تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ– المَوَاقِيتِ

محمد البدر
1443/11/17 - 2022/06/16 02:57AM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:   

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى :﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾.وَقَالَﷺ:«بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.الحج ركن عظيم من أركان الإسلام العظيم، ومن استطاع الحج وتوفرت فيه شروط وجوبه، وجب عليه الحج على الفور، ولا يجوز له تأخيره.قَالَﷺ:«تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ»رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.‌وَقَالَﷺ:«قَالَ اللَّهُ:إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ:الأَنساكِ ثَّلاثَةِ وهي:الإفرادِ،القِرانِ، التمَتُّعِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَة:والإجماعُ على ذلك.قَالَﷺ:«مَن أرادَ منكم أن يُهِلَّ بحَجٍّ وعُمْرَةٍ، فلْيَفْعَلْ، ومن أراد أن يُهِلَّ بحَجٍّ فلْيُهِلَّ، ومن أراد أن يُهِلَّ بعُمْرَةٍ فلْيُهِلَّ وَ قَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِﷺبِحَجٍّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وصفة هذه الأنساك:الإفرادِ هو أن يحرم بالحج مفردا، وبعد انتهاء الحج يأخذ عمرة من التنعيم إن شاء، ولا دم عليه. واما التمَتُّعِ:فهو أن يحرم بالعمرة في أَشْهُرٌ الْحَجّ وَهِيَ:شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أوَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّة- فإذا فرغ من أعمالها، وحل منها، أحرم بالحج في عامه من مكة أو من قريب منها، وعليه الهدي وأفضَلُ الأَنْساكِ التمتُّعُ لِمَن لم يَسُقِ الهَدْيَ قَالَ تَعَالَى:﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾.فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاريِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّﷺيَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُمْ ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا ، فَقَالَ لَهُمْ:أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ ، وَبيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَقَصِّرُوا ، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلالا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ ، فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ ، وَاجْعَلُوا الَّذِي قَدَّمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً ، فَقَالُوا:كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ  فَقَالَ:افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ فَلَوْلا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ ، لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ ، وَلَكِنْ لا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»فَفَعَلُوا.متفقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.واما القِرانِ فهو أن يقرن بين الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، فيحرم بهما جميعا.وله صورة ثانية:وهي أن يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل أن يشرع في طوافها وعليه الهدي، كما تقدم في التمتع. ولا يجب الهدي على المتمتع والقارن إلا بشرط ألَّا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي:لا يكونا من سكان مكة أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة أو الحرم فلا هدي عليهم قَالَ تَعَالَى:﴿ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. ويلزم الهدي أهل جُدّة إذا أحرموا بتمتع أو قِران؛ لأنهم ليسوا من حاضري المسجد الحرام. ومتى عَدِمَ المتمتع والقارن الهدي أو ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته ورجوعه فإنه يسقط عنه الهدي، ويلزمه الصوم؛ قَالَ تَعَالَى:﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.ويجوز أن يصوم هذه الثلاثة متوالية ومتفرقة، ولكن لا يؤخرها عن أيام التشريق, وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء متوالية، وإن شاء متفرقة.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..


 

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:عَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:«وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِﷺلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ.قَالَ:«فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَن كان دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حيثُ أنْشَأ، حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّة»متفقٌ عَلَيْهِ. وَ عَنِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً، يُسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ فَقَالَ:سَمِعْتُ-أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺفَقَالَ:«مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺ«وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.والمواقيت المكانية:هي الأماكن التي حددها الشارع للإحرام منها فلا يجوز لمن يريد الحج أو العُمْرَة أن يتجاوزها إِلا بإِحرام، وهي خمسة مواقيت.وهي ميقات ذو الحُلَيْفَة:وهو الآن في الجهة الجنوبية من المدينة النبوية،ويسمى(أبيار علي)وهو ميقات أهل المدينة.وميقات الجُحْفة:وهي قريبة من مدينة رابغ،وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب.وميقات يَلَمْلَم:وهو وادٍ كبير في طريق أهل اليَمَن إلى مكة، ويسمى اليوم:السعدية،وهو ميقات أهل اليَمَن.وَميقات قَرْنُ المنازل:ويسمى الآن بالسيل الكبير، وهو ميقات أهل نجد والطائف، وأعلاه على طريق الطائف من جهة الهَدَى مكان يسمى:وادي محرم، وكلاهما ميقات لأهل نجد، ولمن يأتي عن طريق الطائف.وميقات ذاتُ عِرْق:سمي به لأن به عرقا والعرق هو الجبل الصغير وتسمى الآن (الضريبة أو الخريبات)وهي مكان شرق مكة ، وهي الآن مهجورة.وهي ميقات أهل المشرق(العراق وإيران وما وراءهما).

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1655348182_تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ– المَوَاقِيتِ.pdf

المشاهدات 784 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا