تنبيه الأفاضل بما لـ [لا إله إلا الله] من الفضائل

خالد علي أبا الخيل
1437/06/24 - 2016/04/02 08:46AM
تنبيه الأفاضل بما لـ [لا إله إلا الله] من الفضائل
التاريخ: الجمعة: 23/ 6 /1437 هـ

الحمد لله الذي منّ علينا بلا إله إلا الله، أحمده سبحانه أن جعلنا من أهل لا إله إلا الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بيّن فضل لا إله إلا الله، صلى الله عليه وبارك، وعلى آله وأصحابه، خير من حققوا لا إله إلا الله.
أما بعد،.
فاتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا بالعروة الوثقى.
أيها المسلمون: لا إله إلا الله، أول أركان الإسلام، وأعظم مبانيه العظام.
أولها الركن الأساس الأعظم
ركن الشهادتين فاثبت واعتصم
***
*** وهو الصراط المستقيم الأقوم
بالعروة الوثقى التي لا تنفصم

لا إله إلا الله، أول المأمورات، وأعظم الواجبات.
أول واجب على العبيد
إذ هو من كل الأوامر أعظم
***
*** معرفة الرحمن بالتوحيد
وهو نوعان أيا من يفهم

في الصحيحين في بعث معاذ: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله).
لا إله إلا الله، كلمة قامت بها السموات والأرض، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه، ولأجل لا إله إلا الله نُصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار.
لا إله إلا الله، منشأ الخلق والأمر، والثواب والعقاب، وهي الحق الذي خُلقت له الخليقة، وعنها وعن حقوقها السؤال والجواب والحساب، وعليها يقع الثواب والعقاب، وعليها نُصبت القبلة، وعليها أُسست الملة، ولأجلها جُردت سيوف القتال والجهاد، وهي حق الله على العباد.
لا إله إلا الله، كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون.
لا إله إلا الله، الكلمة القاصمة العاصمة، لا إله إلا الله، الكلمة المنجية من عذاب القبر وعذاب النار، وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنة إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر من دار الإسلام، ودار النعيم من دار الدركات والآلام.
لا إله إلا الله، هي الكلمة التي أرسل الله بها رسله، لا إله إلا الله، عليها أخذ الله الميثاق، وعليها الجزاء، وعنها السؤال يوم التلاق.
هي كلمة الشهادة، ومفتاح دار السعادة، هي أصل الدين وأسّه، وأوله وآخره ورأسه.
لا إله إلا الله، هي الشهادة العظمى، والعروة الوثقى، أعظم شهادة من أجلّ شاهد سبحانه، على أعظم مشهود به، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
لا إله إلا الله، الكلمة العليا، {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40].
لا إله إلا الله، كلمة الحق، وقول الصدق، {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14]، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33].
لا إله إلا الله، الكلمة الطيبة، والقول الطيب، والقول الثابت، والكلام الصيب.
لا إله إلا الله، كلمة التقوى، والعروة الوثقى، {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26]، {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} [البقرة: 256، لقمان: 22].
وتأتي بالتقى وبالفلاح
*** فاحرص عليها يا أخا الإصلاح

وهي القول الحسن، والحسنى، وأفضل المنن، قال سبحانه: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]، وقال: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 6].
هي أجمل الكلمات قُلها كلما
*** ضج الفؤاد وضاقت الأزمان

وهي أول النعم كما في سورة النعم، دعوة الرسل، وأعظم السبل، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].
أسبغ الله بها النعم، وأتم الله بها العطاء والكرم، قال تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]، قال مجاهد –رحمه الله-: لا إله إلا الله.
وهي الكلمة التي أمر الله بها نبيه أن يحدث بها، وأن يُتحدث بها، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]: أي بلا إله إلا الله.
وهي الكلمة الباقية، كما قال سبحانه: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28]، وهي العهد في قوله: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} [مريم: 87]، وهي أحد الكلمات الأربع الباقيات، {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف: 46]: وهي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وهي كلمة الحق، كما قال الحق: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، وهي المثلى، كما في قول المولى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [الروم: 27]، وهي الكلمة التي هي أقوم، في قول العليم الأعلم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، وهي كلمة الدين الخالص، والواصب، والصواب، {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]، {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً} [النحل: 52]، {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} [النبأ: 38]، كل ذلك لا إله إلا الله.
وهي كلمة العدل، في قول الحق: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90]، وهي كلمة السواء، العدل والاهتداء، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]، وهي القول السديد، والكلام الرشيد، {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} [الأحزاب: 70]، ولها يدعو عليه الصلاة والسلام عشر سنين، وهو يقول ويبلغ دين رب العالمين، (قولوا: لا إله إلا الله. تفلحوا).
عشر سنين، أيها الناس اعبدوا
*** ربًا تعالى شأنه ووحدوا

وهي التي صاحبها أسعد الناس يوم القيامة بها، (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله. خالصًا من قلبه)، وهي سبب الصلاح والفلاح، والتوفيق والنجاح، (قولوا: لا إله إلا الله. تفلحوا).
وتأتي بالتقوى وبالفلاح
*** فاحرص عليها يا أخا الإصلاح

وهي الكلمة العاصمة للدم والمال، والعرض وجميع الأحوال.
عاصمة للعرض ثم المال
وتعصم الدماء يا أماثل
***
*** وسبب الإخلاص في الأعمال
كما روى الثقات والأفاضل

أفضل الأذكار لا إله إلا الله، أيسر الأذكار لا إله إلا الله، أيسر الأذكار لا إله إلا الله، وهي الكلمة التي بها النجاة من النار، ودخول الجنة دار الأبرار، (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)، (إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله. يبتغي بذلك وجه الله).
وتحرم النار على ذويها
من قالها صدقًا وإخلاصًا غنم
من أي باب قد أحب يدخل
***
***
*** وليس منهم ذو خلود فيها
دخول جنة فنعم ما غنم
ضيافة عظمى هنيئًا فادخلوا

وهي الكلمة التي من كانت آخر كلامه من هذه الدنيا دخل الجنة، (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، من قالها في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكُتبت له مائة حسنة، ومُحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك)، فهي الحرز المتين، والدرع والحصن الحصين، من شر الشياطين.
وأنها حرز من الشيطان
*** وأنها حرز من الشيطان

لا إله إلا الله، أثقل ما يوضع في الميزان، لا إله إلا الله، تُرضي الرحمن، لا إله إلا الله، تطرد الشيطان.
لا إله إلا الله، ترجح بصحاف الذنوب، وتستر العيوب، وتزيل الهموم والكروب.
وكم بها تُفرج الكُرب
وكم كُرب أخرى بها ستُفرج
***
*** من كُرب الدنيا وقيت من عطب
في دارنا الأخرى فنعم المخرج

وهي الكلمة الصادقة الخالصة، العالية الحاكمة الناصعة، كم لهذه الكلمة الجليلة من فضائل عظيمة، وفواضل كريمة، ومزايا جليلة، ومحاسن جميلة.
فكم لها يا قوم من فضائل
*** في الدين والدنيا بنص الفاضل

وسمع أحد الصالحين رجلًا يقول: لا إله إلا الله. ومدّ بها صوته، فبكى وقال:
وإني لتعروني لذكراك هزة
*** كما انتفض العصفور بلله القطر

هذا: وأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله.

الخطبة الثانية:
الحمد لله القائل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد: 19]، لو تكلمت الأحجار، ونطقت الأشجار، وخطبت الأطيار لقالت: لا إله إلا الله.
ومن الفضائل لهذه الكلمة، وما لها من الخصائل –أيها الإخوة الأفاضل-: أنها أحب الكلام إلا الله، وخير الكلام الذي اصطفاه الله، وكذا تنفي عن صاحبها النفاق، والنزاع والشقاق.
وللنفاق نفيها قد نُقلا
*** عن النبي ثابتًا نلت العُلا

ومن الفضائل –أمة الخير والفضائل-: أنها الرابطة الحقيقية، والأخوة الإيمانية التي اجتمع عليها الإسلام، وأمة سيد الأنام، تجمع المفترق، وتؤلف المختلف، وتجعل الأمة أمة واحدة، كالجسد الواحد، والبينان المرصوص المتواجد، فهي الرابطة التي تربط بين أهل الأرض والسماء، رابطة لا إله إلا الله، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وهي كلمة التوحيد التي لو وزنت بالسموات والأرض لرجحت بهن، ولو كُنّ حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله، وهي غراس الجنة.
وغراسها التسبيح والتكبير والتـــ
*** ــوحيد والتحميد للرحمن

وهي تجدد الإيمان، وتقوي على الطاعة والإحسان، وهي الكلمة التي تُفتح لها أبواب السماء، وهي الكلمة التي تُفتح لها أبواب السماء، ويُستجاب لها الدعاء.
وكذا لها تُفتح أبواب السماء
*** كما أتى موضحًا يا كرماء

بل تُفتح لها أبواب الجنة الثمانية، والمنازل العالية.
مفتاح حق للجنان الغالية
*** وكم بها من القصور العالية

وهي الكلمة الجالبة للإخلاص، بل هي الخلاص والإخلاص، فمن وِردك في مسائك وصباحك: أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة إبراهيم حنيفًا مسلمًا، وما كان من المشركين.
وحينما يشتد الكرب، ويعظم الخطب، فقل: لا إله إلا الله.
يا من أثقلته الديون، وغيبته الشجون، وبات وقام وهو محزون، قل: لا إله إلا الله.
هي كلمة الأمن والطمأنينة، والراحة والسعادة والسكينة.
هي الكلمة التي تنور على صاحبها إذا انفرد في لحده، وتولى عنه صحبه، ونور له في آخرته، ووقوفه بين يدي ربه، ونور له في حياته.
وهي العدّة، وأفضل الأعمال الصالحة المُعدّة، ففي مسلم أن أفضل ما نُعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
وهي الكلمة التي تثبت المؤمن في قبره، لما ثبت عن البراء مرفوعًا: (إذا أُقعد المرء المؤمن في قبره، أُتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27]).
وأنها من أعظم الأسباب
يثبت الله العظيم المؤمن
***
*** في نعمة الثبات والثواب
بثابت القول الذين آمنوا

وهي الكلمة التي من قالها خاليًا ففاضت بها عيناه، أظله الله في ظله، يوم لا ظل سواه.
وخلاصة المطاف والمقام، وزُبدة الكلام:
فهي بلا شك ولا إيهام
وهكذا مفتاح دار الجنة
وكلمة الإخلاص والسواء
والحق والصدق وأطيب الكلم
والكلمة العليا وقولٌ ثابت
وكلمة التوحيد ثم الباقيه
***
***
***
***
***
*** مفتاح شرع ديننا الإسلام
والعروة الوثقى فنعم المنّة
والعهد والحسنى بلا امتراء
وكلمة التقوى كذا أيضًا عُلم
للعبد في الدارين إن ذا قانت
على مدى مر الدهور جاريه

إن فضائل لا إله إلا الله لا يمكن عدها، ولا لإنسان حصرها، فلها ما لا يخطر بالبال، ويدور في الخيال.
فلازِمْ لا إله إلا الله، واعمل بلا إله إلا الله، وحقق لا إله إلا الله، واجتنب نواقض لا إله إلا الله، وأشغل لسانك بلا إله إلا الله.
فهذه بعض فضائلها، وبعض آثارها، فمهما قيل فيها فهو غيض من فيض، بل نقطة في بحر، كيف لا وهي أصل الأصول، وعليها المعول والقبول.
وكم لكلمة الإخلاص من فضائل
والحمد لله على ما أنعما
ثم الصلاة والسلام سرمدا
وآله وصحبه ومن تبع
***
***
***
*** نصوص صريحة للسائل
به الأعلى تعالى في السما
على النبي الهاشمي أحمدا
شريعة الحق فنعم المتبَع

والله أعلم.
المشاهدات 1484 | التعليقات 0