تنمية الوازع الديني والحث على النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد
محمد البدر
1442/04/25 - 2020/12/10 14:07PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ : قَال تَعَالَى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾وَقَالَﷺ:«إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَقَالَﷺ:« أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلَا عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. نَحنُ في زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الفَسَادُ ، عَقَدِيًّا وَفِكرِيًّا وَخُلُقِيًّا ، وَإِدَارِيًّا وَمَالِيًّا وَاجتِمَاعِيًّا ،ويعدالفَسَادٍ الاِدَارِيٍّ وَالمَاليٍّ، من أخطر القضايا على مجتمعاتنا،تربع على عرشها عباد المناصب والأموال ، وعانى من ويلاتها الكثير من الناس، وَمَا ذَلِكَ إِلاَّ لجهل الكثير من الناس بالتوحيد والسنة وقلة الأمانة وكثرة التحزبات والانتماء لها والتعصب والموالاة والولاء والبراء لها والمسماة زوراً وبهتاناً(أحزاب وفرق وجماعات دينية) وهي مخالفة للكتاب والسنة قَال تَعَالَى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾، كذلك من الأسباب عدم التوكل على الله ،وعدم استشعار المسؤولية ، وكثرة الكذب وقلة الصدق ، والخيانة والكبر ، وحب الثراء السريع ، أما أدواتها ووسائلها ،فالرشوة والتزوير ، والسرقة والاختلاس والاحتيال والمداهنة والمدارات والتقية ، والتعصب للقبيلة ومن ينتمي إليها ونفع الأقارب والأصدقاء على حساب غيرهم ، فتعطلت كثير من المصالح، وضاعت الحقوق،وتوقفت بعض المشاريع والمصالح العامة ،قَالَﷺ:«إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.إِنَّ مَا يُسمى بِالفَسَادِ الإِدارِيِّ وَالمَاليِّ والديني ، لم يَترُكْ بلداً إِلاَّ أَصَابَهَا ، وَلا مُجتَمَعًا إِلاَّ خَالَطَهُ ، وَلا مُؤَسَّسَةً حُكُومِيَّةً وَلا أَهلِيَّةً إِلاَّ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنهَا.
عِبَادَ اللهِ : ومن أنواع الفساد الاعتداء على المال العام ومنها تَغْيِيرِهِ لِعَلامَاتِ الأَرْضِ، قَالَﷺ:«..لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، وَغَصْبُ الأَرَضِ مِمَّا جَاءَ فِيهِ الوَعِيدُ الشَّدِيدُ، قَالَﷺ:«مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إِنَّ ذَلِكَ الَّذِي لا يُبَالِي بِضَمِّ جُزْءٍ مِنْ أَرْضٍ قَدْ تَكُونُ مَوقُوفَةً لِمَسْجِدٍ أَوْ وَقْـفًا لِمَدْرَسَةٍ فَيَضُمُّهَا إِلَى أَرْضِهِ؛ وَذَلِكَ القَائِمُ عَلَى الأَوقَافِ فَلا يَصْرِفُ مَا اجتَمَعَ لَهَا مِنْ أَمْوَالٍ فِي وُجُوهِهَا،قَال تَعَالَى:﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾وَمن يَسْـتَخْدِمُ أَجْهِزَةَ العَمَلِ لأَغْرَاضِهِ الخَاصَّةِ،وَمن يُجَامِلُ فِي إِرْسَاءِ المُنَاقَصَاتِ، وَتَوقِيعِ العَطَاءَاتِ،وَمن لا يَسْعَى لِسَدَادِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دُيُونٍ استَدَانَهَا أَيْنَ هُم مِنْ تَعْظِيمِ الأَمَانَةِ ،قَالَﷺ«مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ : ومن أنواع الفساد الإداري والمالي: الغش والتَحَايَلُ عَلَى عَدَّادَاتِ الكَهْرَبَاءِ وَالمِيَاهِ والهاتف فَيَسْعَى لإِيقَافِهَا أَوْ لِتَغْيِيرِ بَيَانَاتِهَا، قَالَﷺ:«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ومن أنواع الفساد الإداري والمالي: الرشوة قَالَﷺ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺالرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ:وَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي الحِفَاظِ عَلَى الأَمْوَالِ العَامَّةِ، قَال تَعَالَى:﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة وعليكم بالنزاهة والأمانة ومحاربة الفساد، والحفاظ على المال العام وعدم الاعتداء عليه وإبلاغ الجهات المختصة عن جرائم الفسادومرتكبيها.
الا وصلوا...