تحليل: إسرائيل تواجه عاصفة مكتملة الأبعاد في المنطقة

تحليل: إسرائيل تواجه عاصفة مكتملة الأبعاد في المنطقة


تتمتع اسرائيل بالقوة العسكرية لكنها تواجه عاصفة دبلوماسية بعد أن عكرت الانتفاضات العربية العلاقات التي كانت مستقرة وفاقمت من عزلة اسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين.
وتزيد الضغوط السياسية الداخلية من حدة المشكلات وكذلك ما يعتبر ضعفا من الولايات المتحدة حليفة اسرائيل الرئيسية التي تسعى جاهدة للتكيف مع تبعات الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي هذا العام.
ولا يتوقع أن تخمد العاصفة سريعا في ظل مسعى الفلسطينيين الحصول على اعتراف بدولتهم من الأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الحالي وعملية السلام المحتضرة وهو ما يزيد من شعور اسرائيل بالوحدة.
ويقول عوديد عران رئيس معهد دراسات الأمن القومي بإسرائيل والسفير السابق "يساورني قلق شديد من التدهور اليومي في التوازن الاستراتيجي لإسرائيل."
وأضاف "شهدنا تدهورا في علاقاتنا مع تركيا ومصر وشهدنا مشاكل في علاقاتنا مع امريكا. غياب عملية للسلام لها مقومات البقاء واحتمال صدور قرار من الأمم المتحدة "بشأن الدولة الفلسطينية" لا يزيد الأمور الا سوءا."
وللأزمات الدبلوماسية في الشرق الأوسط تاريخ من التحول الى حرب وعلى الرغم من أن الصراع يبدو غير مرجح في الوقت الحالي فإن بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين يدقون ناقوس الخطر.
وقال الميجر جنرال ايال أيزنبرج قائد الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع "بعد الربيع العربي نتوقع وصول شتاء الإسلام الأصولي."
وأضاف في مؤتمر "نتيجة لهذا فإن احتمال حرب متعددة الجبهات قد زاد بما في ذلك الاستخدام المحتمل لأسلحة الدمار الشامل."
واسرائيل هي الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي يعتقد انها تملك ترسانة نووية. وهي تعتقد الى جانب القوى الغربية أن ايران تسعى الى امتلاك قدرة نووية وهو ما تنفيه طهران.
وعلى الرغم من مسارعة وزراء الحكومة الى نفي المخاطر التي طرحها أيزنبرج فإن تصريحاته تكشف عن قلق على مستوى القيادة بعد ايام من خفض تركيا لمستوى علاقاتها مع اسرائيل وتعهدها بتوسيع نطاق وجودها البحري في شرق البحر المتوسط.
وكانت تركيا اول دولة يغلب على سكانها المسلمون تعترف بإسرائيل عام 1949 لكن العلاقات توترت العام الماضي حين اعتلى جنود من القوات الخاصة الاسرائيلية سفينة ضمن قافلة مساعدات تحدت الحصار البحري لقطاع غزة مما أسفر عن مقتل تسعة نشطين اتراك.
ووصف تقرير عن الواقعة أعلنته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي استخدام اسرائيل للقوة بأنه "مفرط". لكنه قال إن الحصار قانوني وهي قراءة شعرت اسرائيل بأنها تبرر قراراها عدم الاعتذار لتركيا.
ورفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هذا وخفض التمثيل الدبلوماسي وجمد التجارة في مجال الدفاع كما وعد بدور أنشط للقوات البحرية القوية لبلاده.
وتأجج الخلاف التركي الاسرائيلي بعد ثلاثة اسابيع من تهديد مصر بسحب سفيرها من تل ابيب بعد مقتل خمسة من قوات الأمن المصرية بالرصاص اثناء تعقب القوات الإسرائيلية نشطاء فلسطينيين مشتبها بهم كانوا قد تسللوا عبر حدودها وقتلوا ثمانية اسرائيليين.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الخلاف مع القاهرة أثر على قرار اسرائيل بالتراجع عن حملة عسكرية كبيرة على غزة.
ولايزال الوزراء الإسرائيليون اكثر قلقا بشأن المخاوف المستمرة منذ فترة طويلة حول ايران وسوريا ويحرصون على تخفيف حدة التوتر مع الدول الاخرى المجاورة وهم يلقون باللائمة في معظم التوترات على حالة الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي.
وحكام مصر الجدد اكثر عرضة للتأثر بالمشاعر المناهضة لإسرائيل المنتشرة على نطاق واسع في بلادهم من الرئيس المصري السابق حسني مبارك. كما تتطلع تركيا الى الحصول على دور مهم في العالم العربي بعد تغير ملامحه.
وقال جوشوا تيتلباوم كبير الباحثين بمركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط في تل ابيب "في هذا الدور الجديد لتركيا لا يوجد لإسرائيل دور كبير لتلعبه."
وأضاف "إنها بحاجة الى تملق العالم العربي ومن السهل جدا تملقه... اذا كنت مناهضا لإسرائيل."
ولم تجاهر واشنطن بالكثير بشأن الخلافات ويقول مسؤولون إنها تعمل من وراء الكواليس لتهدئة الأعصاب بين ثلاثي من الحلفاء الضروريين لمصالحها.
لكن يوسي شين الاستاذ بجامعة تل ابيب وجامعة جورج تاون في واشنطن يعتقد أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما جزء من المشكلة.
وقال "الجميع يعانون من افتقاد التماسك والقيادة من امريكا... أوباما لا يمارس اي سلطة او تأثير على اي احد. هذا الفراغ يخلق نوعا من الحصانة لمهاجمة اسرائيل بالتصريحات."
ويعقد الأمور سوء العلاقات بين أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي الأسبوع الحالي كتب صحفي في نشرة بلومبرج الاخبارية أن وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس كان اتهم نتنياهو بأنه "حليف جاحد" قبل قليل من تركه منصبه مضيفا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يعرض بلاده للخطر برفضه التعامل مع العزلة الاسرائيلية المتزايدة."
وكان دبلوماسيون في القدس قالوا إن إدارة أوباما محبطة للغاية لرفض اسرائيل تجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية من أجل بدء محادثات السلام.
ويقول نتنياهو الذي يقود ائتلافا حكوميا يضم احزابا مؤيدة للمستوطنين إنه يجب الا تكون هناك شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات ولا شك أنه يشعر بالارتياح للدعم الكبير الذي يحظى به من الكونجرس الأمريكي.
لكن شين قال إن فشل اسرائيل في وضع سياسة متسقة تجاه الفلسطينيين يضر بموقفها.
وأضاف "الصعوبة والتحدي الرئيسي امام اسرائيل والذي لم تعالجه الحكومة هو قضية الفلسطينيين. في نهاية المطاف فإن ما تفعله اسرائيل في الضفة الغربية سيكون الأهم."
وستحتل هذه القضية الصدارة حين يطلب الفلسطينيون من الأمم المتحدة هذا الشهر ترقية وضعهم في الأمم المتحدة.
وأعلنت الولايات المتحدة صراحة للمرة الأولى امس الخميس إنها ستستخدم حق النقض "الفيتو" ضد المحاولة الفلسطينية للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة.
وقال دبلوماسيون انه لم يتضح بعد ماذا سيفعل الفلسطينيون عندما تفتتح الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها في 19 سبتمبر ايلول. وقد يسعى الفلسطينيون للحصول على وضع "دولة غير عضو" وهو ما يتطلب أغلبية بسيطة من أعضاء الجمعية البالغ عددهم 193 دولة.
وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين في إفادتها اليومية "الولايات المتحدة تعارض تحركا في نيويورك من جانب الفلسطينيين لمحاولة إقامة دولة لا يمكن اقامتها إلا من خلال المفاوضات.
"لذا .. نعم .. إذ طرح شيء للتصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فإن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو."
كما تعارض اسرائيل الخطوة غير أن من المرجح أن تقرها 120 دولة على الأقل.
وقال شين "اسرائيل في ورطة بسبب هذا ونحن بحاجة الى التعامل مع الوضع بأسلوب مختلف


المصدر: القدس العربي

المشاهدات 1460 | التعليقات 0