تحذير المسلمين من خطر أهل البدع والأهواء

أبو وازع
1438/01/05 - 2016/10/06 16:04PM

وجوب تحذير المسلمين من خطر أهل البدع والأهواء المفسدين
الخطبة الأولى : 21/12/1437
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله كان يقول في خطبه :إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم ولزم أثرهم وقدمهم على غيرهم إلى يوم الدين ، أما بعد :
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي حبل النجاة .
أخوتي في الله يقول الله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )
في هذه الخطبة بيان لوجوب التحذير من أهل البدع نسرد فيها الأدلة من آيات القرآن والسنة المطهرة وأقوال العلماء . مع التعليق عند الحاجة .
فمن القرآن قول الله تعالى : وقال الله تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . وقال تعالى : (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) وقوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).ويقول (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) ويقول (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ). ويقول ك (قال الله تعالى :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار» ، قيل: يا رسول الله من هم ؟ قال: الجماعة ) . وعن العرباض قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة ، وإن كان عبدا حبشيا مجدعا ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". قال الألباني رحمه الله بعد هذا الحديث : والحديث من الأحاديث الهامة التي تحض المسلمين على التمسك بالسنة وسنة الخلفاء الراشدين الأربعة ومن سار سيرتهم، والنهي عن كل بدعة ، وأنها ضلالة ، وإن رآها الناس حسنة ، كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه. والأحاديث في النهي عن ذلك كثيرة معروفة ، ومع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم،لا فرق في ذلك بين العامة والخاصة، اللهم إلا القليل منهم، بل إن الكثيرين منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور، وأن الخوض في تمييز السنة عن البدعة، يثير الفتنة، ويفرق الكلمة، وينصحون بترك ذلك كله، وترك المناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو متناسين أن من المختلف فيه بين أهل السنة وأهل البدعة كلمة التوحيد ، فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في العبادة، وأنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها، كالاستغاثة والاستعانة بالموتى من الأولياء والصالحين (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) . وفي حديث المغيرة رضي الله عنه عند البخاري يقول صلى الله عليه وسلم :( لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» وفي حديث جابر عند مسلم : (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) وعند مسلم أيضا من حديث ثوبان : (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك .)وعند مسلم من حديث معاوية :( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى : فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل. فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد .)
وقال الإمام إسماعيل الصابوني في عقيدة السلف الصالح : (ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرت، وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت.) وقال أيضا : ( واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم) . هذا ما تيسر ...............
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى ................. أما بعد :
فمن أقوال العلماء ما يلي :
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في (مجموع الرسائل النجدية ج3ص111)ضمن تحذيره من بعض الضالين من أهل البدع قال رحمه الله : ( ومن السنن المأثورة عن سلف الأمة وأئمتها وعن إمام السنة أحمد بن حنبل التشديد في هجرهم وإهمالهم وترك جدالهم وإطراح كلامهم والتباعد عنهم والتقرب إلى الله بمقتهم وذمهم وعييبهم ).
وقال الشيخ سليمان بن سمحان في كتاب كشف الشبهتين في الرد على يوسف بن شبيب الكويتي ص37) واعلم رحمك الله أن كلامه أي شيخ الإسلام ابن تيمية وما يأتي من أمثاله من السلف في معاداة أهل البدع والضلالة ضلالة لا تخرج عن الملة ، لكنهم شددوا في ذلك وحذروا منه لأمرين:الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها، فهي عندهم أجل من الكبائر، ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون أهل الكبائر، كما تجد في قلوب الناس اليوم أن الرافضي عندهم ولو كان عالماً عابداً أبغض وأشد ذنباً من السني المجاهر بالكبائر.
والأمر الثاني: أن البدعة تجر إلى الردة الصريحة، كما وجد في كثير من أهل البدع.
وقال الشيخ حمود التويجري في كتاب القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ):( وقد كان السلف الصالح يحذرون من أهل البدع ويبالغون في التحذير منهم وينهون عن مجالستهم ومصاحبتهم وسماع كلامهم ويأمرون بمجانبتهم ومعاداتهم وبغضهم وهجرهم .)
وقال سماحة ابن باز رحمه الله : من أظهر المنكر أو البدعة يحذر منه ولا ينظر إلى حسناته ، حسناته بينه وبين ربه ، من أظهر المنكر أو البدعة يحذر منه وينصح حتى يهتدي هكذا جاءت السنة . وقال عن أهل البدع : فالذي أرى أنه يجب أن يحاربوا وأن يبين شرهم وفسادهم ومقاصدهم على صفحات الجرائد وفي الإذاعة وفي المؤلفات هكذا لكل داء دواء فإذا أظهر أهل الباطل باطلهم وجب على أهل الحق أن يظهروا الحق فهذه الدار هي دار كفاح دار الحرب دار الإصلاح دار المجاهدة والآخرة دار الجزاء والمحاسبة فلا يجوز أن يكون أهل الباطل أنشط من أهل الحق ولا يجوز أن يكون أشجع في إظهار الباطل من أهل الحق في إظهار الحق بل يجب أن يكون أهل الحق أشجع وأقوم بأمر الله وأصدق في جهاد أهل الباطل هذا الذي أنصح به جميع من يسمع كلمتي هذه أو غيرهم . أنصح الجميع بأن يقوموا لله وأن يحاربوا كل ما يظهر بين الناس مما يخالف شرع الله من الحداثيين أو الشيوعيين أو العلمانيين أو الصوفيين أو أي من سائر صنوف أهل الباطل كل من أظهر شيئا يخالف كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فإن كان جاهلا يجب أن يبين له ويرشد ويدعى إلى الحق وإن كان متعمدا للباطل وجب أن يبين شره ويحذر منه وأن يرد عليه وأن يدعى إلى الهدى لعله يهتدي .
وقال ابن عثيمين معلقا على كلام الشيخ بكر أبو زيد : حذر هذا التحذير المرير من أهل البدع، وهم جديرون بذلك, ولاسيما إذا كان المبتدع سليط اللسان، فصيح البيان, فإن شره يكون أشد وأعظم, ولاسيما إذا كانت بدعته أيضا مكفرة أو مفسقة تفسيقاً بالغاً فإن خطره أعظم, ولاسيما إذا كان يتظاهر أمام الناس بأنه من أهل السنة، لأن بعض أهل البدع عندهم نفاق, تجده عند من يخاف منه يتمسكن، ويقول: أنا من أهل السنة، وأنا لا أكره فلاناً ولا فلاناً من الصحابة ، وأنا معكم وهو كاذب، فمثل هؤلاء يجب الحذر منهم .اهـ .
وقال القحطاني :
يا أشعرية يا أسافلة الورى ... يا عمي يا صم بلا آذان
إني لأبغضكم وابغض حزبكم .. بغضا أقل قليله أضغاني
لو كنت أعمى المقلتين لسرني ... كيلا يرى إنسانكم إنساني
تغلي قلوبكم علي بحرها ....... حنَقا وغيظا أيما غليان
موتوا بغيضكم وموتوا حسرة ... وأسا علي وعضوا كل بنان
وأخيرا قال محمد بن بندار الجرجاني للإمام أحمد : " إنّه ليشتد علي أن أقول : فلان كذا ، و فلان كذا .
قال أحمد : إذا سكَتَّ أنت ، و سكَتُّ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ؟".

المشاهدات 2191 | التعليقات 0