تعظيم الله تبارك وتعالى

محمد عقل
1434/07/21 - 2013/05/31 07:16AM
تعظيم الله 31/5/2013م
اما بعد:
فما من مجتمع من المجتمعات إلا وتظهر فيه أمراض كما تظهر على الجسد، فليس هناك على وجه الدنيا جسد إلا ويعتريه المرض، منوعاً أن يكون مرضا خطيراً أو خفيفاً، وما ذلك إلا لتحقيق قول الله : (لقد خلقنا الانسان في كبد) أي فـي جهد وعناء، لا يدوم لك نعيم وإن طالت الايام، فأنت معرض بين لحظة وأخرى لولا لطف الله ؛ هذا شأن الأجساد وشأن المجتمعات، ولكن الله  إذ أنزل لكل داء دواءً، فقد أنزل للمجتمعات أدوية أيضاً، من شأنها أن تشفي أو ان تحمي أو أن تقي، والمسلم إذا تجول نظرهُ فـي مجتمعه، يرى أمراضاً عظيمةً، من نفاقٍ من كذبٍ من تزويرٍ من تشويهٍ الخ القائمة، ولكن الشفاء من الامراض كلَّها لا يكون الا بدواء واحد؛ إنه تعظيم الله ، تعظيم الله تبارك وتعالى.
الحقيقةُ المُغَيَّبةُ اليومَ تعظيم ذات اللهِ ، وأنت تقرأ قول : (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، لا يمكن أن يكون لحظة اعتداءه على مال الناس مؤمناً؛ لأنه لو كان مؤمناً ومعظماً لله ، يعلم أن الله  يراهُ ويسمعهُ ويراقبهُ، يعلم أنه ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيدٌ؛ ما امتدت يده الى ما حرم الله ، لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الواني حين يزني وهو مؤمن، كل مخالفاتكَ فـي لحظة ارتكابها لو ذكرت عظمة الله  لانكفت يَدُكَ عن الحرام، ولذلك واحدة من أكبر مشكلات أمتنا وشعوب المسلمين اليوم، أن يَغِيبَ اللهُ  عن أحوالنا ظاهرا وباطناً، ولذلك تظهر المخالفاتُ جليةُ، فإنك لو استحضرت اللهَ  فـي دقائق حياتك ويومياتك لوجدت أن هنالك رادعاً بينك وبين الله تبارك وتعالى، فقد رأيتَ المسلمينَ يطعمون الأسرى من أعدائهم رغم ما بينهم من الخلافاتِ رغم ما بينهم من الدماءِ، ولكنهم يؤثرونَ على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ، لم؟؟ انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوساً قمطيرا.
خشية الله، حقيقة غائبة اليوم، ولو تذكر الذين يعتدون على أموال الناسِ، أو تقول ألسنتهم فـي أعراض الناسِ، لو تذكروا أن كلََّ كلمةِ مسطرةٌ بين يدي الله  لارتدعوا، لقد قالها الحبيب  ليلة الاسراء والمعراج، قال: رأيت رجالاً ونساءً أظافرهم من مخالبَ من حديد يخمشون فيها وُجوهَهُم فتسيل الدماء مرة بعد مرةٍ، فقال: من هؤلاء يا أخي يا جبريلُ؟؟ قال: هؤلاء الذين يتخوضون فـي اعراض المسلمين. خشية الله  غائبةٌ عن البال فخاضت ألسنتهم، رأيت رجالا تقرض ألسنتهم بمقارض من حديد حتى اذا ما قص اللسان عاد مرة أخرى مرة بعد مرة، من هؤلاء يا أخي يا جبريل؟؟ قال: هذا الرجل يكذبُ فـي عرضِ أخيه الكذبةَ الواحدة فتبلغ الافاق.
خشية الله غائبةٌ، ولذلك اذا جلسنا حتى فـي مجالسنا الخاصة، ورأيتُ الالسنةَ تلوكُ أعراض المسلمين، اذا رأيت الناس تمتد أيديهم الى ما حرم الله ، فاعلم أن الصورة الالهية العظيمةَ من صورة والحساب والثواب والعقاب غائبة عن البال، فأنتجت لديك أناسا يخوضون فـي أعراض المسلمين وأموالهم.
ولذلك يا أخوة الاسلام؛ رغم كلَّ ما ترى اليوم من مظاهر فتنة ولكن المسلم الذي رُبيَ فـي المسجد يبقى قلبه منعقدا على خشية الله ، وأنت ليس مطلوباً منك اليوم أن تنتظر الآخرين بل مطلوب منك أن تبدأ بنفسك؛ أن يُكفَّ اللسان عن كذب وغيبة ونميمة، أن تُكَفَّ اليد عن مالٍ حرامٍ، أن يرعى حقُّ الله  فـي أولاد ناشئةٍ صغارٍ، أن تراعي حقَّ الله  فيما يدخل عقلِ ولدكَ وجوفهِ ومعتقده، أن تعلم أبناءك محبة أصحاب رسول الله ، واتباع الصالحين، أن تجعل لهم قدواتٍ صالحةٍ يتمثلونها فـي حياتهم.
اذا أردت أن تنشئ جيلاً فلا بد أن تجعل قدواتٍ صالحةٍ، وأبنائُنا اليوم فـي أكثرهم نرعى فيهم حق الطعام والشراب والدواء واللباس، ويغيب عن بالنا ما يدخل فـي عقول أبنائنا وبناتنا ما يدخل في عقول زوجاتنا.
إن الصراع اليوم على أشُدِّهِ على عقول اطفالنا، صراع شديد، يأتيك عبر الحدود ومن داخل الدور، صراع على استعمال أبنائنا وعقول أبنائنا، لأن المستعمر اليوم اذا أراد أن يبعث سلاحاً فالكلفة باهظة، والطريقةُ الأسهل: أن يجعل من أبناءك مستعمرين لذاتك، قال : (لايؤمن أحدكم حتى يكون اللهُ ورسولهُ أحب اليه مما سواهما، وأن يُبغِض أن يرجع فـي الكفر كما يكره أن يقذف فـي النار)، وكيف يكون ذلك إلا أن يُعلم الولد والبنت والزوجة أن عادات الكافرين والمستعمرين لا تليق بنا ولا بأبنائنا ولا تليق بشبابنا ولا ببناتنا ونسائنا، وأنتم مقبلين على حرب على أبنائنا، فترى شباب المسلمين على حالة لا تُرضي رسول الله ، وترى من فتيات المسلمين من يصلين على رسول الله  اذا ذُكِر ولباسهم لا يرضي الله ولا رسوله .
يا أخوة الاسلام والايمان، كفانا أن نلقيَ اللائمة على الآخرين، وقد آن الاوان لأن تأخذ دورك فـي مجتمعك ناصحاً أمينا، أن تأخذ دورك فـي مجتمعك، أن تَعرف المعروف فتنشره، وأن تُنكر المنكر على نفسك أولاً قبل أن تنكره على غيرك.
إن أمانة نشر دعوة الله  وتعظيمَ ذات الله تبارك وتعالى ليست مهمة مقتصرةُ على شريحةٍ من المجتمع، ولكنه واجب الله  بينك وبين نفسك، وحتى فـي داخل اسرتك.
من أجمل ما ترى: أن تدخل الى بعض شركاتنا الخاصة فترى مكاناً للصلاة، لترى أن أفرادها يعظمون الله .
من أجمل ما ترى: أن تجد الأسرة خصصت مكاناً للصلاة فيه فـي البيت اذا قصروا فـي صلاة الجماعة، فتراهم يجتمعون.
من أجمل ما ترى: أن ترى شباباً يافعين قد أمدهم الله بالمال والغنى والصحة والعافية، يأخذون من أوقاتهم ساعة فـي اليوم ليقرؤوا القران الكريم.
اقبال على الله .
ولكن الذي نريد أن نصل إليه أن لا يكون اقبالنا على الله  اقبالاً حَيِيا، أن لا يكون اقبالنا اقبالاً حييا، بل لا بد لكل صاحب معروف وهمة أن ينشر همته وانجازه، ليصبح قدوةً كما قال الحبيب : من سن فـي الاسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من اجورهم شيئاً، وبالمقابل من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها.
فانظر أين تضع قدمك، فإنك غداً محاسب، وعندها لا ينفعك عذر، ولا ينفعك أن تقول سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، وهكذا كان الناس يفعلون ففعلت مثلهم.
أعداءٌ لا تغنيك عند الله شيئاً.
نسأل الله  أن يثبت أقدامنا على طاعته، وأن يرزقنا محبته، وأن يستخدمنا ولا تستبدلنا، إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
أما بعد عباد الله:
ولاشك أن النصر على الأعداء، ذاك النصر الذي ننشده ونطلبه، لن يكونَ إلا بعدما تعظم الامة ربها تبارك وتعالى.
فكيف لنا بنصر من الله ومنا من يقصر بصلاة الجماعة، ومنا لا يؤدي الله  فـي ماله من زكاة وصدقات، ومنا من يأكل الحرام ويتعامل بالربا، ومنا من يأخذ الرشوة، ومنا من يتتبع عورات المسلمين، ومنا من يسيء الى جيرانه، ومنا من يقطع رَحِمَهُ، ومنا ومنا ومنا.
قد تقول أنه ليس علينا جهاد فـي الزمان وهذا الوقت، فإنها فتن ومسلمون يقتلون بعضهم؟؟
نقول بل عليك أن تبدا بالجهاد من هذه اللحظة أن تجاهد نفسك، فتمنعها عن الحرام، أن تجاهد نفسك فتُعَلِّمَها العلم الشرعي حتى تعبد الله على علم ولا تقع فـي حرام، أن تجاهد فـي أهل بيتك؛ فتربي أبنائك وبناتِك كما ربى الصحابة أبنائهم.
ونسأل الله  أن نكون ممن يحسنون اعداد العُدة، فيعملون لإرضاء الله ، ولا خافون لومة لائم.
نذكركم فـي يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف وكثرة الصلاة على رسول الله ، والصدقة فـي هذا اليوم فإن لها فضلا على سائر أيام الاسبوع.
المشاهدات 2163 | التعليقات 1

بارك الله فيك و شكر لك ، الموضوع أجلُّ ما يتكلّمَ فيه العلماءُ و الدّعاة والخطباء ، وقد طرحته بنَفَسٍ إقناعيٍّ يستميل العقول فأجَدت ، حاول أستاذي الفاضل أن تكتُبَ في نَفْس الموضُوعِ بنَفَسٍ تأثيريّ تستميل به القلوب والمشاعر ، لديك بصمات الإبداع ، فلا تحرِمنا من إبداعاتك .
[IMG]http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSqRO3zR-RrSSDj_4tdZGD1r6MgEPUbNmK9sjERcIymEizCWB5o1A[/IMG]