تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ 17 رَجَب 1438 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1438/07/15 - 2017/04/12 18:30PM
تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ 17 رَجَب 1438 هـ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيه , الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لَنَا مَا نُطَهِّرُ بِهِ بَوَاطِنَنَا وَظَوَاهِرَنَا , وَخَصَّنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيل , وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورسُولُهُ , صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ , وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَتَعَلَّمُوا مِنَ الْعِلْمِ مَا تُطِيعُونَ بِهِ رَبَّكُمْ وَتُقِيمُونَ بِهِ عِبَادَاتِكُمْ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ خُطْبَتَنَا الْيَوْمَ عَنْ عِبَادَةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ , وَفَرِيضَةٍ مِنَ الْفَرَائِضِ , إِنَّهَا عِبَادَةٌ فَصَّلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ , وَتَوَّلَى سُبْحَانَهُ بَيَانَ صِفَتِهَا , إِنَّهَا عِبَادَةٌ جَعَلَهَا اللهُ سَبَبَاً لِتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ , لا تَصِحُّ الصَّلاةُ إِلا بِهَا , إِنَّهَا عِبَادَةُ الوُضُوء !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الوُضُوءَ لَهُ فَضِائِلُ كَثِيرَةٌ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه , وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ الْمُسْلِمُ أَو المُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ) رَوَاهُ مُسْلِم.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ الْوُضُوءَ عَمَلِيَّاً, وَهَكَذَا فَعَلَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنَهُمْ بَعْدَه , فَعَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ , فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ , فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ, ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا, ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ, ثُمَّ غَسَلَ كِلْتَا رِجْلَيْهِ ثَلاثًا , ثُمَّ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا وَقَالَ ( مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَوَضَّأَ فَإِنَّكَ تَنْوِي أَوَّلاً - وَالنِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالتَّلَفُّظُ بِهَا بِدْعَةٌ - ثُمَّ تَقُولُ : بِسْمِ اللهِ , وَالتَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا , فَإِنْ نَسِيتَ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ تَذْكُرْهَا إِلا بَعْدَ انْتِهَاءِ الوُضُوءِ فَلا شَيْءَ عَلَيْكَ , وَوُضُوءُكَ صَحِيحٌ , لأَنَّهَا سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا , وَإِنْ ذَكَرْتَهَا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّكَ تَقُولُهَا وَتَسْتَمِرُّ فِي وُضُوئِكَ , كَمَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهَا إِلا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ فَإِنَّكَ تَقُولُ : بِسْمِ اللهِ , وَتُوَاصِلُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ .
وَبَعْدَ التَّسْمِيَةِ تَغْسِلُ كَفَّيْكَ , وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ سُنَّةٌ إِلا إِذَا كُنْتَ مُسْتَيْقِظَاً مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ قَبْلَ أَنْ تَغْمِسَ يَدَكَ فِي إِنَاءِ الْوُضُوءِ , فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَتَوَضَّأُ مِنَ الصُّنْبُورِ فَالأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ كَفَّيْهِ ثَلاثَاً أَيْضَا لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي اَلإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثًا فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ثُمَّ تَتَمَضْمَضُ وَتَسْتَنْشِقُ , وَالسُّنَّةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَكُونَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ , بِمَعْنَى : أَنْ تَأْخُذَ غَرْفَةً وَاحِدَةً وَتَجْعَلَ بَعْضَهَا لِفَمِكَ تَتَمَضْمَضُ بِهِ , وَبَعْضَهَا لأَنْفِكَ فَتَسْتَنْشِقُ , هَكَذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ غَرْفَةً لِلْفَمِ وَغَرْفَةً أُخْرَى لِلأَنْفِ لَكَانَ وُضُوؤُكَ صَحِيحَاً , لَكِنَّهُ خَلافُ الأَفْضَلِ وَالأَكْمَلِ . ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ أَنْ تُدْخِلَ الْمَاءَ دَاخِلَ الْفَمِ وَدَاخِلَ الأَنْفِ خَلافَاً لِبَعْضِ النَّاسِ حَيْثُ يَغْسِلُونَ ظَوَاهِرَ أَفْوَاهِهِمْ وَظَوَاهِرَ أُنُوفِهِمْ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ أَتَوْا بِالْوَاجِبِ , وَهَذَا خَطَأٌ مُبْطِلٌ لِلْوُضُوءِ , فَلابُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَاءِ لِلْفَمِ وَالأَنْفِ , بِلْ إِنَّ السُّنَّةَ الْمُبَالَغَةُ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا إِذَا كُنْتَ صَائِمَاً , فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , وَخَلِّلْ بَيْنَ اَلأَصَابِعِ , وَبَالِغْ فِي اَلاسْتِنْشَاقِ , إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) أَخْرَجَهُ اَلأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة .
ثُمَّ تَغْسِلُ جَمِيعَ وَجْهِكَ , وَحُدُودُ الْوَجْهِ : مِنْ مُنْحَنَى الْجَبْهَةِ إِلَى الذَّقْنِ طُولاً , وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ عَرْضَاً , وَتَحْرِصُ عَلَى تَعْمِيمِهِ كُلِّهِ , ثُمَّ تَغْسِلُ يَدَكَ الْيُمْنَى , وَحُدُودُهَا مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ الْكَفِّ إِلَى الْمِرْفَقِ , وَاجْعَلْ كَفَّكَ الأَيْسَرَ تَدُورُ كَالْمَرْوَحَةِ عَلَى يَدِكَ الْيُمْنَى مِنْ أَجْلِ أَنْ تَتَأَكَّدَ مِنْ تَعْمِيمِهَا بِالْمَاءِ , ثُمَّ تَغْسِلُ الْيَدَ الْيُسْرَى كَذَلِكَ , ثُمَّ احْذَرْ مِنْ خَطَأٍ يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ حَيْثُ يَبْدَؤُونَ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ مِنْ أَوِّلِ الذِّرَاعِ وَيَتْرُكُونَ الْكَفَّ وَالأَصَابِعَ بِحُجَّةِ أَنَّهُم غَسَلُوهَا فِي بِدَايَةِ الوُضُوءِ , وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ !
ثُمَّ امْسَحْ جَمِيعَ شَعْرِكَ وَلا تَقْتَصِرْ عَلَى بَعْضِهِ , وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ : أَنْ تَبُلَّ كَفَّيْكَ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَضَعَهُمَا مَعَاً عَلَى مُقَدِّمَةِ رَأْسِكَ وَتُمِرُّهُمَا عَلَى شَعْرِكَ ذَاهِبَاً إِلَى قَفَاكَ , ثُمَّ تَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الذِي بَدَأَتَ مِنْهُ , ثُمَّ بِنَفْسِ الْبَلَلِ تَمْسَحُ أُذُنَيْكَ , فَتَدْخُلُ إَصْبَعَيْكَ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي صِمَاخِ الأُذُنَيْنِ وَتَمْسَحُ بِالإبْهَامِ خَلْفَ الأُذُنَيْنِ , مَرَّةً وَاحِدَةً , وَلَيْسَ مِنَ الْمَشْرُوعِ مَسْحُ غَضَارِيفِ الأُذُنَيْنِ كَمَّا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ , ثُمَّ اغْسِلْ قَدَمَيْكَ بَادِئَاً بِالْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى , وَاحْرِصْ جِدَّاً عَلَى تَعْمِيمِهِمَا بِالْغَسْلِ وَلا تَتَهَاوَنْ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ حَيْثُ يُدِيرُهُمَا تَحْتَ الصُّنْبُورِ وَلا يَدْرِى هَلْ عَمَّهُمَا الْمَاءُ أَمْ لا , وَاحْرِصْ هُنَا عَلَى تَخْلِيلِ أَصَابِعِ قَدَمَيْكَ لأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا مُتَلاصِقَة , ثُمَّ هِيَ عُرْضَةٌ لِلأَوْسَاخِ لِكَوْنِ الْقَدَمِ قَرِيبَةً مِنَ الأَرْضِ فَتَتَعَرَّضُ لِلأَتْرِبَةِ .
وَبِهَذَا تَكُونُ قَدْ أَتْمَمْتَ وُضُوءَكَ , فَقُلْ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ , وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ .
فَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ , فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ.
وَزَادَ اَلتِّرْمِذِيُّ (اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ)
وَهَذَا فَضْلٌ عَظِيمٌ لِهَذَا الْوُضُوءِ , فَبَعْدَ أَنْ طَهَّرْتَ ظَاهِرَكَ بِالْمَاءِ تَقُولُ هَذَا الدُّعَاءَ لِتُطَهِّرَ بِاطِنَكَ بِالتَّوْحِيدِ !
اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنَا مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ , الْحَلِيمِ الْعَظِيم , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيم , وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ جَاءَتْ الأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنَّ الوُضُوءَ يُشْرَعُ فِي مَوَاضِعَ , فَمِنْهَا : الصَّلاةُ , فَلا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِنا إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ , فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ نَاسِيَاً أَوْ جَاهِلاً فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الصَّلاةَ وَلَوْ ذَكَرَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ , فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدَاً فَلا شَكَّ فِي بُطْلانِ صَلاتِهِ وَلا شَكَّ فِي إِثمِه , بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ بِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِاللهِ لأَنَّهُ كَالْمُسْتَهِزِئِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ أَدَّى الْعِبَادَةَ عَلَى غَيْرِ مَا أَمَرَ اللهُ ! فَلْيَحْذَرْ أُولَئِكَ الشَّبَابُ الذِينَ يَتَهَاوَنُونَ بِالوُضُوءِ لِلصَّلاةِ فَإِنَّهُمْ عَلَى خَطَرٍ عَظِيم !
وَمِنَ الْمَوَاضِعِ التِي يُشْرَعُ لَهَا الْوُضُوءُ : الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ , فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الطَّهَارَةُ عَلَى رَأْيِ أَكَثَرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ , بَلْ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ , وَسَوَاءٌ أَكَانَ الطَّوَافُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْوَدَاعِ أَوْ حَتَّى طَوَافُ نَافِلَةٍ , بِعَكْسِ السَّعْيِ فَإِنَّهُ لا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ , لَكِنَّ السَعْيَ عَلَى طَهَارَةٍ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ الْمَواضِعِ التِي يَجِبُ لَهَا الْوُضُوءُ : مَسُّ الْمُصْحَفِ سَوَاءٌ أَكَانَ يُرِيدُ الْقِرَاءَةَ أَمْ مُجَرَّدَ مَسٍّ , كَمَا لَوْ كَانَ يُنَاوِلُهُ لِغَيْرِهِ , فَلا يَجُوزُ أَنْ يَمَسَّهُ إِلا عَلَى طَهَارَةٍ , وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌ سَوَاءٌ أَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ كَامِلاً أَوْ حَتَّى بَعْضَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ آيَةٌ فِي كِتَابٍ أَوْ جَرِيدَةٍ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى الآيَةِ إِلا إِذَا كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ , تَعْظِيمَاً لِكَلامِ اللهِ القْرَآن, وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فِي الجَوَّالِ فَإِنَّ الجَوَّالَ يَجُوزُ مَسَّهُ بِدُونِ وُضُوءٍ, وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُصْحَفُ ظَاهِراً عَلَى الشَّاشَةِ فَالأَحْوَطُ أَنْ لَا يُحَرِّكَ الشَّاشَةَ إَلا مُتَوَضِّأً, أَوْ يَضَعُ مِنْدِيلاً وَمَا أَشْبَهَهُ لِيُحَرِّكَ الصَّفَحَاتِ.
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ لا يَنَامَ الْمُسْلِمُ إِلا مُتَوَضِّئِاً وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الاسْتِحْبَابِ وَلَيْسَ وَاجِبَاً , وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ فِي فَضْلِ مَنْ نَامَ عَلَى وُضُوءٍ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى أَنْ يَكُونَ دِائِمَاً عَلَى وُضُوءٍ , فَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يُحَافِظُ عَلَى الطَّهُورِ إِلا مُؤْمِنٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً وَرِزْقَاً حَلالاَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا , وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ , اللَّهُمَّ كُنْ لإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ تُغْنِيهِمْ بِهَا عَمَّنْ سِوَاكَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ آذَاهُمْ وَعَذَّبَهُمْ , اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ , اللَّهُمَّ أَشْغِلْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاجْعَلْ بَأَسَهَمْ بَيْنَهُمْ , اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الظَّالِمِينَ بِالظَّالِمِينَ وَأَخْرَجِ الْمُسْلِمِيَن مِنْ بَيْنِهِمْ سَالِمِينَ ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. [font="][/font]
المرفقات

تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ 17 رَجَب 1438 هـ.doc

تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ 17 رَجَب 1438 هـ.doc

المشاهدات 2931 | التعليقات 8

يا أصحاب الفضيلة معاشر الخطباء
لا تزهدوا في مثل هذا الموضوع فإنه عبادة عظيمة
والناس يحتاجون إليه كل يوم
والجهل حاصل فيه
والخطأ فيه يؤدي لبطلان الصلاة
فحري به أن يكرر كل سنة مرة على الأقل


وإن مسألة تولى الله تفصيلها في كتابة لجديرة أن نهتم بها
قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )


وفقك الله وجزاك الله خيرا


بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك أن الموضوع غاية في الأهمية ولقد رأيت عجبا من بعض الناس وهو يتوضأ فجزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا الكريم
أما بالنسبة لمس المصحف من الجوال فلا حرج في ذلك كما ذكر فضيلة الشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالله المطلق حفظهم الله وغيرهم من أهل العلم ..,,


https://www.youtube.com/watch?v=aw679zL5inw


جزاك الله خيرا


صفة وضوء النبي ﷺ

بسم الله ,والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
رب يسر وأعن على نيل رضاك.

تصور شامل لصفة الوضوء :
أصل الوضوء من الوضاءة وهي الحسن والنظافة, وسمي وضوء الصلاة وضوءاً لأنه ينظف المتوضئ ويحسنه.
وهو شرط في صحة الصلاة:
*عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :{ الوضوء شطر الإيمان}.أخرجه الترمذي ,وعند النسائي وابن ماجة:{إسباغ الوضوء شطر الإيمان}. وعند مسلم :{ الطهور شطر الإيمان}.
*وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : { لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ } .
*وأخرج مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إني سمعت رسول الله ﷺ يقول : { لا تقبل صلاة بغير طهور } .
*الوَضوء (بفتح الواو) : هو الماء المتوضأ به , والوُضوء (بضم الواو) هو نفس الفعل.

أولاً:النية:
وهي واجبة لما أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :{إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل أمرئ ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ،ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه} .

ثانياً: السواك:
وهو مشروع :للحديث الذي أخرجه مالك وأحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :{ لولا أن أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء} وللبخاري تعليقاً:{... عند كل وضوء}.
وما أخرجه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ:{ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ، أو مع كل وضوء سواك }.
حكى النووي الإجماع على أن السواك سنة وليس واجباً ،وأنكر ما نقله الماوردي وغيره عن داود وإسحاق من إيجاب السواك في الصلاة ولم يثبته.

ثالثاً:التسمية:
*أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: {لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه}. ولأحمد وابن ماجه، من حديث سعيد بن زيد وأبي سعيد مثله، والجميع في أسانيدها مقال قريب.
وقال البخاري أحسن شيء في هذا حديث رباح بن عبد الرحمن، يعني حديث: سعيد بن زيد. وسئل إسحاق بن راهويه أي حديث أصح في التسمية؟ فذكر حديث أبي سعيد.
قال الحافظ: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة، تدل على أن له أصلاً.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة ثبت لنا أن النبي ﷺ قاله.
وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: ولا يخلو هذا الباب من حسن صريح وصحيح غير صريح.
*ذهب أحمد وأهل الظاهر إلى اشتراط التسمية , لأن النفي ينبغي أن يتوجه إلى الذات , وهذا متعذر في الحديث ,لأن الوضوء واقع ,فيحمل على أقرب المجازين إلى الذات وهو الصحة.
*وذهب الجمهور إلى الاستحباب دون الشرطية: واحتجوا بأدلة صارفة للنفي من الصحة إلى الكمال ,أقواها أن الصحابة الذين رووا صفة وضوء النبي ﷺ لم يذكروا التسمية مثل:حديث عثمان وحديث علي وحديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن عمرو وحديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهم, وكذلك حديثي عمرو بن عبسة ورفاعة بن رافع رضي الله عنهما (ولم يذكر فيهما ﷺ التسمية).وستأتي كلها إن شاء الله.

رابعاً:الترتيب:
وفيه ثلاث مسائل:
1-ترتيب الأعضاء في الوضوء:
ويؤخذ الترتيب من الأحاديث العمد في هذا الباب وهي:
-1 عن حمران أن عثمان دعا بوضوء , فأفرغ على يديه من إناءه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاثاً ، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثاً ,ثم قال: رأيت النبي ﷺ يتوضأ نحو وضوئي هذا . متفق عليه .
-2 في الصحيحين عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري أنه قيل له : توضأ لنا وضوء رسول الله ﷺ . فدعا بإناء . فأكفأ منه على يديه ، فغسلهما ثلاثاً ، ثم أدخل يده فاستخرجها ، فمضمض واستنشق من كف واحدة ، ففعل ذلك ثلاثاً ، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثاً ، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين ، مرتين مرتين ، ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح رأسه فأقبل بيديه وأدبر ، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ، ثم قال : هكذا كان وضوء رسول الله ﷺ .
3- أخرج أحمد والنسائي (واللفظ لأحمد) عن عبد خير قال : جلس علي بعدما صلى الفجر في الرحبة ثم قال لغلامه: ائتني بطهور، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست ، قال عبد خير: ونحن جلوس ننظر إليه , فأخذ بيمينه الإناء فأكفأه على يده اليسرى, ثم غسل كفيه, ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى, ثم غسل كفيه فعله ثلاث مرار ، قال عبد خير : كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات ، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرات ، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فغسل وجهه ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليمنى ثلاث مرات إلى المرفق ، ثم غسل يده اليسرى ثلاث مرات إلى المرفق ، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء حتى غمرها الماء ، ثم رفعها بما حملت من الماء ثم مسحها بيده اليسرى ، ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما مرة ثم صب بيده اليمنى ثلاث مرات على قدمه اليمنى ثم غسلها بيده اليسرى ، ثم صب بيده اليمنى على قدمه اليسرى ثم غسلها بيده اليسرى ثلاث مرات ، ثم أدخل يده اليمنى فغرف بكفه فشرب ، ثم قال : هذا طهور نبي الله ﷺ ، فمن أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله ﷺ فهذا طهوره .
4- أخرج أحمد ومسلم عن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:{ ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه ، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء ، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين(زاد أحمد:كما أمره الله عز وجل) إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء }.
-5أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه توضأ فغسل وجهه, فأخذ غرفةً من ماء فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفةً من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه، ثم أخذ غرفةً من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفةً من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفةً من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفةً من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ.
6- أخرج مسلم عن نعيم بن عبد الله المجمر ، قال : رأيت أبا هريرة يتوضأ . فغسل وجهه فأسبغ الوضوء . ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق . ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق , ثم قال : هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ . وقال : قال رسول الله ﷺ : أنتم الغر المحجلون يوم القيامة ، من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .
7-أخرج أحمد وأبو داود عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: أتي رسول الله ﷺ بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما( وزاد أحمد: وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً).
8- أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة(واللفظ لأبي داود) عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله ، كيف الطهور ؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً ، ثم غسل وجهه ثلاثاً ، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ، ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ، ثم قال : {هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء} .
2-هل يجب الترتيب بين أعضاء الوضوء؟:
*ذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله وغيرهما إلى وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء,واحتجوا بما أخرجه النسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما -في صفة الحج-أن النبي ﷺ قال :{ابدءوا بما بدأ الله به},وأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
واحتجوا كذلك بآية الوضوء: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين},وأنه ذكر فيها ممسوح (وهو الرأس) بين مغسولين ,وهذا لا تفعله العرب إلا لمصلحة ,وهي بيان وجوب الترتيب بين الأعضاء في الوضوء.
*وذهب أبو حنيفة ومالك وداود إلى عدم وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء , لعدم نهوض دليل على الإيجاب.
وأجابوا عن حديث جابر رضي الله عنه بأن هذه اللفظة شاذة وأن المحفوظ ما أخرجه مسلم :{أبدأ بما بدأ الله به},فلا يوجد أمر يفيد الإيجاب.
وأجابوا عن ذكر الممسوح بين المغسولين , أن ذلك لمصلحة بيان استحباب الترتيب بين الأعضاء في الوضوء.
3-البدء باليمين, وهل يجب؟:
وفي مشروعيته حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: كان رسول الله ﷺ يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود وابن ماجة (وصححه الألباني رحمه الله) أن رسول الله ﷺ قال: {إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم}.
وظاهرالأمرفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه يفيد الوجوب ، إلا أن الإجماع قد صرف الأمر في الحديث من الإيجاب إلى الاستحباب:
قال النووي(رحمه الله): وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة، من خالفها فاته الفضل وتم وضوءه. قال الحافظ في الفتح: ومراده بالعلماء أهل السنة وإلا فمذهب الشيعة الوجوب.

خامساً:غسل الكفين:
وفيه مسألتان:
1- غسل الكفين في أول الوضوء (في غير حالة الاستيقاظ من النوم):
- في حديث عثمان رضي الله عنه:( فأفرغ على يديه من إناءه فغسلهما ثلاث مرات) .
- وفي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه :(فأكفأ منه على يديه ، فغسلهما ثلاثاً).
- وفي حديث علي رضي الله عنه: ( فأكفأه على يده اليسرى ثم غسل كفيه ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفيه فعله ثلاث مرار).
- وفي حديث ابن عباس عن علي رضي الله عنهم:( فغسل يديه).
- وفي حديث أوس بن أوس رضي الله عنه عند أحمد :( رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ فاستوكف ثلاثاً يعني غسل يديه ثلاثا)ً .
- وفي حديث المقدام رضي الله عنه:( فغسل كفيه ثلاثاً).
هذا دليل على أن غسلهما في أول الوضوء سنة.
قال النووي: وهو كذلك باتفاق العلماء.
2-غسل الكفين في حالة الاستيقاظ من النوم:
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:{ إذا أستيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس(وفي رواية:{فلا يدخل}) يده في الإناء (وللبخاري:{فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوءه}) حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده } . ولم يذكر البخاري العدد.
- المراد باليد في الحديث الكف اتفاقاً دون ما زاد عليه.
*ذهب أحمد إلى وجوب غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء عند الاستيقاظ (لظاهر الأمر والنهي في الحديث) من نوم الليل (لرواية الترمذي وابن ماجه {إذا استيقظ أحدكم من الليل},ولقوله ﷺ:{ فإنه لا يدري أين باتت يده }.
*وذهب الجمهور إلى الندب واعتذروا بأن التعليل بأمر يقتضي الشك قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب ,وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نام حتى انتصف الليل ، أو قريبا منه ، فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ، ثم قرأ عشر آيات من آل عمران ،ثم قام رسول الله ﷺ إلى شن معلقة ، فتوضأ فأحسن الوضوء. ولم يذكر أنه ﷺ غسل يديه.
والجواب على الجمهور: أن قوله ﷺ:{ لا يدري أين باتت يده} ليس تشكيكاً في العلة، بل تعليلاً بالشك , والتشكيك في العلة لا يستلزم التشكيك في الحكم ,والجواب عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه أيضاً لم يذكر أن رسول الله ﷺ غمس يده ، وكذلك فإن فوهة الشن(القربة الصغيرة) ضيقة لا تسمح بدخول اليد.
والتقييد بثلاث مرات تعبدي محض حيث أنه يكفي في التطهير غسلة واحدة بالإجماع.

سادساً:المضمضة والاستنشاق والاستنثار:
وفيهم خمس مسائل:
1- معنى المضمضة والاستنشاق والاستنثار:
المضمضة :هي أن يجعل الماء في فيه، ثم يديره ثم يمجه.
قال النووي: وأقلها أن يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على المشهور عند الجمهور، وعند جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم أن الإدارة شرط، والمعول عليه في مثل هذا الرجوع إلى مفهوم المضمضة لغة، وعلى ذلك تنبني معرفة الحق. والذي في القاموس وغيره أن المضمضة: تحريك الماء في الفم.
في القاموس :الاستنشاق: استنشق الماء أدخله في أنفه
استنثر: استنشق الماء ثم استخرج ذلك بنفس الأنف كانتثر.
قال النووي: قال جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثون الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق.
والاستنثار أعم. قاله في الفتح.
وقال ابن الأعرابي وابن قتيبة الاستنثار هو الاستنشاق.
2- حكم المضمضة والاستنشاق والاستنثار:
- في حديث عثمان رضي الله عنه: (ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر).
- وفي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه:( ثم أدخل يده فاستخرجها ، فمضمض واستنشق من كف واحدة ، ففعل ذلك ثلاثاً).
- وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما:( فأخذ غرفةً من ماء فتمضمض بها واستنشق).
- وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه:{ ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه}
- وفي حديث علي رضي الله عنه: (ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرات).
- وفي حديث ابن عباس عن علي رضي الله عنهم:( يديه ثم مضمض واستنشق واستنثر).
- وفي حديث المقدام رضي الله عنه:( ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً).
*أوجبهما أحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر،واستدلوا بالأوامر الواردة بهما مثل:
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال:{إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينتثر}.
- وما أخرجه الخمسة عن لقيط بن صبرة أن رسول الله ﷺ قال : {أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائماً }. زاد أبو داود:{إذا توضأت فمضمض},قال الحافظ في الفتح:إن إسنادها صحيح.
- وما أخرجه أحمد والترمذي عن سلمة بن قيس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:{إذا توضأت فانتثر}.
- وما أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :(أمرنا رسول الله ﷺ بالمضمضة والاستنشاق) . وصححه المجد بن تيمية.
وقالوا أن الأمر بغسل الوجه أمر بالمضمضة والاستنشاق.
*ذهب بعض أهل العلم إلى أن الاستنشاق واجب والمضمضة سنة ،عزاه النووي لأبي ثور وأبي عبيد وداود الظاهري وأبي بكر بن المنذر ورواية عن أحمد.
*وذهب مالك والشافعي إلى أن المضمضة والاستنشاق سنة وليسا واجبين.
وأجابوا عن أحاديث الأمر بالمضمضة والاستنشاق بأنها مصروفة عن ظاهرها ,لآية الوضوء:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}, وحديث أبي داود وابن ماجة(واللفظ له) عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : {إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ، يغسل وجهه و يديه إلى المرفقين ، و يمسح برأسه و رجليه إلى الكعبين} ،ولم يذكر فيهما المضمضة والاستنشاق.
وأجابوا عن القول بأن الأمر بغسل الوجه أمر بالمضمضة والاستنشاق بحديث أحمد ومسلم عن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:{ ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه ، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء },ففيه التفريق بين المضمضة والاستنشاق وبين غسل الوجه.
3- الاستنثار عند الاستيقاظ من النوم:
وفيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين قال: قال رسول الله ﷺ:{إذا استيقظ أحدكم من نومه(وللبخاري:{فتوضأ}) فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه}.
نقل النووي الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ ,وقال ابن حزم بالوجوب, ولا سلف له في قوله.
4- صفة المضمضة والاستنشاق والاستنثار:
*أخذ الماء يكون باليمين , والانتثار يكون بالشمال:
لحديث عثمان رضي الله عنه: ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر.
وحديث علي رضي الله عنه: ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرات.
*يمكن أن تكون المضمضة والاستنشاق من كف واحدة:
لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه :فمضمض واستنشق من كف واحدة.
وحديث علي رضي الله عنه: ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرات.
*ويمكن أن تكون من كفين (كف للمضمضة وكف للاستنشاق):
لحديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه ( ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً).
*المبالغة في المضمضة والاستنشاق:
لحديث لقيط رضي الله عنه عند الخمسة{ وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائماً}(وفي رواية لأبي بشر الدولابي :{في المضمضة والاستنشاق}).
5- تأخيرالمضمضة والاستنشاق والاستنثار إلى ما بعد غسل الذراعين(أحياناً):
لحديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه:( ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً).

سابعاً:غسل الوجه:
وفيه خمس مسائل:
1- حد الوجه:
*قال في المهذب: والوجه ما بين منابت شعر الرأس إلى الذقن ومنتهى اللحيتين طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً ، والاعتبار بالمنابت المعتادة لا بمن تصلع الشعر عن ناصيته ، ولا بمن نزل الشعر إلى جبهته.
*ذهب مالك (رحمه الله) إلى أن البياض بين الأذنين والعارضين ليس من الوجه وأنه من الرأس ,والجمهور على أنه من الوجه ,لأن الوجه من المواجهة.
2- حكم غسل الوجه:
هو واجب : لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.
ولحديث أبي داود وابن ماجة(واللفظ له) عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : {إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ، يغسل وجهه و يديه إلى المرفقين ، و يمسح برأسه و رجليه إلى الكعبين}.
ولقوله ﷺ في حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه عند أحمد ومسلم:{ ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله.......}.
3- تخليل اللحية:
وهو مشروع : أخرج أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فأدخله حنكه فحلل به لحيته وقال : هكذا أمرني ربي عز وجل .
* فذهب إلى وجوب ذلك في الوضوء أبو ثور والظاهرية واستندوا إلى لفظ الأمر في الحديث : {هكذا أمرني ربي}.
* وذهب أكثر أهل العلم إلى أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء وأن حكمها كحكم الشارب والحاجبين , لحديث ابن عباس رضي الله عنهما :( ثم أخذ غرفةً من ماء فجعل بها. هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه),وأن هذه الغرفة لا تكفي لغسل الوجه مع تخليل اللحية , مع كونه ﷺ كث اللحية.
4- غسل المسترسل من اللحية:
*ذهب الشافعي في رواية عنه وأحمد في رواية عنه وبعض أصحابه إلى وجوب غسل المسترسل من اللحية ,ورجحه المجد بن تيمية باعتبار حديث عمرو بن عبسة عند أحمد ومسلم: { ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء},وقالوا أن اللحية من الوجه.
*أبى ذلك أبو حنيفة وقال أن المسترسل من اللحية لا يدخل في الوجه في الوضوء كإجماعهم أن المسترسل من شعر المرأة لا يدخل في الرأس في الغسل.
5-مشروعية إفراغ كف من ماء على الناصية وإرسالها تسيل على الوجه:
لحديث عبد الله بن عباس عن علي رضي الله عنهم:( ثم أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته ثم أرسلها تسيل على وجهه).

ثامناً: غسل اليدين إلى المرفقين:
وفيه مسألتان:
1- حكم غسل اليدين إلى المرفقين:
هو واجب : لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.
ولحديث أبي داود وابن ماجة(واللفظ له) عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : {إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ، يغسل وجهه و يديه إلى المرفقين ، و يمسح برأسه و رجليه إلى الكعبين}.
2- هل المرفق داخل في حد الواجب غسله:
هما داخلان لحديث أبي هريرة:( ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ) ثم قال : (هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ ).
وخالف في ذلك زفر وأبو بكر بن داود الظاهري, ولا سلف لهما .

تاسعاً: مسح الرأس والأذنين:
وفيهما سبع مسائل:
1- حكم مسح الرأس:
هو واجب:
لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.
ولحديث أبي داود وابن ماجة(واللفظ له) عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : {إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ، يغسل وجهه و يديه إلى المرفقين ، و يمسح برأسه و رجليه إلى الكعبين}.
2- القدر المجزئ في المسح:
*مسح جميع الرأس مشروع وهو الأفضل باتفاق العلماء .
*ذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى وجوب مسح جميع الرأس.
*وقال الثوري والأوزاعي والليث :يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح المقدم.
*وقال أبو حنيفة :الواجب الربع.
*وقال الشافعي: يجزئ مسح بعض الرأس, ولم يحده بحد.
*والخلاف بينهم في قول الله تعالى :{وامسحوا برؤوسكم}.
أما من جهة اللغة يجزئ مسح بعض الرأس ,فلا يتوقف في قولك ضربت عمراً على مباشرة الضرب لجميع أجزاءه , فمسح الرأس يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض,إذ النزاع ليس في مسمى الرأس وإنما النزاع في إيقاع المسح على الرأس.
- وقد ورد عن النبي ﷺ أنه مسح رأسه كله,كما في رواية لحديث عبد الله بن زيد:(فبدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه).
- وأنه مسح بناصيته وعلى العمامة كما في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عند مسلم أن رسول الله ﷺ:( فمسح بناصيته وعلى العمامة) .
- وأنه مسح على العمامة دون ذكر المسح على مقدم الرأس كما في حديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه عند أحمد وابن ماجة :(أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم يمسح على الخفين و العمامة) .
- وأنه مسح على مقدم رأسه دون ذكر المسح على العمامة كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أبي معقل ، عن أنس بن مالك قال : ( رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ وعليه عمامة قطرية ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ينقض العمامة) .وهو ضعيف من رواية أبي معقل و له شاهد من مرسل عطاء عند الشافعي فيكون شاهداً له .
- وأنه مسح على العمامة دون ذكر المسح على مقدم الرأس كما في حديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه عند أحمد وابن ماجة :(أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم يمسح على الخفين و العمامة) .
3- صفة مسح الرأس:
في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما -في صفة الوضوء قال :( فمسح رأسه فأقبل بيديه وأدبر).
وفي لفظ:( بدأ بمقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه) .
وللعلماء فيها ثلاثة أقوال:
الأول: أن يبدأ بمقدم رأسه الذي يلي الوجه فيذهب إلى القفا ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر من حد الوجه، وهذا هو الذي يعطيه ظاهر قوله بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه إلا أنه أورد على هذه الصفة أنه أدبر بهما وأقبل لأن ذهابه إلى جهة القفا إدبار ورجوعه إلى جهة الوجه إقبال . وأجيب بأن الواو لا تقتضي الترتيب فالتقدير أدبر وأقبل ,و قد ورد في البخاري بلفظ:( فأدبر به وأقبل).
الثاني: أن يبدأ بمؤخر رأسه ويمر إلى جهة الوجه ثم يرجع إلى المؤخر محافظة على ظاهر لفظ:( فأقبل بيديه وأدبر) وقد وردت هذه الصفة في حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها عند أبي داود والترمذي بلفظ:( بدأ بمؤخره ثم بمقدمه ),ومدار الحديث على ابن عقيل, وفيه مقال مشهور لاسيما إذا عنعن, وقد عنعن الحديث.
الثالث: أن يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأس ثم يعود إلى ما بدأ منه وهو الناصية ، ولعل قائل هذا قصد المحافظة على قوله بدأ بمقدم رأسه مع المحافظة على ظاهر لفظ أقبل وأدبر لأنه إذا بدأ بالناصية صدق أنه بدأ بمقدم رأسه وصدق أنه أقبل أيضاً فإنه ذهب إلى ناحية الوجه وهو القبل.

والقول الأول أظهر.

4- حكم مسح الأذنين:
هو سنة , ولا يوجد دليل على إيجابه.
فإن قيل :قد ورد عند أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة من طرق ضعيفة يقوي بعضها بعضاً عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال:{الأذنان من الرأس},فالجواب أن مسح جميع الرأس لا يجب كما تقدم.
5- صفة مسح الأذنين:
*أخرج أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى رسول الله ﷺ يتوضأ فذكر الحديث كله{ ثلاثاً ثلاثاً ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدةً}.
*وأخرج أحمد وأبو داود عن المقدام بن معدي كرب الكندي قال :{ثم مسح برأسه و أذنيه ظاهرهما و باطنهما} .وهي رواية الترمذي لحديث ابن عباس رضي الله عنهما.
*زاد النسائي( في حديث ابن عباس):{باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه}.
*وأخرج أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما -في صفة الوضوء- قال:{ ثم مسح برأسه ، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه ,وبالسباحتين باطن أذنيه} .
6- عدد مسحات الرأس والأذنين:
*الجمهور على أنها مسحة واحدة:
- أخرج أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى رسول الله ﷺ يتوضأ فذكر الحديث كله{ ثلاثاً ثلاثاً ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدةً}.
- وفي حديث علي رضي الله عنه:( ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما مرة).
- وسائر الأحاديث ذكرت التثليث في غسل الأعضاء ولم تذكره في مسح الرأس.
*وذهب الشافعي(رحمه الله)إلى تثليث المسح,واحتجوا بروايات عن عثمان وعلي رضي الله عنهم تفيد التثليث وفي هذه الروايات ما فيها .
قال الشوكاني (رحمه الله): والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ إلى درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها، لما فيها من الزيادة. فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما هو المتعين، لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقة بالمرة الواحدة. وحديث:{ من زاد على هذا فقد أساء وظلم} الذي صححه ابن خزيمة وغيره قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي ﷺ هذه المقالة، كيف وقد ورد في رواية سعيد بن منصور في هذا الحديث التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة ثم قال من زاد.
7- هل يؤخذ للأذنين ماء جديد غير ماء الرأس؟:
*ذهب الشافعي وأحمد إلى ذلك ,لما أخرجه البيهقي عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه:( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه) .
*وهذا الحديث شاذ ,والمحفوظ ما أخرجه مسلم:( ومسح رأسه بماء غير فضل يديه) .
ولنا في المسألة حديث :{الأذنان من الرأس} عند أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة ,وظاهر الأحاديث التي ذكرت مسح الأذنين.

عاشراً:غسل الرجلين إلى الكعبين:
وفيه مسألتان:
1- حكم غسل الرجلين إلى الكعبين ,وهل يجزئ المسح؟:
هو واجب بإجماع أهل السنة ولا يجزئ المسح ,وخالفت الإمامية.
قال الحافظ في الفتح: ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك, و قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على غسل القدمين.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.
*وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه:{ثم يغسل قدميه إلى الكعبين(زاد أحمد:كما أمره الله عز وجل) إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء}.
*وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال:( تخلف عنا رسول الله ﷺ في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا. قال فنادى بأعلى صوته :{ويل للأعقاب من النار} مرتين أو ثلاثاً). متفق عليه.
*وأخرج مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه , فأبصره النبي ﷺ فقال : {ارجع فأحسن وضوءك} فرجع ثم صلى) ومثله عند أبي داود عن أنس .
*وأخرج أبو داود عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي ﷺ : (أن النبي ﷺ رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء ، فأمره النبي ﷺ أن يعيد الوضوء والصلاة ).

2- حد الكعبين:
هما العظمان الناتئان بين مفصل الساق والقدم باتفاق العلماء، ما عدا الإمامية ومحمد بن الحسن. قال النووي ولا يصح عنه.

حادي عشر: تخليل أصابع اليدين والرجلين:
* أخرج الخمسة عن لقيط بن صبرة أن رسول الله ﷺ قال : {أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائماً }.
*وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال:{إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك}. وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف، ولكن حسنه البخاري، لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح، وسماع موسى منه قبل أن يختلط.
*وأخرج الأربعة عن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال :(رأيت رسول الله ﷺ إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره). في إسناده ابن لهيعة، لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحرث.
قال الشوكاني: والأحاديث تدل على مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين، وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً، فتنتهض للوجوب.
قال ابن سيد الناس، قال أصحابنا من سنن الوضوء تخليل أصابع الرجلين في غسلهما. قال وهذا إذا كان الماء يصل إليهما من غير تخليل فلو كانت الأصابع ملتفة لا يصل الماء إليهما إلا بالتخليل ، فحينئذ يجب التخليل لا لذاته، لكن لأداء فرض.
قال الشوكاني: والأحاديث قد صرحت بوجوب التخليل وثبتت من قوله ﷺ وفعله، ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه، ولا بين أصابع اليدين والرجلين. فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه.

ثاني عشر: الدلك:
*أخرج أحمد عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم توضأ فجعل يقول هكذا يدلك) .
أوجبه مالك , والجمهور على الاستحباب ,لأن حكاية الفعل لا تفيد وجوباً,ولأن الدلك لا يدخل في مسمى الغسل.

ثالث عشر :الموالاة:
أوجبها الأوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي في قول له, وحجتهم ما أخرجه أحمد وأبو داود عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي ﷺ : (أن النبي ﷺ رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء ، فأمره النبي ﷺ أن يعيد الوضوء(زاد أبو داود: والصلاة) ).
*ولم يوجبها أبو حنيفة والشافعي في قول له.
ولا يخفى أن الحديث يدل على وجوب إعادة الوضوء من أوله على من ترك من غسل أعضائه مثل ذلك المقدار, وهو دليل واضح على وجوب الموالاة.

رابع عشر:العدد في غسل الأعضاء:
وفيه مسألتان:
1- الوضوء مرة ومرتين وثلاثاً:
*أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : توضأ النبي ﷺ مرة مرة.
*وأخرج البخاري عن عبد الله بن زيد رضي الله عنهما أن النبي ﷺ توضأ مرتين مرتين .
*وأخرج مسلم عن عثمان رضي الله عنه قال : ألا أريكم وضوء رسول الله ﷺ ؟ ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً .
قال النووي(رحمه الله): وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة وعلى أن الثلاث سنة وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً وبعض الأعضاء ثلاثاً وبعضها مرتين والاختلاف دليل على جواز ذلك كله وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ.
2- الزيادة على الثلاث:
*أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة(واللفظ للنسائي) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ يسأله عن الوضوء فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا، ثم قال:{ هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم}.

خامس عشر: قدر وضوء النبي ﷺ:
*في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(كان رسول الله ﷺ يتوضأ بالمد, ويغتسل بالصاع).
* وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه :(أن النبي ﷺ أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعه) . صححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان.
قال البخاري(رحمه الله):وكره أهل العلم فيه.(أي ماء الوضوء أن يتجاوز فعل النبي ﷺ).

سادس عشر:الذكر بعد إتمام الوضوء:
*عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:{ ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء}. أخرجه مسلم والترمذي وزاد {اللهم اجعلني من التوابين, واجعلني من المتطهرين} .
قال الترمذي: وفي إسناده اضطراب ولا يصح فيه كثير شيء.
قال الحافظ: رواية مسلم سالمة عن هذا الاعتراض والزيادة التي عند الترمذي رواها البزار والطبراني في الأوسط. وأخرج الحديث أيضاً ابن حبان. وأخرجه ابن ماجه من حديث أنس وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة بعد قوله:{ من المتطهرين}:{ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك} والحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد وزاد:{ كتبت في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة} واختلف في رفعه ووقفه ، قال الحافظ أما المرفوع فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ وأما الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته ورجاله من رجال الصحيحين , وقال في النكت الظراف أن مثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع.

تم بحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات.
عبدالحكم
ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36311


أحسنت أخي أبو محمد الغامدي وكتب أجرك
ولا شك أن الأخذ بكلام العلماء الكبار أمثال صاحب الفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله خير وأسد من الأخذ بكلام متطفل على العلم والخطابة من أمثالي

لكن كان وجهة رأيي : أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا , فشاشة الجوال التي خلفها المصحف متكوبا تأخذ حكم المصحف , فلا تمس إلا بوضوء , كما نقول في غلاف المصحف الأخضر(الجلاد) لا يمس إلا بطهارة مع أنه ليس فيه كتابة آيات , لكنه أخذ الحكم تبعا للمصحف

وأيضا : فإن الفقها رحمهم الله نصوا على أنه لا يجوز مس الآيات التي في غير المصحف , كما لو كتبت آية في صحيفة أو مجلة أو كتاب فلا يجوز مسها إلا بطهارة , لعموم الحديث الذي ذكره صاحب الفضيلة : حديث عمرو ابن حزم رضي الله عنه
وبعض القرآن يمسى قرآنا , كما في قوله تعالى عن الجن (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) وهم إنما سعوا آيات ولم يسمعوا القرآن كاملا
وكذلك الصحابة رضي الله عنهم سموا الآية أو الآيات قرآنا , قَالَ أَنَسٌ: " أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الَّذِينَ قَتَلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ " رواه مسلم برقم (297 - (677))

فهذا وجه كلامي
وانظركلام الفقهاء رحهم الله في (1) حاشية الروض المربع لابن قاسم رحمه الله ج 1 / 263
(2) الشرح الممتع لشيخنا العثيمين رحمه الله ج1 (من صفحة 315 إلى صفحة 323) وفيها بحث ممتع جدا في هذه المسألة


وجزاك الله خيرا أخي الشيخ الغامدي على إفادتك , ولم لم يكن إلا أنني عرفت رأي الشيخ صالح حفظه الله في المسألة
تحياتي لك


الخطبة .. مزيدة وملونه

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/الطهور%20شطر%20الإيمان.pdf

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/الطهور%20شطر%20الإيمان.pdf