تذكير لكل مَنْ أصابَهُ هَــــــمٌّ وَنَزَلَ بِهِ كَــــــرْبٌ 3 / 4 / 1444 هـ

نجم الدين
1444/04/02 - 2022/10/27 16:24PM

تذكيرٌ لِكُلِ مَنْ أصابَهُ هَــــــمٌّ وَنَزَلَ بِهِ كَــــــرْبٌ  3 / 4 / 1444هـ      

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :

فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [ آل عمران : 102].

واعلموا أن الدنيا لايدوم فيها حال، فصحةٌ ومرض، ويُسرٌ وعُسر، وفَرحٌ وحُزن، وقد يعتري ويُصيبُ الإنسانَ ما يُسببُ لهُ الهمَّ، والغمَّ، والـــحَزَن، لكنّ المسلمَ يحاول ألاّ يـَـدُومَ عليه هذا الشعور، فمعَ بذل السبب لإزالتِهِ يُوقِنُ ويُؤمنُ أنَّ هذا قَدَرُ اللهِ عليهِ فتستَــقِرُّ وتهدأُ نَــــفْسُهُ، ويـَـــثِقُ أنّ اللهَ لم يمنَع عنهُ حاجةً رغِبهَا إلاّ ولهُ في الـمـنْعِ خيرٌ يجهَـلُهُ، ويَلزمُ تقوى الله – عزّ وجل- ﴿ ..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [ سورة الطلاق : 4].
ومن كانت الدنيا هي أكبر هـمّهِ ونسيَ آخرتَهُ فسيبقى مغموما مهموما، ولذا كان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم  "وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا" رواه الترمذي وحسّنَهُ الألباني
أيها المسلمون: ومع بَذلِ المسلمِ الأسبابَ الـمشرُوعةَ لإزالةِ ما أغمّهُ وأَهمّهُ
فلا يجعلْ هذا الغمَّ يَسرِقُ مِنهُ طُمأنِينَتَهُ ويُنسِيهِ النّعمَ الأُخرى التي أنعمَ اللهُ بها عليهِ، كَما أنَّ المسلمَ لابدّ أن يُدركَ أنَّ في الصلاةِ راحةً من هُـمُومِ الدنيا، وفيها سَكينةُ للنفسِ،  قال رسولُ اللهِ ﷺ لبلال :       « «أَقِمِ الصَّلَاةَ يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بِهَا» »رواه أبو داود،وصححهُ الألباني

عبادالله: وكما في الذكر انشراح للصدر وطُمأنينةٌ للقلوب، فهو سبب في ذهاب الهموم و انجلاء الغُموم
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [ سورة الرعد : 28].

ويُكثر المسلمُ من الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وكان أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يُـــخصّــصُ وقــتًا للدعاء،وسألَ النبيَّ ﷺ ذاتَ يومٍ عن: كم يـجعلُ من هذا الدعاء صلاةً عليهِ؟حتى قالَ أُبَيٌّ في آخر الأمر: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟  فقال رسول الله ﷺ " إذًا تُكفى همَّكَ ويغفَرَ ذنبُكَ"                  رواه الترمذي وحسّنه الألباني

يَا مَنْ حَلَّ بهِ غَمٌ ونَزلَ بهِ كَربٌ: لا تَغــــفَلْ عن دعوة ذي النون عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ "رواه الترمذي وأخرجه أحمد وقال الألباني: حديث صحيح
وصلاة الضحى ركعتين ثم ركعتين،  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: يَا ابْن آدم اركع لي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ: أَكْفِكَ آخِرَهُ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وصححه الألباني 

يَا مَنْ أصابَــهُ كَــــربٌ وشِدَّةٌ،عليكَ بهذا الدعاء، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ "                        أخرجه أحمد وحسّنَهُ الألباني 

وقول: حسبي الله ونعم الوكيل، قال ﷺ "كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ " رواه البخاري

وكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ» رواه البخاري ومسلم
أيها المسلمون : استعيذوا بما كان رسولنا ﷺ كثيرا يستعيذ بالله منه،قال أنس بن مالك رضي الله عنه، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» رواه البخاري
اللهم إنّا نستعيذ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ
باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ


الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :  الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:
الالتِجاءُ إلى الله، والتوكُّلُ عليه وحُسْنُ الظنِّ به، مِنْ أعظمِ مُفرِّجات الهُموم، والكروب، قال تعالى(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 3]
والتعلُّقُ بالله ودُعاؤُه، وقد كان نبيُّنا محمدٌ - ﷺ  - إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» رواه الترمذي.وحسّنَهُ الألباني
وقال ﷺ: "ما من مُؤمنٍ يُصيبُه همٌّ أو غمٌّ أو حَزَن فيقولُ: اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمَتِك، ناصِيَتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حُكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك اللهم بكل اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثَرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القرآن الكريمَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حَزَني، وذهابَ همٍّ وغمِّي؛ إلا فرَّج الله عنه"  أخرجه أحمد في مُسنَدِهِ
عبادالله: ومَنْ يسعى لتفريج كُــرَبِ الناس يريد بذلك وجهَ الله فإنّ اللهَ يُـــــــيَسِرُ أمورَهُ، قال صلى الله عليه وسلم (... وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..) رواه مسلم

أيها المسلمون: إنما الدنيا متاع، ودار مَـمَرٍ لا مَقرّ، خلقنا الله لعبادته، نبذل الأسباب، ولكنَّ الآخرةَ نُـــــصْـــبَ أعـــيُنـِـــنَا، لا نُفرّط في الطاعات ولا نرتكب المعاصي والموبقات،فلا نجعل الدنيا كُلَّ هـمّــــنَـا فتَكُونَ هِيَ سَببُ هلاكِنــَـا، قال ﷺ مُبَشِرًا،ومُحَذِرًا:  «مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ ؛كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ».              رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وصحّحَهُ الألباني

اللهم لا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.

عباد الله: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل: 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[ الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

المرفقات

1666927774_تذكيرٌ لِكُلِ مَنْ أصابَهُ هَــــــمٌّ وَنَزَلَ بِهِ كَــــــرْبٌ وشِدَّةٌ.docx

1667012563_تذكيرٌ لِكُلِ مَنْ أصابَهُ هَــــــمٌّ وَنَزَلَ بِهِ كَــــــرْبٌ وشِدَّةٌ.docx

1667012583_تذكيرٌ لِكُلِ مَنْ أصابَهُ هَــــــمٌّ وَنَزَلَ بِهِ كَــــــرْبٌ وشِدَّةٌ.pdf

المشاهدات 1113 | التعليقات 0