ثلاثـةُ الغــار

أحمد عبدالله صالح
1443/02/21 - 2021/09/28 11:23AM

خطبــة جمعـه بعنــوان

        < ثلاثـةُ الغــار >

أمّـا بعد أيها الأحـباب الكــرام :           

لا نزال وكما وعدناكم مع سلسلتنا المباركة

سلسلة ثلاثيات ..

حيثُ وسنكون اليوم على موعدٍ مع ثلاثةِ نفرٍ  

قصّ علينا نبينا صلى الله عليه وسلم قصتهم

للعبرةِ والعظةِ والفائدة، وأخذ الدروس ..

فكما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 

“ انطلق ثلاثةُ رهْطٍ ممَّن كان قبلكم، حتَّى أوَوا المبيتَ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرتْ صخرةٌ من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا : إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالِح أعمالكم..”

فضيلةُ العمل الصالح فائدته ومنفعته نجاةٌ عند الأزمات، ومخرجٌ عند الكربات؛ يفرجُ الله سبحانه وتعالى به الهموم، ويكشفُ بسببه الغموم ..

علمَ هؤلاءِ الثلاثة أن نجاتهم إنّما هي بعملهم الصالح الذي لا يُرادُ به إلاّ وجهُ اللهِ سبحانه وتعالى .

 فقالوا : “ إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعو الله بصالِح أعمالكم..”

فبدأ ثلاثتهم يتذكرون ويقلّبون صفحات الأعمال ويستعرضون شريطَ الذكريات ..            

ما هي الطاعات !؟ وما هي الحسنات !؟

وما هي القربات التي عملوها لله سبحانه وتعالى ؟

ما هي أوثق الأعمال عندهم التي يرجون أن يجيبهم الله سبحانه وتعالى إذا سألوه بها.

فبدأ كلُ واحدٍ يذكر عمله فتقدم الاول ليتكلم فقال: 

“ اللهم إنّه كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي، ولي صبيةٌ صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم 

أي : رجعت إليهم حَلبتُ لهم فشربوا، قال : وكنت لا أسقي أحداً قبل أبوي“

اي : لا أقدمُ أولادي ولا أقدمُ زوجتي على والدي، قال : “ فنأى بي ذات يوم طلب الشجر“ اي : خرج يحتطب يطلب الحطب فتأخر .

قال : “ فلم أرجع إلاّ عند المساء وقد نام والدي فحلبت لهما، ثم جئت بالحلابِ ووقفت عند رأسهما؛ أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي قبلهما أهلاً أو ولداً، قال والصبية يتضاغون عند قدمي“، يبكون يريدون الحليب يريدون أن يشربوا.

قال : “ والصبية يتضاغون عند قدمي، وأنا واقف وأكره أن أوقظ والدي، قال : فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر“، لم أزل واقفًا واللبن في يدي، ولا يزال أطفالي يبكون عند قدمي حتى طلع الفجر ..

لا إله إلا الله

ما هذا البِّر ؟ وماهذا الإحسان ؟

وماهذه الطاعة ؟ ما هذا الوفاء ؟

من المساء حتى طلوع الفجر وهو واقف عند رأس والديه، وهو يخشى ان يوقظهما من نومهما ؟

من الذي يُطيقُ مثل هذا !!؟ 

من الذي يقدرُ على مثل هذا !!؟

من الذي يتحملُ مثل هذا العمل !!؟ 

ساعاتٌ وهو واقف ..!

ساعاتٌ وهو ممسكٌ بإناءِ اللبن ..!

ساعاتٌ طويله وهو ينتظرُ استيقاظ والديه .!!

ساعاتٌ وأطفاله يبكون عند قدميه، لا يريد أن يقدمهم على ولديه برًّا بهما وإحساناً إليهما.

ما أجملَه من موقف ! وما أعظمَه من عمل ! 

وما أبرّه من ولدٍ صالح .!

والداه كانا نائمين لا يشعران بما فعل ولدهما، 

ولا يعلمان ما يجري حولهما..

إنّه البّرُ والإحسانُ والوفاءُ للحقوقِ وأعظمهم حـقُّ الوالدين بعد حقِّ الله تعالى.

فلمّا كان عمله بهذه المنزلة العظيمة وكان خالصاً لله لا يريد به الاّ وجهَ الله ،قال : “ اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، فافرج لنا منه فرجة، نرى منه السماء ففرّج الله منه فرجة فرأوا منها السماء“.

            هذا الرجل الأول..

وهنا يأتي دورُ الرجل الآخر فتقدم الثاني وذكر عمله فقال : “ اللهم إنّه كان لي إبنةُ عمٍ أحببتها كأشدِّ ما يُحبُ الرجال النساء. 

قال : فراودتها عن نفسها، فأبت ..

أراد منها الفاحشة فرفضت .

حتى ألمّت بها سنةٌ من السنين”

نزلت بها حاجة وأصابها الفقر ..

وهكذا الفقر يدفعُ إلى الجريمة ،هكذا الفقر يقودُ الــى الفاحشة بسبب الحاجه ..

ولهذا يقول : حتى ألمّت بها سنةٌ من السنين فجاءت ووافقت على أن أعطيها عشرين ومائة دينار ..

قال : فأعطيتها وخلت بيني وبين نفسها حتى إذا قعدت منها كما يقعد الرجل من امرأته قالت لي : اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه. 

قال : فقمت عنها، وإنّها لأحب النّاس إلى قلبي، وتركتها وأعطيتها الذهب“. 

سبحان الله!!

موقفٌ آخرٌ عظيم لا يُطيقه كثيرٌ من الناس، ولا يقدرُ عليه إلاّ المخلصون الصادقون ..

الشهوةُ كانت في متناول يده ..

الشهوةُ التي كان يبحث عنها ويسعى إليها وبذل لأجلها المال صارت في مقدورة ..

ولم يبقَ بينه وبينها حائل، ولم يمنعه منها إلاّ الخوفُ من الله سبحانه وتعالى .

في تلك اللحظة التي ربما لا يتمالك الإنسانُ فيها نفسه، لا يتمالك فيها شهوته ، لا يسيطر فيها على نزوته .

في تلك اللحظة الصعبة الشديدة يمتنع ويترك لله سبحانه وتعالى.

لو أن هذا الرجل انقاد لهواه واستدرجته شهوته لكان قد قضى حاجاته، وفعل ما يريد وانتهت اللذة في تلك اللحظة، ولم يبقَ بعدها إلاّ المرارةُ والألم، 

ولكنه حين تركها لله خوفاً من الله، واتقاءَ عذاب الله

حين أثّرت فيه كلمة : "اتق الله” نفعه هذا الموقف وكانت نجاته به من ذلك البلاء الذي أصابه ..

فقال : “ فاللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة “.

ففرّج لهم بمقدار الثلثين وبقي لهما ثلثٌ أخير.

وحينها يتقدم الرجل الثالث للكلام، فبدأ يتحدث عن عمله ويتوسل به إلى الله سبحانه وتعالى فقال :                                            

 “اللهم! إني استأجرت عمالاً ..قال : 

فأعطيت كل واحد منهم أجرته، إلاّ رجلٌ واحد 

ذهب وترك الذي له، قال : فأخذته وثَمَّرته، نَمَّيته ..

تاجرت به حتى كثر منه المال، قال فجاءني الرجل بعد مدة وقال : يا عبدالله أدِّ إليَّ أجرتي، فقلت له : كل الذي تراه من الإبلِ والبقرِ والغنمِ والرقيقِ كله أجرتك ..

 قال : يا عبدالله اتق الله أتستهزئُ بي ..

لقد ذهبت وكانت أجرتي درهيمات معدودات، فكيف صارت بهذه الكثرة؟ 

قال : لا أستهزأ بك، هذا مالك كله فأخذه الرجل ..

وهو غير مصدِّق وغير مستوعب أن إنساناً يفعل مثل هذا ..

لم يتصور أنّ الأمانة قد تبلغ بالإنسان هذا المبلغ ..

لم يتخيل أن يجد في حياته إنساناً وفيّاً كهذا الرجل.

أموالٌ عظيمةٌ يتخلى عنها في لحظةٍ واحدة، ويقول : خذها كلها، هذه أجرتك دون أن يُنقِصَ منها شيئاً أو يخفي منها شيئاً، أخذها كلها ولم يترك منها شيئاً.                                                           

قد يقول قائل : هذه خسارة .. فلو أن صاحب المال أعطى هذا الأجير بقدر أجرته لكان أدى له حقه، لو كان زاده شيئاً من المال وأعطاه زيادة من عنده لكان قد أداه حقه، فلماذا يُعطيه هذا كله ؟

في الظاهر بحسب مقاييس الناس أنّ هذه خسارة، ولكنها ليست بخسارة، بل هي ربحٌ عظيم .

ربحٌ في الإيمان، ربحٌ في القيم والمبادئ، ربحٌ في الأخلاق، ربحٌ في الحسنات، ربحٌ في القرب إلى الله سبحانه وتعالى.

ولهذا لما كان موقف هذا الرجل الصادق الأمين بهذه المنزلة وبهذه الدرجة سأل الرجل سبحانه وتعالى فأجابه، قال : “ اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانزاحت الصخرة وخرجوا يمشون “.

فرَّج الله سبحانه وتعالى عنهم بهذه الأعمال الصالحة.

تأملوا أيها الأحباب كل واحد من هؤلاءِ الثلاثة كان في موقع :                                            

أحدهم مثَّل العلاقة مع الأقارب وأعظمهم   الوالدان ..

والثاني مثَّل العلاقة مع النساءِ من غير المحارم ..

والثالث مثَّل علاقة ربِّ العمل مع عامله وموظفه، وهذه من أهم العلاقات التي توجد في المجتمعات.

فحين تكون العلاقة مع الأقارب يلفها البر والإحسان .

وحين تكون العلاقة مع النساء من غيرِ المحارم يلفها العفاف والحشمة ..

وحين تكون علاقةُ صاحب العمل مع عمّاله يلفها الأمانةُ والصدقُ والوفاء.

حين تكون هذه المعاني موجودةٌ في هذه العلاقات فإنّ هذا علامة على رقي هذا المجتمع، وسبيلٌ إلى صلاحه، سبيلٌ إلى نجاحه، سبيلٌ إلى إزاحةِ الصخور عنه ..

وكم هي الصخور التي أثقلتنا يا أيها الأحباب؟!

هذه صخرة سدّت باب غار، فلم تنزاح إلاّ بعملٍ صالح..                                                   

فكم هي صخورُ الهمّ والغمّ التي هبطت على قلوبنا ؟

كم هي صخورُ اليأس والإحباط التي سدّت الأفق أمامنا ؟

كم هي صخورُ الذلّةُ والمهانة والمصائب والشدائد التي أثقلت كواهلنا ؟

صخور ما أكثرها، صخور الإنحراف ، صخور المنكر ، 

صخور العبوديه لغير الله، صخور الضيق الذي يمر بأمتنا، صخور الفقر ، صخور الغلاء، صخور الامراض والأوبئة النازلة، صخور المعاصي والسيئات والشهوات التى أذلت النفوس ونكست الرؤوس وهانت الشخصيات ..

صخور .! صخور .! صخور تقف أمامنا ونحتاج أن نزيحها عن طريقنا لنسير إلى اللهِ سبحانه وتعالى.

ولن تنزاح هذه الصخور إلاّ بأعمالٍ صالحة ..

لن تنزاح إلاّ بصدقٍ وإخلاصٍ لله سبحانه وتعالى ..

نعم / انظروا أيها الأحباب : 

صخرةٌ واحدة احتاجت إلى هذه الأعمال كلّها لأجلِ أن تنزاح وكل عملٍ من هذه الأعمال قد لا يطيقه ..

معظمُ النّاس من عظمته ومن جلالة قدره، برًّا لوالدين، وعفافٌ وصيانة، وصدقٌ وأمانة، احتاجت صخرة واحدة لكل هذه الأعمال حتى تنزاح عن طريق هؤلاءِ الثلاثة.

فكم نحتاج أيها الأحباب لإزالة العقبات التي أمامنا، لإزالةِ الصخور التي تملأ طريقنا ..

كم تحتاج مجتمعاتنا إلى مثل هذه الأعمال الصالحة التي يمثلها أفرادنا.

نحتاج إلى الكثير والكثير والكثير منها، والله سبحانه وتعالى لا يُضيعُ أجر من أحسنَ عملاً.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية :

أما بعد أيها الأحباب الكرام :                 

هؤلاءِ الثلاثةُ نفر كانت نجاتهم بهذه الأعمال الصالحة، وهكذا العمل الصالح نجاةٌ للإنسان، يقول صلى الله عليه وسلم : 

“ إنّ صنائع المعروف تقي مصارع السوء ”..

صنائع المعروف والبرِّ والإحسان إلى النّاس، 

هذه الأعمال تقي صاحبها من مصارع السوء، 

تقيه من مواطن الهلكات، تقيه من المصائب والنكبات ويدفعُ اللهُ سبحانه وتعالى عنه بها كثيراً من الشرور ..

ولكن ليست أيُّ أعمال، انّما المقصود والأهم الأعمالُ الخالصة ..

الأعمالُ التي لا يُرادُ بها إلاّ وجهُ الله ..

الأعمالُ التي لا يُرادُ به السمعة ولا المنصب ولا الجاه ولا المال ..

الاعمالُ التي لا يُرادُ منها حبُّ الظهور والشهرة ..

الاعمالُ التي لا يُراد منها ان يُشار لاصحابها بالبنان .

انّما هي الأعمالُ التي لا يُقصد بها إلاّ وجه ذي الجلال سبحانه وتعالى .

( فمن كان يرجوا لقاءَ ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يُشركْ بعبادةِ ربه أحداً )

والدليلُ على ذلك أنّ هؤلاء الثلاثةُ النّفر كلُ واحدٍ منهم يقول :

“ اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك ”

هذا هو الشرط الأساسي ( إبتغاء وجهك ) !!

هذا هو سرُّ صلاح العمل وشرطُ قبوله ..

هذا هو الذي يجعل للعملِ فاعلية وأثراً في حياة الإنسان، أن يكون هذا العمل معمولاً لوجهِ الله سبحانه وتعالى .

والدليل كذلك ايضاً انّ كل واحدٍ من هؤلاء الثلاثة واضح من سياقِ الحديث أنّه لم يذكر هذا العمل قبل ذلك ..

لم يذكره لأحدٍ من الناس، ولم يتحدث به في مجالسِ الناس ..

بل جعل هذا العمل سرّاً بينه وبين الله، جعله مدخراً بينه وبين الله..

خبيئةٌ اختبأها وادخرها لمثل هذا الموقف..

خبيئةٌ اختزنها لكي يستخدمها ويخرجها في وقتِ حاجته وفي وقتِ كربته ومصيبته.

كحالِ النّاس مع أموالهم ..                   

تجد الإنسان يجمعُ المال ويخبئُ المال، وربما يجعل له رصيدٌ في البنك يخفيه عن النّاس لا يعلم به أحد ، يدخره لوقت الحاجة، يدخره لوقت المصيبة، يدخره لأي شيء، وربما قد يلمّ به في حياته، فإذا جاءت الحاجة استخرج هذا المال من هذا الرصيد واستخدمه.

وربما يموتُ الإنسان فلا تعرف هذه الأرصدة 

إلاّ بعد وفاته ..

هكذا ينبغي أن يكون العملُ الصالح ، أن يكون سرًّا بينا وبين الله ..

يقول صلى الله عليه وسلم واحفظوا هذا الكلام النبوي جيداً :

“ من استطاعَ منكم أن يكون له خَبِءٌ من عملٍ صالحٍ فليفعل “ .

من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عملٍ صالح 

أن يجعل شيئاً بينه وبين الله ..!

خبيئة يخبئها وذخراً يدخره لا يعلمه إلاّ الله سبحانه وتعالى.

اجعل لك رصيداً عند الله ..                  

لا تكن من المفلسين عند الله ..

لا تكن من أصحابِ الأرصدة في البنوكِ ومن المفلسين بين يدي الله سبحانه وتعالى ..

بل اجعل بينك وبينه سبحانه وتعالى رصيدًا مستمرًّا لا ينقطع :

قيامٌ بالليلِ لا يعرفه احد، صيامٌ بالنهار لا يعلمه مخلوق، كفالةٌ لأسرةٍ فقيرةٍ لا يطّلع عليه بشر

إعانةٌ لمسكين ،إغاثةٌ لملهوف، إطعامٌ لجائع

نجدةٌ لمكروب ، إنقاذٌ لمديونٍ او مأزوم، نصرةٌ لمظلوم ، بناء بيت لابن السبيل ، حفر بئر ليشرب منه الناس ، تلاوةٌ للقرآن، ذكرٌ وتسبيحٌ واستغفار،

همٌّ وعملٌ للإسلامـ والدين.

اجعل بينك وبين الله سبحانه وتعالى شيئاً من هذه الأعمال.

وكم من النّاسِ من إذا نزلت به مصيبةٌ او كربٌ او شدةٌ او محنة، وأراد أن يستحضر شيئاً من هذه الأعمال فلا يجدُ عملاً خالصاً واحداً..

يُقلبُ في صفحاتِ عمره ويبحث في سجلِ حياته فلا يجد شيئاً ..

يقلبُ في ذكرياته فلا يستحضر عملاً خالصاً لله سبحانه وتعالى ..

وبماذا اذاً سيتوسل إلى الله عند كربته ؟ 

بماذا سيلتجأ إلى الله عند مصيبته ؟ 

بماذا سيدعو الله سبحانه وتعالى وهو ليس بينه وبين الله تعالى شيء.

قال بعض السلف : 

كان السلف رحمهم الله يستحبون أن يجعل الرجل له خبيئةٌ من عمل بينه وبين الله لا يعلم بها أحد لا زوجته ولا غيرها ..حتى زوجته لا تعلم بهذا العمل.

امّا اليوم فالبعض يُسمعُ القاصي والداني ويعلن لمن يعرف ومن لا يعرف بما صنع من معروفٍ وبما أسدى من جميل وبما قدم من صنيع ..

فهذا داود بن أبي هند رحمه الله كان ممّن يصوم باستمرار ، مكث على هذا أربعين عامًا لا يعلم به أحد حتى أهله؛ كان يخرج في الصباح ويذهب إلى دكانه ومعه طعامه في الطريق يتصدق بالطعام، ثم يرجع في الليل ويتعشى مع أهله وهم يظنون أنه كان مفطرًا ولم يعلموا بصيامه كل هذه المدة.

فقلِّبْ يا أيها الأخُ الحبيب..

 قَلِّب في صحائفِ الأعمال.. 

وانظر .... هل فيها مثلُ هذا الزادِ العظيم .!

وهل فيها مثلُ هذا الرصيدِ الذي نحتاجه في الدنيا وسنحتاجه في قبورنا .. وسنحتاجه يوم القيامة ..وسنحتاجه يوم نشورنا ..

ويوم وقوفنا بين يدي الله سبحانه وتعالى.

اللهم وفقنا لطاعتك، وجنبنا معصيتك ..

اللهــم احرمنا لذة معصيتك وحببنا للذة طاعتك وعبادتك والقرب منك ..

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأجعلنا من الراشدين.

 


(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....

 

المشاهدات 657 | التعليقات 0