تداعيات العبث بالمناهج الدراسية العربية

احمد ابوبكر
1435/12/13 - 2014/10/07 03:51AM
[align=justify]ليست الحرب العسكرية التي يشنها الغرب - بالتحالف مع الرافضة - ضد المسلمين من أهل السنة هي وحدها التي يعولون عليها في محاولة كسب معركتهم التاريخية مع الإسلام الحنيف , بل ربما تكون المعركة الفكرية والتعليمية هي الأهم بالنسبة لهم , فهي الغاية والهدف الرئيس من جميع حروبهم ومعاركهم العسكرية . لقد استثمرت الولايات المتحدة الأمريكية أحداث 11 من سبتمبر لشن حملة من الضغوط على الدول العربية والإسلامية لتغيير مناهجها الدراسية بشكل عام , بما يتوافق مع مفهوم الإسلام الذي يريدونه – إسلام تغريبي علماني – وقد انصاعت بعض الدول العربية لهذه الضغوط , وتم تعديل الكثير من مناهجها بشكل عام , وإجراء الكثير من التغيير على منهاج التربية الإسلامية والتاريخ بشكل خاص . لقد تم في السنوات الأولى التي أعقبت هجمات 11 من سبتمبر تعديل مناهج التربية الإسلامية في بعض الدول العربية , فتم حذف كثير من آيات الجهاد من هذه المناهج , لإبعاد الأجيال الإسلامية الحالية والمستقبلية عن هذه الفريضة , ناهيك عن محاولة إبعاد الإسلام عن السياسة وحياة الناس , وقصره على العبادات الشعائرية والأخلاق . وها هي موجة جديدة من حمى تغيير المناهج الدراسية العربية تهب على الساحة العربية من جديد , مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن تحالف دولي كبير لمواجهة ما يسمى "إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية" , مما يشير إلى ارتباط تغيير المناهج العربية مع كل حملة أمريكية غربية ضد ما تسميه "الإرهاب" . فقد تم تعديل منهاج اللغة العربية في منهاج الدراسة الابتدائية في الأردن , فتم حذف درس عن القدس و آخر يشيد ببطولات الطيار الأردني "فراس العجلوني" الذي كان أول طيار عربي يقصف "إسرائيل" , ناهيك عن حذف اسم فلسطين واستبداله "باإسرائيل" على الخارطة . ورغم ردود الأفعال الشعبية والإسلامية الغاضبة من هذا العبث المقصود بفكر ووعي وهوية الأجيال العربية المستقبلية , إلا أن أمثال هذه العبث يمر ويمضي دون أي تراجع أو استدراك من قبل الحكومات العربية , الأمر الذي يستوجب على علماء الأمة ومفكريها التنويه لخطره , والتنبيه والتوعية لفساد وبطلان أمثال هذه الإجراءات , التي تستهدف تشويه حقائق الواقع وتغيير ثوابت الأمة . لم يقتصر أمر العبث بمناهج الدراسة على مادة اللغة العربية أو التربية الإسلامية , بل تعداها إلى ذاكرة الأمة وسجلها المتمثل بالتاريخ , فقد نشرت وزارة التربية والتعليم المصرية صورا لمؤسسي حركة تمرد في كتب التاريخ المدرسية , باعتبارهم قادة نجحوا في الإطاحة بأول رئيس منتخب في مصر محمد مرسي . وبغض النظر عن اختلاف وجهات النظر بين مؤيدي ما حدث في مصر في 3 يوليو من العام الماضي وبين رافضيه ومنتقديه , فإن نقل الصراع إلى دائرة والتعليم والمناهج الدراسية أمر لا مبرر له البتة , فكيف إذا كان العبث قد وصل إلى ذاكرة الأجيال المستقبلية , في محاولة لتشويه صورة الأبطال والقادة العظام في نظر أطفال الأمة الإسلامية . فبعد أن كانت صورة البطل تتمثل في ذهن أطفال وطلاب العالم العربي والإسلامي , بصورة من أنقذ البلاد من عدو أجنبي غاشم , أو استطاع فتح بلاد كان يعمها الكفر والظلم والطغيان , أصبح البطل - بعرف العابثين المعاصرين - يتمثل بمن أسقط حكومة شرعية , أو عزل رئيسا منتخبا من الشعب بصورة ديمقراطية , ناهيك عن تجرده من أي قيمة علمية أو فكرية !! ولا ندري هل جهل كثير من هؤلاء العابثين بمناهج الدراسة في العالم العربي والإسلامي أثر وتداعيات ذلك على الأجيال المعاصرة والمستقبلية ؟! بدءا من تكريس حالة الاستقطاب المجتمعي الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة والمتربصين بها , وصولا إلى تمزيق الهوية الإسلامية لهذه الأمة , واستبدالها بهويات لا جذور لها ولا ثوابت , وليس انتهاء بتشويه الحقائق وتزوير التاريخ وهدم ما تبقى من مخزون الأمة من القيم والأخلاق . أم إن من قام بهذه التعديلات وأصر على هذا العبث يعلم بتداعيات وأثر ما يفعله بل ويقصده , تمهيدا لتغيير مفاهيم وقيم وثوابت الأمة الإسلامية , واستبدالها بمفاهيم وأفكار الغرب , الذي يعمل لحسابه ويأتمر بأوامره.

المصدر: المسلم[/align]
المشاهدات 963 | التعليقات 0