحنان ولطف وتارة يكون فيه التعامل فيه شيء من القسوة لكن هذه القسوة لا يجوز أن تبلغ ذروتها لأن هذا ليس هو التعامل وليس هو الأسلوب الذي يربي الأبناء أو التلاميذ . أحياناً أيضاً من الأساليب النبوية في التعامل مع الآخرين في حال تربيتهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم – في حال تربيتهم إذا أراد أن يحفز المربى والموجه إلى عمل ما يستحثه ويشحذ همته من أجل أن يؤتي جهده الثمرة المرجوة كان صلى الله عليه وآله وسلم – يتعامل مع هؤلاء بشيء من المال حتى يعطي هذا الإنسان الثمرة المرجوة فمثلاً المدرس يمكن أن يشجع الطلبة بشيء من الجوائز المالية أو العينية وكذلك الأب يمكنه أن يربي أبناءه بشيء من هذه الوسائل فيعطي للفائز شياً من المال شيئاً من الجوائز العينية وما شابه ذلك كي يتقدم على أقرانه وعلى إخوانه وكي يكون متميزاً فهنا نجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – كان إذا باشر معركة من المعارك قال (( … من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه…))[3] من السيف من الخيل من الذهب من الفضة مما شابه ذلك . ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم – يتنافسون في الإكثار من القتل للمشركين حتى ربما اختصم اثنان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم – هذا يقول : أنا قتلته وذاك يقول : أنا قتلته حتى يأتي من يشهد فيقول : أشهد أن فلاناً هو الذي باشر قتله . بل أحياناً نجد في سيرته صلى الله عليه وآله وسلم – أنه ربما جاء إليه أعرابي والأعراب البدو في الغالب التربية عندهم فيها كثير من القصور إلى يومنا هذا فتجد أن البدوي فيه شيء من الغلظة والجلافة في كلامه وفي تعامله . جاء يوماً رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم – فقال يا محمد ما قال يا رسول الله ولا قال : يا أبا القاسم وإنما قال : بهذه الجفاوة يا محمد أعطني من مال الله ليس من مالك ولا من مال أبيك يا لطيف الصحابة رضي الله عنهم – هموا بقتله قال صلى الله عليه وآله وسلم – اتركوه ثم أخذه إلى بيته صلى الله عليه وآله وسلم – ثم أعطاه شيئاً من المال ما غضب لنفسه وما انتصر لنفسه وما قال : اسجنوه وما قال : عاقبوه بل أدخله إلى البيت وأعطاه شيئاً من المال رضيت قال : لا ما رضيت زاده رضيت قال : لا ما رضيت وأعطاه حتى رضي قال له أرضيت الآن قال : نعم جزاك الله من أهل وعشيرة خيراً قال له صلى الله عليه وآله وسلم – اخرج ثم قل لأصحابي ما قلته الآن فإنهم قد وجدوا في أنفسهم عليك يعني يريدون أن يكسروا رقبتك فخرج الرجل ومعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم – ثم قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أرضيت يا أعرابي قال : نعم جزاك الله من عشيرة وأهل خيراً فسكنت أنفس الصحابة رضي الله عنهم – ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه أتديرون ما مثلي ومثلكم ومثله قالوا : لا قال : مثلي ومثلكم ومثله كمثل رجل كانت له دابة فشردت فصار الناس يجرون وراءها أيش يريدون ؟ يمسكوها فكلما التفت الدابة إلى الخلف رأت خلفها مظاهرة فازدادت جرياً تقول : نحن السابقون وأنتم اللاحقون فقال الرجل للناس أتركوني ودابتي فأخذ لها شيئاً من حشيش الأرض ثم أشار إليها بيده فتراجعت فأكلت الحشيش فأمسكها بيده فهذا مثلي ومثلكم ومثله يعني شبه الرجل هذا بالدابة وشبه نفسه صلى الله عليه وآله وسلم – بصاحبها وشبه الناس بالمتظاهرين هؤلاء فقال صلى الله عليه وآله وسلم – لو تركتكم والرجل لارتد عن دين الله تعالى يعني هذا يضرب وهذا يصيح وهذا يصفع ولكن بشيء من حطام الدنيا رضي الرجل ولعله أن يتربى ولا يعود لمثل هذا العمل مرة أخرى فالمال أحياناً له دوره في التربية ولهذا لا بأس أن يستخدم الأب هذا الأسلوب وكذلك المدرس والمعلم ويستخدمه كل من خاض في مجال التربية فقد استخدمه صلى الله عليه وآله وسلم – من الأساليب النافعة أيضاً في التربية الإغضاء عن الأخطاء السابقة وعدم تردادها وذكرها لأن هذا الأسلوب أسلوب منفر أسلوب يؤلم القلب ويورث الحسرة في القلب ويجرح القلب ويجعل الإنسان غير قابل للنصح بعد ذلك إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى – بمعنى أن الإنسان إذا أخطأ فعلى المربي أن يغض الطرف عن هذا الخطأ إذا شعر أن صاحب الذنب قد ندم أو حاول أن يصلح نفسه يستشف هذا الأسلوب من أسلوبه صلى الله عليه وآله وسلم – متى هذا في كثير من الغزوات بل ربما أحياناً يثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم – على من حصل منه ولو شيء يسير فمثلاً في غزوة حنين نجد أن معظم من شارك في هذه الغزوة تراجع بعد بدء المعركة مباشرة وهذا خطر عظيم بل ترك صلى الله عليه وآله وسلم – ولم يلتف حوله إلا نزر يسير على أعلى الروايات لم يبلغوا عشرين رجلاً من اثني عشر ألفاً وجرفهم سيل المتراجعين من المعركة بل في بداية المعركة بقي وحيداً صلى الله عليه وآله وسلم – ما عنده إلا رجلان ممسكان بزمام ناقته وهو وحده يقول : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ويستحث حصانه وبغلته من أجل أن تتقدم إلى نحور الأعداء غير أن من الصحابة من يكبح جماحها وهو يرفع صوته صلى الله عليه وآله وسلم – إظهاراً للشجاعة التي أعطاه الله تعالى إياها كأنه يقول : للمشركين هاأنذا لم أتراجع مع الناس ولو بقيت وحيداً وينادي العباس بالصحابة رضي الله عنهم – فيتراجعون أسراباً وأسراباً بعد ذلك هذا الخطأ الذي ارتكبه جمهور كبير من الصحابة رضي الله عنهم – ما ذكره صلى الله عليه وآله وسلم – إطلاقاً بعد انتهاء المعركة ووضعت الحرب أوزارها غض الطرف تماما بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم – جاءه الأنصار بالذات وقالوا : يا رسول الله وليكن في معلوم الجميع أن الذين تراجعوا في بداية المعركة هم أولئك الذين أسلموا حديثاً من مسلمة الفتح وهو نحو ألفين كانوا في بداية المتراجعين وكانوا هم السبب في هذا الانحسار الشديد لمن وزع النبي صلى الله عليه وآله وسلم – الغنائم وزعها لهؤلاء الناس والذين ربما لم يشتركوا في المعركة فجاء الأنصار يقولون : يا رسول تعطي قريشاً الغنائم وسيوفنا لا تزال تقطر من دمائهم ما اشتركوا في المعركة وكانوا سببا ً في التراجع ومع هذا تعطيهم الغنائم ما قال صلى الله عليه وآله وسلم – وأنتم تراجعتم لكنه صلى الله عليه وآله وسلم – غض الطرف تماماً واستدعى القوم ووعظهم موعظة بليغة حتى بكت أعينهم وقال صلى الله عليه وآله وسلم – يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – قالوا : رضينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حظاً وقسماً شاهدنا من هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لم يذكر لهم هذا الخطأ إطلاقاً بل غض الطرف عنه لماذا ؟ لأنهم قد شعروا بالخطأ الذي ارتكبوه وهكذا المدرس والمعلم والأب له أن يستخدم هذا الأسلوب إذا وجد أن هذا الأسلوب نافعاً مع فلان من الناس أو مع هذه المجموعة دون تلك المجموعة لأن هذا الأسلوب قد لا يكون نافعاً على سبيل الاطراد فأحياناً يكون نافعاً وأحياناً لا يكون نافعاً ينفع مع شخص ولا ينفع مع شخص آخر ولا بد أن تضع الشيء في موضعه فالغض عن الخطأ في موضعه حكمة وتركه في موضعه من الحكمة وهكذا قل في بقية الأمور أحياناً يطلب من الشخص مباشرة في حال الرؤيا وفي حال السماع يطلب من الإنسان أحياناً الكف والإقلاع وهذا غلط في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – سمع عمر بن الخطاب صلى الله عليه وآله وسلم – يحلف بأبيه فقال صلى الله عليه وآله وسلم – مه يا عمر يعني كف عن هذا الكلام من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك . فأنت مثلاً ترى التلميذ ترى العامي ترى ولدك يفعل خطأ فتقول له اسكت اقلع عن هذا كف عن هذا لا تفعل هذا وهذا أيضاً من الأساليب النافعة وأحياناً قد ينفع كما ذكرنا من قبل أن يخاطب المخطئ في مثل هذه الأحوال باليد وبالضرب لكن هذا الأسلوب لا يتخذ إلا في خاتمة الأمور . ومن ذلك أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب . فجعل يتخطى الناس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اجلس فقد آذيت))[4] يعني آذيت المسلمين وتأخرت لو كنت تريد الفضيلة وتريد الصف الأول تعال مبكراً الساعة تسع الساعة عشر الساعة إحدى عشر عشان تجلس في الصف الأول أما تتخطأ رقاب الناس وتأتي متأخر فهذا لا يجوز فها نحن نري أنه صلى الله عليه وآله وسلم – عالج هذه القضية وربى هذا الإنسان مباشرة في حال وقوعه في هذا الغلط أحياناً ينفع المدح وهذا من الأساليب الطيبة النافعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم – في غزوة الطائف أعطى شيئاً من الغنائم لبعض الناس فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم – فقال : يا رسول الله أعط فلاناً فما أعطاه ثم عود الكلام وعود الكلام فقال: صلى الله عليه وآله وسلم – إني لأعطي بعض الناس شيئاً من المال أتألف قلوبهم وأترك بعضهم ركوناً إلى إيمانهم منهم فلان بن فلان قال ذلك الصحابي فو الله ما أحب أن يكون لي بدلاً من هذه الكلمة حمر النعم . يعني هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الثناء وذكر اسمي أنه ركن إلي إيماني هذه تساوي الدنيا وما عليها وهذا في الحقيقة أسلوب نافع جداً أن تثني على ولدك الثناء الذي يجعله لا يطغى أن تثني على العامي على المتعلم على التلميذ بما يستحقه بين يدي زملائه وأقرانه هذا في الحقيقة يساوي شيئاً كثيراً ويدفعه إلى الأمام ويكون زاداً له في طيلة عمره يتفاخر بهذا الكلام الذي صدر من شيخه أو من مربيه بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم – في غزوة الأحزاب قال ( من يأتني بخبر القوم ) . يوم الأحزاب قال الزبير أنا ثم قال ( من يأتيني بخبر القوم ) . قال الزبير أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير))[5] طبعاً هذا الكلام يشرح الصدر ويثلجه ويجعل الإنسان دائماً في تقدم ومطيع ويسمع الكلام ودائماً يقبل النصح والتوجيه أما التوبيخ فإن الناس في الغالب جبلوا على ألا يقبلوا التوبيخ لكن قد ينفع التوبيخ من إنسان خجول مستح فيستحي على نفسه أن يوبخ مرة أخرى بين يدي الناس أو حتى كان بين يدي المربي نفسه أحياناً التربية تكون نافعة بالقدوة من الأمور النافعة والأمور المهمة أن يكون من يربي قدوة لمن يربي وهذا بالطبع مأخوذ من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم – فإن حياته كلها قدوة كما قال الله تعالى ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) سورة الأحزاب آية (21) لكن من أبرز ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم – في غزوة الحديبية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال : ( انحروا الهدي واحلقوا ) قال : فوالله ما قام رجل منهم رجاء أن يحدث الله أمرا فلما لم يقم أحد منهم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فقال : ما لقيت من الناس قالت أم سلمة : فقال مالقيت من الناس قالت أم سلمة : أو تحب ذاك أخرج ولا تكلمن احدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ولم يكلم أحدا منهم حتى نحر بدنه ثم دعا حالقه فحلقه فلما رأى ذلك الناس جعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا …))[6] فلا يصلح أن يكون المربي قدوة سيئة لا يصح أن يكون الأب قدوة سيئة لأبنائه لا يصلح أن يقول المدرس لطلابه أيها الطلاب التدخين مضر وكذا وهو يدخن لا يصلح أن يقول الوالد لأبنائه صلوا وهو لا يصلي وهلم جر .هذه أيها الإخوة بعض الجولات السريعة من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم – ومن أساليبه التربوية والتي في الحقيقة نحتاج جميعاً إلى قراءة سيرته صلى الله عليه وآله وسلم – قراءة فيها شيء من التمعن والتفقه أسأل الله تعالى أن يجعل في هذه العجالة خيراً كثيراً وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه . والحمد لله رب العالمين .
[1] – البخاري 5/2358

[2] – البخاري 1/54

[3] – البخاري 3/1144

[4] - سنن ابن ماجه 1/ 354

[5] – البخاري 3/1046

[6] – البخاري 2/974




رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=2371


بعض المعاملات الربوية (3/3)
%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7.jpgفإن الله تعالى جل وفي علاه قد وضح في محكم كتابه ما أحل للناس وما حرم عليهم وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتفصيل ما أجمل من القرآن الكريم فوضح النبي عليه الصلاة والسلام الدين كله فما ترك أمرا من الأمور إلا و وضحه…
خطبة بعنوان : ( بعض المعاملات الربوية )
العناصر:
1- تبين الدين و وضوحه.
2- تقليد الغرب وإتباعهم.
3- تعدد صور الربا.
4- تحايل بعض الشركات.
5- انتشار القروض الربوية.
6- البنوك الإسلامية.

أما بعد: فإن الله تعالى جل وفي علاه قد وضح في محكم كتابه ما أحل للناس وما حرم عليهم وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتفصيل ما أجمل من القرآن الكريم فوضح النبي عليه الصلاة والسلام الدين كله فما ترك أمرا من الأمور إلا و وضحه. لهذه الأمة قبل أن يتوفاه الله عز وجل وأن المسلم واجب عليه أن يكون وقافا عند حدود الله تعالى وأن يكون ساعيا سعيا حثيثا لمعرفة الحلال والحرام حتى يتعبد الله كما أمر وكما شرع و لا يكون في حياته تخبط خبط عشواء يمينا وشمالا فلا بدري ما أحل الله وما حرم وينحرف وراء التيارات فلا يفيق إلا وقد ارتكب كثيرا من المظالم والمحارم. والله جل في علاه وقد أمر بسؤال أهل الذكر وهم ورثة الأنبياء العلماء الذين ورثوا الأنبياء فيما ورثوه من العلم. فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذه بحض وافر فقال جل وعلا :((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) سورة النحل آية (43). سؤال أهل الذكر من الأهمية بمكان حتى تكون حياة المسلم منضبطة مع كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لو أن هذا العالم الذي أفتى باجتهاد و استفراغ وسعه لمعرفة الحق فإذا أخطأ فإنه مأجور كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . فمن أخذ بفتواه فِإنه لا يكون آثما بشرط أن يسأل عالما معتبرا في الأمة بأنه من أهل الديانه وأنه من أهل التحري للحق وهذا من سعة رحمة الله تعالى بهذا الأمة أنه لم يكلفها فوق ما تطيق فالله تعالى يقول: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) سورة البقرة آية (286). وقال تعالى : ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً )) سورة الطلاق آية (7). فإذا استفرغ العالم وسعه لمعرفة الحق واستنباط الأدلة وسأل وقرأ وناقش ثم وصل إلى أمر ما فعلم به وأو افتى به شريطة أن يكون من أهل العلم المعتبرين لا أن يكون متزلفا على سلم العلم وعلى أكتاف العلم هو ليس من أهله وكذلك لا يكون من أولئك الذين لا يعتد بهم ولا يعتد بمخالفتم ولاما بقي على ظهر الأرض جريمة ولا كفر ولا مخالفة إذا كان ليس للأمر ضوابط يضبط مثل هذه القضايا . أيها الإخوة الفضلاء : لاشك أن كثيرا من المعاملات من قبل الغرب أنها أخذت بعجرها وبجرها ولم تفلتر من قبل المسلمين فلما أخذت هكذا دون نظر في مشروعية تلك المعاملات من عدمها وقع كثير من الناس بالمظالم والمحارم. و لهذا لما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والناس يخبطون خبط عشواء عندهم من المعاملات ما ورثوها أبا عن جد وعندهم من المعاملات التي كان يتعامل بها اليهود والنصارى والمجوس ولكن الشرع جاء ليتمم مكارم الأخلاق ليرفع الظلم عن الناس كلهم على ظهر هذه الأرض ليرفع عنهم الاستغلال والنصب والاحتيال فاحل الله تعالى : البيع وحرم الرباء ولذلك فأن الذين لا يفرقون ولا تستطيع عقولهم أن تفرق بين ما أحل الله وبينما حرم هي تلك العقول التي ألهت نفسها وجعلت نفسها ألهة تعبد من دون الله قال الله تعالى: ((أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) سورة الجاثية آية (23). ولهذا قال الله في محكم كتابه :((يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) سورة البقرة آية (276). وقال أيضا: ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) سورة البقرة آية (275). نعم البيع والشراء فيه زيادة كما أن في الربا زيادة ولكن مشروعية الزيادة في البيع والشراء أمر مطلوب وأمر لازم وإلا لصار هذا الذي يبيع لفترة من الفترات أن كان يبيع بمثل ما اشترى لصار في فترة من الفترات قصير جدا أفقر الناس ولذلك لأنه مشروع تنمية المال والزيادة الطيفة المشروعة أمر مباح وأمر لابد منه وشرعت لمصالح الناس وإلا فكيف تنمى أموال الناس ولهذا فإن الله تعالى أباح هذه المعاملات وحرم الزيادات الباهضة التي ليس فها عمل وليس فيها تعب كالإقرارض بمال يستقضية أكثر منه وكغير ذلك من الحيل التي يتحايل فيها على محارم الله تعالى. الذي أريد أن أتوصل إليه الآن هو أنه فشت و انتشرت بين المسلمين في الآونه المتأخرة كثير من المعاملات التي أخذت من الغرب من اليهود سواء كانت هذه المعاملات في البنوك أو كانت في الشركات أو في مجال التسويق وما شاكل ذلك. أخذت هذه المعاملات كما هي لم تهذب ولم يسأل أرباب هذه الأعمال ما يحل وما يحرم وربما أتوا على بعض من أهل العلم لم يعرفوا حقيقة هذه المعاملات واستنبطوا منهم فتاوى وضللوا عليهم وحرفوا عليم الأسئلة بحجة التوصل إلى أكل أموال الناس بالباطل وهذا أمر من الخطورة بمكان ولهذا فإن الله تعالى قد حذر من أكل أموال الناس بالباطل فقال سبحانه : ((وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) سورة البقرة آية (188). وحرم الربا فقال :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281))) سورةالبقرة الآيات (280-281). فأباح الله تعالى البيع وحرم الربا و جعل من صفات المؤمنين أنهم يقلعون عن ارتكاب ما حرم الله تعالى وأن يتوبوا إلى الله تعالى فإن الربا مسألة من أخطر المسائل ولذلك فإن الله تعالى لم يجعل في قضية الربا كفارة أبدا لم يجعلها كأي ذنب من الذنوب يكفرها شيء من الأعمال الصالحة وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إياك والذنوب التي لا تغفر وفي رواية : وما لا كفارة من الذنوب فمن غل شيئا أتى به يوم القيامة وآكل الربا فمن آكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط ثم قرأ : (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )) . ولذلك فإن الربا مثله مثل شهادة الزور مثله الخلف باليمن الكاذب فإن الله تعالى لم يشرع فيها كفارة أبدا دليل على أن الذنب ها هنا عظيم لذلك ينبغي على الأمة إذا أرادت أن يعزها الله وإذا أرادت أن يخرجها الله تعالى مما هي فيه من الحياة الضنكة ومما هي فيه من الشقاء ومما هي فيه من الذل والهوان عليها أن تترك محاربة الله فإن الربا محاربة صريحة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومحاربة لهذه الأمة فما أضعف أمتنا إلا هذه الذنوب تتكالب عليها من كل حدب وصوب. البنوك الربوية التى تعمل ليلا ونهارا والتى تتحايل على أموال الناس بشتى الحيل والربا . أيها الإخوة الفضلاء لا كما يعتقد كثير من عامة الناس أنه باب واحد بل إن الربا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة: ((الربا سبعون حوبا أيسرها أن ينكح الرجل أمه )) . أدناه في الإثم والحرام كأن ينكح الرجل أمة. والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أحاديث كثيرة تفيد هذا المعنى فالربا ليس بابا واحدا وإن كثيرا من الناس يظن أن الربا إنما هو في الإقراض لا فالربا أبوابه كثيرة و أبوابه متشعبه أبوابه خطيرة جدا ولذلك أفرد العلماء له كتبا مستقلة. فإن كثيرا من الناس ممن يتعامل بالبيع والشراء في الذهب يقرض الذهب سلفا ويبيعه دينا وهذا أنواع من أنواع الربا في أبواب الصرف كذلك كثير من الناس يصرف للناس دراهمهم دولاراتهم ريالاتهم عمولاتهم شيكاتهم يصرف لهم ولا يوفيهم حقهم في نفس الوقت وهذه نوع أيضا من أنواع الربا فإن الصرف يتقلب في الثانية والواحدة في الدقيقة الواحدة في الساعة الواحدة ينقلب أكثر من وجه يجب علينا جميعا أن نتق الله عز وجل فلا نقبض من الناس دولارا إلا وندفع لهم حقوقهم ولا شيكا إلا وندفع لهم حقوقهم كما قال صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد مثلا بمثل سواء بسواء هاء وهاء)) فأولئك الذين يبعون الذهب دينا الشهرين والثلاثة والأربعة والسنة هؤلاء وقعوا في الحقيقة في باب من أبواب الربا . وهكذا قل في كثير من المعاملات من الأمور الخطيرة أيضا التى تقترف في كثير من البلاد الإسلامية الميسر والقمار الذي حرمه الله تعالى فقال سبحانه:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة المائدة آية (90). والأمر بالاجتناب من أشد أنواع النهي ومن أشد أنواع التحريم فأن الاجتناب أهله والتعامل به واجتناب من يتعامل به واجتناب السبل والطرق التي توصل إليه واجتناب كل وسيلة توصلك إلى القمار إلى الميسر وإلى النصب والاحتيال على أموال الناس بالباطل ولقد قرن الله تعالى الميسر بالخمر وكثير من الناس لا يفهم مثل هذا القضايا قضايا القمار التي تظهر في صور متعددة تارة عبر شبكات الانترنت وتارة عبر شبكات الاتصال وتارة عبر الجرائد والمجلات هذه كلها ميسر وقمار واحتيال ونصب على أموال المسلمين. وإني والله لأعجب في كثير من أهل العلم الذين ربما لا يفرقون بين معاملة و معاملة وبين صورة و صورة فإن القاعدة الشرعية في أبواب المعاملات أن الأصل على المعاني لا على الألفاظ والمباني والألفاظ التي بتلفظ بها البيوع قد تختلف من حال إلى حال ومن بيع إلى بيع ومن شركة إلى أخرى. ولكن ما المقصود من اشراك الناس ؟ وما المقصود من معاملات هذه الشركات بهذه المعاملة ؟ ما المقصود من شراء هذه البطائق أو الدخول في هذه المسابقات هل هي مجرد ضربة حظ؟ أم أن القضية هي ربح المال أن تدفع مالا يسيرا لنتال مليونا أو مليونين أو سيارة أو ما شاكل ذلك. هذه جريمة عظيمة في حق هذه الأمة يحرم على أهل العلم السكوت عليها ويحرم أيضا على المسئولين في البلاد أن يسكتوا عليها . وإنني لأعجب كيف قامت الدنيا ولم تقعد حينما برزت هذه أول شركة تتعامل بهذه المعاملة وأغلقت خلال شهر وتم إغلاق وسائل اتصالاتها من شركة الاتصال وأغلقت بقرار حكومي كيف يسمح الآن لكثير من الشركات أن تتعامل بمثل هذه المعا ملات وإن غيرت صيفتها وطريقتها . وسأتي لذكر بعض الصور التي هي جارية من مجتمعنا بالذات القمار والميسر محرم وإن تعددت إضافة الميسر أصلا أيها الإخوة مأخود من اليسر أصله مأخوذ من أنهم كانوا يأخذون الجمل دينا نسيئة يدفعون ثمنه بعد سنة وقبل أن يدفعوا ثمنه يقومون بذبحه وتقسيمه إلى ثمان وعشرين جزءا أو إلى عشرة أجزاء ثم يضعون أسماء كالقسمة النصيب فلان له حظ فلان ليس له حظ ويطرحون أوراقا فيأخذون الورقة فيقولون هذا القسم لزيد وهذا القسم لعمر ثم الثالث رجع لزيد ثم الرابع والخامس رجع لعمر وذاك لصالح وذاك الأحمد وفلان ليس له واحد مع أنه يجب عليه أن يدفع قسطه من ثمن هذا الجمل فلو كان ثمنه ثمان وعشرون ألفا كل واحد منهم سيدفع ألفا لكن ذاك لو دفع ألفا ولم يأخذ شيئا من الجمل وذاك دفعا ألفا واخذ أربعة أقسام من اللحم بهذا الطريقة سمي الميسر ميسرا وسمي الميسر كذلك لأنهم كانوا يضربون فيه القداح التي هي عيدان فلان له وفلان ليس له هذا كله تشكل المعاملات وتختلف من بلد إلى بلد آخر من طريقة إلى آخرى ومن سنة إلى أخرى احتيال ونصب ودجل على أموال المسلمين خصوصا من ظروف هم فقراء وهم بحاجة إلى الريال الواحد وربما بعض الناس لساجته لا يعرف أنه يرتكب محارم الله عز وجل فيقول :هي مجرد خمس ريالات وعشرين ريالا أرمي بها فإن فزت فيها وأن لم أفز فهي خمس ريالات أو عشرين ريالا وما علم هذا المسكين أن الله تعالى قال : ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) سورة المائد آية (2). التعاون على الإثم والعدوان قد يكون بفلس واحد لا ريال ولا بخمسة ريالات بفلس واحد تكون قد اشتركت على الإثم والعدوان ولهذا حرم النبي عليه الصلاة والسلام كثيرا من المعاملات وجعل المشتركين سواء في الإثم فقال صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ)) . مثل هذه المعاملات يكون الجميع فيه مشترك في الأثم والجرم. هكذا أيضا ظهرت شركات التأمين بوجه قبيح يحتالون عليه على السذج والمساكين بحجة أنهم يؤمنون على حياتهم وعلى حياة أسرهم بطرق ملفوفة ربما أيضا اخذوا استنباطات من كلام أهل العلم على نوع من أنواع التأمين الجائز واسقطوا على شركاتهم وهم بهذا يحتالون ويغشون الأمة بأسرها فإن أهل العلم لا يبحون القمار ولا الميسر ولا الاحتيال و النصب على أموال المسلمين هناك نوع من أنواع التكافل يسمى التأمين التكافلي في الإسلام جائز مشروع . وهو القائم على التعاون بين المشتركين وأن يكون الاشتراك سواء بين الجميع وأن يكون لهذا نظام موحد للجميع وأن يستغل هذا المال لمجمع في هذا الباب ليستثمر لصالح الجميع فتأخذ الشركة نصيبا من هذا الربح ويعود مثلا نصفه أوثلثه للمشتركين ضمن هذه الجملة التأمينية وبشرط أيضا ألا تدخل هذه الأموال ضمن أموال هذه الشركة التي تقوم على التأمين التجاري القماري المحرم بشرط أن يكون وضع المال بالمكان والحلال واستثماره في المكان الحلال وإلا فإن الناس يأثمون في هذه الطريقة التي فيها احتيال على أموال الناس يقولون أحيانا : مائة ريال تدفعها من راتبك وربما أصابتك عاهة أو مت فتحصل على مليون ريال ومليون ريال بل اليوم الثاني لو أنك مت لتقاضت أسرتك مليون ريال على سبيل المثال هذا يجوز إذا كان في التأمين التكافلي لا في التأمين التجاري فهو مستنبط من اليهود استنباطا كليا ليس أي تهذيب وليس له أي مستند من الأدلة الشرعية . أيها الإخوة الفضلاء : هذه قضايا شاعت وانتشرت بين الناس انتشار الهشيم في النار وكذلك القروض الربوية التي نزلت فيها البنوك الربوية إلى المؤسسات إلى الموظفين في أماكن وظائفهم لا تتعبوهم وإنما ما عليه إلا أن يوقع العقد على أن يخصم من مرتبه مبلغا من المال ويأتي ليتقاضى مليونا ومليونين على مدى عشرات السنوال على سبيل المثال لكنه يعد المليون هذا بمليوني إلا ربع وهو لايشعر أنه ربما انتكب ما بين عشية وضحاها فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ((درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية)) . ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: ((ما ظهر في قوم الربا والزنا الا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز و جل )) كم من تاجر سقط مابين عشية وضحاها وأملى له الله سبحانه وأمهله فبلغت مبالغه الملايين ولكنه انتكب ما بين عشية وضحاها وكم من التجار كان يرفل بنعمة الله و كان يسرح ويمرح في نعم الله تعالى صار ما بين عشية وضحاها مجنونا في الشوارع ويمشي عريان يضحك عليه الناس ويرجمه الصبيان بالحجار لأنه حارب الله عز وجل وهذه عاقبة من حارب الله عز وجل. أيها الإخوة الفضلاء : أعود لأذكر بعض صور الربا والقمار التي ظهرت والناس لا يسألون عن هذا والله طيلة أشهر ما سئلت إلا عدة سؤالات لا تبلغ العشرة وأكثر الناس يقعون في مثل هذه الجرائم من هذا مثلا: ما تقوم به بعض البنوك التجارية القائمة على الربا من أنها تطلب من الناس أن يفتحوا لأنفسهم حسابات غيرها وعن طريقها وتضع أما أبوابها سيارة وتقول أمامك سيارات هذه السيارة لمن أحيانا يبلغ رصيده خلال سنة مثلا أوستة أشهر أعلى نسبته وتارة لا يطلبون قضية النسبة بل يطلبون شريعة أن تودع في البنك مثلا خمسمائة ألف ريال أوثلاثمائة ألف ريال وخلال سنة. يتم السحب سحبا الكترونيا ومن خرج حظه فليأخذ هذه السيارة قد يقول قائل : ما وجوه الربا وما وجه القمار في هذا أقول أما وجه الربا فإنك أولا أعنتهم على الإثم والعدوان فإن هذه البنوك تأخذ أموالك وتتعامل بها في الربا فإذا كنت تعلم أن البنك المركزي على سبيل المثال أو غيره من البنوك يستقضون من التجار مبالغ مثلا عشرة مليون لمدة تسعين يوما هم يعطونه بعد التسعين يوما مثلا مليون إلا ربع أو مليون ريال أو مليوني ريال ماذا نسمي هذا أليس هذا نوع من أنواع الربا هذه البنوك تتعامل بنفس الطريقة سواء كان مع البنوك في الداخل أو مع المستقرض في الداخل أو نستخدمها في الخارج فهم يتعاملوا به في الربا وأنت أعنتهم كذلك على الربا ثم أن جزءا من ربحك هذه السيارة وها هنا دخل القمار فإن القمار داخل في الغرم وفي المغنم كذلك فلعلك تغنم ولعلك تغرم من هنا تكون قد وقعت في إعانتهم على الإثم ووقعت كذلك في القمار أما الميسر والقمار التي تتعامل فيه كثير من الشركات وخصوصا غير شركات الاتصالات فما حدث ويحدث وأنا لن أضرب مثلا في سلعة معينة لكن هنالك شركات كثيرة دخلت ولعل من عنده هاتف جوال قد وصلته عدة رسائل من طريق هذه الشركات ما هي الطريقة التي جعلتنا نقول بأن هذا ميسر وقمار ؟ أقول لك الأمر على الطريقة التالية أنك تعلم أن الرسالة التي ترسلها إل هذه الشركة الأصل أنها تكلف عشرين أوخمس وعشرين ريالا على أكثر تقدير ولكنك في حالة المسابقة تدفع فيها خمس وأربعين ريالا العشرين الريال أو الخمس والعشرين الريال الزائدة إلى أين تذهب يذهب جزء منه إلى شركة الاتصال كنصب واحتيال نعم أوقولها صراحة كنصب واحتيال. فالشركة لا تستحق أكثر من عشرين أو خمس وعشرين ريالا هذا هو الذي تعتقد فيه كافة المشتركين ويذهب الجزء الأكبر لهذا الشركة التي تريد أن تسوق بضاء عها لتقول على سبيل المثال عشرة لشركة الاتصالات وعشرة للشركة التي تريد أن تسوق هذه العشرة لو تضربها أيها الأخ الكريم مثلا في خمس مليون مشترك يطلع حوالى خمسين مليون ريال في خلال اليوم الواحد لو ذهبت مثلا خمس مليون رسالة ماذا يعطونك آخر الشهر سيارة كم ثمن هذه السيارة عشرة مليون مثلا عشرين مليون مثلا أين البقية ذهبت أليس هذا نصب واحيتال جزء من مالك ذهب كقيمة لهذه السيارة فدخلت أنت في القمار وأعنتهم على القمار وهم أكلوا أموال الناس بالباطل واحتالوا بالباطل في وقت المسلمون يعانون من الفقر والجوع وكان الأولى بهؤلاء أن يتقوا الله فيتحفضوا سعرا المكالمات ويتقوا الله فيخفضوا سعر الرسائل على الناس حتى يسهل تواصلهم فيما بينهم لكننا لا نحرم عليهم هذا هذه شركاتهم وأحل الله البيع لكنه حرم الربا وحرم القمار والميسر والاحتيال والنصب على أموال المسلمين هذه شركات عدة دخل فيها ما دخل وفاز فيها من فاز وخسر فيها من خسر ولا يزال الباب مفتوحا هذه قضية يجب علينا جميعا أن نهتم بها أن نوعي فيها أهلنا وأن نوعي فيها أصدقاءنا حتى لانقع فيما حرم الله سبحانه وتعالى. أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد: أبها الإخوة الفضلاء : لا شك أن هذه المعاملات التي فيها ارتكاب لما حرم الله سبحانه وتعالى: وخاصة وقد واجد الله تعالى من الوسائل المباحة للترويح المباح للسلع وأوجد الله سبحانه وتعالى بعد عناء شديد البنوك الإسلامية التي تتعامل مع أموال الناس بالتعامل المباح وإن كان ثمة بعض البنوك تخرج ما كسبت هذه البنوك من أرباح من خلال تلك المعاملات التي تحصل فيها شيء من الخلط من بعض الموظفين تتحلل من ذلك المال ولا تدخله ضمن الأرباح والفوائد التي توزع على المستثمرين . فالله سبحانه وتعالى قد قطع العذر على كثير من الناس ولكن الجشع والهلع والطمع والخوف على الأموال جعل الناس يلجئون لوضع أموالهم في البنوك التي تضمن لهم ربحا مع الحفاظ على رؤوس أموالهم وهذا على كل حال قد يكون شيئا مرهوما فهذه البنوك قد تدور عليه الدوائر وتسقط ما بين عشية وضحاها ثم إن معاناة الأمة لو لم تكن هذه القضايا قضايا تحز في النفس في الحقيقة وتوجع القلب وتدميه وتحزنه لما نرى ونشاهد من التهافت على هذا النوع من أنواع المعاملات المحرمة وإلا فإن جراحات الأمة كثيرة لكن وجب علينا أن توجه وأن نبين ما أحل الله تعالى وما حرم في هذا المضمار . الواجب على أهل العلم أن يتقوا الله عز وجل وأن يخرجوا عن الصمت أن يكسروا حاجز الصمت وأن يتكلموا في خطبهم ودروسهم ومواعظهم على مثل هذه المسائل وأنا أذكر أنني قد صغت فتيا في هذا الموضوع وعرضت على كثير من أهل العلم في مدينة تعز وفي صنعاء ووقع عليها الشيخ العمراني ووقع عليها الشيخ الديلمي والزنداني ومحمد الصادق وغيرهم من أهل العلم الكبار في اليمن ثم نشرت لكن للأسف الشديد لم تنشر على الوجه المطلوب هذه الفتوى لعلمكم أنني لم أنشرها إلا بعد أن أعذرت إلى الله تعالى خصوصا في شركات الاتصالات فقد تراسلت معهم واعطيتهم صيغة الفتوى مع التوقيعات ثم قلت لهم لن ننشر هذه الفتيا إذا قطعتم هذا النوع من التعامل ولكنهم مشوا في طريقهم ولم يتقوا الله عز وجل واستمروا في هذا العمل فلزم بعد ذلك أن تنشر هذه الفتاوى إبراء للذمة . أيضا أيها الإخوة : من جملة الجراحات التي تعانيها ولعلنا نخص لها خطبة فيما يأتي إن شاء الله تعالى ما يدور في فلسطين وما يدور حول الأقصى الشريف الذي نسأل الله تعالى أن يخلصه من الأيدي الحاقدة والغاصبة إنه على كل شيء قدير هذه أيضا من جملة الجراحات التي نعانيها ويجب علينا جميعا أن تكون قضية فلسطين و قضية المسجد الأقصى حاضرة في قلوبنا فاليهود يعملون ليلا ونهارا في الجفربات من تحت أسسه ويكاد أن يقوم المسجد الأقصى اليوم على شفا جرف هار وتكاد تكون أساساته على الخواء ليس تحتها مترين أو ثلاثة من الأتربة وإلا فإن البنيان يوشك أن ينهدم ولا تزال الدكاكات تعمل حوله . نسأل الله تعالى أن يخيب آمال اليهود. والحمد لله رب العالمين.


رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=1410


جزاك الله خيرا يا محب آل البيت على هذا التفاعل

استفسار:

لماذا عنونت هذه الخطب بهذا العنوان؟