ترغيب الإسلام في النظافة - موافق للتعميم-.
عايد القزلان التميمي
1444/01/28 - 2022/08/26 06:52AM
الحمد لله الذي أمرنا بالطهارة والنظافة لصحة الأبدان والأرواح وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شرع الوضوء والغسل وإزالة النجاسة من الثياب والأبدان ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله ، القائل : (( الطُّهورُ شطْرُ الإيمانِ)) ، صلى الله وسلم عليه ، وعلى آله وأهل بيته المطهرين بنص القرآن ، وعلى صحابته المتطهرين من الذنوب والأدران ، وعلى التابعين لهم بإحسان من أهل الإيمان .
أما بعد فيا أيها المسلمون، اتقوا الله، واعلموا أن دين الإسلام قد رغب في النظافة وصحة الأجسام، وأوصى بأن يكون المرء حسن المنظر كريم الهيئة في كل حالاته، في البدن والثياب، وفي المساجد والدور ومجامع الناس، قال تعالى: (( يَـٰبَنِى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ ))، قال بعض المفسرين: "أي: عند كل صلاة".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك، وكان يُعلم المسلمين أن يهتمُّوا بهذه الأمور ويلتزموها في شؤونهم الخاصة؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ) رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني,
ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً ثائر الرأس قال: (((أَمَا يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الشيخ الألباني. ،
وهكذا يحثّنا ديننا على التجمل، والله جل وعلا جميل يحب الجمال،.
و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس الثياب الحسنة النظيفة ويحبّ الأبيض منها، وكان يتطيب بالمسك والعنبر ويتبخر بهما .
عباد الله إن ديننا الإسلامي اعتنى بطهارة البدن، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمنين الذين يكثرون من الطهارة ويحرصون على الوضوء أنهم يبعثون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، أي: تبدو عليهم علامة تميزهم عن غيرهم ممن لا يتوضأ ولا يتطهر.
وكذلك حث الإسلام على العناية بتنظيف الفم والاهتمام به، فكان صلى الله عليه وسلم يستخدم السواك ويقول (( لَوْلَا أنْ أشُقَّ علَى أُمَّتي أوْ علَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ مع كُلِّ صَلَاةٍ (( رواه البخاري.
وأمَر الإسلام الناس بالطهارة والنظافة منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، فأول آيات الوحي نزولًا تنادي بالعلم، وثاني آيات الوحي نزولًا تنادي بالطهارة الباطنة، والنظافة الحسية، نظافة البدن، ونظافة المسكن، ونظافة المجتمع، ونظافة البيئة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ .
أيها المؤمنون فعن أبي هريرة رضي الله عنه (( أنَّ رَجُلًا أسْوَدَ أوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي به دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ - أوْ قالَ قَبْرِهَا - فأتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا)) متفق عليه.
إن هذه العناية وهذا التكريم من النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لامرأة سوداء كانت تنظف المسجد لهو دليل على حرصه على النظافة، وعلى إعلاء شأن من يقوم بهذا العمل الجليل، حتى إنه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عن البصاق في المسجد فقال: ((البزاقُ في المسجد خطيئةٌ، وكفارتها دفنُها)) ، البُزاق يعني البصاق.أخرجه مسلم.
وقال النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ (( عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمالُ أُمَّتي حَسَنُها وسَيِّئُها، فَوَجَدْتُ في مَحاسِنِ أعْمالِها الأذَى يُماطُ عَنِ الطَّرِيقِ، ووَجَدْتُ في مَساوِي أعْمالِها النُّخاعَةَ تَكُونُ في المَسْجِدِ، لا تُدْفَنُ)) رواه مسلم.
وفي نفس الوقت أنكر النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المسلمين والناس جميعًا بشكل عام أن يجعلوا الطريق مكانًا لإلقاء فضلاتهم، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ)) يعني يتبرز أو يتبول في طريق الناس أو في ظل الأشجار في الحدائق وغيرها. والمراد باللاعنين: الأمرين الجالبين للعن، والداعيين إليه؛ وذلك أن مَن فعلهما شُتم ولعن، يعني عادة الناس لعنه .
عباد الله إن ديننا الحنيف يحثنا على النظافة وإماطة الأذى عن الطريق، ومع ذلك نرى من يقوم بالعكس بكل استهتار وعنجهية وقلة حياء، قال صلى الله عليه وسلم: (بينَما رجلٌ يمشِي بطريقٍ وجَد غُصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّرَه، فشَكَر الله له فغفَر له) رواه البخاري ومسلم،
وعن أَبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ؟ قَالَ: «اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ». صحيح مسلم ،.
أيها المؤمنون : يقوم إخواننا عمال النظافة الكرام بدور مهم وفعال في إماطة الأذى عن الطرق ونظافة الشوارع والحدائق العامة، وحماية البلاد من انتشار الأوبئة والأمراض؛ ولذا يجب علينا أن نتعاون معهم في هذا العمل الشاق، الذي يقومون به يوميًّا، ويجب أن ننظر إليهم نظرة احترام وتقدير؛ لِما يبذلونه من مجهود كبير من أجل نظافة البلاد.
واعلموا عباد الله أن النظافة من مظاهر الإيمان، وهي سلوك إنساني وحضاري، وفيها إرضاء للرحمن، وعافية للأبدان، وسلامة من الأسقام. بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أمرنا بطاعته، وحثنا على لزوم الأدب في كل ما أمر به، فكان ديننا دين الكمال والجمال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد
فيا أيها المؤمنون: إن أول طريق النظافة المعنوية الحقيقية (طهارة عقيدة المسلم من الخرافات والشركيات) وأن تكون عبادتنا لله وحده قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
ويجب علينا أن نهتم بنظافة و طهارة القلب من الحسد والحقد والغل والكره والبغض والاحتقار والكبر وحب الدنيا وكذلك طهارة ألسنتنا وأموالنا من الحرام والشبهات ويجب علينا أن نربي أنفسنا ومن تحت أيدينا على الاهتمام بالنظافة في كل مكان مع الاهتمام بالنظافة الباطنة .
اللهم جمِّل بواطننا بالاخلاص والتقوى. وظواهرنا بالطهر والنقاء .
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله.....
المرفقات
1661485862_ترغيب الإسلام في النظافة 28-1-1444.docx