تِسْعٌ مَسَائِلَ مُضْطَرُّونَ إِلَيْهَا 1 جُمَادَى الأُولَى 1444هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1444/04/29 - 2022/11/23 16:34PM

تِسْعٌ مَسَائِلَ مُضْطَرُّونَ إِلَيْهَا 1 جُمَادَى الأُولَى 1444هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغُفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْأَمِينُ الْمَأْمُون، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي صَالِحِ الْأَعْمَالِ وَالْأَمْرِ الرَّشِيد.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ سَلَامَةَ الْعَقِيدَةِ شَرْطٌ لِقَبُولِ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فَلا تَصِحُّ الْأَعْمَالُ إِلَّا بِسَلامَةِ الْاعْتِقَادِ، وَلِهَذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ دَعْوَةِ الرُّسُلِ جَمِيعًا، وَقَدْ مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ يَدْعُ فِيهَا إِلَى صَلَاةٍ وَلَا حَجٍّ وَلا زَكَاةٍ وَلا إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُرَسِّخُ التَّوْحِيدَ وَالْمُعْتَقَدَ الصَّحِيحَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، ثُمَّ لَمَّا تَوَطَّدَتِ الْعَقِيدَةُ فِي قُلُوبِهِمْ نَزَلَتْ شَرِائِعُ الإِسْلَامِ الْعَمَلِيِّةُ وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ حَقًّا وَيُحْزَنُ عَلَيْهِ صِدْقا أَنَّهُ قَدْ قَلَّ اهْتِمَامُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ بِالْعِلْمِ عُمُومًا وَبِأَمْرِ الْعَقِيدَةِ خُصُوصًا، وَلِذَلِكَ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ وَكَثُرَتِ الْمُخَالَفَاتُ فِي الْاعْتِقَادَاتِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُؤْذِنٌ بِالْخَطَرِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ لا يَنْفَعُ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعَقِيدَةُ صَحِيحَةً، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، وَمِنْ أَجْلِ هَذِهِ الْأَهَمِيَّةِ الْعَظِيمَةِ لِأَمْرِ الْعَقِيدَةِ فَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَنَتَعَرَّضُ بِإِذْنِ اللهِ لِعَدَدٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الْكُبْرَى فِي الاعْتِقَادِ, وَسنَجْعَلُ الْخُطْبَةَ عَلَى هَيْئَةِ مَسَائِلَ, وَتَسْهِيلًا لِلْفَهْمِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَوَّلًا: يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ جَمِيعاً أَنَّ الْحِكْمَةَ مِنْ خَلْقِ اللهِ لَنَا هِيَ عِبَادَتُهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وَمِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ أَرْسَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ قَوْمٍ رَسُولًا يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَالْكُفْرِ بِعِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وَعَلَى هَذَا فلتَكُنْ حَيَاتُكَ مَبْنِيَّةً عَلَى تَحْقِيقِ هَذَا الْأَمْرِ.

ثَانِيًا: آخِرُ الرُّسُلِ وَخَاتَمُهُمْ هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللهُ تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وَلِهَذَا فَلا يَقْبَلُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينًا إِلَّا الْإِسْلَامَ, وَهَذَا أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ نَعْتَقِدَهُ وَلا نَشُكَّ فِيهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ثَالِثًا: يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْأَعْمَالِ شَرْطَانِ: هُمَا الْإِخْلَاصُ للهِ وَالْمُتَابَعَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.

رَابِعًا: تَكَاثَرَتِ الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُحَذِّرَةً مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}, وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 خَامِسًا: قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حُدُوثِ الافْتِرِاقِ فِي الأُمَّةِ وَحَذَّرَ مِنْهُ وَذَكَرَ الوَعِيْدَ الشَّدِيْدَ فَي ذَلِكَ، فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ (أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

سَادِسًا: يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَدْعُونَ فِي الظَّاهِرِ إِلَى اللهِ, يَرْفَعُونَ رَايَةَ نُصْرَةِ الدِّينِ وَيَدْعُونَ لِلْجِهَادِ، وَهُمْ أَهْلُ ضَلَالٍ وَانْحِرَافٍ، وَقَدْ حَذَّرَ مِنْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ النَّاسُ بِهِمْ، فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ (نَعَمْ) قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ (نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ) قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ) قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ) قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

أَسْأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يَحْفَظَنَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهِ، إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَمِيعُ الدُّعَاءِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيل.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ عَظِيمِ الإِحْسَانِ، وَاسِعِ الْفَضْلِ وَالْجُودِ وَالامْتِنَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ, وَسَلَّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَسَابِعًا: إِنَّنَا مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِ هَدْيِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَهُمُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَعَلَيْهِ فَلا بُدَّ لَنَا مِنْ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ لِكَيْ نَسْلُكَ طَرِيقَهُمْ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ (أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ، أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِن) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ لَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَامٍ وَلا إِمَامَ إِلَّا بِطَاعَةٍ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْنَا فِي بَلَدِنَا الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ بِوُجُودِ حُكُومَةٍ شَرْعِيَّةٍ قَائِمَةٍ، وَلْنَعْلَمْ أَنَّنَا مُسْتَهْدَفُونَ مِنْ أَعْدَائِنَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّفَوِيِّينَ الشِّيعَة، وَقَدْ سَلَّطُوا عَلَيْنَا وَسَائِلَ الْإِعْلَامِ الْمُتَنَوِّعَةِ، بَلْ وَسَيْطَرُوا عَلَى عُقُولِ بَعْضِ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا وَاجْتَلَبُوهُمْ عِنْدَهُمْ, وَوَفَّرُوا لَهُمُ الْوَسَائِلَ لِلطَّعْنِ فِي حُكَّامِنَا وَعُلَمَائِنَا، فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَلْنَخَفْ أَنْ يَسْلِبَنَا اللهُ هَذِهِ النِّعْمَةَ التِي نَحْنُ فِيهَا، مِنَ الْأَمْنِ فِي الْأَوْطَانِ وَالصِّحَةِ فِي الْأَبْدَانِ وَالنِّعْمَةِ فِي الْمَعَايِشِ وَالْخَيْرَاتِ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : إِنَّ النَّجَاةَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسْلِمِ فِي عَصْرِ الْفِتَنِ أَنْ يَلْزَمَ أَهْلَ الْعِلْمِ الرَّاسِخِينَ وَيَصْدُرَ عَنْ آرَائِهِمْ، وَإِنَّ مِنْ طُرُقِ أَهْلَ الْبِدَعَ لِإِبْعَادِ النَّاسِ عَنِ الدِّينِ الْقَوِيمِ أَنَّهُمْ يَتَنَقَّصُونَ الْعُلَمَاءَ لِيَزْهَدَ النَّاسُ فِيهِمْ فَيَتَفَرَّدُوا بِالنَّاسِ فَيُضُلُّوهُمْ، وَإِنَّ مَنْزِلَةَ الْعُلَمَاءِ عَظِيمَةٌ فِي الشَّرْعِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، وَقَالَ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.

تَاسِعًا: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ الْإِيمَانَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلِذَلِكَ كَثُرَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}, فكن مستعدا للمغادرة, قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ عِلْمٍ لا يَنْفَعْ وَمِنْ قُلُوبٍ لا تَخْشَعْ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا, وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ عُلَمَائِنَا وَاغْفِرْ لِمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنْهُمْ وَاحْفَظْ مَنْ أَبْقَيْتَهُ حَيَّاً وَانْفَعْنَا بِعُلُومِهِمْ وَآدَابِهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1669210490_تِسْعٌ مَسَائِلَ مُضْطَرُّونَ إِلَيْهَا 1 جُمَادَى الأُولَى 1444هـ.docx

المشاهدات 1971 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا