تولي اللهِ للعبدِ-26-1-1443-مستفادة من خطبة الشيخ سالم بن محمد الغيلي
محمد بن سامر
تولي اللهِ للعبدِ-26-1-1443-مستفادة من خطبة الشيخ سالم بن محمد الغيلي
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد: فيا إخواني الكرام:
أما بعدُ: فهذه صفاتٌ ملازمةٌ للإنسانِ مهما كان غناه، أو عافيتُه أو علمُه أو فصاحتُه، فهو ضعيفٌ "وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا"، وهو عجولٌ "وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا"، وأكثرُ ما فيه الجدالُ "وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا"، وهو خائفٌ "إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا"، وهو دائمًا فقيرٌ إلى اللهِ، محتاجٌ إلى اللهِ، مضطرٌ إلى اللهِ-مهما علا شأنُه وسلطانُه-فقيرٌ إلى اللهِ في كلِ نَفَسٍ، في كلِ نبضةٍ قَلْبٍ، في كلِ طرفةِ عينٍ، في كلِ حركةٍ في كلِ سكنةٍ، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"، نحنُ محتاجون إلى اللهِ في حياتِنا و دنيانا وآخرتِنا، ومن حاولَ أن يستغنيَ عن الله لن يستطيعَ، استغنى فرعونُ عن اللهِ بمُلكِ مِصرَ والأنهارِ تجري من تحتِه، فأغرقَه اللهُ مع جنودِه في البحرِ، واستغنى النَمرودُ عن اللهِ فأرسلَ اللهِ إليه بعوضةً دخلتْ في رأسِه، فكان يُضرب بالنعالِ على رأسِه حتى تهدأَ البعوضةُ حتى ماتَ، واستغنى قارونُ بكنوزِه فخسفَ اللهُ به وبدارِه الأرضَ.
وهكذا تمضي سننُ اللهِ، ولا تقفُ أبدًا، وأنا أعوذُ وأعيذُ المسلمينَ باللهِ أن يتخلى اللهُ عنا، أو يكلَنا إلى أعمالِنا وحولِنا وقِوتنا وأنفسِنا طرفةَ عينٍ.
يجب أنْ يسعى المسلمُ جاهدًا أن يتولاه اللهُ، أنْ يكونَ اللهُ وليَه في كلِ شؤونِ حياتِه، فإذا تولى اللهُ العبدَ فلا تسلْ عن سعادتِه وفلاحِه وفوزِه وتوفيقِه وتسديدِه، لكن مِن أينَ نجلبُ ولايةَ اللهَ لنا؟ من أين نأتي بها؟ من أين نشتريها؟
إنها لا تُباع ولا تُشترى، إنَّ ولايةَ اللهِ لي ولك وللجميعِ نحصلُ عليها بأمورٍ يسيرةٍ سهلةٍ، يستطيعُها كلُ الناسِ، منها:
1-الإيمانُ باللهِ: أن تكونَ مصدقًا بما جاءَ عنِ اللهِ وعنْ رسولِه-صلى اللهُ عليه وآلِه وسلم-.
2-تقوى اللهِ: فما أفلحَ إلا المتقونَ، وما نجى إلا هم، لا تتفلتْ على أوامرِ اللهِ، لا تتمردْ على شرعِه، لا تغترَ بدنياك وما جمعتَ فيها، فقدْ يكونُ تمردُك سببَ ذهابِها في طرفةِ عينٍ.
3-العملُ الصالحُ: اعملْ من الصالحاتِ الـمُنجياتِ الباقياتِ، انظرْ كم تعملُ لدنياك، وكم تَجِدُّ في طلبِها وهي فانيةٌ، فاعملْ لآخرتِك واغرسْ غرسَها فهي الباقيةُ.
4-المداومةُ: داومْ واستمرْ، لا تنقطعْ، لا تَفْتُرْ، لا تُزكِ نفسَك، لا تُعجبْ، لا تَغْفَلْ، لا تتكبرْ، داومْ على أيِّ عملٍ صالحٍ تعملُه، واثبتْ عليهِ، فقدْ كانَ عملُ النبيِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلم-دائمًا، يقولُ: "أحبُ الأعمالِ الصالحةِ إلى اللهِ أدومُها وإنْ قلَّ".
5-طهارةُ القلبِ: "إنَّ اللهَ يحبُ التوابين ويحبُ المتطهرين"، طهرْ قلبَكَ تعشْ سعيدًا، وتسلمْ حسناتُك، ويَكْمُلْ إيمانُك، وتُرضي ربَّك، طهرْ قلبَك من الشركِ والرياءِ والسُمعةِ، والعُجبِ والكبرِ، والنفاقِ والشقاقِ، طهرْ قلبَك على الناسِ من الغشِ والحسدِ، والحقدِ والكُرهِ، طهرْ جوارحَك: نظرَك، سمعَك، طهرْ بيتَك، كن طاهرًا يحبُك اللهُ ويتولاك.
أعمالٌ سهلةٌ يسيرةٌ، ييسرُها اللهُ على أهلِ الايمانِ والصدقِ المحبينَ للهِ ورسولِه-صلى اللهُ عليه وآلِه وسلم-فإذا فعلتْها فأبشرْ واطمئنْ سيتولى اللهُ أمورَك كلَّها: يدبرُها ييسرُها يهونُها يباركُ فيها يسددُها، يهديك يُقوِّيك يدافعُ عنك يحميك يُذهبُ خوفَك وحُزنَك.
اللهم تولَنا والمسلمينَ في الدنيا والآخرةِ، وثبتْ القلوبَ على دينِك.
أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فإذا تولاك اللهُ هداكَ للحقِ، وأخرجَك من ظلماتِ الكفرِ والمعاصي إلى نور الإيمانِ والطاعاتِ، "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".
يهديك للعملِ الصالحِ، ويسددُك، ويحببُه إليك ويعينك على فعلِه، "منْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا".
إذا تولاك اللهُ دافعَ عنك ضدَّ الحاقدين والحاسدين والماكرين، "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا"، "من عادى لي وليًا فقد آذنتْه بالحربِ".
إذا تولاك اللهُ جمعَ قلبَك عليه، وعلى توحيدِه واللجوءِ إليه في الرخاءِ والشدةِ، وأحبَّك، واستجابَ دعاءَك، وأعطاك سؤالَك، "وإنْ سألني لأُعْطِيَنَّه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَ بي لأُعِيذَنَّه".
إذا تولاك اللهُ رفعَ عنك الخوفَ والحُزْنَ وأمَّنك أمانًا لا تخافُ بعده على نفسِك وأهلِك ومالِك، "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ-منهم-الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ*لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ".
إذا تولاك اللهُ أتتكَ الملائكةُ عند الموتِ تقولُ لك: "لا تخفْ مما أمامَك، ولا تحزنْ على ما خلفَك، وأبشرْ بالجنةِ، "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ*نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ...".
إذا تولاك اللهُ أتاك عملُك في قبرِك على هيأةِ رجلٍ ثيابُه جميلةٌ، ورائحتُه طيبةٌ يقولُ لك: أبشرْ بالذي يَسرُك هذا يومُك الذي كنت تُوعدُ.
إذا تولاك اللهُ رحمَك يومَ القيامةِ فلا راحمَ إلا هو، ولا مُنقذَ إلا هو، فإنَّ للهِ مئةَ رحمةٍ، أنزلَ منها رحمةً واحدةً في الدنيا، وأبقى تسعًا وتسعينَ رحمةً لأوليائهِ يومَ القيامةِ.
يا حيُ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، أسألكَ بأسمائِك الحسنى، وصفاتِك العلى، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّي أسألك لي وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيلُ لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ والظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، اللهُمَّ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1630657168_تولي اللهِ للعبدِ-26-1-1443-مستفادة من خطبة الشيخ سالم بن محمد الغيلي.docx
1630657170_تولي اللهِ للعبدِ-26-1-1443-مستفادة من خطبة الشيخ سالم بن محمد الغيلي.pdf
المشاهدات 657 | التعليقات 2
جزاك الله والمسلمين خيرا
m93 m93
جعلها الله فى ميزان حسناتك
تعديل التعليق