تدارك-9-9-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ راشد البداح(خط كبير)

محمد بن سامر
1444/09/09 - 2023/03/31 05:49AM

تدارك-9-9-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ راشد البداح

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.

"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد: فيا إخواني الكرام:

جاءَ مَلْهوفًا خائفًا، وهوَ يقولُ: "احْتَرَقْتُ! هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ؟" قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي-جامعتُها-فِي رَمَضَانَ وَأَنَا صَائِمٌ، فقالَ له رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قال: لا، هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قال: لا، هَلْ تَسْتَطِيعُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قال: لا، فقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ، فأُتِيَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-بتَمْرٍ، فقَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟" فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: خُذْهُ، فَتَصَدَّقْ بِهِ، فقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ المدينةِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".

من فوائدِ هذا الحديثِ الكثيرةِ: أن المؤمنَ قد يَضعُفُ عنِ العملِ، بل قد يقعُ في الحرامِ، ولكنهُ يَتدارَكُ! فيخافُ، ثم يندمُ، فيتوبُ، فيكونُ بهذا مُتقيًا!

عجيبٌ! كيف يكونُ متقيًا وهوَ قد ارتكبَ محرمًا وفي رمضانَ؟! اسمعِ الجوابَ من القرآنِ، فاللهُ–سبحانَه-لما ذكرَ الجنةَ، وأنها: "أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" ذَكَرَ صفاتـِهم، ومنها أنهمْ: "إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".

مُتقونَ يَفعلونَ الفواحشَ؟! نعمْ. لكنهمَ لما أذنَبوا "ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ"، "ولَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".

فيا مَن أدرَكَ شهرَ رمضانَ المباركَ تَدَارَكْ، وما يُدريكَ؛ لعلكَ تُلِحُ وتُلِحُ في دعائِك للهِ، ثم يَنظرُ اللهُ إلى قلبكَ، فيعطيكَ في ساعةٍ استجابةٍ وقبولٍ أكثرَ مما سألتَ.

تَدَارَكْ، فقد كانَ نبيكَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-يتَدَارَكُ: فاتتهُ راتبةُ الظهرِ البعديةُ فقضاها بعدَ العصرِ، وكَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلاَّهُنَّ بَعْدَهَا، وإِذَا فَاتَهُ الْقِيَامُ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ النَّهَارِ.

أيُها الصائمُ: أتدريْ ما معنى عدمِ القبولِ في رمضانَ؟

‏معناهُ كأنكَ استلمتَ ورقةَ الأسئلةِ، ومعَها ورقةُ الإجابةِ فيها حلُ الأسئلةِ، ومع ذلكَ رسبتَ في الامتحانِ!

قالَ ابنُ رجبٍ-رحمه اللهُ تعالى-: "لما كثُرتْ أسبابُ المغفرةِ في رمضانَ، كانَ الذي تفوتُه المغفرةُ فيه محرومًا غايةَ الحرمانِ".

فأحسنِ بأنْ نبادرْ أيامَ شهرِنا فإنَ اللهَ قَلَّلَها فقالَ: "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ"، ذهبَ ثلثُها، والثلثُ كثيرٌ، ذهبَ التعبَ والظمأُ والجوعُ ذَهَبَ، وثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ.

وسرعةُ الأيامِ مخيفةٌ، والأحداثُ تمضي سريعةً، والموتُ آتٍ قريبٌ، "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنني لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ".

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فتخيَّلْ أننا الآنَ في صباحِ العيدِ، وأنتَ تقولُ في نفسِكَ: هلْ أنا ممن غُفرَ له ما تقدمَ من ذنبهِ؟! لأنني حافظتُ على كلِّ صلواتِ رمضانَ مئةٍ وخمسينَ صلاةً؟ وصليتُ التراويحَ في نصفِ ساعةٍ أو أكثرَ، فكتبَ اللهُ-سبحانه-لي أجرَ قيامِ ليلةٍ مدتُها عشرُ ساعاتٍ؟! ومنَّ اللهُ عليَّ فختمتُ ختمةً أو ختماتٍ؟! وأكثرتُ الدعواتِ؟!

فيا نائمًا عن صلواتٍ: تَدَارَكْ، ويا مُشاهِدًا لـمُحَرَّماتٍ: تَدَارَكْ، ويا مُفَوّتًا ختماتٍ: تَدَارَكْ، ويا من غَزَاهُ الشَيبُ: تَدَارَكْ، ويا من تمضي أيامُ عمره: تَدَارَكْ.

جاءَ رجلٌ إلى عمرَ-رضيَ اللهُ عنه-، فقالَ: "فاتَتْني الصلاةُ الليلةَ-يعني قيامَ الليلِ-فقال: أدرِكْ ما فاتَكَ مِن ليلتِكَ في نهاركَ، فإن اللهَ "جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا"".

لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا اللهُ ربُ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُ السماواتِ وربُ الأرضِ وربُ العرشِ الكريمِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ، وأصلحْ بطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيِئَها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّا نسألُك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ والظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهمَ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1680232749_تدارك-9-9-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ راشد البداح.docx

1680232749_تدارك-9-9-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ راشد البداح.pdf

المشاهدات 936 | التعليقات 0