تطهير الأرض من المفسدين

مبارك العشوان
1437/03/28 - 2016/01/08 01:11AM
إنَّ الـحَمْدَ للهِ...عبدُهُ ورسُولُهُ. أمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله... مسلمون.
عباد الله: لمَّا ذكرَ اللهُ تعالى في كتابهِ قِصَّةَ ابْنَيْ آدمَ؛وَقَتْلَ أحدِهما للآخـــرِ؛ قالَ بعدها: { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ، إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } المائدة 32 - 33 يقول الإمام السعدي رحمه الله: وإذا كان هذا شأنُ عِظَمِ هذهِ الجريمةِ، عُلمَ أن تطهيرَ الأرضِ من المفسدين، وتأمينَ السُّبلِ والطرقِ عن القتلِ، وأخذِ الأموال، وإخافةِ الناس، من أعظمِ الحسناتِ وأجَلِّ الطاعات، وأنه إصلاحٌ في الأرض، كما أنَّ ضِدَّهُ إفسادٌ في الأرض.
ويقول الشنقيطي رحمه الله: ومن هديِ القرآنِ للتي هي أقوم: القصاصُ؛ فإنَّ الإنسانَ إذا غضبَ، وهمَّ بأن يقتُلَ إنساناً آخرَ فتذكرَ أنَّه إن قَتَلَهُ قُتلَ بِهِ، خافَ العاقبةَ فتركَ القتلَ؛ فحيي ذلكَ الذي كانَ يريدُ قتلَهُ،وحيي هو؛ لأنَّهُ لم يقتُلْ فيُقتَلُ قصاصاً. فَقَتْلُ القاتلِ يحيا بِهِ ما لا يعلمهُ إلا الله كثرةً كما ذَكَرْنَا؛ قال تعالى: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ولا شكَ أنَّ هذا مِنْ أعدلِ الطُّرقِ وأقومِهــا؛ ولذلكَ يشاهدُ في أقطارِ الدنيا قديماً وحديثاً قلةَ وقوعِ القتلِ في البلاد التي تُحَكِّمُ كتابَ الله. لأن القصاصَ رادعٌ عن جريمةِ القتل؛ كما ذكره الله في الآية المذكورة آنفاً. وما يزعمُهُ أعداءُ الإسلامِ من أن القصاصَ غير مطابقٍ للحكمةِ. لأنَّ فيه إقلالَ عددِ المجتمع بقتلِ إنسانٍ ثانٍ بعدَ أن ماتَ الأول، وأنه ينبغي أن يُعاقبَ بغير القتل فيُحْبسُ، وقد يُولدُ له في الحبس؛ فيزيدُ المجتمع. كلُّهُ؛ كلامٌ ساقطٌ، عارٍ من الحكمةِ، لأنَّ الحبسَ لا يردعُ الناسَ عن القتل. فإذا لم تكن العقوبةُ رادعةٌ فإنَّ السفهاءَ يكثرُ منهم القتل؛ فيتضاعفُ نقص المجتمعِ بكثرةِ القتل. أهـ.
عبادَ اللهِ: لا تُقمعُ الفَتَنُ،ولا يوقَفُ الظلمُ و يزجرُ الظَّالِمِ، ولا يتمُ العَدْل، ولا يستِتْبُ الأَمْنِ إلاَّ بِتَطْبِيقِ شَرْعِ اللهِ عز وجل؛ فبقتلِ القاتلِ تحفظ الأنفس، وبجلدِ الزاني ورجمِهِ تُحفظ الأعراض، وبقطعِ يدِ السارقِ تُحفظ الأموال، وبجلدِ القاذفِ تُكفُّ الألسنةُ الآثمة، وبجلدِ شاربِ الخمر تحفظ العقول. فإقامةُ الحدودِ صلاحٌ للعباد، مطهرةٌ للأرض من الفساد.
نسألُ الله تعالى أن يُطهرَ قلوبَنا، ويغفرَ ذنوبَنا، ويهديَنا لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ لا يهدي لأحسنِها إلا هو، وأن يصرفَ عنا سيئَها لا يصرف عنا سيئها إلا هو.
بارك الله... وأقول ما تسمعون...


الخطبة الثانية:

الحمد لله... أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على ما تنعمون به في هذه البلادِ، من إقامةِ شرعِ الله وتَطبيقِ حُدُودِه.
وسلوا ربكم جل وعلا العونَ والتوفيقَ والسدادَ لولاةِ أمركم، سلوا الله تعالى أن يحفظَ هذه البلادَ وسائرَ بلادِ المسلمين بحفظهِ، وأن يصرفَ عنها كلَّ سوءٍ وبلاءٍ وفتنةٍ، وأن يردَ كيدَ الكائدينَ لها في نحورهم.
التَفُّوا ـ رحمكمُ اللهُ ـ حولَ علمائِكم، وولاةَ أمركم.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } النساء 59
الزَمُوا جَمَاعَةَ المُسلِمينَ، اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.
يقول عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رحمه الله:
إنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا ....... مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا
كَمْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِـــلَةً ....... فِي دِينِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَدُنْيَــانَا
لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَمْ تُؤْمَنْ لَنَا سُبُــــلٌ ....... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْــــوَانَا
اللَّهُمَّ أدِم علينا الأمن والإيمان،اللهم احفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من فساد المفسدين، وكيد الكائدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى...
عباد الله: صلوا وسلموا ... عباد الله: اذكروا الله...
المشاهدات 1444 | التعليقات 1

خطبة رائعة ماتعة
خطبة رائقة راقية
ليتك زدها شبرًا واحدًا
بغير إملال ولا إخلال

نعم أعجبني فيها
تأصيلها
ونقولها
وعمومها
وقصرها
وزبدتها

لكنَّ الزبدة
خلت من القشدة
واللبنة
فليتك طعَّمتها ببعض العناصر الغذائية الأخرى
والكمال عزيز

وفقك الله
وجزاك الله خيرًا