تَيْسِيرُ فِقْهِ الحَجَّ (وَتَوْجِهَاتٌ لِلْحُجَّاجِ) ذِي الحِجَّةِ 1445هـ
محمد بن مبارك الشرافي
الحمدُ للهِ الذي علَّمَ بالقلمِ علَّمَ الإنسانَ ما لم يَعْلَمْ, الحَمْدُ للهِ بَعَثَ فِينَا رسُولاً مِنَّا يُعَلِمُنَا الكتابَ والحكمةَ ويهدِيْنَا إلى صراطٍ مستقيمٍ, أَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أنَّ مٌحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيمَا كثَيرًا .
أما بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ, وتَعَلَّمُوا مِنَ العِلْمِ ما تَعْرِفُونَ بِهِ الأَعْمَالَ التِي تَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى ربِّكُمْ, واعْلَمُوا أَنَّهُ لازِمٌ على كِلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَتَعَلَّمَ من الدِّينِ ما يُقِيمُ بِهِ عبادتَهُ, وَيُصَحِّحُ بِهِ أَعْمَالَه, ولا عُذْرَ لَهُ في ذلِكَ معَ إِمْكِانِ تَعَلُّمِهِ بِوُجُودِهِ في بِلادِ العِلْمِ وَبِالقُرْبِ مِنَ العُلماء.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ الحَجُّ قَدْ فُرِضَ في السَّنِةِ التاسِعِةِ من الهِجْرةِ على الصحيحِ مِنْ أَقْوالِ أَهْلِ العِلْمِ, وَمَعَ ذلكَ فَتَأَخَّرَ حَجُّ النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السَّنِةِ العَاشِرَةِ, مَعَ أَنَّ الحَجَّ واجِبٌ على الفَوْرِ إِلا أَنَّهُ تَأَخَّرَ! وكانَ مِنَ الحِكَمِ لهَذَا التَّأَخُّرِ: أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ بِحَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُرَافِقُوهُ لِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ, قالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّه رضي الله عنهما: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَيُّهَا المُسْلِمُون: اعْلَمُوا أَنَّ لِلْحَجِّ ثَلاثَ صِفَاتٍ, يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ الإنْسَانُ حَجَّهُ بِإِحْدَاَها, وهِيَ التَّمَتُعُ والقِرَانُ والإِفْرادُ, والإِنْسَانُ مُخَيَّرٌ مِنْ حَيْثُ العمومُ بَيْنَهَا, إِلا أَنَّ الأَفْضَلَ والأَكْمَلَ هُوَ التَّمَتُّعُ.
وصِفَاتُهَا باختِصارٍ كما يَلِي: أَمَّا التَّمَتُعُ فهو أَنْ يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ بِعُمْرَةٍ مُسْتَقِلِّةٍ من الِميقَاتِ, ويَحِلَّ مِنْهَا ثُمَّ يُحْرِمَ بِالحَجِّ بِشَرْطِ أَنْ لا يُسَافِرَ بَيْنَهُمَا إلى بَلَدِهِ, وأَمَّا القِرَانُ فُهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ والحَجِّ مَعًا مِنَ المِيقَاتِ, فَيَقُولَ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجًّا, أَوْ يُحْرِمَ بِالعُمْرَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الحَجُّ, وقَدْ يَضْطَرُّ الإنسانُ إلى ذلِكَ, كَمَا لَوْ أَحْرَمَتِ امْرَأَةٌ بالعُمْرَةِ لِتَتَمَتَّعَ ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهَا الحَيْضُ وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَنْ تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا قَبْلَ فَوَاتِ الحَجِّ, فَهُنَا تُدْخِلُ الحَجَّ عَلَى العُمْرَةِ فَتَكُونَ قَارِنَةً. وَأَمَّا الإِفْرَادُ: فَأَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمِيقَاتِ بِالحَجِّ مُفْرَدًا.
ومِنَ الفُرُوقِ بَيْنَ هَذِهِ الأَنْسَاكِ: أَنَّ المُتَمَتِّعَ يَطُوفُ لِلعُمْرَةِ وَيَسْعَى لها, وهَذَانِ رُكْنَانِ لابُدَّ مِنْهُمَا, وأَمَّا القَارِنُ والْمُفْرِدُ فالطَّوَافُ الأَوَّلُ طَوَافُ قُدُومٍ, وهُوَ سُنَّةٌ ولَيْسَ وَاجِبًا, وَأمَّا السَّعْيُ بَعدَهُ فَهُوَ سَعْيُ حَجٍّ ! فَالقَارِنُ والْمُفْرِدُ إِذَا قَدِمَا مَكَّةَ فِإِنَّ الأَفْضَلَ في حَقِّهِمَا أَنْ يَطُوفَا بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ, وهَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ, ثُمَّ إِذَا قَضَيَا الطَّوَافَ فَهُمَا بِالخِيَارِ: إِنْ أَرَادَا سَعْيَا بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ, وهَذَا السَّعْيُ يُجْزِئُهُمَا عنِ الحَجِّ والعُمْرَةِ, لِقَوْلِ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا وقَدْ كَاَنِتْ قَاِرَنةً (طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نُنِبِّهَ: أَنَّ القَارِنَ أو المُفْرِدَ إِنْ لَمْ يَطُفْ طَوَافَ القُدُومِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ سَعْىَ الحَجِّ, لأَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّقْدِيمِ أَنْ يَسْبِقَ الطوافُ السعيَ, فَيطُوفُ أولًا للْقُدُومِ ثمَّ يَسْعَى سَعْيَ الحَجِّ.
أَيُّهَا الإخْوَةُ: إِنَّ لكِلٍّ مِنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ أَرْكَانٌ وَوَاجِبَاتٌ, وكُلُّهَا لازِمَةٌ لابُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الِإْنسَانُ, فَلا يُخَيَّرُ الإِنْسَانُ بَيْنَ الإتْيَانِ بِهَا أوْ تَرْكِهَا, خِلافًا لِمَا يَعْتِقُدُهُ بَعْضُ النَّاسِ لا سِيَّمَا فِي الوَاجِبَاتِ.
فَأَمَّا أَرْكَانُ العُمْرَةِ فَثَلاثُةٌ, وَهِيَ: الإِحْرَامُ والطَّوَافُ بالبيتِ والسعْيُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ, وَأَمَّا وَاجِبَاتُهَا فاثْنَانِ هُمَا: الإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهَا, والحَلْقُ أَو التَّقْصيرُ مِنْ شَعْرِ الرَأْسِ.
وأَمَّا الحجُّ فَإِنَّ أَرْكَانَهُ أَرْبَعَةٌ وهيَ: الإحْرامُ والوُقوفُ بِعَرَفِةَ والطوافُ بالبيتِ, والسعيُ بينَ الصفَا والمروةِ.
وأمَّا واجِبَاتُهُ فَسَبْعَةٌ هيَ: الإِحْرامُ مِنَ المِيقَاتِ المُعْتَبَرِ لَهُ والوقوفُ بِعَرَفَةَ إِلى الغروبِ والمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ والمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَرَمِيُ الجِمِارِ وِالحَلْقُ أوْ التَّقْصِيرُ وطوافُ الوَداعِ.
والفَرْقُ بَيْنَ الأركَانِ والوَاجِبَاتِ: أَنَّ الرُّكْنَ لابُدَّ مِنْ الإِتْيَانِ بِهِ ولا يَتِمُّ النُّسُكُ إلا بِهِ ولا يُجْبَرُ بِدَمٍ, وأَمَّا الواجبٌ فإنّهُ إِنْ تَرَكَهُ الإِنسانُ يَجْبُرْهُ بِدَمٍ, قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا.
أَيَّهَا الإِخْوَةُ: اعْلَمُوا أَنَّ الإِحْرَامَ هُوَ عَقْدُ النِّيَّةِ لِلدُّخُولِ فِي النُّسُكِ, وَمَحَلُّ النِّيَّةِ القَلْبُ, ويَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي المِيْقَاتِ الذِّي يَمُرُ بِهِ الإِنسانُ, ولا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ قَبْلَ أنْ يُحْرِمَ, فإِنْ نَسِيَ وتَعَدَّاهُ فالواجبُ أَنْ يَرْجِعَ لِيُحْرِمَ مِنْهُ فإنْ لم يَرْجِعْ وأَحْرَمَ مِنْ مَكَانِهِ لَزِمَهُ دَمٌ لِتَرْكِ الواجبِ, وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَسْكَنُهُ بَعْدَ المَوَاقيتِ, فإنَّهُ يُحْرِمُ للحَجِّ والعُمْرِةِ مِنْ مَكَانِهِ, وأَمَّا أَهْلُ مَكَةَ فِإِنَّهم يُحْرِمُونَ للحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وأمَّا العُمْرةُ فيُحْرِمُونَ بِهَا مِنْ خَارجِ الحِلِّ كالتَّنْعِيمِ أو عَرَفَةَ أو غيرِها, وليسَ بلازمٍ أن يُحْرِمُوا منَ التَّنْعيمِ مِنْ مَسْجِدِ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عَنْهَا, بلْ من أيِّ مَكَانٍ الحَرَمِ.
ثُمَّ اعلَمُوا: أَنَّ المَوَاقِيتَ قَدْ حَدَّدَهَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لكِلِّ جِهِةٍ منَ الجِهاتِ حَوْلَ الحَرَمِ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْه. فمنْ مرَّ بِهَذِهِ المَوَاقيتِ أو مرَّ بِمُحَاذَاتِهَا بَرًّا أَوْ بَحْرًا أَوْ جَوًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْقِدَ نِيَةَ الإِحْرَامِ بِمَا يُرِيدُ مِنْ حَجٍ أَوْ عُمْرةٍ, وأَمَّا مَنْ مَرَّ بِهَا وهُوَ لا يُرِيدُ حَجًّا ولا عُمْرةً لمْ يَلْزَمْهُ, ثُمَّ إِنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِيَّةٌ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِ حَيْثُ عَقَدَ النِّيَّةَ, ولا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعودَ لِلِمَوَاقِيتِ. أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ.
أمَّا بعدُ: فَإِنَّهُ مِنْ عِظَمِ شَأْنِ الإِحْرَامِ مَنَعَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ على المُحْرِمِ أُمُورًا مُعَيَّنَةً, تُسَمَّى مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ, فلا يَجوزُ للإِنسان ِفِعْلُهَا حَالَ إِحْرَامِهِ, وهيَ كَمَا يَلِي (أَوْلًا) حَلْقُ شَعرِ الرَأْسِ وأَلْحَقَ بِهِ العُلَمَاءُ شَعْرَ بَقِيَّةِ البَدَنِ. (ثَانِيًا) قَصُّ الأَظَافِرِ منَ اليَدَيْنِ أوْ الرِّجْلَيْنِ. (ثَالِثًا) تَغْطِيَةُ الرَّجُلِ رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ كالعِمَامَةِ والغُتْرَةِ والطَّاقِيَّةِ. (رَابِعًا) لُبْسُ الرَّجُلِ الثِّيَابِ المعْتَادَةِ, وَهُوَ مَا يُسَمِّيهِ بَعْضُ العُلَمَاءِ : المَخِيْطَ, وَهُوَ: مَا كانَ مُفَصَّلًا علَى هَيْئَةِ البَدَنِ كالْقَمِيصِ والسَّرَاوِيلِ والقُفَّازَيْنِ, ولَيْسَ المَعْنَى هوَ كلُّ مَا فيهِ خِيَاطَةٌ فإِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ, وعَلَيْهِ فَيَجُوزُ للمُحْرِمِ لُبْسُ السَّاعَةِ التي سَيْرُهَا فيهِ خِيَاطَةٌ ولُبْسِ الْكَمَرِ وهُوَ الحِزَامُ وفيهِ خِيَاطَةٌ. (خَامِسًا) لُبْسُ المَرْأَةِ للنِّقَابِ أَوِ البُرْقُعِ أَوِ القُفَّازَيْنِ. (سَادِسًا) اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ بَعْدَ الإِحْرَامِ في البَدَنِ أو الثِّيَابِ, وأمَّا قَبْلَ الإِحْرَامِ فَهُوَ سُنَّةٌ في البِدَنِ (سَابِعًا) مُبَاشَرَةُ الزَّوْجَةِ بِشَهْوَةٍ, سَوَاءٌ بِتَقْبِيلٍ أو لَمْسٍ أَو ضَمٍ. (ثَامِنًا) الجِمَاعُ في الفَرْجِ, ولَهُ حَالانِ (الأُولَى) إِذَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أُمُورٍ: الإِثْمُ وفَسَادُ النُّسُكِ وَوُجُوبُ الـمُضِيِّ فِيهِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ فِي العَامِ القَادِمِ, وَفِديْةٌ وهِيَ : بَدَنَةٌ يَنْحَرُهَا ويُوَزِّعُهَا عَلَى فُقَرَاءِ الحَرَمِ! (الثَّانِيَةُ) إِذَا حَصَلَ الجِمَاعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ، أَوْ كَانَ الجِمَاعُ في العُمْرَةِ, فِإِنَّهُ لا يُبْطُلُ نُسُكَهُ لَكِنْ عَلَيْهِ: فِدْيَةُ الأَذَى, فَيُخَيَّرُ بَيْنَ: ذَبْحِ شَاةٍ, أَوْ طَعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نُصْفُ صَاعٍ، أَوْ صِيَامِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ, والـمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ في الفِدْيَةِ إِذَا كَانَتْ مُطَاوِعَةً. (تَاسِعًا) عَقْدُ النِّكَاحِ: سَوَاءٌ كَانَ المُحْرِمُ الزَّوْجَ أو الزَّوْجَةَ أَو الوَلِيَّ فِإِنْ حَصَلَ فَإِنَّهُ القَعْدَ فَاسِدٌ لا تَحِلُّ بِهِ المَرْأَةُ ، ولَكِنْ لَيْسَ فِيهِ فِدْيَةٌ عَلَى هَذَا المَحْظُورِ. (عَاشِرًا) قَتْلُ الصَّيْدِ: وهُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ بَرِيٍّ حَلالٍ مُتَوَحِّشٍ أَصْلًا كَالظِّبَاءِ والأَرَانِبِ والحَمَامِ, فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ أَو الدِّلالَةُ عَلَيْهِ أَو الإِعَانَةُ عَلَى قَتْلِهِ أَو إِفْسَادُ بَيْضِهِ.
فِإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ نَاسِيًا أَو جَاهِلًا أَو مُكْرَهًا فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، لا إِثْمَ ولا فِدْيَةَ وَلا فَسَادَ نُسُكٍ, لِعُمُومِ قَولِ اللهِ تعالَى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
أَيُّهَا المُسْلِمُون: هَنَا وَصَايَا يَنْبَغِي العَمَلُ بِهَا, وَلَا سِيَّمَا مِنَ الْحُجَّاجِ. (أَوَّلًا) يَنْبَغِي التَّقَيُّدُ بِسُبُلِ الوِقَايَةِ الَّتِي حَدَّدَتْهَا وَزَارَةُ الصِّحَّةِ, حَفَاظًا عَلَى صِحَّةِ الحُجَّاجِ وَحَيَاتِهِمْ, كَشُرْبِ الماءِ وَحَمْلِ المظَلَّةِ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الشَّمْسِ, وَارْتِدَاءِ الكَمَّامَةِ لِلْرِجَالِ فِي أَمَاكِنِ الزِّحَامِ. (ثَانِيًا) يَنْبَغِي الاهْتِمَامُ بِالنَّظَافَةِ الشَّخْصِيَّةِ, كَنَظَافَةِ البَدَنِ وَالثِّيَابِ وَالمكَانَ, فَمِنْ أَخَلَاقِ وَصِفَاتِ المسْلِمِ النَّظَافَةُ وَالتَّجَمُّلُ, وَرَمْيُ النِّفَايَاتِ فِي أَمَاكِنِهَا المخَصَّصَةِ. (ثَالِثًا) يَنْبَغِي لِلْحُجَّاجِ الكِرَامِ اتْبَاعُ إِرْشَادَاتِ السَّلَامَةِ مِنْ تَجَنُّبِ الزِّحَامِ وَعَدَمِ التَّدَافُعِ, وَالحَذَرِ مِنْ تَسَلُّقِ المرْتَفَعَاتِ الَّتِي قَدْ تُؤَدِّي لِلْأَضْرَارِ. اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِلْحُجَّاجِ حَجَّهم وَسَهِّلْ أُمُورَهَمْ وَاقْبَلْ أَعْمَالَهُمْ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا, وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ, اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُم وأَعْوَانَهَم, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الـُمسْلِمِينَ في كُلِّ مَكَانٍ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَاحِمِينَ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات
1717509255_تَيْسِيرِ فِقْهِ الحَجَّ (وَتَوْجِهَاتٌ لِلْحُجَّاجِ) ذِي الحِجَّةِ 1445هـ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق