تَعْلِيمُ العَقِيدَةِ فِي اللهِ تِعِالِى 26 رَبِيعٍ الثَّانِي 1445هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1445/04/24 - 2023/11/08 17:23PM

تَعْلِيمُ العَقِيدَةِ فِي اللهِ تِعِالِى 26 رَبِيعٍ الثَّانِي 1445هـ

الْحَمْدُ للهِ الوَاحِدِ الأَحَد، الْقَوِيِّ الصَّمَد، الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد، لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، الْمُتَفَرِّدُ بِالْمَلَكُوتِ وَالْمُلْك، فَهُوَ أَغْنَى الأغْنِيَاءِ عَنِ الشِّرْك، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرا.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ قَدْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَظِيمٌ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ قَدْ عَظَّمَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَهُوَ أَهْلُ الْمَجْدِ وَالْإِجْلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ, فَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلٌوقٌ وَهُوَ الرَّزَّاقُ وَمَا سِوَاهُ مَرْزُوقٌ.

إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ وَرَبَّانَا بِالنِّعَمِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا أَفْضَالَهُ وَآلاءَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}

إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَرْفَعُ وَيَضَعُ، وَيُغْنِي وَيُفْقِرُ وَيُصِحُّ وَيُمْرِضُ، وَيَشْفِي وَيَكْفِي. إِنَّهُ اللهُ الذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى. إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي قَالَ عَنْ نَفْسِهِ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي وَصَفَ نَفْسَهُ فَقَالَ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}

إِنَّهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ الذِي تَعَرَّفَ إِلَى عِبَادِهِ فَقَالَ {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ رَبُّنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الذِي تَمَدَّحَ وَمَجَّدَ نَفْسَهُ فَقَالَ {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}.

إِنَّهُ اللهُ الذِي تَعَرَّفَ إِلَيْنَا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا فَقَالَ {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}, عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟) رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي كَفَّ الرَّحْمَنِ إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ . وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالتِي تَلِيهَا خَمْسُمَائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْكُرْسِيِّ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَالْمَاءِ خَمْسُمَائَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ، وَاللهُ فَوْقُ الْعَرْشِ، لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ . وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ) رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ . وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ الذَي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ، وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نُسَمِّيَهُ وَنَصِفَهُ بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَبِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا نَتَجَاوَزُ ذَلِكَ، قَالَ سُبْحَانَهُ {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}, وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

فَمِنْ صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَالسِّرِّ وَالْعَلَنِ، عَالِمٌ بِدَقَائِقِ الأُمُورِ وَعَظَائِمِهَا، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ الْمُسْتَقْبَلَ وَالْمَاضِي وَالْحَاضِرَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}, وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّ لَهُ وَجْهَاً جَلِيلاً كَرِيمًا، قَالَ سُبْحَانَهُ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، وَمِنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} وَمَعْنَى اسْتَوَى: عَلَا وَارْتَفَعَ. وَلا يَجُوزُ أَنَّ نَقُولَ: إِنَّ اللهَ فِي كُلِّ مَكَان، بَلْ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، وَهُوَ سبُحَانَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِعِلْمِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، لَكِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَوَاتِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ لَيْسَ مُخْتَلِطًا بِهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ لَهُ يَدَيْنِ اثْنَتَيْنِ، قَالَ سُبْحَانَهُ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}, وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}. وَمِنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ نُزُولًا حَقِيقِيًّا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَلا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَضْحَكُ, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ (يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ، قَالَ (نَعَمْ)، قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. رواه ابن ماجه. وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ صِفَاتِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَإِنِ اتَّفَقَ بَعْضُهَا مَعَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَهُوَ تَشَابَهٌ فِي الاسْمِ لا فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ اللهَ لا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ، قَالَ سُبْحَانَهُ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

فَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمْ مَعْرِفَتَهُ، وَأَنْ نُقَدِّرَهُ سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ مِنَّا وَيَرْضَى، وَأَعُوذُ بِاللهِ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ وَالْجَهْلِ الذِينَ غَفَلُوا عَنْ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ تَجَاهَلُوا فَحَرَّفُوا صِفَاتِهِ عَمَّا يَلِيقُ بِهَا وَقَالُوا عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُـسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ اللَّهُمَّ أَعطِناَ ولا تَحْرِمْناَ اللَّهُمَّ أَكْرِمْناَ ولا تُهِنَّا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين.

المرفقات

1699453374_تَعْلِيمُ العَقِيدَةِ فِي اللهِ تِعِالِى 26 رَبِيعٍ الثَّانِي 1445هـ.doc

المشاهدات 1533 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا