تعظيم الله و بيوته وكتابه وسنن نبيه والدفاع عن المصلين والملتحين

محمود الطائي
1434/12/27 - 2013/11/01 18:57PM
يفتخرُ الناسُ بكبرائِهم ، ويفتخرون بملوكهم ورؤسائهم ، يمجدونهم ويبجلونهم ، ويكتبون في مدحهم القصائدَ والأشعار ، ويسطرون لهم الأمجاد والآثار ، كل ُ ذلك لأنّ قلوبهم خاويةٌ من ذكر الله جل وعلا فما عظموه حق تعظيمه وماقدروه حق قدره ،ولكن جعلوا له أنداداً ، تعالى الله علواً كبيراً .
فالله تعالى لا يبلغ مدحه قول قائل ، ولا يجزي بآلائه أحد.
الله : الاسم الذي لم يتسم به أحد حتى ممن نازعوا الله في ألوهيته وربوبيته، فمنعهم الله أن ينطقوا بهذا الاسم العظيم الجليل فيتسموا به ، ولهذا صدَّره الله جل وعلا في أعظم آية من كلامه فقال سبحانه : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )
فقد ذم الله تعالى الامم التي لم تعرف تعظيم الله تعالى قال نوح عليه السلام لقومه يذمهم ويزجرهم
{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً }
قال ابن عباس ومجاهد:اي لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته،
وقال ابن القيم : وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت)
فما بال قومي اليوم لا يعظمون الله تعالى الا ما رحم ربي ،
فتراهم يدعون غيره ولا يتبعون امره ، ويعطلون شرعه ولا يقيمون حكمه ، ما لهم لايرجون لله وقارا ، لو رجوا له وقارا لعلموا كيف يكتبون عنه سبحانه وتعالى وعن نبيه صلى الله عليه وسلم ، لو رجوا لله وقارا لأخذوا على أيدي من يستهزي بالله او برسوله او بدينه او بالمؤمنين ، الذين يريدون ان يُسقِطوا هيبة هذا الدين من قلوبِ الناس .
والله إشجان وإحزان ، أبثها إليكم لعلها تلامس شغاف قلوبكم ، ونحن اليوم نسمع ونرى في واقعنا المعاصر
أناسا ً نعوذ بالله ان نكون منهم والسامعين ، قد أصبحت الدنيا وزينتها هي معيار الحب والبغض ، فيحبون الأغنياء ويكرهون الفقراء ، يحبون أهل المناصب والسيادة ، ويُبغضون أهل الصلاح والعبادة ،
ليس لهم حديث إلا على المؤمنين ، ففاكهة مجالسهم في السب والشتم والطعن والقدح بالمصلين ، لماذا لاتصلي مباشرة الجواب جاهز : يقول كلهم منافقون ، لماذا لا تفعل كذا كلهم كذا وهكذا ،
وهذا لو بقي له ذرة ٌ من فهم ، كان يصلي هو ولا ينافق كما يزعم ، ولكن ليضله الله على علم ويختم على قلبه وبصرة ويجعل على قلبه غشاوة ، اغاضتهم مناظرُ اطلاق ِ اللحى
فيقعون في سب أصحابها والاستهزاء بهم وقذفهم والوقوع في أعراضهم
وكلكم قد سمع هذا الكلام وأقولها جازما ً تناسوا ان صاحب اللحية ومن سنها هو النبي صلى الله عليه وسلم القائل خالفوا المشركين ،أحْفُوا الشَّوارب وأَوفوا اللِّحى.
والله ان هؤلاء ِ في قلوبهم حقد ٌوحسد لأهل الايمان فهم لايكرهون المؤمنين لشخوصهم ابدا ً ، انما يكرهونهم لإنتماءهم لدينهم ، والتزامهم بتعاليمه فعندما يتكلمون لايقولون أسماءهم ، انما ينعتوهم بالمصلين او الملتحين ،
الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
هب ان احدهم أساء، أو ليس لهذا المسيء اسم ؟ أم إن التكلُم عليه والتشهيرُ به لا لشخصه إنما لأهل الإيمان والإسلام ،
كم حليق ٍ كذاب ، وكم من تارك للصلاة مخادع ، لماذا لم نسمع احداً قال كل من ترك الصلاة لايؤتمن فقط نسمع المصلون كذا والمصلون كذا ،
بالله عليكم لو أن رجلا من العائلة او العشرية الفلانية تصرف بتصرف لايليق هل سَيقال ان العشيرة كلها كذا ، حتى لو ان احدا قال هذا الكلام لأستنكره الناس ومارضوا به وقالوا كيف تقول هذا ، فهؤلاء فيهم من الصالحون وفيهم وفيهم ، ولا تزر وازرة وزرة اخرى .
فلماذا لا أحد يذب عن اهل الايمان وقد انطلقت الالسن على المؤمنين صباحا ومساء في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ، ولا يرد عنهم الا ثلةً من القابضين على الجمر في زمانِ الغربة الثانية .
والله وأقولها كلمةٌ حقٍ وليسمُعها القاصي والداني ،
حتى أضعَ الحجة َ على السامع ، فلا يُعذرُ بجهل ٍ بعدها،
( أنَّ كلَ من سمع السب او الاستهزاء برب الارض والسماء او بدينه القويم
او بنبيه الأمين او بالمؤمنين ، ولم يُنكر بيده او بلسانه او بقلبه ، فقد رضي بقولهم وهو منهم ومعهم بنص كلام الحق جل وعلا حيث قال ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ
حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) .
والله هؤلاء لا يقرَّ لهم قرار ولا يهدأ لهم بال حتى يروا مظاهرَ الدين قد أُزيلت ، ومنابر الحق قد أُسكِتت ، قل موتوا بغيضكم ، فإن الله قد تكفل بحفظ دينه فإن سكت واحد ٌ تكلم مئة وأن مات احد قام ألف ،
في ذاك اليوم سيعلم المستهزؤون كيف كانوا يخوضون ويلعبون (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )
في ذاك اليوم يكتشفون انهم هم الاشرار وان المؤمنين مع الأخيار ،
( وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىَ رِجَالاً كُنّا نَعُدّهُمْ مّنَ الأشْرَارِ * أَتّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَـرُ * إِنّ ذَلِكَ لَحَقّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النّارِ)
وكفى بها حصرة وندامة .
كم ضحكوا على ثيابهم وكم استهزؤوا بأشكالهم ، فاليوم الذين امنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون هل ثوب الكفار ماكانوا يعملون .
فالسعيد من يضحك اخرا ً
اقول للثابتين في زمن الفتن القابضين على الجمر في زمن المحن ، إن الطريق الى الله شاق ومحفوف بالمكاره والعقبات والتضحيات فليس الغاية ان نصل الى نهاية الطريق انما الغاية ان نموتَ على هذا الطريق ، ولاتهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين ، فأهل الحق دائما ً منصورون ، قد تكون إمكانياتهم ضعيفة ومافي ايديهم ليس ما في ايدي اعداءهم ، لكن معهم ايمان راسخ جعل الفرد منهم جماعة ً وان كان وحده . كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( الجماعة ما وافق الحق وان كنت وحدك ) .
اللهم اجعلنا على الحق ثابتين وعلى طريقه سائرين ، نعبدك حتى يأتينا اليقين
استغفر الله لي ولكم .

عباد الله : ان من تعظيم الله تعالى تعظيم نبيه صلى الله عليه وسلم
فتطيعه بما امر وتصدقه بما اخبر وتنتهي عن ما نهى عنه وزجر ، وان لا تعبد الله الا بما شرعه على لسناه ، ولا تقدم كلام احد عليه ، ولا يذكر الا وتصلي عليه صلى الله عليه وسلم .
ومن تعظيم الله تعالى تعظيم بيوته سبحانه ، وأول التعظيم يكون بإعمارها بالصلوات لا ان تصلى الفرائض بالبيوت انما تصلى بالمساجد جماعة ً ، وان تُعَظّمَ فتكونُ لذكر الله تعالى لا لذكر الدنيا ولا للبيع والشراء ، فضلا ان تجعل مواطنَ غيبةٍ ونميمة ،وفاحش الكلام ،
تعظم فتكون نظيفة عَطرة ، لا ان ترمى الاوساخ بالقرب منها .

وإن من أجل صور تعظيم الله تعالى تعظيم كلامه تلاوتا ً وتدبرا ً وحفظا ً وعملا
ليتربى ابناءنا وبناتنا على كتاب الله جل وعلا ، وعلى إجلاله وتعظيمه واحترام أهله وتوقيرِهم ، فأعظم ارثٍ تتركه لأبنائك هو تعليمهم كتابَ الله تعالى ، فالأموال تفنى والدور تَبلى والباقيات الصالحات خيرُ عند ربك ثوابا ً وخير ٌ أملا ، فأوقف أبناءك لله ، وعلمهم كلام الله فبهذه التجارة تفوز بسعادة الدنيا وفلاح الآخرة
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث بريدة رضي الله عنه " من قرأ القرآن ،وتعلَّم ، وعمل به ، أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمس ، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان : بم كُسينا هذا ؟ فيقال : بأخذِ ولدِكُما القرآن "
اللهم اجعلنا من اهل القران الذين هم اهلك وخاصتك
اللهم من استهزيء بعبادك المؤمنين اللهم اهتك استاره وأكشف عواره واجعله عبرة لمن ارد ان يعتبر
اللهم ءإذن لكتابك ان يحكم ولسنة نبيك ان تسود
المشاهدات 2749 | التعليقات 1

[align=justify]
هذه الخطبة كتبت بعد حضوري جلسة لزيارة احد المرضى
ورأيت وسمعت كلام الناس على اهل الدين واصحاب الهدي الظاهر
وقد كنت قد اعدت خطبة عن موضوع اخر ولكن غيرت الموضوع بسبب سماعي لهذه الكلمات
ولاحول ولاقوة الا بالله
فعلاً نحن في زمان الغربة الثانية

حسبنا الله ونعم الوكيل
[/align]