تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِيسْمَاس - الوَلَاء وَالْبَرَاء
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.وَقَالَ تَعَالَى﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.وَقَالَﷺ:«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ »قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ«فَمَنْ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ« مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَ قَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ تَعَالَى:﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾يَقُولُ الشَّيْخِ السَّعْدِيِّ رَحِمَهُ اللهُ:(أي:لا ذمة ولا قرابة، ولا يخافون الله فيكم، بل يسومونكم سوء العذاب، فهذه حالكم معهم لو ظهروا)إلخ.قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:وَأَمَّا تَهنِئَتُهُم بِشَعَائِرِ الكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهم فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ، فهذا إنْ سَلِمَ قَائِلُه من الكُفْرِ فَهوَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ، وهو بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ..إلخ.اعلموا أن كل أهل السنة في أي زمان ومكان يعلمون أن مشاركة اليهود والنصارى محرم ولا يجوز مشاركتهم ولا تهنئتهم ،اذ كيف يعقل أن نهنئهم وهم يحتفلون بمولد عيسىﷺويزعمون أنه ابن الله وهو نطق بقَوْلُهُ تَعَالَى:﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا(30) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(31)وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا(32)وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33)ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)مَا كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.ولكن والله المستعان نشاهد ونسمع عبر وسائل الاعلام المختلفة ووسائل الاتصالات الحديثة تأثر كثير من المسلمين بأهل الكفر والضلال ,فنرى التشبُهِ بالملبس والمظهر الى مشاركة البعض للمشركين في حفلاتهم ومناسباتهم الدينية وأعيادهم وتهنئتهم بها مثل مايسمى بعيد الكريسماس رأس السنة الميلادية(مولد عيسىﷺ)،بل وتفاخروا حتى فاقوا اليهود والنصارى في إحتفالهم،ومما شجع بعض الناس على ذلك فتاوى بعض شيوخ الفتنة وشيوخ فقه التيسير والتقريب والتمييع فهؤلاء يبادرون بالتهنئة وتهوين ذلك وكل هذا مِنْ مَظَاهِرِ مُوَالَاةُ الْكُفَّارِ فالمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان قَالَ تَعَالَى﴿يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾إن عقيدتنا تحرم علينا موالاة اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا؛ ولو كانوا عَرَباً؛ ولو كانوا من أقرب الناس إلينا نسباً،والبراءة منهم والبعد عنهم.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾.قَالَ ابْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَطَاوُسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالضَّحَّاكُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمْ:هِيَ أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ.اهـ..اعلموا أن الولاءِ والبراءِ من أهم القضايا العقدية ، وأصل عظيم من أهم أصول العقيدة الإسلامية المميزة لأتباعها ،قَالَﷺ«إِنَّ أَوْثق عُرَى الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ»حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَﷺ« مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ومعنى الولاء المحبة والمناصرة ، والبراء هو البغض والعداء، فالولاءِ والبراءِ معناه ومفهومه: أن توالي من أجل الله تعالى وتعادي من أجله، تحب في الله وتبغض فيه؛ فالحب في الله والبغض في الله ، يجب على المسلم مراعاتُه ؛ وبناءُ علاقاته مع الناس ، حتى يجد حلاوة الإيمان قَالَﷺ«ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ، أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة في التحذير من موالاة الكفار ؛ والتأكيد على عداوتهم لنا ، وبيّنت أن موالاة الكفار من علامات النفاق ، حتى نحذر منهم ومن مكرهم .
ومن صور موالاة الكفار مدح الكفار والذب عنهم مع إغفال كفرهم بالله وأعمالهم القبيحة ، وبغض الله لهم ، ومن صور موالاة الكفار ايضاً التأثر بأهل الكفر والضلال,قَالَ تَعَالَى﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ(80)وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ﴾. إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1672294361_تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِيسْمَاس - الوَلَاء وَالْبَرَاء.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق